المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : رحيل العاشق الى ديار المعشوق


ابو بسام قصار
12-27-2009, 03:23 PM
رحيل العاشق الى ديار المعشوق



"الهى... اطلبني برحمتك حتى أصِلَ إليك، واجْذبني بمنّك حتى اُقبِلَ عليك"


سيدالشهداء الامام الحسين بن علي عليه السلام


[1]
كان الناس في مكة ضَحوةَ الثامن من ذي الحجة عام (60 هـ) بين غادٍ و رائح، وصامت و صائح. وكانت نياق الناس تحمل الماء من مكة الى عرفة، استعداداً ليوم الموقف في عرفات. كان الناس - يا سيّدي - في شغل شاغل عند ما عزمتَ على أن تفارق مكة في يوم "التروية" المشهود.

[2]
إنّ يوم "ترويةٍ" آخرَ سيكون لك - يا سيّدي - هو من غير ما عَهِدَهُ الحجيج، عندما تروي تراب كربلاء بدم القلب و النَّحْر وجراحات الجسد الشريف.
وعزمتَ - يا سيدي - علي نحر أُضحيتك، ليس في "مِنى" في اليوم العاشر من ذي الحجة، بل ستقدِّم نفسك أُضيحةً، قُتِلتْ في العاشر من المحرّم عام (61 هـ) آلافاً من المرّات.
سيكون لك - يا سيدي - حَجٌّ آخر، ما استطاع أحد غيرك إليه سبيلا

[3]
لقد قُلتَ - يا سيدي - للناس الذاهبين الي الحج في مكة ما أردتَ أن تقول.
وقلتَ لهم: إنَّ على الأرض بقيَّة تافهة، من جاهليةٍ تافهة، تريد أن ترغم نور الله على الخضوع.
وقلتَ لهم: وهيهات لِمثلي أن يُبايع أو يساوم، فانّ النّور لايلتقي والظلام، والحقّ لايصافح الباطل.
وقلتَ يا سيّدي للنّاس: إني ذاهب لألقى الله، في فتحٍ هو الفتح الأكبر، فمن لَحِقَ بنا استشهد، ومن تَخلَّفَ لم يدرك الفتح.
«وإنّي لم أخرج أشِراً ولابَطِراً ولامفسداً ولا ظالماً، وإنّما خرجتُ لطلب الاصلاح في أمّة جدّي صلّى الله عليه و آله و سلمّ... فمن قبلني بقبول الحقّ فالله أولى بالحقِّ، ومن ردَّه عليّ أصبر حتى يقضي الله بيني و بين القوم، و هو أحكم الحاكمين» .

[4]
وكان الشوق الى الأسلاف الذين سَبقوا إلى لقاء الله، شوقاً طافحاً. وكان للعشق - يا سيّدي - سلطان لايُقاوَم.
وسمع الناس صوتك المحمّديّ، وهو يلهج بالأشواق الموّارة الفوّارة: ما أولَهني الى أسلافي، اشتياقَ يعقوبَ إلي يوسف!

[5]
ومن رحمتك الغامرة الوسيعة - يا سِبْطَ النبيّ - أنك كنتَ تريد أن تُشْرِك معك، في مسيرة الفتح الاستشهادي العظيم، أناساً آخَرين، فيكون لهم من العشق السّماويّ نصيب، و من التَوَلُّهِ بالمعبود الأزليّ ميراث.
و هكذا سمعتْ أجواءُ مكةَ والمدينة نَبْرَتَك الرحيمةَ الواثقة، وأنت تدعو الآخرين الى سلوك طريق العشق. وقلت لهم: مَنْ أراد الله معنا، فليحملْ جُمجُمَتَه على راحَتَيْه، ويمشي مُصْحراً.. في الطريق الى كربلاء.
و على طول الطريق الطويل، كنتَ - يا سيّدي - تلتقي بالناس أفراداً وجماعات، عشائر ومقطوعين. كنت تتمنى لهم - بعذوبة قلبك السّماوي - أن يَخْطُوا معك في طريق العاشقين.
فمنهم من أحسَّ في نَبَرات الصوت الحسينيّ نسيمَ الجنّة... فسارع الى قافلتك هذه العظيمة التي تُجِدّ المسير.
ومنهم من كانت تَشُدّه إليها أهواءُ الأرض، وأثقال التراب.

فـإن تـكن الدنـيـا تُعَدّ نـفيسةً فـدار ثـواب الله أعـلـى وأنـبلُ وإن تكـن الأبـدانُ للموت أُنشئت فقتلُ امرىٍُ بالسيف - والله - أفضل وإن تـكن الأرزاق قـسماً مُقَدَّراً فـقلّةُ حـرص المرء للرزق أجملُ وإن تـكن الأموال للتَّرْك جمعُها فما بال متروكٍ به الحرّ يَبْخَلُ؟! (2)

[6]
وقال لك - يا سيّدي - أحدُ العائدين من الكوفة: إنّه خَلَف الكوفة موّارةً موّاجة، تحمل السيوف، وتحمل القلوب!
وقال لك العائد من الكوفة: إنّ قلوب الكوفة مَعك، وسيوف الكوفة عليك!
ولم يفاجِتكَ - يا سيّدي - ما سَمِعْت، فأنتَ - يا ريحانَةَ الرسول - أعرف الناس بضمائر الناس على الأرض. وأعرف بالانسان حين تمزّقه ازدواجية الولاء القلبي والعداء العملي، فيذهب طعمة ذليلة للشيطان.

أبوعلي الكاظمي
12-27-2009, 06:42 PM
السلام عليك يااباعبدالله الحسين بن علي عليه السلام

باركـ الله بيكـ أخي ابوبسام قصار

ابو بسام قصار
12-27-2009, 08:23 PM
ممنون مرورك الكريمم موفقين باذن الله