ابو بسام قصار
12-12-2009, 02:46 PM
علي (عليه السلام) في مصيبة الزهراء
كانت مصيبة وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) من أوجع الفجائع على قلب علي (عليه السلام) ولولا إيمان علي وصبره على المصيبة لمات حزناً في تلك المأساة، إذ ما فارق الحزن قلب علي (عليه السلام) حتى فارق الحياة، فسرعان ما ابيضت لحيته الكريمة فقيل له: لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة.
يريد بها وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ولم يختضب الإمام طيلة أيام حياته لهذا السبب ولأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخبره بخضاب خاص، فقد روى ابن نباته قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما منعك من الخضاب وقد اختضب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ قال: أنتظر أشقاها أن يخضب لحيتي من دم رأسي، بعهد معهود أخبرني به حبيبي رسول الله.
ولما فارق النبي الحياة وهو بعد لم يدفن اجتمع الناس في موضع يقال له (السقيفة) وقد رشح سعد بن عبادة نفسه للإمارة وهو سيد الخزرج، وأسيد بن حصين أو بشير بن سعد قد رشح نفسه أيضاً لأنه سيد الأوس، وبين الأوس والخزرج عداء وتنافس قديم.
ودخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة في ذلك المجتمع واستمعوا إلى كلام المرشحين للإمارة والرئاسة، وتكلم أبو بكر ودعا الناس إلى عمر أو أبي عبيدة، وامتنع الرجلان أن يتقدما أبا بكر لأنه صاحب الغار، وجرى كلام ونزاع طويل واصطدام عنيف فيما بين المهاجرين والأنصار وبين أبي بكر وأهل السقيفة، حتى آل الأمر إلى التهديد والشتم.
وهنا انتهز رئيس الأوس الفرصة، وتضعيفاً لجانب سعد بن عبادة (منافسه) وافق على تأمير أبي بكر، وضم صوته إلى صوت عمر وأبي عبيدة وقال: أنا ثالثكما.
ولما رأى الأوس سيدهم انحاز إلى تلك الناحية اتبعوا رئيسهم، وأقبلوا إلى أبي بكر وبايعوه، وكاد سعد بن عبادة يموت تحت الأقدام، فصاح قتلمتوني.
فصاح عمر: اقتلوا سعداً قتله الله.
وهكذا وقع الانتخاب، وبويع لأبي بكر بالخلافة، وذهبت مساعي النبي (حول تعيين الخليفة) أدراج الرياح، وصارت تلك الجهود هباء منثوراً.
وحدثت حوادث مؤلمة مشجية لا نذكرها تحفظاً على العواطف أن تخدش، وإن كانت تلك الحوادث مذكورة في الآلاف المؤلفة من كتب الحديث والتاريخ، ومشهورة عند المسلمين.
ونذكر جملة عن موقف الإمام في ذلك العهد: فلقد أخذوا البيعة من الناس لأبي بكر، وجاؤا إلى علي ليخرجوه من البيت ليبايع لأبي بكبر فلم تأذن لهم فاطمة بالدخول في بيتها، فصدر الأمر بالهجوم فهجموا وأخذوا علياً بعد أن خلعوا عنه سلاحه وأخرجوه من البيت يريدون به المسجد، وخرجت فاطمة خلفهم وهي بأشد الأحوال، إذ إنها أجهضت جنينها فكأنها نسيت آلامها فجعلت تعدو وتصيح: خلوا عن ابن عمي؟ خلوا عن بعلي! والله لأكشفن عن رأسي ولأضعن قميص أبي على رأسي وأدعوا عليكم!!!
ووصلت إلى باب المسجد فرأت منظراً مؤلماً لا نستطيع أن نصفه إلا إنها استطاعت أن تخلص زوجها من أيدي الناس وتحول بينهم وبين أخذ البيعة منه، ورافقت زوجها إلى البيت سالماً.
أظلمّت الدنيا في عين علي (عليه السلام) وضاقت عليه الأرض بما رحبت، لأنه فقد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) ومصيبة النبي أعظم مصيبة على قلب كل أحد، ولم تنته الكارثة، فقد خيمت الأحزان على بيت علي، وانقلب البيت إلى مجلس عزاء وحزن وبكاء، فلقد كانت الصديقة الطاهرة لا تفارق البكاء على وفاة أبيها وعلى مصائبها ونوائبها التي استولت على قلبها المجروح، ولم تجد من الناس أي تعزية وتسلية.
ومما زاد في حزنها إخراج أراضيها (فدك) من يدها وهناك قضايا وقضايا ساعدت على انحراف صحة فاطمة، واشتداد علتها واستيلاء الهزال عليها، فكانت تبكي ليلها ونهارها، ومنعوها عن البكاء، فكانت تخرج إلى قبر حمزة سيد الشهداء أو إلى البقيع أو إلى بيت بناه لها أمير المؤمنين خارج المدينة وسماه (بيت الأحزان) وعاشت بعد أبيها مظلومة مهضومة باكية العين محترقة القلب منهدة الركن معصبة الرأس حليفة الفراش عليلة مريضة.
ودخل عليها علي (عليه السلام) قبل وفاتها فوجدها تغسل ثياب أولادها وتغسل رؤوسهم فسألها عما دعاها إلى العمل المجهد؟ فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلى نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لاحقة بأبي، ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.
كانت مصيبة وفاة الرسول (صلّى الله عليه وآله) من أوجع الفجائع على قلب علي (عليه السلام) ولولا إيمان علي وصبره على المصيبة لمات حزناً في تلك المأساة، إذ ما فارق الحزن قلب علي (عليه السلام) حتى فارق الحياة، فسرعان ما ابيضت لحيته الكريمة فقيل له: لو غيرت شيبك يا أمير المؤمنين.
فقال (عليه السلام): الخضاب زينة ونحن قوم في مصيبة.
يريد بها وفاة رسول الله (صلّى الله عليه وآله).
ولم يختضب الإمام طيلة أيام حياته لهذا السبب ولأن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أخبره بخضاب خاص، فقد روى ابن نباته قال: قلت لأمير المؤمنين (عليه السلام): ما منعك من الخضاب وقد اختضب رسول الله (صلّى الله عليه وآله)؟ قال: أنتظر أشقاها أن يخضب لحيتي من دم رأسي، بعهد معهود أخبرني به حبيبي رسول الله.
ولما فارق النبي الحياة وهو بعد لم يدفن اجتمع الناس في موضع يقال له (السقيفة) وقد رشح سعد بن عبادة نفسه للإمارة وهو سيد الخزرج، وأسيد بن حصين أو بشير بن سعد قد رشح نفسه أيضاً لأنه سيد الأوس، وبين الأوس والخزرج عداء وتنافس قديم.
ودخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة في ذلك المجتمع واستمعوا إلى كلام المرشحين للإمارة والرئاسة، وتكلم أبو بكر ودعا الناس إلى عمر أو أبي عبيدة، وامتنع الرجلان أن يتقدما أبا بكر لأنه صاحب الغار، وجرى كلام ونزاع طويل واصطدام عنيف فيما بين المهاجرين والأنصار وبين أبي بكر وأهل السقيفة، حتى آل الأمر إلى التهديد والشتم.
وهنا انتهز رئيس الأوس الفرصة، وتضعيفاً لجانب سعد بن عبادة (منافسه) وافق على تأمير أبي بكر، وضم صوته إلى صوت عمر وأبي عبيدة وقال: أنا ثالثكما.
ولما رأى الأوس سيدهم انحاز إلى تلك الناحية اتبعوا رئيسهم، وأقبلوا إلى أبي بكر وبايعوه، وكاد سعد بن عبادة يموت تحت الأقدام، فصاح قتلمتوني.
فصاح عمر: اقتلوا سعداً قتله الله.
وهكذا وقع الانتخاب، وبويع لأبي بكر بالخلافة، وذهبت مساعي النبي (حول تعيين الخليفة) أدراج الرياح، وصارت تلك الجهود هباء منثوراً.
وحدثت حوادث مؤلمة مشجية لا نذكرها تحفظاً على العواطف أن تخدش، وإن كانت تلك الحوادث مذكورة في الآلاف المؤلفة من كتب الحديث والتاريخ، ومشهورة عند المسلمين.
ونذكر جملة عن موقف الإمام في ذلك العهد: فلقد أخذوا البيعة من الناس لأبي بكر، وجاؤا إلى علي ليخرجوه من البيت ليبايع لأبي بكبر فلم تأذن لهم فاطمة بالدخول في بيتها، فصدر الأمر بالهجوم فهجموا وأخذوا علياً بعد أن خلعوا عنه سلاحه وأخرجوه من البيت يريدون به المسجد، وخرجت فاطمة خلفهم وهي بأشد الأحوال، إذ إنها أجهضت جنينها فكأنها نسيت آلامها فجعلت تعدو وتصيح: خلوا عن ابن عمي؟ خلوا عن بعلي! والله لأكشفن عن رأسي ولأضعن قميص أبي على رأسي وأدعوا عليكم!!!
ووصلت إلى باب المسجد فرأت منظراً مؤلماً لا نستطيع أن نصفه إلا إنها استطاعت أن تخلص زوجها من أيدي الناس وتحول بينهم وبين أخذ البيعة منه، ورافقت زوجها إلى البيت سالماً.
أظلمّت الدنيا في عين علي (عليه السلام) وضاقت عليه الأرض بما رحبت، لأنه فقد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) ومصيبة النبي أعظم مصيبة على قلب كل أحد، ولم تنته الكارثة، فقد خيمت الأحزان على بيت علي، وانقلب البيت إلى مجلس عزاء وحزن وبكاء، فلقد كانت الصديقة الطاهرة لا تفارق البكاء على وفاة أبيها وعلى مصائبها ونوائبها التي استولت على قلبها المجروح، ولم تجد من الناس أي تعزية وتسلية.
ومما زاد في حزنها إخراج أراضيها (فدك) من يدها وهناك قضايا وقضايا ساعدت على انحراف صحة فاطمة، واشتداد علتها واستيلاء الهزال عليها، فكانت تبكي ليلها ونهارها، ومنعوها عن البكاء، فكانت تخرج إلى قبر حمزة سيد الشهداء أو إلى البقيع أو إلى بيت بناه لها أمير المؤمنين خارج المدينة وسماه (بيت الأحزان) وعاشت بعد أبيها مظلومة مهضومة باكية العين محترقة القلب منهدة الركن معصبة الرأس حليفة الفراش عليلة مريضة.
ودخل عليها علي (عليه السلام) قبل وفاتها فوجدها تغسل ثياب أولادها وتغسل رؤوسهم فسألها عما دعاها إلى العمل المجهد؟ فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلى نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لاحقة بأبي، ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.