عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2009, 01:54 PM   #6
دموع الشرقية
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية دموع الشرقية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18
دموع الشرقية is on a distinguished road

المستوى : 38 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 947

النشاط 762 / 43474
المؤشر 90%

افتراضي رد: علامات العقل وجنوده

[135]


إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ( 1 ) وقال : ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون ( 2 ) ثم ذم الكثرة فقال : وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ( 3 ) وقال : أكثر الناس لا يعقلون وأكثرهم لا يشعرون . بيان : ألفينا أي وجدنا . قوله تعالى : أولو كان ، الواو للحال أو العطف ، والهمزة للرد والتعجب ، وجواب لو محذوف أي لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون لاتبعوهم . إن شر الدواب ، أي شر ما يدب على الارض أو شر البهائم الصم عن سماع الحق وقبوله ، البكم عن التكلم به ، وقوله : بل أكثرهم لا يعقلون ليس في قرآننا ، وهذه الآية في سورة لقمان ، وفيها : بل أكثرهم لا يعلمون . ولعله كان في قرآنهم كذلك ( 4 ) ، وكذا ليس في هذا القرآن وأكثرهم لا يشعرون . فإما أن يكون هذا كلامه عليه السلام أو أنه أورد مضمون بعض الآيات . والضمير راجع إلى كفار قريش وهم كانوا قائلين بأن خالق السماوات والارض هو الله تعالى ، لكنهم كانوا يشركون الاصنام معه تعالى في العبادة . يا هشام ثم مدح القلة فقال : وقليل من عبادي الشكور ( 5 ) وقال : وقليل ما هم ( 6 ) وما آمن معه إلا قليل ( 7 ) يا هشام ثم ذكر اولي الالباب بأحسن الذكر ، وحلاهم بأحسن الحلية ، فقال : يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا اولوا الالباب ( 8 ) . يا هشام إن الله يقول : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ( 9 ) يعني العقل ،


_____________________________________________
( 1 ) الانفال : 22 ( 2 ) اللقمان : 25 ( 3 ) الانعام : 116 ( 4 ) هذا الاحتمال منه رحمه الله مبني على القول بوقوع التحريف في القرآن وقد بينا فساده في محله . بل الحق أن ذلك من خطأ النساخ أو الراوي في ضبطه ، وكيف يمكن أن يستدل عليه السلام بآية لا سبيل للمخاطب على الحصول عليها ولو فرض وقوع التحريف . ط ( 5 ) سبأ : 13 ( 6 ) ص : 24 ( 7 ) هود : 40 ( 8 ) البقرة : 269 ( 9 ) ق : 36 ( * )




[136]


وقال : ولقد آتينا لقمان الحكمة ( 1 ) قال : الفهم والعقل . يا هشام إن لقمان قال لابنه : تواضع للحق تكن أعقل الناس ، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، وجسرها الايمان ، و شراعها التوكل ، وقيمها العقل ، ودليلها العلم ، وسكانها الصبر . بيان : للحق أي لله بالايمان به وطاعته ، أو لكل حق إذا ظهر لك بقبوله . عالم بفتح اللام أو كسرها . وفي الكافي : وحشوها الايمان أي ما يحشى فيها وتملا منها . والشراع ككتاب : الملاءة الواسعة فوق خشبة يصفقها الريح فتمضي بالسفينة . والقيم مدبر أمر السفينة . والدليل : المعلم . وقال في المغرب : السكان ذنب السفينة لانها به تقوم وتسكن . يا هشام لكل شئ دليل ، ودليل العاقل التفكر ، ودليل التفكر الصمت . ولكل شئ مطية ، ومطية العاقل التواضع . وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه . بيان : في الكافي في العقل في الموضعين مكان العاقل . ودليل العقل أو العاقل التفكر فإنه يصل إلى مطلوبه بالفكر . وعلى نسخة الكافي يحتمل أن يكون المراد أن التفكر يدل على أن المرء عاقل ، وكذا ما بعده يحتملهما . ومطية العاقل التواضع أي مع التواضع يقوي على ما يدل عليه عقله ، ويؤيد من الله بإعماله ، ومع التكبر . وعدم طاعة الله يضعف عقله ، ولا يقدر على إعماله في الامور كالراجل العاجز عن الوصول إلى المطلوب ، وعلى نسخة العقل أظهر كما لا يخفى . يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس : لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس : أنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة . بيان : حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثناءهم . يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة


_____________________________________________
( 1 ) لقمان : 11 ( * )




[137]


أحسنهم معرفة لله ، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا ، وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة . بيان : ضمير الجمع في قوله عليه السلام : ليعقلوا راجع إلى العباد أي ما بعثهم إلا ليعقل العباد عن الله ما لا يعقلون إلا بتفهيم الانبياء والرسل عليهم السلام . يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله ، ولا يتعاظم إلا وضعه الله . يا هشام إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة ، وحجة باطنة ، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة عليهم السلام ، وأما الباطنة فالعقول . يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ، ولا يغلب الحرام صبره . يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله : من أظلم نور فكره بطول أمله ، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه ، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه . بيان : نور مرفوع ( 1 ) إذ لم تر أظلم متعديا ، وإضافته إلى الفكر إما بيانية أو لامية ، والسبب في ذلك أن بطول الامل يقبل إلى الدنيا ولذاتها ، فيشغل عن التفكر . والطريف : الامر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة ، ومحو الطرائف بالفضول إما لانه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول ، أو لانه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته ، أو لانه إذا اشتغل به محا الله عن قلبه الحكمة . يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك . بيان : الزكاة تكون بمعنى النمو ، وبمعنى الطهارة ، وهنا يحتملهما ، والامر مقابل النهي ، أو بمعنى مطلق الشأن أي الامور المتعلقة به تعالى . يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل ، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى


_____________________________________________
( 1 ) بل منصوب كما يقال : أظلم الله الليل أي جعله مظلما ، ونفيه تعدى أظلم في غير محله . ( * )




[138]


اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ( 1 ) ورغب فيما عند ربه ، وكان انسه في الوحشة ، و صاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزه في غير عشيرة . بيان : عقل عن الله ، أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه ، أو أعطاه الله العقل ، أو علم الامور بعلم ينتهى إلى الله بأن أخذه عن أنبياءه وحججه ، إما بلا واسطة ، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر . وغناه أي مغنيه ، أو كما أن أهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه بالله وقربه ومناجاته . والعيلة : الفقر . وفي الكافي : من غير عشيرة . وهي القبيلة والرهط ( 2 ) الادنون . يا هشام نصب الخلق لطاعة الله ، ولا نجاة إلا بالطاعة ، والطاعة بالعلم ، والعلم بالتعلم ، والتعلم بالعقل يعتقد ، ولا علم إلا من عالم رباني ، ومعرفة العالم بالعقل . بيان : في الكافي : نصب الحق . ونصب إما مصدر ، أو فعل مجهول أي إنما نصب الله الخلق أو الحق والدين ، بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه . والتعلم بالعقل يعتقد أي يشتد ويستحكم ، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق والاذعان . و معرفة العالم وفي الكافي : ومعرفة العلم . أي علم العالم ، وما هنا أظهر ، والغرض أن احتياج العلم إلى العقل من جهتين : لفهم ما يلقيه العالم ، ولمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه . يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود . بيان : في الكافي من العالم .
.................................................. ..........................
-بحار الانوار مجلد: 1 من ص 138 سطر 19 الى ص 147 سطر 17 يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ، فلذلك ربحت تجارتهم .


_____________________________________________
( 1 ) العزلة عن أهل الدنيا والراغبين فيها والمنهمكين في لذاتها ومن يصد المرء عن بلوغ رشده ونهاء سعادته ممدوحة ، وأما العزلة عن أهل الدين وجماعة المسلمين وعمن يحصل بمصاحبته بصيرة في أمر الدين ورغبة فيما عند الله من النعيم ، فمذمومة شرعا وعقلا . ( 2 ) الرهط بفتح الراء : قوم الرجل وقبيلته . عدد يجمع من الثلاثة إلى العشرة ، وليس فهيم امرأة ( * )




[139]


بيان : بالدون من الدنيا أي القليل واليسير منها مع الحكمة الكثيرة ، ولم يرض بالقليل من الحكمة مع الدنيا الكثيرة . يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك . يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب ؟ وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض . يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ، ورغبوا في الآخرة ، لانهم علموا أن الدنيا طالبة ومطلوبة ، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته . بيان : في الكافي : إن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة ، والدنيا طالبة للمرء لان يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدر ، ومطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة ، والآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدر ، ومطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخروية بالاعمال الصالحة . يا هشام من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب من الحسد ، والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته ، بأن يكمل عقله ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع بما يكفيه استغنى ، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا . يا هشام إن الله عزوجل حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ( 1 ) . حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها . إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ولم يجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لان الله لا يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه . بيان : الزيغ : الميل والعدول عن الحق ، ورداها : أي هلاكها وضلالها .


_____________________________________________
( 1 ) آل عمران : 8 ( * )




[140]


قوله عليه السلام : من كان قوله لفعله مصدقا على صيغة إسم الفاعل أي ينبغي أن يأتي أولا بما يأمره ، ثم يأمر غيره ليكون قوله مصدقا لما يفعله ويمكن أن يقرأ على صيغة المفعول . قوله عليه السلام : لان الله الخ أي العقل أمر مخفي في الانسان لا يعرف وجوده في شخص إلا بما يظهر على الجوارح من آثاره والافعال الحسنة الناشئة عنه ، ويمكن أن يكون المراد بالعقل المعرفة . يا هشام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ما من شئ عبدالله به أفضل من العقل وما تم عقل امرؤ حتى يكون فيه خصال شتى : الكفر والشر منه مأمونان ، والرشد والخير منه مأمولان ، وفضل ماله مبذول ، وفضل قوله مكفوف ، ونصيبه من الدنيا القوت ، ولا يشبع من العلم دهره ، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره ( 1 ) والتواضع أحب إليه من الشرف ، يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه ويرى الناس كلهم خيرا منه ، وأنه شرهم في نفسه ، وهو تمام الامر . بيان : دهره أي في تمام دهره وعمره . الذل أحب إليه المراد الذل والعز الدنيويان أو ذل النفس وعزها وترفعها . وهو تمام الامر أي كل أمر من امور الدين يتم به ، أو كأنه جميع امور الدين مبالغة ( 2 ) والمراد بالكفر جميع أنواعه على ما سيأتي تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى . يا هشام من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره . بيان : نيته أي عزمه على المبرات والخيرات ، أو المراد الاخلاص في أعماله الحسنة . يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم .


_____________________________________________
( 1 ) لعل المراد أن العاقل إذا يرى أن المماشاة مع الناس وذهابه مذهبهم توجب رفعة قدره و عظم شأنه بينهم وبعده عن الحق وأن الاخذ بالديانة وسلوكه سبيل الحق يوجب المذلة بينهم يختار المذلة عند الناس مع كونه عند الله عزيزا على عزته بينهم وبعده عنه تعالى ، أو أن ذل نفسه بأخذه زمامها وبردعها عن مشتهياتها أحب إليه من عز نفسه بارساله عنانها وبانجاح حوائجها وآمالها . ( 2 ) والظاهر أن المراد به تمام ذلة النفس وفقرها وهو آخر درجات الايمان وتمام عقل المرء وبه يتم أمره كما جاء منصوصا عليه في بعض الاحاديث . ( * )
دموع الشرقية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس