بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



قال تعالى (( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ))1
صدق الله العظيم

عبادة التفكر
هي أساس العبادات وأفضلها وأجملها لذة وأهمها وتتمثل أهميتها بأنها تدفعنا إلى أداء بقية العبادات بكل حب ونشاط .
حث عليها الرحمن بصيغ مختلفة في كتابه الكريم
(( أفلا ينظرون )) (( أولم يروا )) (( أفلا تبصرون ))

يقول من هو أعلم وأبلغ مني حديثا في تعريف التفكر
( هو سير الباطن من المبادئ إلى المقاصد ,والمبادئ هي الآفاق والأنفس والمقصد هو الوصول إلى معرفة موجدها
وهو مفتاح الأسرار ومشكاة الأنوار ومبدأ الاستبصار و به تنكشف ظلمة الجهل وتنجلي أنوار العلم ) الشيخ محمد النراقي ( جامع السعادات )


عبادة التفكر : تحتاج إلى عقل صافي وقلب طاهر خال من الشهوات ووساوس الشيطان
وتحتاج إلى عين بصيرية لا بصرية

لأن التفكر لا أن ننظر إلى الشيء بتعجب ودهشة فقط وإنما السعي لمعرفة الحكمة من خلقه
ووجوده (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً ) . ( باطلا : عبثا)

وقد أثنى الله في كتابه الكريم على المتفكرين ووصفهم بــ (( أولى الألباب ))
قال تعالى (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ
جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ))2

بماذا نفكر :

1) التفكر في الله ومراده التفكر في قدرته وصنعه وعجائب أفعاله ومبدعاته وصفاته.
قال رسول الله (( أفضل العبادة ادمان التفكر في الله وفي قدرته ))

2) التفكر في آيات الله ومخلوقاته
قال تعالى ((إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ
بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاء مِن مَّاء فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ
الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ)) 3
إن في خلق السموات و الأرض، إشارة إلى ذوات الأجرام العلوية و الأرض بما تشتمل عليه تراكيبها من بدائع الخلق و عجائب الصنع.
المطر سبباً لإحياء الأرض وانتشار الحيوانات فيها، إذ لولا الماء لم يكن للحيوان ماء ولا طعام، فهلك ولم يبق له نسل .
الرياح أي صرفها ونقلها من مكان إلى مكان لتروح وتذهب بالأمراض والعفونات وتنقل السحاب من هنا إلى هناك، ولو كانت الرياح راكدة لم تنفع أي شيء.

4) أن يتفكر الإنسان في نفسه و مما وكيف خلق
قال تعالى ((فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5) خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6) يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ))4
( كيف بماء مهين يتحول إلى مخلوق ينطوي به العالم )

الصُّلْبِ : العظم الذي في ظهر الرجل ( ماء الرجل يخرج من ظهره )
وَالتَّرَائِبِ: عظم الصدر في المرأة ( ماء المرأة يخرج من الصدر )


قال تعالى ((وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ (12) ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ (13) ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا
الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ))5
بين سبحانه تنقل أحوال الإنسان في الرحم ( قَرَارٍ مَّكِينٍ)حتى استكمل خلقه لينبه على بدائع حكمته و عجائب صنعته و كمال نعمته .
النطفة : هي الماء القليل يكون من الذكر و الأنثى
علقة :هي القطعة من الدم الجامد
مضغة :أي شبه قطعة من اللحم ممضوغة . يقول الباري عزوجل في سورة الحج ( ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ )6
مخلقة وغير مخلقة :أي تامة الخلق و غير تامة.
أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ:قيل نفخنا فيه الروح وقيل ذكرا و أنثى
مراحل تكوين الإنسان :
ماء ثم دم جامد ثم شبه من قطعة لحم ثم عظم ثم تكوين لحم على العظم ثم كما قال الرحمن
((وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاء إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ
وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ ))7

5) التفكر بالموت وبالبعث
وصية الرسول لأبي ذر : يا أباذر : لو نظرت إلى الأجل ومسيره لأبغضت الأمل وغروره.

6) التفكر بالنعم الإلهية
قال تعالى((فَلْيَنظُرِ الإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا
(27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا ))8
ومراده معرفة موجدها ومبدعها والعلم بقدرته القاهرة وعظمته الباهرةفي إيجادها

أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا : أنزلنا الماء إنزالا
شَقَقْنَا الأَرْضَ شَقًّا: بإخراج النبات
وَقَضْبًا: وهو القت الرطب الذي يقضب ويقطع مرة بعد أخرى لعلف الدواب. وقيل البقول
وَأَبًّا : العشب والحشيش الذي تأكله الحيوانات .

تأمل :
قال تعالى ((وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً
سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِكَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))9


----------------------------------
عزيزي ألا نظرت يوما:

إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت
وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت

وإلى الكواكب والشمس والقمر والنجوم التي بها السماء قد تزينت
وإلى الطيور في السماء لولا الرحمن ممسكها لهوت
وإلى الشجر والنخيل والنباتات كيف من تحت الأرض قد خرجت
وإلى الأسماك والحيتان واللآلئ و الأعشاب كيف في عالم واحد قد جمعت
ومما وكيف ولماذا خلقت أنـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــت

نختم هذا الجزء برواية
لأمير المؤمنين ع (( نبه بالتفكر قلبك وجاف عن الليل جنبك واتق الله ربك))

ماذا نحصد من وراء التفكر أو ماهي فوائد التفكر

http://www.up.qatarw.com/up/qatarw_Ke4W57goT.gif