الطريبيلي
11-11-2010, 01:53 AM
عالم الغيب
ويبرز هذا السؤال: كيف يكتشف العقل عالم الغيب، وكيف يتعرّف عليه، ومن أي طريق يصل إليه؟ فما هي الآثار والدلالات الموجودة في العالم والتي تقود العقل وتوجّهه للعالم الآخر؟
وهذه المسألة خارجةٌ عن حدود بحثنا، ونشير إليها اجمالاً: فقد أثبت العلم والفلسفة، أن الأصل في الأشياء المادية كلها هو: (الحركة)؛ ولكن الفلسفة تتوصّل لهذه الحقيقة عن طريق، غير الطريق الذي يسلكه العلم.
فالفلسفة ترى بأن الأشياء كلها متغيّرة في ذاتها، وجوهرها، فالعالم كله قافلة تسير وتتحرك دائماً، ولكنّها ليست قافلة تنتقل من مكان لآخر، بل، إنها تنتقل من وجود لوجود آخر، وحركتها هذه مستمرة ومتّصلة.
وقد أثبت صدرُ المتألّهين الشيرازي، بأدلّة وبراهين قويّة، بأن جواهر العالم بدورها، في تغيير مستمر، وحركة دائمة؛ فنفس الفكرة التي اعتبرها أرسطو وابن سينا مستحيلة، قد اعتبرها الشيرازي ممكنة، بل، واقعة وضرورية ولازمة.
فإنه يرى: بأن العالم في حدوث وفناء مستمرّين، حدوث دائم مستمرّ.
ووفق هذه النظرة، يتّضح وبصورة كبيرة، بأنّ العالم غير قائم بذاته، وغير معتمد على نفسه فحسب؛ بل، هو قائم بالغير، ويعتمد في وجوده أبداً على غيره، دون أن تكون له الإستقلالية في ذلك.
فإنه بناءاً على النظرية الجوهرية هذه، لم يخرج العالم في لحظة واحدة، من ظلمة العدم إلى نور الوجود، وتكون العلّة قد أوجدته فحسب ؛ كلا، بل إنّ العالم في حدوث مستمر متواصل، ويخرج من العدم بصورة تدريجيّة ودائمة، ولا تهدأ هذه الحركة المستمرة أبداً، وهناك يد تعمل ذلك في هذا العالم وبصورة مستمرة ودائمة.
(إن حركتنا في كلّ لحظة هي بنفسها: (أشهد)؛ إنّها شهادةٌ على ذي الجلال السرمديّ.
إن دوران الرّحى: هو (أشهد) على وجود ساقية الماء.
يا خفي الذات محسوس العطا *** أنت كالماء ونحن كالرّحى
أنت كالروح ونحن كاليد والقدم، إن امتداد اليد وانقباضها منبعثٌ من الروح.
أنت كالعقل ونحن كاللسان وهذا الكلام يتدفّق من اللسان، هو في الحقيقة نابعٌ من العقل.
أنت كالسرور والفرح، ونحن البشاشة والضحكة، فإن هذه البشاشة وليدة ذلك السرور.
أنت الربيع، ونحن كالحديقة الخضراء الغنّاء، فهو خفي، والظاهر عطاؤه وفيضه يا من هو خارج عن وهمي، وعن كلّ قيل وقال؛ أفّ لي ولتشبيهي، وتمثيلي).
إن هذا العالم في: وجوده ونظامه، وحياته ونشاطه وفعّاليته، كلها مستمدّة من ذلك العالم الآخر.
إن هذا العالم كالزبد، وذلك العالم كالبحر.
(إن حركة الزبد ليلاً ونهاراً سببها البحر.
ونحن كالسفن التي تتلاعب بها الأمواج، وتصطدم احداها بالأخرى، وعيوننا مغلقة عمياء، ولكنها تبصر في الماء.
أنت يا من رقدت في سفينة بدنك، قد أبصرت الماء، ولكن انظر للماء الذي في الماء.
إن للماء ماءً يدفعه، وللروح روحاً تطلبها.
إن العشق بحر، والسماء عبرهُ زبدٌ، كزليخا التي وقعت في هوى يوسف.
أعلم أن الحركات نابعة من موج العشق، إذا لم يكن للعشق وجود لصمتت، ولعاش العالم كله في سُبات.
متى أصبح الجماد يذوب ويتفانى في النبات؟ متى أصبحت الناميات تضحّي بنفسها من أجل الروح؟
متى كانت الروح تضحّي بنفسها من أجل تلك النفخة؟ التي من نسيمها أصبحت مريم حاملاً؟
كلٌ شيء اتخذ موضعاً، يرقد فيه كالثلج بسُبات وصمت، فأيّ شيء أصبح كالجراد يطير ويدور باحثاً هنا وهناك؟
إن كلُّ ذرة من عُشّاق ذلك الجمال، تكبر وتنمو للأعلى كالغرس).
ويبرز هذا السؤال: كيف يكتشف العقل عالم الغيب، وكيف يتعرّف عليه، ومن أي طريق يصل إليه؟ فما هي الآثار والدلالات الموجودة في العالم والتي تقود العقل وتوجّهه للعالم الآخر؟
وهذه المسألة خارجةٌ عن حدود بحثنا، ونشير إليها اجمالاً: فقد أثبت العلم والفلسفة، أن الأصل في الأشياء المادية كلها هو: (الحركة)؛ ولكن الفلسفة تتوصّل لهذه الحقيقة عن طريق، غير الطريق الذي يسلكه العلم.
فالفلسفة ترى بأن الأشياء كلها متغيّرة في ذاتها، وجوهرها، فالعالم كله قافلة تسير وتتحرك دائماً، ولكنّها ليست قافلة تنتقل من مكان لآخر، بل، إنها تنتقل من وجود لوجود آخر، وحركتها هذه مستمرة ومتّصلة.
وقد أثبت صدرُ المتألّهين الشيرازي، بأدلّة وبراهين قويّة، بأن جواهر العالم بدورها، في تغيير مستمر، وحركة دائمة؛ فنفس الفكرة التي اعتبرها أرسطو وابن سينا مستحيلة، قد اعتبرها الشيرازي ممكنة، بل، واقعة وضرورية ولازمة.
فإنه يرى: بأن العالم في حدوث وفناء مستمرّين، حدوث دائم مستمرّ.
ووفق هذه النظرة، يتّضح وبصورة كبيرة، بأنّ العالم غير قائم بذاته، وغير معتمد على نفسه فحسب؛ بل، هو قائم بالغير، ويعتمد في وجوده أبداً على غيره، دون أن تكون له الإستقلالية في ذلك.
فإنه بناءاً على النظرية الجوهرية هذه، لم يخرج العالم في لحظة واحدة، من ظلمة العدم إلى نور الوجود، وتكون العلّة قد أوجدته فحسب ؛ كلا، بل إنّ العالم في حدوث مستمر متواصل، ويخرج من العدم بصورة تدريجيّة ودائمة، ولا تهدأ هذه الحركة المستمرة أبداً، وهناك يد تعمل ذلك في هذا العالم وبصورة مستمرة ودائمة.
(إن حركتنا في كلّ لحظة هي بنفسها: (أشهد)؛ إنّها شهادةٌ على ذي الجلال السرمديّ.
إن دوران الرّحى: هو (أشهد) على وجود ساقية الماء.
يا خفي الذات محسوس العطا *** أنت كالماء ونحن كالرّحى
أنت كالروح ونحن كاليد والقدم، إن امتداد اليد وانقباضها منبعثٌ من الروح.
أنت كالعقل ونحن كاللسان وهذا الكلام يتدفّق من اللسان، هو في الحقيقة نابعٌ من العقل.
أنت كالسرور والفرح، ونحن البشاشة والضحكة، فإن هذه البشاشة وليدة ذلك السرور.
أنت الربيع، ونحن كالحديقة الخضراء الغنّاء، فهو خفي، والظاهر عطاؤه وفيضه يا من هو خارج عن وهمي، وعن كلّ قيل وقال؛ أفّ لي ولتشبيهي، وتمثيلي).
إن هذا العالم في: وجوده ونظامه، وحياته ونشاطه وفعّاليته، كلها مستمدّة من ذلك العالم الآخر.
إن هذا العالم كالزبد، وذلك العالم كالبحر.
(إن حركة الزبد ليلاً ونهاراً سببها البحر.
ونحن كالسفن التي تتلاعب بها الأمواج، وتصطدم احداها بالأخرى، وعيوننا مغلقة عمياء، ولكنها تبصر في الماء.
أنت يا من رقدت في سفينة بدنك، قد أبصرت الماء، ولكن انظر للماء الذي في الماء.
إن للماء ماءً يدفعه، وللروح روحاً تطلبها.
إن العشق بحر، والسماء عبرهُ زبدٌ، كزليخا التي وقعت في هوى يوسف.
أعلم أن الحركات نابعة من موج العشق، إذا لم يكن للعشق وجود لصمتت، ولعاش العالم كله في سُبات.
متى أصبح الجماد يذوب ويتفانى في النبات؟ متى أصبحت الناميات تضحّي بنفسها من أجل الروح؟
متى كانت الروح تضحّي بنفسها من أجل تلك النفخة؟ التي من نسيمها أصبحت مريم حاملاً؟
كلٌ شيء اتخذ موضعاً، يرقد فيه كالثلج بسُبات وصمت، فأيّ شيء أصبح كالجراد يطير ويدور باحثاً هنا وهناك؟
إن كلُّ ذرة من عُشّاق ذلك الجمال، تكبر وتنمو للأعلى كالغرس).