الطريبيلي
11-05-2010, 04:06 PM
نيل الرحمة
إنّ من أسماء الله الحسنى : الرحمن الرحيم ، وبرحمته الرحمانيّة يخلق ويرزق ويهدي المؤمن والكافر في دنياهما ، إلاّ أنّ رحمته الرحيميّة إنّما هي قريبة من المحسنين ، وتختصّ بهم في دنياهم وآخرتهم . وهناك عوامل توجب نيل الرحمة الإلهيّة بصعيدها العامّ والخاصّ ، ومنها : الصلوات .
في خطبة خطبها أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : بالشهادتين تدخلون الجنّة ، وبالصلاة تنالون الرحمة ، فأكثروا من الصلاة على نبيّكم وآله ، إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أ يّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً[1] (http://ebook/12.htm#_ftn1) .
ولا يخفى أنّ ظهور أسماء الله الحسنى وصفاته العليا من الجماليّة والجلاليّة ولوازمها من الأعيان الثابتة والماهيّات ومنشأ الفيوضات الإلهيّة والنعم والخيرات والآلاء كلّها بتجلّي مقام الرحمانيّة ، كما في سورة الرحمن ، والرحمن على العرش الوجودي استوى ، والإيجاد على عرش العلم ، والعلم على عرش القدرة ، والقدرة على عروش الأسماء والصفات فتجلّت كلمات الله سبحانه وظهر الكون في القوس النزولي والصعودي ، تسوده الرحمة الإلهيّة في قوسها النزولي الرحمة الرحمانيّة ، وفي قوسها الصعودي الرحمة الرحيميّة (يا رحمن الدنيا ويا رحيم الآخرة) .
ثمّ واسطة الفيض الإلهي في مطلق الرحمة والرحمة المطلقة هي الحقيقة المحمّديّة ، فهو العلّة الغائيّة للوجود (ولولاك لما خلقت الأفلاك) ، فهو الواسطة في الفيض في مبدأ القوس النزولي في الصادر الأوّل . وفي القوس الصعودي ، فهو الخاتم (بكم فتح الله وبكم يختم) .
والرسول الأعظم رحمة للعالمين :
( وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمين )[2] (http://ebook/12.htm#_ftn2) .
فرحمته الواسعة تشمل بإطلاقها كلّ العوالم الجبروتيّة والملكوتيّة والناسوتيّة ـ الغيبيّة والشهوديّة ـ لمن سبق ولمن لحق فهو واسطة الفيض القدسي الإلهي الربّاني ، فهو (صلى الله عليه وآله) أحقّ بالصلوات والدعاء لرفع المقام قاب قوسين أو أدنى . فهو الأمين بين الخالق والخلق . والمظهر الأتمّ للاسم الأعظم المؤثّر في كلّ الأسماء (اُوتيت جوامع الكلم) (نحن الكلمات التامّات) .
فالنبيّ وأهل بيته الأطهار هم الوسائط في الفيوضات الرحمانيّة والرحيميّة ، وصلواتنا عليهم توجب إيصالنا بساحتهم المقدّسة ، إيصال الناقص بالكامل ، والجاهل بالعالم ، والفقير بالغنيّ ، فنستحقّ الفيض الإلهي من الرحمة العامّة والخاصّة ، فبالصلاة ننال الرحمة والعطايا على حسب القابليّات ، ولا يستحقّ الإنسان العطاء الجميل إلاّ إذا كان قابلا ، والصلوات توجب حسن القابليّة لكسب الفيوضات الإلهيّة ونيل الرحمة .
فلا بُخل في مبدأ الفيض ، إنّما الشرط قبول المادّة للفيض . فالصلوات على النبيّ والآل توجب انعكاس الرحمة من مرآة النبوّة والإمامة المتمثّلة بالولاية العظمى على المصلّي نفسه ، فأكثروا من الصلاة على نبيّكم وآله .
ثمّ شكر المنعم بحكم العقل واجب ، والمنعم الأوّل هو الله فيجب شكره ، فتجب معرفته ثمّ حمده وثناؤه ، والمنعم الثاني وهو سبب الفيض والواسطة محمّد وآله ، فيجب معرفتهم وطاعتهم ومدحهم والصلاة عليهم ، كما لا تقبل الصلاة لله إلاّ بالصلاة عليهم .
كفاكمُ من عظيم الشأن أ نّكمُ *** مَن لم يصلّ عليكم لا صلاة له
ولمّـا كان الله محيطاً بخلقه ، وهو معكم أينما كنتم ، فكذلك الحقيقة المحمّدية والعلويّة فهي الظلّ الأتمّ لواجب الوجود لذاته المستجمع لجميع صفات الكمال والجمال والجلال (أنفسكم في النفوس ، وأرواحكم في الأرواح ، وأجسادكم في الأجساد) ، فالصلاة عليهم صلاة ورحمة على الخلق كلّه .
كما إنّ الصلوات نحوٌ من البيعة للولاية الكبرى وقبولها ، وبمثل هذا ينال المصلّي الرحمة الإلهيّة ، ويسعد في دنياه وآخرته ، وبها ينال الإنسان الشفاعة الناجية .
وبالصلوات تخرق الحجب بين الخالق والمخلوق ، وإنّها تعود فضلها على المصلّي في رفع درجاته وحصول الآثار الرحمانيّة والرحيميّة التي ذكرت في هذه الرسالة الموجزة ، كما تعود على النبيّ وآله من جهة الجانب الخلقي لا الجمعي الذي هو بالاُفق الأعلى من حيث المراتب العرضيّة لا الطوليّة ، وإنّه مظهر (كلّ يوم هو في شأن) ، وفي الآخرة ينال مقام الوسيلة و (عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً) .
وكلّ ما يقال في عظمة رسول الله وعترته الأئمّة الأطهار فإنّه معشار عشر ، أي واحد بالمئة .
ورد في الأحاديث الشريفة : (نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا)[3] (http://ebook/12.htm#_ftn3) .
وفي الاحتجاج : سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم العسكري (عليه السلام) عن قوله تعالى : ( سَبْعَة أبْحُر ما نَفَدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) ، قال (عليه السلام) : نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى .
وقالوا (عليهم السلام) : (نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا ما استطعتم ، فإنّ البحر لا ينزف ، وسرّ الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف) .
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : لو أنّ الغياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[4] (http://ebook/12.htm#_ftn4) .
[1] (http://ebook/12.htm#_ftnref1)ورد في الأحاديث الشريفة : أوّل ما خلق الله العقل ـ القلم ـ درّة بيضاء ـ اللوح ـ روحي ـ نوري ومصاديق كلّ هذه المفاهيم هو النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) .
عباراتنا شتّى وحسنك واحد *** كلّ إلى ذاك الجمال يشير
[2] (http://ebook/12.htm#_ftnref2)الأنبياء : 107 .
[3] (http://ebook/12.htm#_ftnref3)بيّنت هذا المعنى بالتفصيل وبالبراهين العقليّة والنقليّة في رسالة (جلوة من ولاية أهل البيت) وهو مطبوع فراجع .
[4] (http://ebook/12.htm#_ftnref4)ذكرت تفصيل ذلك في كتاب (هذه هي الولاية) ، فراجع .
*************************************************
آثار الصلوات في رحاب الروايات
السيد عادل العلوي
إنّ من أسماء الله الحسنى : الرحمن الرحيم ، وبرحمته الرحمانيّة يخلق ويرزق ويهدي المؤمن والكافر في دنياهما ، إلاّ أنّ رحمته الرحيميّة إنّما هي قريبة من المحسنين ، وتختصّ بهم في دنياهم وآخرتهم . وهناك عوامل توجب نيل الرحمة الإلهيّة بصعيدها العامّ والخاصّ ، ومنها : الصلوات .
في خطبة خطبها أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : بالشهادتين تدخلون الجنّة ، وبالصلاة تنالون الرحمة ، فأكثروا من الصلاة على نبيّكم وآله ، إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ يا أ يّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً[1] (http://ebook/12.htm#_ftn1) .
ولا يخفى أنّ ظهور أسماء الله الحسنى وصفاته العليا من الجماليّة والجلاليّة ولوازمها من الأعيان الثابتة والماهيّات ومنشأ الفيوضات الإلهيّة والنعم والخيرات والآلاء كلّها بتجلّي مقام الرحمانيّة ، كما في سورة الرحمن ، والرحمن على العرش الوجودي استوى ، والإيجاد على عرش العلم ، والعلم على عرش القدرة ، والقدرة على عروش الأسماء والصفات فتجلّت كلمات الله سبحانه وظهر الكون في القوس النزولي والصعودي ، تسوده الرحمة الإلهيّة في قوسها النزولي الرحمة الرحمانيّة ، وفي قوسها الصعودي الرحمة الرحيميّة (يا رحمن الدنيا ويا رحيم الآخرة) .
ثمّ واسطة الفيض الإلهي في مطلق الرحمة والرحمة المطلقة هي الحقيقة المحمّديّة ، فهو العلّة الغائيّة للوجود (ولولاك لما خلقت الأفلاك) ، فهو الواسطة في الفيض في مبدأ القوس النزولي في الصادر الأوّل . وفي القوس الصعودي ، فهو الخاتم (بكم فتح الله وبكم يختم) .
والرسول الأعظم رحمة للعالمين :
( وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمين )[2] (http://ebook/12.htm#_ftn2) .
فرحمته الواسعة تشمل بإطلاقها كلّ العوالم الجبروتيّة والملكوتيّة والناسوتيّة ـ الغيبيّة والشهوديّة ـ لمن سبق ولمن لحق فهو واسطة الفيض القدسي الإلهي الربّاني ، فهو (صلى الله عليه وآله) أحقّ بالصلوات والدعاء لرفع المقام قاب قوسين أو أدنى . فهو الأمين بين الخالق والخلق . والمظهر الأتمّ للاسم الأعظم المؤثّر في كلّ الأسماء (اُوتيت جوامع الكلم) (نحن الكلمات التامّات) .
فالنبيّ وأهل بيته الأطهار هم الوسائط في الفيوضات الرحمانيّة والرحيميّة ، وصلواتنا عليهم توجب إيصالنا بساحتهم المقدّسة ، إيصال الناقص بالكامل ، والجاهل بالعالم ، والفقير بالغنيّ ، فنستحقّ الفيض الإلهي من الرحمة العامّة والخاصّة ، فبالصلاة ننال الرحمة والعطايا على حسب القابليّات ، ولا يستحقّ الإنسان العطاء الجميل إلاّ إذا كان قابلا ، والصلوات توجب حسن القابليّة لكسب الفيوضات الإلهيّة ونيل الرحمة .
فلا بُخل في مبدأ الفيض ، إنّما الشرط قبول المادّة للفيض . فالصلوات على النبيّ والآل توجب انعكاس الرحمة من مرآة النبوّة والإمامة المتمثّلة بالولاية العظمى على المصلّي نفسه ، فأكثروا من الصلاة على نبيّكم وآله .
ثمّ شكر المنعم بحكم العقل واجب ، والمنعم الأوّل هو الله فيجب شكره ، فتجب معرفته ثمّ حمده وثناؤه ، والمنعم الثاني وهو سبب الفيض والواسطة محمّد وآله ، فيجب معرفتهم وطاعتهم ومدحهم والصلاة عليهم ، كما لا تقبل الصلاة لله إلاّ بالصلاة عليهم .
كفاكمُ من عظيم الشأن أ نّكمُ *** مَن لم يصلّ عليكم لا صلاة له
ولمّـا كان الله محيطاً بخلقه ، وهو معكم أينما كنتم ، فكذلك الحقيقة المحمّدية والعلويّة فهي الظلّ الأتمّ لواجب الوجود لذاته المستجمع لجميع صفات الكمال والجمال والجلال (أنفسكم في النفوس ، وأرواحكم في الأرواح ، وأجسادكم في الأجساد) ، فالصلاة عليهم صلاة ورحمة على الخلق كلّه .
كما إنّ الصلوات نحوٌ من البيعة للولاية الكبرى وقبولها ، وبمثل هذا ينال المصلّي الرحمة الإلهيّة ، ويسعد في دنياه وآخرته ، وبها ينال الإنسان الشفاعة الناجية .
وبالصلوات تخرق الحجب بين الخالق والمخلوق ، وإنّها تعود فضلها على المصلّي في رفع درجاته وحصول الآثار الرحمانيّة والرحيميّة التي ذكرت في هذه الرسالة الموجزة ، كما تعود على النبيّ وآله من جهة الجانب الخلقي لا الجمعي الذي هو بالاُفق الأعلى من حيث المراتب العرضيّة لا الطوليّة ، وإنّه مظهر (كلّ يوم هو في شأن) ، وفي الآخرة ينال مقام الوسيلة و (عسى أن يبعثك ربّك مقاماً محموداً) .
وكلّ ما يقال في عظمة رسول الله وعترته الأئمّة الأطهار فإنّه معشار عشر ، أي واحد بالمئة .
ورد في الأحاديث الشريفة : (نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا فينا ما شئتم ولن تبلغوا)[3] (http://ebook/12.htm#_ftn3) .
وفي الاحتجاج : سأل يحيى بن أكثم أبا الحسن العالم العسكري (عليه السلام) عن قوله تعالى : ( سَبْعَة أبْحُر ما نَفَدَتْ كَلِماتُ اللهِ ) ، قال (عليه السلام) : نحن الكلمات التي لا تدرك فضائلنا ولا تستقصى .
وقالوا (عليهم السلام) : (نزّلونا عن الربوبيّة وقولوا ما استطعتم ، فإنّ البحر لا ينزف ، وسرّ الغيب لا يعرف ، وكلمة الله لا توصف) .
قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : لو أنّ الغياض أقلام والبحر مداد والجنّ حسّاب والإنس كتّاب ، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)[4] (http://ebook/12.htm#_ftn4) .
[1] (http://ebook/12.htm#_ftnref1)ورد في الأحاديث الشريفة : أوّل ما خلق الله العقل ـ القلم ـ درّة بيضاء ـ اللوح ـ روحي ـ نوري ومصاديق كلّ هذه المفاهيم هو النبيّ الأعظم (صلى الله عليه وآله) .
عباراتنا شتّى وحسنك واحد *** كلّ إلى ذاك الجمال يشير
[2] (http://ebook/12.htm#_ftnref2)الأنبياء : 107 .
[3] (http://ebook/12.htm#_ftnref3)بيّنت هذا المعنى بالتفصيل وبالبراهين العقليّة والنقليّة في رسالة (جلوة من ولاية أهل البيت) وهو مطبوع فراجع .
[4] (http://ebook/12.htm#_ftnref4)ذكرت تفصيل ذلك في كتاب (هذه هي الولاية) ، فراجع .
*************************************************
آثار الصلوات في رحاب الروايات
السيد عادل العلوي