على بركة الله تعالى نتابع..
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى سيما سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين..
*البخاري(ج4ص208):قال النبي صلى الله عليه(وآله) وسلم لِعَلِيٍّ:[أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون مِن موسى].
*البخاري(ج5)كِتَاب المغازي.باب غزوة تبوك(ص129): عن مصعب بن سعد عن أَبِيه أَنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله) وسلم خَرَجَ إلى تبوك واسْتَخْلَفَ عَلِيًّا، فقال(عَلِيٌّ):أَتُخَلِّفُنِي في الصِّبيان والنساء؟قال(النبي صلى الله عليه وآله):[أَلا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هارُون مِن مُوسَى إلا أَنَّه لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِي].
-كانت غزوةُ تبوك في نهاية حياة النبي صلى الله عليه وآله،ولم يَكُن الإمامُ علي بن أبي طالب عليهما السلام مُتَعَوِّدًا على عدمِ الخروج في حروب الإسلام بل كان أوَّلَ الخارجين،فعندما أَمَّرَه واسْتَخْلَفَه(جَعَلَه نَائبَه وخَلِيفَتَه) الرسولُ صلى الله عليه وآله على المدينة المنورة أّحَبَّ أميرُالمؤمنين عَلِيٌّ أن يَتَعَرَّفَ على سَبَبِ عَدَمِ الإذنِ له بالخروج للحرب في هذه المَرَّة،فأجَابَه النبيُّ صلى الله عليه وآله بهذا الحديث الشريف.
-دَعُونا نَتَأَمَّل ألْفَاظَ هذه الرواية ومَجْمُوعَ تَرْكِيبِها:
ماذا كان هارونُ مِن مُوسَى عليهما السلام؟أَي:مَا هُوَ مَقَامُ هارون بالنِّسْبَةِ إلى النبي موسى عليهما السلام؟
لقد كان هارونُ وَزِيرَ موسى،وَوَصِيُّه،وقد كان نَبِيًّا أيضًا،وهذا مُتَّفَقٌ عليه..
والآن نَنظُر في جواب النبي للإمام عليٍّ عليهما وآلهما الصلاة والسلام:
ياعلي..أنا لم أُخَلِّفك في الصبيان والنساء،وإنما أنت أكبَرُ مِن ذلك، فَمَقَامُك بالنِّسْبَة إليَّ هو نَفْسُ المَنْزِلَةِ والمَقَامِ الذي لِهارون بالنسبة إلى موسى عليهما السلام،نَفسُه نَفْسُه،ولكن كان هارونُ نَبِيًّا أيضًا -كَمُوسى- وأمَّا أنتَ فلَسْتَ نَبِيًّا ياعلِيُّ، ولَن تَكُون نَبِيًّا بعدي،لأنِّي خَاتمُ الأنبياء،ولَيْسَ بعدي نَبِيٌّ -فَلَكَ مَا لِهَارُون إلا النُّبُوَّة- وكُلُّنَا يَعْلَم بأنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله حَكِيمٌ بَلِيغٌ بل{ومَا يَنْطِق عن الهَوَى*إنْ هُوَ إلا وَحْيٌ يُوحَى*عَلَّمَه شَدِيدُ القوَى}فَلَنْ يَقُولَ شَيْئًا كَاذِبًا –ولو مُزَاحًا أو تَرْضِيَةً– ولن يَقول ذلك فَضْلَةً وبلا فائدةٍ، فتَأمَّلُوا مَعِي لِتَجِدُوا كيف صَاغَ البَلِيغُ كلَّ هذه المَعاني في بِضْعِ الكلمات هذه.
ويكون هذا الحديث الشريف المُسَمَّى بِـ(حديث المنزلة)مِن أحاديث إثباتِ الولاية والوصاية والوزارة والخلافة.
*صحيح مُسْلِم(ج7ص120):عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم لِعَلِيٍّ:[أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي].قال سعيد:فأحْبَبْتُ أنْ أُشَافِهَ بها سعدًا، فحَدَّثتُه بما حدّثني به عامرٌ،فقال:أنا سَمِعْتُه. فقلتُ:أأنتَ سمعتَه؟فَوَضَعَ إصبعيه في أذنيه وقال:نعم،وإلا فاسْتُكَّتَا.
وذكَرَ مسلمٌ بعد هذه الرواية مايلي:عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:خَلَّفَ رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيَّ بن أبي طالب في غزوة تبوك، فقال(عليٌّ):يارسول الله تُخَلِّفني في النساء والصبيان؟ فقال(النبي صلى الله عليه وآله):[أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غَيْرَ أنه لا نَبِيَّ بعدي].
ثم ذكَر مسلمٌ بعدها حادثة سَعْدٍ مع معاوية:عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال:أمَرَ معاويةُ بن أبي سفيان سعدًا فقال:مَا مَنَعَك أنْ تَسُبَّ أبا التُّرَاب(علي بن أبي طالب)؟ فقال(سعد):أما ما ذكرتُ ثلاثًا قالَهُنَّ له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فَلَنْ أَسُبَّه،لأنْ تكون لي واحدةٌ منهن أحَبّ إلي مِن حمر النعم:سَمِعْتُ رسولَ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول له،وقد خَلَّفَه في بعض مغازيه،فقال له علِيٌّ: يارسول الله خلفتني مع النساء والصبيان؟فقال له رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نُبُوَّةَ بعدي]،وسمعتُه يقول يومَ خيبر:[لأعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رجُلاً يحب اللهَ ورسولَه ويحبه اللهُ ورسولُه]قال:فَتَطَاوَلْنَا لها،فقال(النبي صلى الله عليه وآله): [ادْعوا لي عَلِيًّا]،فأتِيَ به أَرْمَد،فَبَصَقَ في عينِه ودَفَعَ الرايةَ إليه ففُتِحَ عليه،ولَـمَّا نَزَلَت هذه الآيةُ:{فقُلْ تعالوا نَدْعُ أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نَبْتَهِل فنجعل لعنة الله على الكاذبين}دَعَا رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم عَلِيًّا وفاطمة وحسنًا وحسينًا، فقال:[اللهم هؤلاء أهلي].
-لاحِظُوا كيف أنَّ هذه الأحاديث الشريفة -عَدَا واحد أو أكثر- تتفق على اسْتِثناء النبوَّة مِن منزلة الإمام علي مِن النبي صلى الله عليهما وآلهما،بينما تُثْبِت باقي مَرَاتِب المنزلة التي كانت لِهارون مِن موسى -على نبينا وآله وعليهما السلام- مِن الولاية والوزارة والوصاية والخلافة،بل بعض الأحاديث الماضية عَبَّرَت بِلَفْظِ:(إلا أنه لا نبوةَ بعدي) فالمَجِيءُ بالوَصْف واستثناؤه أوضَح في أنَّ المنزلة مُرَكَّبَة مِن مَرَاتِب،وكلُّها للإمام عليٍّ ما عدا النبوة.
*التِّرمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه (ح3808) مثلَ هذا الحديث بالضَّبط،مع استثناء النبوة بالوَصْف.
وروَى الترمذي أيضًا تحت نفس العنوان (ج5 ح3813):
عن سعد بن أبي وقاص أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِعَلِي:[أنتَ مني بمنزلة هارون مِن موسى].
وروى في الحديث الذي بعده،رقم(3814):عن جابر بن عبدالله أنَّ النبي صلى الله عليه(وآله)وسلم قال لِعلي:[أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي].
-ونلاحظ في هذين الحديثين الأخيرين بأنهما لم يُرْوَيَا في غزوة تبوك،ولم يُصَدَّرَا بـعبارة(أما ترضى أن تكون)،مِمَّا يُشِير إلى أنَّ حديثَ المنزلة قد صَدَرَ مِن النبي صلى الله عليه وآله أكثر مِن مرَّة وفي مناسبات عديدة،حتى يُؤَكِّد للأمَّةِ الإسلامية أنَّ الخليفةَ الشَّرْعِيَّ بعده هو أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب وليس غيره.
*المستدرك(ج3ص116)عن أبي نجيح وربيعة الجرشي إنه ذُكِرَ علِيٌّ عند رَجُلٍ وعنده سعدُ بن أبي وقاص،فقال له سعدٌ:أَتَذْكُرُ عليًّا؟! إنَّ له مناقب أربعة،لأنْ يكون لي واحدة منهن أحَبُّ إلي مِن كذا وكذا،وذَكَرَ حمر النعم:قولُه صلى الله عليه(وآله)وسلم:[لأعطينَّ الرَّايَة]،وقولُه صلى الله عليه(وآله)وسلم:[أنتَ مني بمنزلة هارون من موسى]،وقولُه صلى الله عليه(وآله)وسلم:[مَنْ كنتُ مَوْلاه فَعَلِيٌّ مَوْلاه].ونسِيَ الراوي الرابعةَ.
-أشارَت هذه الروايةُ إلى ثلاثة أحاديث شريفة:1-حديث الرَّاية في غزوة خيبر 2-حديث المنزلة 3-حديث الولاية والمُسَمَّى بحديث الغَدِير(غَدِير خُمّ).
وتدل على حديث الغدير رواياتٌ كثيرة بَلَغَت حَدَّ التواتر.
*صحيح الترمذي(ج5)مناقب علي بن أبي طالب:
(ح3800):عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:إنْ كنَّا لَنَعْرف المنافقين -نحن معاشر الأنصار- بِبُغْضِهم علي بن أبي طالب.
(ح3801):عن المساور الحميري عن أمه قالت:دخلتُ على أمِّ سلمة،فسمعتُها تقول:كان رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[لا يُحِبُّ عليًّا منافقٌ ولا يَبْغضه مؤمنٌ].
(ح3802):عن ابن بريدة عن أبيه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[إنَّ الله أمرني بِحُبِّ أربعة، وأخبرني أنه يحبهم]،قيل:يارسول الله سَمِّهم لنا.قال:
[عليٌّ منهم -يقول ذلك ثلاث- وأبو ذر والمقداد وسلمان،وأمرني بحبهم وأخبرني أنه يحبهم].
وروى(ح3960):عن ابن بريدة عن أبيه قال:كان أحبّ النساء إلى رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم فاطمة ومِن الرِّجال عليٌّ.
وروى(ح3858):عن أسامة بن زيد:...[فإذا حسنٌ وحسين على وركَيْه،فقال(النبيُّ صلى الله عليه وآله):[هذان ابْناي وابنا ابنتي،اللهم إني أحبهما فأحبهما وأحِبَّ مَن يحبهما].
وروى(ح3861):يوسف بن إبراهيم أنه سَمِعَ أنس بن مالك يقول:سُئِل رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:أيّ أهلِ بيتِك أحبّ إليك؟قال:[الحسن والحسين].وكان يقول لفاطمة:[ادْعي لي ابنيّ]فيشمهما ويضمهما إليه.
|