المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومن يرغب عن ملة إبراهيم


سبل النجاة
12-23-2010, 03:35 PM
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاء إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُواْ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)
بيان
قوله تعالى: و من يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه، الرغبة إذا عديت بعن أفادت معنى الإعراض و النفرة، و إذا عديت بفي أفادت: معنى الشوق و الميل، و سفه يأتي متعديا و لازما، و لذلك ذكر بعضهم أن قوله: نفسه مفعول لقوله: سفه، و ذكر آخرون أنه تمييز لا مفعول، و المعنى على أي حال: أن الإعراض عن ملة إبراهيم من حماقة النفس، و عدم تمييزها ما ينفعها مما يضرها و من هذه الآية يستفاد معنى ما ورد في الحديث: أن العقل ما عبد به الرحمن.
قوله تعالى: و لقد اصطفيناه في الدنيا، الاصطفاء أخذ صفوة الشيء و تمييزه عن غيره إذا اختلطا، و ينطبق هذا المعنى بالنظر إلى مقامات الولاية على خلوص العبودية و هو أن يجري العبد في جميع شئونه على ما يقتضيه مملوكيته و عبوديته من التسليم الصرف لربه، و هو التحقق بالدين في جميع الشئون فإن الدين لا يشتمل إلا على مواد العبودية في أمور الدنيا و الآخرة و تسليم ما يرضاه الله لعبده في جميع أموره كما قال الله تعالى: «إن الدين عند الله الإسلام»: آل عمران - 19، فظهر: أن مقام الاصطفاء هو مقام الإسلام بعينه و يشهد بذلك قوله تعالى: «إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين» الآية فإن الظاهر أن الظرف متعلق بقوله: اصطفيناه، فيكون المعنى أن اصطفاءه إنما كان حين قال له ربه: أسلم، فأسلم لله رب العالمين فقوله تعالى: إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين، بمنزلة التفسير لقوله: اصطفيناه.
و في الكلام التفات من التكلم إلى الغيبة في قوله: إذ قال له ربه أسلم، و لم يقل إذ قلنا له أسلم، و التفات آخر من الخطاب إلى الغيبة في المحكي من قول إبراهيم: قال أسلمت لرب العالمين، و لم يقل: قال أسلمت لك أما الأول، فالنكتة فيه الإشارة إلى أنه كان سرا استسر به ربه إذ أسره إليه فيما خلى به معه فإن للسامع المخاطب اتصالا بالمتكلم فإذا غاب المتكلم عن صفة حضوره انقطع المخاطب عن مقامه و كان بينه و بين ما للمتكلم من الشأن و القصة ستر مضروب، فأفاد أن القصة من مسامرات الأنس و خصائص الخلوة.
و أما الثاني فلأن قوله تعالى: إذ قال له ربه، يفيد معنى الاختصاص باللطف و الاسترسال في المسارة لكن أدب الحضور كان يقتضي من إبراهيم و هو عبد عليه طابع الذلة و التواضع أن لا يسترسل، و لا يعد نفسه مختصا بكرامة القرب متشرفا بحظيرة الأنس، بل يراها واحدا من العبيد الأذلاء المربوبين، فيسلم لرب يستكين إليه جميع العالمين فيقول: أسلمت لرب العالمين.
و الإسلام و التسليم و الاستسلام بمعنى واحد، من السلم، و أحد الشيئين إذا كان بالنسبة إلى الآخر بحال لا يعصيه و لا يدفعه فقد أسلم و سلم و استسلم له، قال تعالى «بلى من أسلم وجهه لله»: البقرة - 112، و قال تعالى: «وجهت وجهي للذي فطر السموات و الأرض حنيفا مسلما»: الأنعام - 79، و وجه الشيء ما يواجهك به، و هو بالنسبة إليه تعالى تمام وجود الشيء، فإسلام الإنسان له تعالى هو وصف الانقياد و القبول منه لما يرد عليه من الله سبحانه من حكم تكويني، من قدر و قضاء، أو تشريعي من أمر أو نهي أو غير ذلك، و من هنا كان له مراتب بحسب ترتب الواردات بمراتبها.
الأولى: من مراتب الإسلام، القبول لظواهر الأوامر و النواهي بتلقي الشهادتين لسانا، سواء وافقه القلب، أو خالفه، قال تعالى: «قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم»: الحجرات - 14، و يتعقب الإسلام بهذا المعنى أول مراتب الإيمان و هو الإذعان القلبي بمضمون الشهادتين إجمالا و يلزمه العمل في غالب الفروع.
الثانية: ما يلي الإيمان بالمرتبة الأولى، و هو التسليم و الانقياد القلبي لجل الاعتقادات الحقة التفصيلية و ما يتبعها من الأعمال الصالحة و إن أمكن التخطي في بعض الموارد، قال الله تعالى في وصف المتقين: «الذين آمنوا بآياتنا و كانوا مسلمين»: الزخرف - 69، و قال أيضا: «يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة»: البقرة - 208، فمن الإسلام ما يتأخر عن الإيمان محققا فهو غير المرتبة الأولى من الإسلام، و يتعقب هذا الإسلام المرتبة الثانية من الإيمان و هو الاعتقاد التفصيلي بالحقائق الدينية، قال تعالى: «إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا و جاهدوا في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم أولئك هم الصادقون»: الحجرات - 15، و قال أيضا: «يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم، تؤمنون بالله و رسوله، و تجاهدون في سبيل الله بأموالكم و أنفسكم»: الصف - 11، و فيه إرشاد المؤمنين إلى الإيمان، فالإيمان غير الإيمان.
الثالثة: ما يلي الإيمان بالمرتبة الثانية فإن النفس إذا أنست بالإيمان المذكور و تخلقت بأخلاقه تمكنت منها و انقادت لها سائر القوى البهيمية و السبعية، و بالجملة القوى المائلة إلى هوسات الدنيا و زخارفها الفانية الداثرة، و صار الإنسان يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإن الله يراه، و لم يجد في باطنه و سره ما لا ينقاد إلى أمره و نهيه أو يسخط من قضائه و قدره، قال الله سبحانه: «فلا و ربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت و يسلموا تسليما»: النساء - 65، و يتعقب هذه المرتبة من الإسلام المرتبة الثالثة من الإيمان، قال الله تعالى «قد أفلح المؤمنون» إلى أن قال: «و الذين هم عن اللغو معرضون»: المؤمنون - 3، و منه قوله تعالى: «إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين» إلى غير ذلك، و ربما عدت المرتبتان الثانية و الثالثة مرتبة واحدة.
و الأخلاق الفاضلة من الرضاء و التسليم، و الحسبة و الصبر في الله، و تمام الزهد و الورع، و الحب و البغض في الله، من لوازم هذه المرتبة.
الرابعة: ما يلي، المرتبة الثالثة من الإيمان فإن حال الإنسان و هو في المرتبة السابقة مع ربه حال العبد المملوك مع مولاه، إذ كان قائما بوظيفة عبوديته حق القيام، و هو التسليم الصرف لما يريده المولى أو يحبه و يرتضيه، و الأمر في ملك رب العالمين لخلقه أعظم من ذلك و أعظم و إنه حقيقة الملك الذي لا استقلال دونه لشيء من الأشياء لا ذاتا و لا صفة، و لا فعلا على ما يليق بكبريائه جلت كبرياؤه.

</i>

أبوعلي الكاظمي
12-23-2010, 08:18 PM
أحسنتِ وبارك الله بكِ أختِ الكريمة طالبة علم على المجهود الرائع وجزاكِ الله خير الجزاء

قدوتي زينب
12-24-2010, 07:33 PM
احسنت في ميزان اعمالك

سبل النجاة
12-24-2010, 09:18 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.l22l.com/uploads/1d4176c77f.gif

http://www.l22l.com/uploads/72c3538e0d.gif

.. اللهم عفوك ثم رضاك رضاك عني أنك أرحم الراحمين ..
ربي يفتح لكم ولنا كل باب مقفل بحق سيد الشهداء أبا عبدلله الحسين
عليه أفضل التحية والسلام
أنار الرب قلوبكم بنور القرآن الكريم


لبيك ياثار الله
خادمة العترة الطاهرة
طالبة علم

خالد الاسدي
12-25-2010, 12:16 PM
http://3sh8-ro7y.com/up/uploads/images/domain-2f923b7e40.gif

معصومة
12-26-2010, 03:15 AM
احسنتِ اختي طالبة علم وبارك الله فيكِ

موضوع قيم ورائع

لا حرمنا الله من نور تواجدكِ

فوادالركابي
12-26-2010, 10:54 PM
جزاكم الله خير الجزاء وفي ميزان حسناتكم

سبل النجاة
12-27-2010, 10:18 AM
http://www.alhuda14.net/vb/images/bannar/1230.gif
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بخدمتكم ربي ينور قلوبكم بنور القرآن الكريم
سدد الباري خطواتكم وفقكم لمرضاته انه سميع مجيب
دمتم برعاية المولى عزوجل
لبيك ياثار الله
خادمة العترة الطاهرة
طالبة علم

منال العرب
01-14-2011, 11:38 PM
جزاك الله خير ع المووضوع

سبل النجاة
01-17-2011, 10:38 AM
http://www.alhuda14.net/vb/images/bannar/1230.gif
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.l22l.com/uploads/1d4176c77f.gif

http://www.l22l.com/uploads/72c3538e0d.gif


حفظكم الباري من سطوات الإنس والجن
سدد الباري خطواتكم وفقكم لمرضاته انه سميع مجيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
دمتم برعاية المولى عزوجل
لبيك ياثار الله
خادمة العترة الطاهرة
طالبة علم

الم الرحيل
05-25-2011, 01:12 PM
http://i452.photobucket.com/albums/qq243/sayedmido6/trytyruyruy.gif

عاشق الحسين
05-26-2011, 08:41 AM
http://i306.photobucket.com/albums/nn242/shimaa-sayed/8987665634633.gif

سبل النجاة
05-27-2011, 04:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وآل محمد وعجل فرجهم وسهل مخرجهم
وصل اللهم على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها عدد ماأحاط به علمك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخوة والاخوات الافاضل..
سائلين المولى عزوجل أن ينعم عليكم بوافر رحمته وسعة رزقه
ويرحمكم برحمته أنه أرحم الراحمين
وصلى الله على محمد وآل محمد الطيبين الطاهرين
خادمة العترة الطاهرة
سبل النجاة

أم نور
09-17-2011, 09:38 AM
عاشت الايادي عزيزتي سبل النجاة على الموضوع الرائع

الشريف عصام الدين
10-21-2011, 12:47 AM
رائع وقييم وطيب : طيب الله أنفاسكم أختنا الكريمة ( سبل النجاة )