الم الرحيل
12-12-2009, 03:02 PM
فائدة عقائدية
سماحة الشيخ علي الكوراني
الحكمة من نزول آيات متشابهة في عصمة الأنبياء عليهم السلام
<IMG height=58 width=284 border=0>
السؤال :
لماذا جعل الله تعالى بعض الآيات المتعلقة بعصمة أنبيائه عليهم السلام من المتشابهات التي توهم وقوعهم في المعاصي ؟!!..
والجواب :
نعم، لقد تضمنت الآيات المتعلقة بسلوك الأنبياء عليهم السلام آيات محكمة كقوله تعالى عن نبينا صلى الله عليه وآله : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى O إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى }، والذي يعصم الله منطقه فلا يفتح فمه عن كلمة إلا بوحي وعصمة إلهية، لا يمكن أن يصدر منه فعلٌ ولا حركةٌ ولا سكونٌ إلا بعصمة إلهية..!!
وفي نفس الوقت توجد آيات تُوهم وقوعه في الذنب والمعصية كقوله تعالى : { لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا }.
والحكمة المتصورة من ذلك :
أولاً : لعله سبحانه أراد أن يؤكد بشريتهم حتى لا يعبدوا من دونه، وأن يبين أن عصمتهم الكاملة محاطة بغلاف وحجاب. ويؤيد ذلك ما رواه الطوسي في كتاب الغيبة ص324، قال رحمه الله : ( وأخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مع جماعة منهم علي بن عيسى القصري..
فقام إليه رجل فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء ؟!!..
فقال له : سل عما بدا لك..!!
فقال الرجل : أخبرني عن الحسين عليه السلام أهو وليُّ الله ؟!!..
قال : نعم..!!
قال : أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله ؟!!..
قال: نعم..!!
قال الرجل : فهل يجوز أن يسلط الله عز وجل عدوه على وليه ؟!!..
فقال له أبو القاسم قدس سره : إفهم عني ما أقول لك، إعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنه جلت عظمته يبعث إليهم رسلاً من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولو بعث إليه رسلاً من غير صفتهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون ويمشون في الأسواق قالوا لهم : أنتم مثلنا لا نقبل منكم حتى تأتوا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها.
فمنهم : من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار، ففرق جميع من طغى وتمرد.
ومنهم : من ألقي في النار فكانت عليه برداً وسلاماً.
ومنهم : من أخرج من الحجر الصلد الناقة وأجرى من ضرعها لبناً.
ومنهم : من فلق له البحر، وفجر له من الحجر العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون.
ومنهم : من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله، وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.
ومنهم : من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك.
فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم أن يأتوا بمثله، كان من تقدير الله جل جلاله ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين وأخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين وأخرى مقهورين، ولو جعلهم عز وجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم، لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عز وجل.. !! ولما عُرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار.. !! ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلهاً هو خالقهم ومدبرهم، فيعبدوه ويطيعوا رسله، ويكونوا حجة لله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية، أو عاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل، { لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }.
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس سره من الغد، وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه ؟!!..
فابتدأني فقال : يا محمد بن إبراهيم لئن أخرَّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مكان سحيق، أحبُّ إليَّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي..!! بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه ).
ثانياً : ابتلاء المسلمين لكي يتوفق بعضهم فينفذ من حجاب المتشابه ويصل إلى نور المحكم، ويبقى المتخلف يعيش في خطأ تصوره عن مقام النبي صلى الله عليه وآله.
ــــــــــــــــــــ من كتاب / العقائد الإسلامية - المجلد الخامس / للشيخ : علي الكوراني
سماحة الشيخ علي الكوراني
الحكمة من نزول آيات متشابهة في عصمة الأنبياء عليهم السلام
<IMG height=58 width=284 border=0>
السؤال :
لماذا جعل الله تعالى بعض الآيات المتعلقة بعصمة أنبيائه عليهم السلام من المتشابهات التي توهم وقوعهم في المعاصي ؟!!..
والجواب :
نعم، لقد تضمنت الآيات المتعلقة بسلوك الأنبياء عليهم السلام آيات محكمة كقوله تعالى عن نبينا صلى الله عليه وآله : { وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى O إِنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى }، والذي يعصم الله منطقه فلا يفتح فمه عن كلمة إلا بوحي وعصمة إلهية، لا يمكن أن يصدر منه فعلٌ ولا حركةٌ ولا سكونٌ إلا بعصمة إلهية..!!
وفي نفس الوقت توجد آيات تُوهم وقوعه في الذنب والمعصية كقوله تعالى : { لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا }.
والحكمة المتصورة من ذلك :
أولاً : لعله سبحانه أراد أن يؤكد بشريتهم حتى لا يعبدوا من دونه، وأن يبين أن عصمتهم الكاملة محاطة بغلاف وحجاب. ويؤيد ذلك ما رواه الطوسي في كتاب الغيبة ص324، قال رحمه الله : ( وأخبرني جماعة، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين قال : حدثني محمد بن إبراهيم بن إسحاق الطالقاني رحمه الله قال : كنت عند الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه مع جماعة منهم علي بن عيسى القصري..
فقام إليه رجل فقال : إني أريد أن أسألك عن شيء ؟!!..
فقال له : سل عما بدا لك..!!
فقال الرجل : أخبرني عن الحسين عليه السلام أهو وليُّ الله ؟!!..
قال : نعم..!!
قال : أخبرني عن قاتله لعنه الله أهو عدو الله ؟!!..
قال: نعم..!!
قال الرجل : فهل يجوز أن يسلط الله عز وجل عدوه على وليه ؟!!..
فقال له أبو القاسم قدس سره : إفهم عني ما أقول لك، إعلم أن الله تعالى لا يخاطب الناس بمشاهدة العيان، ولا يشافههم بالكلام، ولكنه جلت عظمته يبعث إليهم رسلاً من أجناسهم وأصنافهم بشراً مثلهم، ولو بعث إليه رسلاً من غير صفتهم وصورهم لنفروا عنهم ولم يقبلوا منهم، فلما جاؤوهم وكانوا من جنسهم يأكلون ويمشون في الأسواق قالوا لهم : أنتم مثلنا لا نقبل منكم حتى تأتوا بشيء نعجز عن أن نأتي بمثله فنعلم أنكم مخصوصون دوننا بما لا نقدر عليه، فجعل الله عز وجل لهم المعجزات التي يعجز الخلق عنها.
فمنهم : من جاء بالطوفان بعد الإعذار والإنذار، ففرق جميع من طغى وتمرد.
ومنهم : من ألقي في النار فكانت عليه برداً وسلاماً.
ومنهم : من أخرج من الحجر الصلد الناقة وأجرى من ضرعها لبناً.
ومنهم : من فلق له البحر، وفجر له من الحجر العيون، وجعل له العصا اليابسة ثعباناً تلقف ما يأفكون.
ومنهم : من أبرأ الأكمه والأبرص وأحيا الموتى بإذن الله، وأنبأهم بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم.
ومنهم : من انشق له القمر وكلمته البهائم مثل البعير والذئب وغير ذلك.
فلما أتوا بمثل ذلك وعجز الخلق من أممهم أن يأتوا بمثله، كان من تقدير الله جل جلاله ولطفه بعباده وحكمته، أن جعل أنبياءه مع هذه المعجزات في حال غالبين وأخرى مغلوبين، وفي حال قاهرين وأخرى مقهورين، ولو جعلهم عز وجل في جميع أحوالهم غالبين وقاهرين، ولم يبتلهم ولم يمتحنهم، لاتخذهم الناس آلهة من دون الله عز وجل.. !! ولما عُرف فضل صبرهم على البلاء والمحن والاختبار.. !! ولكنه جعل أحوالهم في ذلك كأحوال غيرهم، ليكونوا في حال المحنة والبلوى صابرين، وفي حال العافية والظهور على الأعداء شاكرين، ويكونوا في جميع أحوالهم متواضعين غير شامخين ولا متجبرين، وليعلم العباد أن لهم عليهم السلام إلهاً هو خالقهم ومدبرهم، فيعبدوه ويطيعوا رسله، ويكونوا حجة لله ثابتة على من تجاوز الحد فيهم وادعى لهم الربوبية، أو عاند وخالف وعصى وجحد بما أتت به الأنبياء والرسل، { لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ }.
قال محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه : فعدت إلى الشيخ أبي القاسم الحسين بن روح قدس سره من الغد، وأنا أقول في نفسي : أتراه ذكر لنا يوم أمس من عند نفسه ؟!!..
فابتدأني فقال : يا محمد بن إبراهيم لئن أخرَّ من السماء فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح من مكان سحيق، أحبُّ إليَّ من أن أقول في دين الله برأيي ومن عند نفسي..!! بل ذلك من الأصل ومسموع من الحجة صلوات الله وسلامه عليه ).
ثانياً : ابتلاء المسلمين لكي يتوفق بعضهم فينفذ من حجاب المتشابه ويصل إلى نور المحكم، ويبقى المتخلف يعيش في خطأ تصوره عن مقام النبي صلى الله عليه وآله.
ــــــــــــــــــــ من كتاب / العقائد الإسلامية - المجلد الخامس / للشيخ : علي الكوراني