ابو بسام قصار
01-28-2010, 12:53 AM
المبعث النبوي
ظاهرة الوحي:
إنّ ظاهرة الوحي الإلهي لدى الجاهليين مشكلة فكرية وعقائدية صعبة الفهم، عسيرة الاستيعاب، أمّا بالنسبة للفكر الإيماني فليست ظاهرة الوحي لديه إلاّ تعبير عن استمرار العناية الإلهية، وتتابع الألطاف الربّانية، رحمة بالإنسان الضال المنحرف، وإنقاذاً له.
لأنّ الله تعالى لم يخلُق الإنسان ويتركه مهملاً ضائعاً بلا رعاية، بل جعل له الوحي وسيلة لتعريفه بنفسه، وبربِّه وبخالقه وبعالمه، وسبيلاً إلى هدايته، لتنظيم حياته وتعامله مع أبناء جنسه، وكيفية توجّهه إلى خالقه.
حملة الرسالة:
وشاء اللطف الإلهي والعناية الربّانية للعباد أن يختار لهم أفراداً مخصوصين ومؤهّلين للاتصال بالألطاف الإلهية لحمل الرسالة، وتبليغ الأمانة إلى البشر، فكان الأنبياء والرسل.
قال الله تعالى: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (1).
وقال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (2).
النبي (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة:
كان النبي (صلى الله عليه وآله) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف يلقى إليه الوحي عن طريق الإلهام، والانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة، فكان يرى في المنام الرؤية الصادقة، وهي درجة من درجات الوحي.
فأوّل ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤية الصادقة، فكان لا يرى رؤياً إلاّ جاءت مثل فلق الصبح.
ثمّ حبَّبَ الله إليه الخلاء، فكان يخلو بِغار حراء، وهو كهف صغير في أعلى جبل حراء، في الشمال الشرقي من مكَّة، فكان (صلى الله عليه وآله) يتحنَّث فيه ويتعبَّد، إذ ينقطع عن عالم الحسِّ والمادَّة، ويستغرق في التأمّل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت، والاتجاه إلى الله تعالى.
تاريخ البعثة:
27 رجب 13 قبل الهجرة.
بعثة النبي (صلى الله عليه وآله):
حينما بلغ (صلى الله عليه وآله) الأربعين من عمره، أتاه جبرائيل (عليه السلام) في غار حراء، فألقى إليه كلمة الوحي، وأبلغه بأنَّه نبي هذه البشرية، والمبعوث إليها.
وتفيد الروايات أنّ أوَّل آيات القرآن الكريم التي قرأها جبرائيل على نبيّنا (صلى الله عليه وآله) هي: (بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (3).
وبعد تلقِّيه (صلى الله عليه وآله) ذلك البيان الإلهي، عاد النبي إلى أهله، وهو يحمل كلمة الوحي، ومسؤولية حمل الأمانة التي كان ينتظر شرف التكليف بها، فعاد واضطجع في فراشه، وتدثَّر ليمنح نفسه قِسطاً من الراحة والاسترخاء، ويفكِّر ويتأمّل فيما كُلِّف به.
فجاءه الوحي ثانية، وأمره بالقيام وترك الفراش، والبدء بالدعوة والإنذار، إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (4).
بداية الدعوة:
فانطلق (صلى الله عليه وآله) مستجيباً لأمر الله تعالى، مبشِّراً بدعوته، وكان أوّل من دعاه إلى سبيل الله وفاتحه زوجته السيّدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها)، وابن عمِّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي كان صبيّاً في العاشرة من عمره، فآمنا به، وصدَّقاه، ثمّ آمن به مملوكه زيد بن حارثة، فكانت النواة الأُولى لبدء الدعوة الإلهية الكبرى.
فقد كان (صلى الله عليه وآله) يختار أصحابه فرداً فرداً، ولم يوجِّه دعوته إلى الجميع في تلك المرحلة، إلى أن جاء الأمر الإلهي: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (5)، فبدأت دعوته العلنية.
الأعمال المستحبة في ليلة المبعث:
الأوّل: الغُسل.
الثاني: زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي أفضل أعمال هذه الليلة.
الثالث: قراءة هذا الدعاء: (اَللّهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ بِالتَّجَلِي الاَْعْظَمِ في هذِهِ اللَّيْلَةِ مِنَ الشَّهْرِ الْمُعَظَّمِ وَالْمُرْسَلِ الْمُكَرَّمِ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ... ).
وللمزيد راجع كتاب مفاتيح الجنان.
الأعمال المستحبة في يوم المبعث:
الأوّل: الغُسل.
الثاني: الصيام، وهذا اليوم أحد الأيّام الأربعة التي خصّت بالصيام بين أيّام السنة، ويعدل صوم هذا اليوم صيام سبعين سنة.
الثالث: الإكثار من الصلاة على محمّد وآل محمّد.
الرابع: زيارة النبي وزيارة أمير المؤمنين (عليهما السلام).
وللمزيد راجع كتاب مفاتيح الجنان.
ـــــــــــــــ
1ـ الحج: 75.
2ـ الأنعام: 124.
3ـ العلق: 1ـ5.
4ـ المدّثر: 1ـ4.
5ـ الشعراء: 214.
بقلم : محمد أمين نجف
ظاهرة الوحي:
إنّ ظاهرة الوحي الإلهي لدى الجاهليين مشكلة فكرية وعقائدية صعبة الفهم، عسيرة الاستيعاب، أمّا بالنسبة للفكر الإيماني فليست ظاهرة الوحي لديه إلاّ تعبير عن استمرار العناية الإلهية، وتتابع الألطاف الربّانية، رحمة بالإنسان الضال المنحرف، وإنقاذاً له.
لأنّ الله تعالى لم يخلُق الإنسان ويتركه مهملاً ضائعاً بلا رعاية، بل جعل له الوحي وسيلة لتعريفه بنفسه، وبربِّه وبخالقه وبعالمه، وسبيلاً إلى هدايته، لتنظيم حياته وتعامله مع أبناء جنسه، وكيفية توجّهه إلى خالقه.
حملة الرسالة:
وشاء اللطف الإلهي والعناية الربّانية للعباد أن يختار لهم أفراداً مخصوصين ومؤهّلين للاتصال بالألطاف الإلهية لحمل الرسالة، وتبليغ الأمانة إلى البشر، فكان الأنبياء والرسل.
قال الله تعالى: (اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلاَئِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (1).
وقال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءتْهُمْ آيَةٌ قَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتَى مِثْلَ مَا أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ ) (2).
النبي (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة:
كان النبي (صلى الله عليه وآله) في أواخر العقد الثالث من عمره الشريف يلقى إليه الوحي عن طريق الإلهام، والانكشاف له من خلال الرؤية الصادقة، فكان يرى في المنام الرؤية الصادقة، وهي درجة من درجات الوحي.
فأوّل ما بدئ به رسول الله (صلى الله عليه وآله) من الوحي الرؤية الصادقة، فكان لا يرى رؤياً إلاّ جاءت مثل فلق الصبح.
ثمّ حبَّبَ الله إليه الخلاء، فكان يخلو بِغار حراء، وهو كهف صغير في أعلى جبل حراء، في الشمال الشرقي من مكَّة، فكان (صلى الله عليه وآله) يتحنَّث فيه ويتعبَّد، إذ ينقطع عن عالم الحسِّ والمادَّة، ويستغرق في التأمّل والتعالي نحو عالم الغيب والملكوت، والاتجاه إلى الله تعالى.
تاريخ البعثة:
27 رجب 13 قبل الهجرة.
بعثة النبي (صلى الله عليه وآله):
حينما بلغ (صلى الله عليه وآله) الأربعين من عمره، أتاه جبرائيل (عليه السلام) في غار حراء، فألقى إليه كلمة الوحي، وأبلغه بأنَّه نبي هذه البشرية، والمبعوث إليها.
وتفيد الروايات أنّ أوَّل آيات القرآن الكريم التي قرأها جبرائيل على نبيّنا (صلى الله عليه وآله) هي: (بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيْمِ * اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (3).
وبعد تلقِّيه (صلى الله عليه وآله) ذلك البيان الإلهي، عاد النبي إلى أهله، وهو يحمل كلمة الوحي، ومسؤولية حمل الأمانة التي كان ينتظر شرف التكليف بها، فعاد واضطجع في فراشه، وتدثَّر ليمنح نفسه قِسطاً من الراحة والاسترخاء، ويفكِّر ويتأمّل فيما كُلِّف به.
فجاءه الوحي ثانية، وأمره بالقيام وترك الفراش، والبدء بالدعوة والإنذار، إذ جاء هذا الخطاب في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ * وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) (4).
بداية الدعوة:
فانطلق (صلى الله عليه وآله) مستجيباً لأمر الله تعالى، مبشِّراً بدعوته، وكان أوّل من دعاه إلى سبيل الله وفاتحه زوجته السيّدة خديجة بنت خويلد (رضي الله عنها)، وابن عمِّه الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الذي كان صبيّاً في العاشرة من عمره، فآمنا به، وصدَّقاه، ثمّ آمن به مملوكه زيد بن حارثة، فكانت النواة الأُولى لبدء الدعوة الإلهية الكبرى.
فقد كان (صلى الله عليه وآله) يختار أصحابه فرداً فرداً، ولم يوجِّه دعوته إلى الجميع في تلك المرحلة، إلى أن جاء الأمر الإلهي: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (5)، فبدأت دعوته العلنية.
الأعمال المستحبة في ليلة المبعث:
الأوّل: الغُسل.
الثاني: زيارة أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهي أفضل أعمال هذه الليلة.
الثالث: قراءة هذا الدعاء: (اَللّهُمَّ اِنّي اَساَلُكَ بِالتَّجَلِي الاَْعْظَمِ في هذِهِ اللَّيْلَةِ مِنَ الشَّهْرِ الْمُعَظَّمِ وَالْمُرْسَلِ الْمُكَرَّمِ اَنْ تُصَلِّيَ عَلى مُحَمَّد وَآلِهِ... ).
وللمزيد راجع كتاب مفاتيح الجنان.
الأعمال المستحبة في يوم المبعث:
الأوّل: الغُسل.
الثاني: الصيام، وهذا اليوم أحد الأيّام الأربعة التي خصّت بالصيام بين أيّام السنة، ويعدل صوم هذا اليوم صيام سبعين سنة.
الثالث: الإكثار من الصلاة على محمّد وآل محمّد.
الرابع: زيارة النبي وزيارة أمير المؤمنين (عليهما السلام).
وللمزيد راجع كتاب مفاتيح الجنان.
ـــــــــــــــ
1ـ الحج: 75.
2ـ الأنعام: 124.
3ـ العلق: 1ـ5.
4ـ المدّثر: 1ـ4.
5ـ الشعراء: 214.
بقلم : محمد أمين نجف