ابو بسام قصار
12-12-2009, 11:14 PM
عصمة الأنبياء والأئمة (عليهم السلام)
نحن نعتقد أن الأنبياء جميعاً من آدم إلى نبينا (صلّى الله عليه وآله) معصومون. وكذلك اعتقادنا في الأئمة الاثنى عشر والسيدة الزهراء (عليها السلام). فهم لا يرتكبون ذنباً كبيراً أو صغيراً لا بعد بعثتهم ولا قبلها ولا في طفولتهم ولا في الكبر. دليلنا على ذلك الوجدان والعقل والنقل.
أما الوجدان: فكل عاقل يصفّي وجدانه ونفسه عن الشوائب والإشكالات يرى بوضوح أن القدوة والمبلغ عن الله عزّ وجلّ لابدّ أن يكون طاهراً. فإذا قيل لشخص أن النبي الفلاني يكذب فإنه يقول فوراً: أي نبي هذا؟
وإذا قيل لأحد أن الإمام الفلاني خائن يقول فوراً: أي إمام هذا؟
هذا الوجدان، ثم العقل ينظر في ما يبلغه هذا النبي والإمام ويتوقف في قبوله باعتبار أنه إذا كان قابلاً لصدور المعصية منه فربما كان هذا الذي يقوله غير صحيح وليس حكماً شرعياً، أي أنه قد يكذب فيه.
إن الله سبحانه يقول: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(1) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#1)، فجعل رقة القلب وحسن الخلق في الأنبياء كي لا ينفض الناس عنهم.
فكيف بالذنب، أليس نفيه أولى وأقوى. لئلا ينفض الناس عنهم؟
الناس عندما ترى أحد رجال الدين يرتكب خطأ ـ مع أنه غير معصوم ـ تبتعد عنه فكيف بالنبي والإمام؟ وهذا ما يعبر عنه بدليل نقض الغرض.
وأما النقل: فالقرآن الكريم يكفينا كل مؤونة.
يقول سبحانه مخاطباً إبليس (لعنه الله): (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)(2) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#2)، وكل ذنب يصدر هو سلطان لإبليس.
وحينئذ نسأل من هؤلاء العباد الذين ليس لإبليس عليهم سلطان.
ومن هم العباد المخلصون الذين لا يمكن لإبليس أن يغويهم؟
لا شك أن الأنبياء والأئمة هم القدر المتيقن منهم ـ إذ لم يدع أحد العصمة لغيرهم ولغير السيدة الزهراء، لأنا لو نفينا عنهم فلمن نثبتها ومن المخلص حينئذ؟ فهؤلاء المخلصون.. الذين ليس لإبليس عليهم سلطان ـ هم المعصومون. والمخلصون مستثنون في الآية من الإغواء وكل ذنب ناتج عن إغواء.
إن قلت: ما العمل مع الآيات الظاهرة في صدور المعصية من بعض الأنبياء؟
قلت: القرآن يفسر بعضه بعضاً فلابدّ من تأويل الظاهر حينئذٍ لأجل الصريح أو الأظهر وحمله على ترك الأولى أو مخالفة الأمر الإرشادي، هذا أولاً.
كما أنه لو قام دليل عقلي على شيء بحيث كان قطعياً لزم تأويل النقلي لئلاّ يخالف حكم الشرع، حكم العقل القطعي فإن الشارع سيد العقلاء.
بل إن نفس الآيات الظاهرة في المعصية بادي الرأي لو لوحظت بتأمل تظهر منها قرائن عدم المعصية وأن الأمر لا يعدو كونه ترك أولى أو ترك الأمر الإرشادي.
ولنأخذ مثلاً قوله تعالى: (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(3) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#3).
وهذه الآية لعلها أكثر الآيات ظهوراً في حصول المعصية والذنب. لكن بالتأمل في الآيات الأخرى المتعرضة لقضية الأكل من الشجرة يتّضح خلاف ذلك. كيف؟ يقول سبحانه: (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها وَلا تَضْحى)(4) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#4). يعلل سبحانه المنع من الأكل بأن فيه خروجاً من الجنة وبما أنك في الجنة لا تجوع ولا تظمأ ولا تعرى ولا تضحى، فخروجك يسبب لك هذه الأمور كلها، إذن لا تأكل من الشجرة كي لا تتعرض لهذه الأمور لأن الأكل ذنبٌ فيه عقوبة أخروية وغضب الله سبحانه. إذن فالنهي عن الأكل إرشاد لعدم الوقوع في الضرر الدنيوي، لا أنه معصية فيها عقوبة.
إذا اتضح هذا نقول: هناك مجموعة أحاديث مروية في كتب لها وزن وشأن عند غيرنا، وتعتبر حسب موازينهم صحيحة السند، هذه الأحاديث تنسب إلى الأنبياء عموماً ونبينا (صلّى الله عليه وآله) خصوصاً من الأمور ما يخالف العصمة، وما يرفضه العقل رفضاً باتاً. نذكر بعضها لنعرف كم هو الظلم الواقع على الأطهار من الأنبياء وغيرهم فمنها: ما رواه البخاري في صحيحه، ج1، كتاب الوضوء ومسلم في كتاب الطهارة باب 22:
باب البول قائماً وقاعداً
حدّثنا آدم قال حدّثنا شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) سباطة قوم فبال قائماً ثمّ دعا بماء فجئته بماء فتوضأ.
باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدّثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال: رأيتني أنا والنبي (صلّى الله عليه وآله) نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ.
73- (273) حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا أبو خيثمة عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، قال: كنت مع النبي (صلّى الله عليه وآله) فانتهى إلى سباطة قوم(5) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#5) فبال قائماً. فتنحّيت. فقال (ادْنُهْ) فدنوت حتّى قمت عند عقبيه فتوضّأ، فمسح على خفّيه.
74- (...) حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جرير عن منصور، عن أبي وائل، قال: كان أبو موسى يشدّد في البول. ويبول في قارورة ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض. فقال حذيفة: أوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد. فلقد رأيتني أنا ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) نتماشى. فأتى سباطةً خلف حائط. فقام كما يقوم أحدكم، فبال فانتبذت منه، فأشار إلي فجئت فقمت عند عقبيه حتّى فرغ.
(274) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا ليث، ح وحدّثنا محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن عروة بن المغيرة عن أبيه...
نحن نعتقد أن الأنبياء جميعاً من آدم إلى نبينا (صلّى الله عليه وآله) معصومون. وكذلك اعتقادنا في الأئمة الاثنى عشر والسيدة الزهراء (عليها السلام). فهم لا يرتكبون ذنباً كبيراً أو صغيراً لا بعد بعثتهم ولا قبلها ولا في طفولتهم ولا في الكبر. دليلنا على ذلك الوجدان والعقل والنقل.
أما الوجدان: فكل عاقل يصفّي وجدانه ونفسه عن الشوائب والإشكالات يرى بوضوح أن القدوة والمبلغ عن الله عزّ وجلّ لابدّ أن يكون طاهراً. فإذا قيل لشخص أن النبي الفلاني يكذب فإنه يقول فوراً: أي نبي هذا؟
وإذا قيل لأحد أن الإمام الفلاني خائن يقول فوراً: أي إمام هذا؟
هذا الوجدان، ثم العقل ينظر في ما يبلغه هذا النبي والإمام ويتوقف في قبوله باعتبار أنه إذا كان قابلاً لصدور المعصية منه فربما كان هذا الذي يقوله غير صحيح وليس حكماً شرعياً، أي أنه قد يكذب فيه.
إن الله سبحانه يقول: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)(1) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#1)، فجعل رقة القلب وحسن الخلق في الأنبياء كي لا ينفض الناس عنهم.
فكيف بالذنب، أليس نفيه أولى وأقوى. لئلا ينفض الناس عنهم؟
الناس عندما ترى أحد رجال الدين يرتكب خطأ ـ مع أنه غير معصوم ـ تبتعد عنه فكيف بالنبي والإمام؟ وهذا ما يعبر عنه بدليل نقض الغرض.
وأما النقل: فالقرآن الكريم يكفينا كل مؤونة.
يقول سبحانه مخاطباً إبليس (لعنه الله): (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)(2) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#2)، وكل ذنب يصدر هو سلطان لإبليس.
وحينئذ نسأل من هؤلاء العباد الذين ليس لإبليس عليهم سلطان.
ومن هم العباد المخلصون الذين لا يمكن لإبليس أن يغويهم؟
لا شك أن الأنبياء والأئمة هم القدر المتيقن منهم ـ إذ لم يدع أحد العصمة لغيرهم ولغير السيدة الزهراء، لأنا لو نفينا عنهم فلمن نثبتها ومن المخلص حينئذ؟ فهؤلاء المخلصون.. الذين ليس لإبليس عليهم سلطان ـ هم المعصومون. والمخلصون مستثنون في الآية من الإغواء وكل ذنب ناتج عن إغواء.
إن قلت: ما العمل مع الآيات الظاهرة في صدور المعصية من بعض الأنبياء؟
قلت: القرآن يفسر بعضه بعضاً فلابدّ من تأويل الظاهر حينئذٍ لأجل الصريح أو الأظهر وحمله على ترك الأولى أو مخالفة الأمر الإرشادي، هذا أولاً.
كما أنه لو قام دليل عقلي على شيء بحيث كان قطعياً لزم تأويل النقلي لئلاّ يخالف حكم الشرع، حكم العقل القطعي فإن الشارع سيد العقلاء.
بل إن نفس الآيات الظاهرة في المعصية بادي الرأي لو لوحظت بتأمل تظهر منها قرائن عدم المعصية وأن الأمر لا يعدو كونه ترك أولى أو ترك الأمر الإرشادي.
ولنأخذ مثلاً قوله تعالى: (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)(3) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#3).
وهذه الآية لعلها أكثر الآيات ظهوراً في حصول المعصية والذنب. لكن بالتأمل في الآيات الأخرى المتعرضة لقضية الأكل من الشجرة يتّضح خلاف ذلك. كيف؟ يقول سبحانه: (إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيها وَلا تَضْحى)(4) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#4). يعلل سبحانه المنع من الأكل بأن فيه خروجاً من الجنة وبما أنك في الجنة لا تجوع ولا تظمأ ولا تعرى ولا تضحى، فخروجك يسبب لك هذه الأمور كلها، إذن لا تأكل من الشجرة كي لا تتعرض لهذه الأمور لأن الأكل ذنبٌ فيه عقوبة أخروية وغضب الله سبحانه. إذن فالنهي عن الأكل إرشاد لعدم الوقوع في الضرر الدنيوي، لا أنه معصية فيها عقوبة.
إذا اتضح هذا نقول: هناك مجموعة أحاديث مروية في كتب لها وزن وشأن عند غيرنا، وتعتبر حسب موازينهم صحيحة السند، هذه الأحاديث تنسب إلى الأنبياء عموماً ونبينا (صلّى الله عليه وآله) خصوصاً من الأمور ما يخالف العصمة، وما يرفضه العقل رفضاً باتاً. نذكر بعضها لنعرف كم هو الظلم الواقع على الأطهار من الأنبياء وغيرهم فمنها: ما رواه البخاري في صحيحه، ج1، كتاب الوضوء ومسلم في كتاب الطهارة باب 22:
باب البول قائماً وقاعداً
حدّثنا آدم قال حدّثنا شعبة عن الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة قال: أتى النبي (صلّى الله عليه وآله) سباطة قوم فبال قائماً ثمّ دعا بماء فجئته بماء فتوضأ.
باب البول عند صاحبه والتستر بالحائط
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال حدّثنا جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة قال: رأيتني أنا والنبي (صلّى الله عليه وآله) نتماشى فأتى سباطة قوم خلف حائط فقام كما يقوم أحدكم فبال فانتبذت منه فأشار إلي فجئته فقمت عند عقبه حتى فرغ.
73- (273) حدّثنا يحيى بن يحيى التميمي. أخبرنا أبو خيثمة عن الأعمش، عن شقيق، عن حذيفة، قال: كنت مع النبي (صلّى الله عليه وآله) فانتهى إلى سباطة قوم(5) (http://www.14masom.com/maktabat/maktaba-akaed/book03/9.htm#5) فبال قائماً. فتنحّيت. فقال (ادْنُهْ) فدنوت حتّى قمت عند عقبيه فتوضّأ، فمسح على خفّيه.
74- (...) حدّثنا يحيى بن يحيى، أخبرنا جرير عن منصور، عن أبي وائل، قال: كان أبو موسى يشدّد في البول. ويبول في قارورة ويقول: إن بني إسرائيل كان إذا أصاب جلد أحدهم بول قرضه بالمقاريض. فقال حذيفة: أوددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد. فلقد رأيتني أنا ورسول الله (صلّى الله عليه وآله) نتماشى. فأتى سباطةً خلف حائط. فقام كما يقوم أحدكم، فبال فانتبذت منه، فأشار إلي فجئت فقمت عند عقبيه حتّى فرغ.
(274) حدثنا قتيبة بن سعيد، حدّثنا ليث، ح وحدّثنا محمد بن رمح بن المهاجر، أخبرنا الليث عن يحيى بن سعيد، عن سعد بن إبراهيم، عن نافع بن جبير، عن عروة بن المغيرة عن أبيه...