سبل النجاة
03-19-2011, 05:02 PM
ضرورة الصديق في حياة الإنسان
الحياة الإنسانية تمتاز عن العجماوات بالعقل وبالاُلفة وروح التفاهم والعلاقات الاجتماعية والصداقات الحميمة.
واعلم أنّ عالم الأصدقاء الذي له دعائم واُسس خاصّة لا تقوم ولا تدوم إلاّ بتوافرها وتعضّدها بسنن وآداب خاصّة ، وقد اهتمّ علماء الاجتماع والنفس والأخلاق بتشييدها وبيانها ودراستها في كلّ جوانبها وحقولها ، وإن كان القدر الجامع لتلك الاُسس هو عبارة عن المحبّة والتمسّك بالأخلاق الحميدة والآداب المجيدة.
فصنّف العلماء في وادي الصداقة والأصدقاء مصنّفاتهم القيّمة ومؤلّفاتهم الثمينة ، كلّ واحد ينظر إليها من منظاره الخاصّ ، ولما يحمل من خلفيّات ثقافيّة ، ربما تنحرف عن الحقائق والواقع ، لعدم إحاطتهم بمكنونات الإنسان وزوايا ضميره وجوانحه ، فيحسب أنّه عرف الإنسان ، وقدّم له ما يصلحه ويعالج أمراضه الفردية والاجتماعيّة ، ولكن كالظمآن الذي يحسب السراب ماءً.
ولكن من ارتبط بالوحي ، وكان علمه من الله جلّ جلاله العالم بالخفايا والسرائر ، كالأنبياء وأوصيائهم ، فإنّهم في تربية الإنسان يصيبون الهدف ولم ينحرفوا عن الصواب والحقيقة ، لما يحملونه من العلم اللّدنّي المطابق للواقع.
ومن هذا المنطلق إنّما نذكر في هذه العجالة التي تدور مباحثها حول الصديق والصداقة بعض الأحاديث[1] الشريفة الواردة عن الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) لنقف بكلّ صدق وإخلاص على معالم الصداقة والأصدقاء ، فإنّ من نهج وسار على كتاب الله القرآن الكريم ، وسنّة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)ومنهاج الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فقد سعد في الدنيا والآخرة ، ونال شرف الإنسانية ، وتسلّق قمم الكمال ، وحلّق في آفاق الحياة الطيّبة والعيش الرغيد.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ناصحاً ولده : « بُنيّ : الصديق ثمّ الطريق » ، فمن أراد أن يسلك طريق الحياة بزاد وراحلة وأمان وسلامة ، لا بدّ له من الصديق الذي يكنّ لأخيه الصدق والصفاء والمحبّة والوفاء ، فيعينه في حلّ مشاكل الحياة ويرافقه في الضرّاء والسرّاء ، حاملا عنه أعباء المصاعب والمتاعب ، فإنّ الصداقة صناعة وفنّ ، يعني أن نتحلّى بالذوق السليم ، والفكر الصائب والقلب الحنون والضمير الواعي ، والأصدقاء الطيّبون كنوز وخزائن يجب البحث عنهم في أطراف الأرض ، حتّى لا يختلط الحجر بالجوهر : ( فسافر ففي الأسفار خمس فوائد : تفرّج همٍّ واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد ) . ويلزم علينا أن نترجم الأخلاق الفاضلة في عالم الصداقة إلى واقع عملي ، فإنّ حسن المعاشرة والصداقة من العبادات ، وعليها تدور رحى الحضارات والمدنيّات والتقدّم والازدهار ، وإلاّ فحينما تنهار الاُسس الأخلاقية والمبادئ القيّمة في أيّ مجتمع ، فإنّه سرعان ما يسقط ويهوى إن عاجلا أو آجلا ، وسيعاني من أزمات خلقيّة واحدة تلو الاُخرى.
قال رسول (صلى الله عليه وآله) : « أبى الله عزّ وجل لصاحب الخلق السيّء بالتوبة ، فقيل له : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال : إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه » ، وهذا يصدق في الجماعات والمجتمعات أيضاً . وأمّا حسن الخلق فبه يعمر البلاد.
كما قال الرسول الأكرم : « أكثر ما تلج به اُمّتي الجنّة : تقوى الله وحسن الخلق ، وهما يعمران البلاد ويزيدان في الأعمار ».
ولقد كانت دعوة الأنبياء هي إصلاح الناس وهدايتهم نحو الله ، وما فيه الخير والسعادة ، قال النبيّ الأعظم : « إنّما بُعثت لاُتمّم مكارم الأخلاق » ، كما إنّ روح العبادات والطقوس الدينية ، إنّما هي الإصلاح الأخلاقي ، فعندما تمدح امرأة عند الإمام الصادق (عليه السلام) بالصوم والصلاة يسأل (عليه السلام) عن كيفيّة معاملتها مع جيرانها ، فيذمّوها ، فيقول (عليه السلام) : « إذن لا خير في صلاتها وصيامها ».
ويقول الحديث الشريف : « كم من صائم ليس له من صومه إلاّ الجوع والعطش ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر والتعب » وكم من إنسان جرّه حسن خلقه إلى جنّات النعيم.
فلا بدّ لنا من حسن الخلق ، وعلينا أن ننتخب ونختار الصديق الجيّد ، فإنّ الجليس يؤثّر في طباع الإنسان ( لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفي على الصحيحة أن تجرب ) ، ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إيّاكم ومجالسة الملوك وأبناء الدنيا ، ففي ذلك ذهاب دينكم ويعقبكم نفاقاً ، وذلك داء دويّ لا شفاء له ، ويورث قساوة القلب ويسلبكم الخشوع ، وعليكم بالأشكال من الناس والأوساط منهم فعندهم تجدون معادن الجواهر ».
ويقول لقمان الحكيم لولده : « يا بني ، صاحب العلماء واقرب منهم وجالسهم وزرهم في بيوتهم ، فلعلّك تشبههم فتكون معهم ، واجلس مع صلحائهم فربما أصابهم الله برحمة فتدخل فيها فيصيبك ، وإن كنت صالحاً فابعد من الأشرار والسفهاء فربما أصابهم الله بعذاب فيصيبك معهم »[2].
المؤلف سماحة السيد عادل العلوي
الحياة الإنسانية تمتاز عن العجماوات بالعقل وبالاُلفة وروح التفاهم والعلاقات الاجتماعية والصداقات الحميمة.
واعلم أنّ عالم الأصدقاء الذي له دعائم واُسس خاصّة لا تقوم ولا تدوم إلاّ بتوافرها وتعضّدها بسنن وآداب خاصّة ، وقد اهتمّ علماء الاجتماع والنفس والأخلاق بتشييدها وبيانها ودراستها في كلّ جوانبها وحقولها ، وإن كان القدر الجامع لتلك الاُسس هو عبارة عن المحبّة والتمسّك بالأخلاق الحميدة والآداب المجيدة.
فصنّف العلماء في وادي الصداقة والأصدقاء مصنّفاتهم القيّمة ومؤلّفاتهم الثمينة ، كلّ واحد ينظر إليها من منظاره الخاصّ ، ولما يحمل من خلفيّات ثقافيّة ، ربما تنحرف عن الحقائق والواقع ، لعدم إحاطتهم بمكنونات الإنسان وزوايا ضميره وجوانحه ، فيحسب أنّه عرف الإنسان ، وقدّم له ما يصلحه ويعالج أمراضه الفردية والاجتماعيّة ، ولكن كالظمآن الذي يحسب السراب ماءً.
ولكن من ارتبط بالوحي ، وكان علمه من الله جلّ جلاله العالم بالخفايا والسرائر ، كالأنبياء وأوصيائهم ، فإنّهم في تربية الإنسان يصيبون الهدف ولم ينحرفوا عن الصواب والحقيقة ، لما يحملونه من العلم اللّدنّي المطابق للواقع.
ومن هذا المنطلق إنّما نذكر في هذه العجالة التي تدور مباحثها حول الصديق والصداقة بعض الأحاديث[1] الشريفة الواردة عن الرسول الأكرم وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) لنقف بكلّ صدق وإخلاص على معالم الصداقة والأصدقاء ، فإنّ من نهج وسار على كتاب الله القرآن الكريم ، وسنّة الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله)ومنهاج الأئمة المعصومين (عليهم السلام) فقد سعد في الدنيا والآخرة ، ونال شرف الإنسانية ، وتسلّق قمم الكمال ، وحلّق في آفاق الحياة الطيّبة والعيش الرغيد.
قال أمير المؤمنين علي (عليه السلام) ناصحاً ولده : « بُنيّ : الصديق ثمّ الطريق » ، فمن أراد أن يسلك طريق الحياة بزاد وراحلة وأمان وسلامة ، لا بدّ له من الصديق الذي يكنّ لأخيه الصدق والصفاء والمحبّة والوفاء ، فيعينه في حلّ مشاكل الحياة ويرافقه في الضرّاء والسرّاء ، حاملا عنه أعباء المصاعب والمتاعب ، فإنّ الصداقة صناعة وفنّ ، يعني أن نتحلّى بالذوق السليم ، والفكر الصائب والقلب الحنون والضمير الواعي ، والأصدقاء الطيّبون كنوز وخزائن يجب البحث عنهم في أطراف الأرض ، حتّى لا يختلط الحجر بالجوهر : ( فسافر ففي الأسفار خمس فوائد : تفرّج همٍّ واكتساب معيشة وعلم وآداب وصحبة ماجد ) . ويلزم علينا أن نترجم الأخلاق الفاضلة في عالم الصداقة إلى واقع عملي ، فإنّ حسن المعاشرة والصداقة من العبادات ، وعليها تدور رحى الحضارات والمدنيّات والتقدّم والازدهار ، وإلاّ فحينما تنهار الاُسس الأخلاقية والمبادئ القيّمة في أيّ مجتمع ، فإنّه سرعان ما يسقط ويهوى إن عاجلا أو آجلا ، وسيعاني من أزمات خلقيّة واحدة تلو الاُخرى.
قال رسول (صلى الله عليه وآله) : « أبى الله عزّ وجل لصاحب الخلق السيّء بالتوبة ، فقيل له : وكيف ذلك يا رسول الله ؟ فقال : إذا تاب من ذنب وقع في ذنب أعظم منه » ، وهذا يصدق في الجماعات والمجتمعات أيضاً . وأمّا حسن الخلق فبه يعمر البلاد.
كما قال الرسول الأكرم : « أكثر ما تلج به اُمّتي الجنّة : تقوى الله وحسن الخلق ، وهما يعمران البلاد ويزيدان في الأعمار ».
ولقد كانت دعوة الأنبياء هي إصلاح الناس وهدايتهم نحو الله ، وما فيه الخير والسعادة ، قال النبيّ الأعظم : « إنّما بُعثت لاُتمّم مكارم الأخلاق » ، كما إنّ روح العبادات والطقوس الدينية ، إنّما هي الإصلاح الأخلاقي ، فعندما تمدح امرأة عند الإمام الصادق (عليه السلام) بالصوم والصلاة يسأل (عليه السلام) عن كيفيّة معاملتها مع جيرانها ، فيذمّوها ، فيقول (عليه السلام) : « إذن لا خير في صلاتها وصيامها ».
ويقول الحديث الشريف : « كم من صائم ليس له من صومه إلاّ الجوع والعطش ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلاّ السهر والتعب » وكم من إنسان جرّه حسن خلقه إلى جنّات النعيم.
فلا بدّ لنا من حسن الخلق ، وعلينا أن ننتخب ونختار الصديق الجيّد ، فإنّ الجليس يؤثّر في طباع الإنسان ( لا تربط الجرباء حول صحيحة خوفي على الصحيحة أن تجرب ) ، ويقول أمير المؤمنين (عليه السلام) : « إيّاكم ومجالسة الملوك وأبناء الدنيا ، ففي ذلك ذهاب دينكم ويعقبكم نفاقاً ، وذلك داء دويّ لا شفاء له ، ويورث قساوة القلب ويسلبكم الخشوع ، وعليكم بالأشكال من الناس والأوساط منهم فعندهم تجدون معادن الجواهر ».
ويقول لقمان الحكيم لولده : « يا بني ، صاحب العلماء واقرب منهم وجالسهم وزرهم في بيوتهم ، فلعلّك تشبههم فتكون معهم ، واجلس مع صلحائهم فربما أصابهم الله برحمة فتدخل فيها فيصيبك ، وإن كنت صالحاً فابعد من الأشرار والسفهاء فربما أصابهم الله بعذاب فيصيبك معهم »[2].
المؤلف سماحة السيد عادل العلوي