أَللّهُمَّ صَلِّ عَلَىٰ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ، وَأَنْسِهِمْ عِنْدَ لِقَائِهِمُ الْعَدُوَّ ذِكْرَ دُنْيَاهُمُ الْخَدَّاعَةِ) أي: الكثيرة الخداع والكذب (الْغَروُرِ) التي تغر الإنسان، حتى لا يظنون بأنفسهم في الحرب لمحبتهم للدنيا (وَٱمْحُ عَنْ قُلُوبِهِمْ خَطَرَاتِ الْمَالِ الْفَتُونِ) أي: ما يخطر بقلبهم من حب المال الذي يفتنهم ويصرفهم عن الاقتحام في الحرب، لئلا يقتلوا فتفوتهم أموال الدنيا (وَٱجْعَلِ الْجَنَّةَ نَصْبَ أَعْيُنِهِمْ) أي: أمامهم حتى يرغبوا فيها (وَلَوِّحْ) أي: أشر (مِنْهَا) أي: من الجنة (لأَبْصَارِهِمْ) أي: عيون المجاهدين (مَا أَعْدَدْتَ فِيهَا مِنْ مَسَاكِنِ الْخُلْدِ) أي: المنازل الباقية للإنسان أبد الآبدين (وَمَنَازِلِ الْكَرَامَةِ) التي يكرم الإنسان فيها (وَالْحُورِ) جمع حوراء وهي المرأة البيضاء (الْحِسَانِ) جمع حسنة أي: الجميلة بدناً وأخلاقاً (وَٱلأَنْهَارِ الْمُطَّرِدَةِ) أي: الجارية التي يطرد بعضها بعضاً (بِأَنْوَاعِ ٱلأَشْرِبَةِ) فإن في أنهار الجنة الماء والعسل واللبن والخمر وغيرها (وَٱلأَشْجَارِ الْمُتَدَلِّيَةِ) أي: المتعلقة (بِصُنُوفِ ٱلثَّمَرِ) أي: أقسامه (حَتَّىٰ لاَ يَهُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِٱلإِدْبَارِ) بأن يريد الفرار عن الزحف.
ـــــــــــ
وَلاَ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ بِفِرَارٍ، أَللّهُمَّ ٱفْلُلْ بِذَلِكَ عَدُوَّهُمْ وَٱقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ، وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ وَٱخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ، وَبَاعِدْ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ أَزْوِدَتِهِمْ وَحَيِّرْهُمْ فِي سُبُلِهِمْ، وَضَلِّلْهُمْ عَنْ وَجْهِهِمْ، وَٱقْطَعْ عَنْهُمْ الْمَدَدْ، وَٱنْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدْ،
ـــــــــــ
(وَلاَ يُحَدِّثَ نَفْسَهُ عَنْ قِرْنِهِ) أي: الشجاع المقابل له في الحرب (بِفِرَارٍ) وعن قرنه، متعلق بالفرار أي: بالفرار عن قرنه (أَللّهُمَّ ٱفْلُلْ) أي: اكسر (بِذَلِكَ) الثبات للمسلمين (عَدُوَّهُمْ) المحارب لهم (وَٱقْلِمْ عَنْهُمْ أَظْفَارَهُمْ) فإن السبع لو قلم ظفره لم يتمكن من إيذاء الفريسة، وهذا كناية عن كسر شوكة الأعداء وتقليل قوتهم (وَفَرِّقْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَسْلِحَتِهِمْ) بابتعادهم عن الأسلحة حتى لا يتمكنوا من مقابلة المسلمين (وَٱخْلَعْ وَثَائِقَ أَفْئِدَتِهِمْ) أي: الأمور التي أحكمت قلوبهم من كثرة العدد ووفرة السلاح وما أشبه ذلك، ومعنى الخلع الفزع (وَبَاعِدْ بَيْنهُمْ وَبَيْنَ أَزْوِدَتِهِمْ) جمع زاد بمعنى طعام المسافر أي: بعد زادهم حتى لا يكون لهم زاد (وَحَيِّرْهُمْ فِي سُبُلِهِمْ) أي: طرقهم حتى لا يعلمون أي السبل أحسن لهم (وَضَلِّلْهُمْ عَنْ وَجْهِهِمْ) حتى إذا أرادوا وجهاً وجهته أعزفوا عنه إلى غير ما لا يفيدهم (وَٱقْطَعْ عَنْهُمْ الْمَدَدْ) الجيش ونحوه الذي يمدهم ويساعدهم (وَٱنْقُصْ مِنْهُمُ الْعَدَدْ) أي: عددهم بالموت أو الفرار أو المرض أو ما أشبه.
ـــــــــــ
وَٱمْلأْ أَفْئِدَتَهُمُ ٱلرُّعْبَ، وَٱقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْبَسْطِ، وَٱخْزِمْ أَلْسِنَتَهُمْ عَنِِ ٱلنُّطْقِ، وَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ، وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ، وَٱقْطَعْ بِخِزْيِهِمْ أَطْمَاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ، أَللّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ وَيَبِّسْ أَصْلاَبَ رِجَالِهِمْ، وَٱقْطَعْ نَسْلَ دَوَابِّهِم وَأَنْعَامِهِمْ،
ـــــــــــ
(وَٱمْلأْ أَفْئِدَتَهُمُ) جمع فؤاد بمعنى القلب (ٱلرُّعْبَ) أي: الخوف من المسلمين (وَٱقْبِضْ أَيْدِيَهُمْ عَنِ الْبَسْطِ) حتى لا يتمكنوا من مد أيديهم لأذى المسلمين (وَٱخْزِمْ) أي: أخرس (أَلْسِنَتَهُمْ عَنِِ ٱلنُّطْقِ) حتى لا يتمكنوا أن ينطقوا ضد المسلمين (وَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ) أي: بسبب فرار الأعداء الأباعد بواسطة تفريق هؤلاء المقتربين من ثغور المسلمين (وَنَكِّلْ بِهِمْ مَنْ وَرَاءَهُمْ) النكال بمعنى العذاب أي: عذب بسبب هؤلاء الذين وقع فيهم القتل والتشريد، الكفار الذين ورائهم، لأنهم يغتمون لتفريق ووقوع القتل والأسر فيهم (وَٱقْطَعْ بِـ) سبب (خِزْيِهِمْ) وانهزامهم (أَطْمَاعَ مَنْ بَعْدَهُمْ) من الكفار، فإن سائر الكفار إذا شاهدوا نكال هؤلاء قطع رجاؤهم في النيل من المسلمين (أَللّهُمَّ عَقِّمْ أَرْحَامَ نِسَائِهِمْ) حتى لا تحمل أولاداً يزيدون عدد الكفار (وَيَبِّسْ أَصْلاَبَ رِجَالِهِمْ) حتى لا يتكون فيها المني (وَٱقْطَعْ نَسْلَ دَوَابِّهِم) جمع دابة كالفرس وما أشبه (وَأَنْعَامِهِمْ) جمع نعم هي الإبل والبقر والغنم.
ـــــــــــ
لاَ تَأْذَنْ لِسَمَائِهِمْ فِي قَطْرٍ، وَلاَ لأَرْضِهِمْ فِي نَبَاتٍ، أَللّهُمَّ وَقَوِّ بِذَلِكَ مَحَالَّ أَهْلِ ٱلإِسْلاَمِ، وَحَصِّنْ بِهِ دِيَارَهُمْ، وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوَالَهُمْ، وَفَرِّغْهُمْ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ لِعِبَادَتِكَ، وَعَنْ مُنَابَذَتِهِمْ لِلْخَلْوَةِ بِكَ حَتَّىٰ لاَ يُعْبَدَ فِي بِقَاعِ ٱلأَرْضِ غَيْرُكَ، وَلاَ تُعَفِّرَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُونَكَ، أَللّهُمَّ ٱغْزُ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَىٰ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ،
ـــــــــــ
(لاَ تَأْذَنْ) يا رب (لِسَمَائِهِمْ فِي قَطْرٍ) أي: إمطار المطر (وَلاَ لأَرْضِهِمْ فِي نَبَاتٍ) أي: إخراج عشب (أَللّهُمَّ وَقَوِّ بِذَلِكَ) الذي تفعل بالكفار من الضعف (مَحَالَّ أَهْلِ ٱلإِسْلاَمِ) أي: قوتهم وشدتهم (وَحَصِّنْ بِهِ) أي: بضعف الكفار (دِيَارَهُمْ) فإن ضعف الأعداء يوجب قوة المسلمين (وَثَمِّرْ بِهِ أَمْوَالَهُمْ) لأن الأسواق تبقى للمسلمين إذا ضعف الكفار بعدم المطر وما أشبه (وَفَرِّغْهُمْ عَنْ مُحَارَبَتِهِمْ) بأن تكبت الأعداء حتى يفرغ المسلمون عن محاربتهم ولا يحتاجون إلى ذك (لِعِبَادَتِكَ) فيكون للمسلمين الوقت الكافي للطاعة والعبادة (وَعَنْ مُنَابَذَتِهِمْ) أي: مضاربتهم ومحاربتهم (لِلْخَلْوَةِ بِكَ) في حال العبادة آناء الليل وأطراف النهار (حَتَّىٰ لاَ يُعْبَدَ فِي بِقَاعِ ٱلأَرْضِ) جمع بقعة بمعنى القطعة (غَيْرُكَ) من الأصنام وما أشبه (وَلاَ تُعَفِّرَ لأَحَدٍ مِنْهُمْ جَبْهَةٌ دُونَكَ) بأن يكون كل تعفير وسجود على الأرض لأجلك لا لسواك (أَللّهُمَّ ٱغْزُ بِكُلِّ نَاحِيَةٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) الغزو: هو الجهاد والهجوم على العدو (عَلَىٰ مَنْ بِإِزَائِهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) حتى يهاجم كل طرف من بلاد الإسلام على من في قباله من بلاد الكفر.