ابو بسام قصار
12-16-2009, 03:41 PM
استلامه الحجر الأسود عليه السلام
روى الشيخ الكشي وغيره عن ابن عائشة ان هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك، وطاف بالبيت فأراد ان يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر فجلس، واطاف به اهل الشام، فبينا هو كذلك اذ أقبل عليّ بن الحسين (عليه السلام) وعليه ازار ورداء من احسن الناس وجهاً واطيبهم رائحة، و بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له واجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً، فقال رجل من اهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فافرجوا له عن الحجر، فقال هشام: لا اعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكني أعرفه، وقال الشامي: ومن هذا يا ابا فراس فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته*** والبيت يعرفه والحلُّ والحرمّ
هذا ابن خير عباد اللّه كلهمُ*** هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
هذا عليّ رسولُ اللّه والدُهُ*** امست بنورِ هداهُ تهتدي الاممُ
اذا رأته قريش قال قائلُها*** الى مكارمِ هذا ينتهي الكرَمُ
ينمى الى ذروة العز التي قَصرتْ*** عن نيلها عربُ الإِسلامِ والعجم
110
يكاد(1) يمسكهُ عرفانُ راحتِهِ*** ركنَ الحطيمِ اذا ما جاء يستلِمُ
ينشقُّ نورُ الهدى عن نورِ غرّتِهِ*** كالشمس تنجابُ في اشراقها الظلمُ
بكفهِ خيزران ريحها عَبِق*** من كف اروَع من عرنينه شمَمُ
مشتقة من رسول اللّه نبعته*** طابت عناصره والخيم والشيمُ
هذا ابنُ فاطمة قدْماً وشرّفَهُ*** جرى بذاكَ له في لوحهِ القلَمُ
وليسَ قولُك من هذا بضائِرِهِ*** العربُ تعرفُ من انكرت والعَجَمُ
لا يخلف الوعدَ ميمون نقيبته*** رحب الفناء اريب حين يعتزمُ(1)
عم الرية بالاإِحسان فانقعشت*** عنها الغيابة والاملاق والعدم
من معشرٍ حبهمّ دين وبغضهم*** كفر وقربهم منجى ومعتصم
ان عد اهل التقى كانوا ائمتهم*** او قيل من خير اهل الأرض قيل همُ
يستدفع السوء والبلوى بحبهم*** ويسترب به الاحسان والنعمُ
مقدم بعد ذكر اللّه ذكرهم*** في كل بدء ومختوم به الكلم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم*** ولا يدانيهم قوم وان كرموا
لا يقبض العسر بسطاً من اكفهم*** سيان ذلك ان اثروا وان عدموا
أي الخلائق ليست في رقابهم*** لأولية هذا أو له نعم
من يعرف اللّه يعرف اولوية ذا*** فالدين من بيت هذا ناله الامم
ما قال لا قطُّ الا في تشهده*** لولا التشهد كانت لاؤه نعم
ولم اذكر تمامها رعاية للاختصار، فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق فحبس بعسفان(2) بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك علي بن الحسين (عليه السلام) فبعث اليه باثني عشر الف درهم (الخبر).
_______________________
(1) الخرائج روى ان الحجاج بن يوسف لما خرب الكعبة بسبب مقاتلة عبد اللّه بن الزبير ثم عمروها فلما اعيد البيت وارادوا ان ينصبوا الحجر الأسود فكلما نصبه عالم من علمائهم او قاض من قضاتهم او زاهد من زهادهم ينزلزل ويضطرب ولا يستقر الحجر في مكانه فجاءه علي بن الحسين (عليه السلام) واخذه من ايديهم وسمى اللّه ونصبه فاستقر في مكانه وكبر الناس ولقد أسلم الفرزدق في قوله يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم، (منه).
(2) أي يقصد كعثمان إسم لبلدة أكل ما يستر.
روى الشيخ الكشي وغيره عن ابن عائشة ان هشام بن عبد الملك حج في خلافة عبد الملك، وطاف بالبيت فأراد ان يستلم الحجر فلم يقدر عليه من الزحام فنصب له منبر فجلس، واطاف به اهل الشام، فبينا هو كذلك اذ أقبل عليّ بن الحسين (عليه السلام) وعليه ازار ورداء من احسن الناس وجهاً واطيبهم رائحة، و بين عينيه سجادة كأنها ركبة عنز فجعل يطوف بالبيت فاذا بلغ الحجر تنحى الناس عنه حتى يستلمه هيبة له واجلالاً، فغاظ ذلك هشاماً، فقال رجل من اهل الشام لهشام: من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فافرجوا له عن الحجر، فقال هشام: لا اعرفه لئلا يرغب فيه أهل الشام، فقال الفرزدق وكان حاضراً: لكني أعرفه، وقال الشامي: ومن هذا يا ابا فراس فقال:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته*** والبيت يعرفه والحلُّ والحرمّ
هذا ابن خير عباد اللّه كلهمُ*** هذا التقيُّ النقيُّ الطاهرُ العلمُ
هذا عليّ رسولُ اللّه والدُهُ*** امست بنورِ هداهُ تهتدي الاممُ
اذا رأته قريش قال قائلُها*** الى مكارمِ هذا ينتهي الكرَمُ
ينمى الى ذروة العز التي قَصرتْ*** عن نيلها عربُ الإِسلامِ والعجم
110
يكاد(1) يمسكهُ عرفانُ راحتِهِ*** ركنَ الحطيمِ اذا ما جاء يستلِمُ
ينشقُّ نورُ الهدى عن نورِ غرّتِهِ*** كالشمس تنجابُ في اشراقها الظلمُ
بكفهِ خيزران ريحها عَبِق*** من كف اروَع من عرنينه شمَمُ
مشتقة من رسول اللّه نبعته*** طابت عناصره والخيم والشيمُ
هذا ابنُ فاطمة قدْماً وشرّفَهُ*** جرى بذاكَ له في لوحهِ القلَمُ
وليسَ قولُك من هذا بضائِرِهِ*** العربُ تعرفُ من انكرت والعَجَمُ
لا يخلف الوعدَ ميمون نقيبته*** رحب الفناء اريب حين يعتزمُ(1)
عم الرية بالاإِحسان فانقعشت*** عنها الغيابة والاملاق والعدم
من معشرٍ حبهمّ دين وبغضهم*** كفر وقربهم منجى ومعتصم
ان عد اهل التقى كانوا ائمتهم*** او قيل من خير اهل الأرض قيل همُ
يستدفع السوء والبلوى بحبهم*** ويسترب به الاحسان والنعمُ
مقدم بعد ذكر اللّه ذكرهم*** في كل بدء ومختوم به الكلم
لا يستطيع جواد بعد غايتهم*** ولا يدانيهم قوم وان كرموا
لا يقبض العسر بسطاً من اكفهم*** سيان ذلك ان اثروا وان عدموا
أي الخلائق ليست في رقابهم*** لأولية هذا أو له نعم
من يعرف اللّه يعرف اولوية ذا*** فالدين من بيت هذا ناله الامم
ما قال لا قطُّ الا في تشهده*** لولا التشهد كانت لاؤه نعم
ولم اذكر تمامها رعاية للاختصار، فغضب هشام وأمر بحبس الفرزدق فحبس بعسفان(2) بين مكة والمدينة، وبلغ ذلك علي بن الحسين (عليه السلام) فبعث اليه باثني عشر الف درهم (الخبر).
_______________________
(1) الخرائج روى ان الحجاج بن يوسف لما خرب الكعبة بسبب مقاتلة عبد اللّه بن الزبير ثم عمروها فلما اعيد البيت وارادوا ان ينصبوا الحجر الأسود فكلما نصبه عالم من علمائهم او قاض من قضاتهم او زاهد من زهادهم ينزلزل ويضطرب ولا يستقر الحجر في مكانه فجاءه علي بن الحسين (عليه السلام) واخذه من ايديهم وسمى اللّه ونصبه فاستقر في مكانه وكبر الناس ولقد أسلم الفرزدق في قوله يكاد يمسكه عرفان راحته ركن الحطيم اذا ما جاء يستلم، (منه).
(2) أي يقصد كعثمان إسم لبلدة أكل ما يستر.