عرض مشاركة واحدة
قديم 12-01-2009, 01:54 PM   #7
دموع الشرقية
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية دموع الشرقية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18
دموع الشرقية is on a distinguished road

المستوى : 38 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 947

النشاط 762 / 43127
المؤشر 90%

افتراضي رد: علامات العقل وجنوده

يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا . بيان : المنحة : العطاء . يا هشام لا دين لمن لا مروة له ، ولا مروة لمن لا عقل له : وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا ، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها بغيرها . بيان : المروة ، الانسانية وكمال الرجولية ، وهي الصفة الجامعة لمكارم الاخلاق ومحاسن الآداب . والخطر : الحظ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسبق الذي يتراهن عليه ، والكل محتمل . يا هشام إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ، لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال ، يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق . وقال الحسن بن علي عليه السلام إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها ، قيل : يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال : الذين قص الله في كتابه وذكرهم ، فقال : إنما يتذكر اولوا الالباب . قال : هم اولوا العقول . وقال علي بن الحسين عليه السلام ، مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ، وأدب العلماء زيادة في العقل ، وطاعة ولاة العقل تمام العز ، واستتمام المال تمام المروة ، وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة ، وكف الاذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا . بيان : أدب العلماء زيادة في العقل أي مجالستهم وتعلم آدابهم ، والنظر إلى أفعالهم وأخلاقهم موجبة لزيادة العقل . واستتمام المال وفي الكافي : استثمار المال ، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الانسانية وموجب له أيضا . قوله : قضاء لحق النعمة ، أي شكر لحق أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم ، ولعل الاخير أظهر . يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعه ، ولا يعد ما لا يقدر عليه ، ولا يرجو ما يعنف برجاءه ، ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه . وكان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي أصحابه يقول : اوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية ، والعدل في الرضاء والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى ، وأن تصلوا من



[142]


قطعكم ، وتعفوا عمن ظلمكم وتعطفوا على من حرمكم ، وليكن نظركم عبرا ، وصمتكم فكرا ، وقولكم ذكرا ، وإياكم والبخل ، وعليكم بالسخاء ، فإنه لا يدخل الجنة بخيل ، ولا يدخل النار سخي . بيان : التعنيف : اللوم والتعيير بعنف ، وترك الرفق والغلظة ، وكلاهما محتمل . والسر والعلانية بالنظر إلى الخلق . والرضاء والغضب أي سواء كان راضيا عمن يعدل فيه أو ساخطا عليه ، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سببا للخروج عن الحق ، والاكتساب يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة . يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء : فحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره ، والنار محفوفة بالشهوات . بيان : وما حوى أي ما حواه الرأس ، من العين والاذن واللسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه . والبطن وما وعى ، أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام ، والبلى بالكسر ، الاندراس والاضمحلال في القبر قال في النهاية ، فيه الاستحياء من الله حق الحياء أن لا تنسوا المقابر والبلى . والجوف وما وعى أي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حلهما انتهى . وقال بعضهم : الجوف : البطن و الفرج وهما الاجوفان ، وبعضهم روى الخبر هكذا ، فليحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى فقال : أي ما وعاه الرأس من العين والاذن واللسان أي يحفظه عن أن يستعمل فيما لا يرضى الله ، وعن أن يسجد لغير الله . ويحفظ البطن وما حوى أي جمعه ، فيتصل به من الفرج والرجلين واليدين والقلب عن استعمالها في المعاصي انتهى . أقول : فيحتمل على ما في هذا الخبر أن يكون المراد حفظ البطن عن الحرام ، وحفظ ما وعاه البطن من القلب عن الاعتقادات الفاسدة والاخلاق الذميمة ، ويحتمل أن يكون المراد بما وعاه ما جمعه واحيط به من الفرجين ، وسائر الاعضاء : كاليدين والرجلين ، أو يكون المراد بالبطن ما عدا الرأس مجازا بقرينة المقابلة . قوله عليه السلام : والجنة محفوفة بالمكاره . أي لا تحصل إلا بمقاساة المكاره في الدنيا .




[143]


يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقال الله عثرته يوم القيامة ، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة . بيان : العثرة : الزلة ، والمراد المعاصي ، والاقالة في الاصل فسخ البيع بطلب المشتري : والاستقالة طلب ذلك ، والمراد هنا تجاوز الله وترك العقاب الذي اكتسبه العبد بسوء فعله فكأنه اشترى العقوبة وندم فاستقال . يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه . يا هشام وجد في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله أن أعتى الناس على الله من ضرب غير ضاربه ، وقتل غير قاتله ، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله . ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا . بيان : لعل المراد بذؤابة السيف - بالهمز - ما يعلق عليه لحفظ الضروريات كالملح وغيره ، قال الجوهري والفيروزآبادي : الذؤابة : الجلدة المعلقة على آخرة الرحل . وأعتى من العتو وهو البغي والتجاوز عن الحق والتكبر . غير قاتله ، أي مريد قتله ، أو قاتل مورثه . ومن تولى غير مواليه . أي المعتق الذي انتسب إلى غير معتقه ، أو ذو النسب الذي تبرأ عن نسبه ، أو الموالي في الدين من الائمة المؤمنين ، بأن يجعل غيرهم وليا له ويتخذه إماما ، وعلى الاخير تدل الاخبار المعتبرة . والحدث : البدعة أو القتل كما ورد في الخبر ، أو كل أمر منكر . قال في النهاية : وفي حديث المدينة : من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ، الحدث : الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة . والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه ، والفتح هو الامر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الايواء فيه الرضاء به والصبر عليه فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه . وقال الفيروزآبادي : الصرف في الحديث التوبة والعدل الفدية . أو النافلة والعدل الفريضة . أو بالعكس ، أو هو الوزن والعدل الكيل . أو هو الاكتساب والعدل الفدية أو الحيلة .




[144]


أقول : فسر في بعض أخبارنا الصرف بالتوبة ، والعدل بالفداء كما سيأتي . يا هشام أفضل ما تقرب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة ، وبر الوالدين ، وترك الحسد والعجب والفخر . بيان : يمكن إدخال جميع العقائد الضرورية في المعرفة ، لاسيما مع عدم الظرف كما ورد في الاخبار الكثيرة بدونه . يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو ؟ وأعد له الجواب فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك ، واعقل عن الله ، وانظر في تصرف الدهر وأحواله فان ما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها ، وقال علي بن الحسين عليه السلام : إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفئ الظلال ثم قال : أو لا حر يدع هذه اللماظة لاهلها ؟ يعني الدنيا ، فليس لانفسكم ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها بغيرها ، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس . بيان : طول الدهر في نفسها لا ينافي قصرها بالنسبة إلى كل شخص ، أي خذ موعظتك من الدهور الماضية ، والازمان الخالية ، ويحتمل أن يكون عمر كل شخص باعتبارين . وقال الفيروزآبادي : الظل بالكسر : نقيض الضح أو هو الفئ ، أو هو بالغداة ، والفئ بالعشي ، الجمع ظلال وظلول ( 1 ) وأظلال والظل من كل شئ شخصه أو كنه ( 2 ) ومن السحاب ما وارى الشمس منه ، والظلة ما أظلك من شجر ، والظلة بالضم ما يستظل به ، والجمع ظلل وظلال . وقال : الفئ : ما كان شمسا فينسخه الظل . وقال الطيبي : الظل ما تنسخه الشمس ، والفئ ما ينسخ الشمس . أقول : فيحتمل أن يكون المراد فئ الاشياء ذوات الاظلال ، كالشجر والجدار ونحوهما ، أو المراد التشبيه بالفئ الذي هو نوع من الظلال ، فان الفئ لحدوثه أشبه بالدنيا من سائر الظلال ، أو لما فيه


________________________________________________
( 1 ) ظلال بكسر الظاء . ظلول بضم الظاء . ( 2 ) بكسر الكاف وتشديد النون : ستر الشئ ووقاؤه . ( * )




[145]


من الاشعار بالتفيؤ والتحول والانتقال أي الظلال المتفيأة المتحولة . وقال الجوهري : اللماظة بالضم : ما يبقى في الفم من الطعام ، ومنه قول الشاعر يصف الدنيا : لماظة أيام كأحلام نائم . أقول : لا يخفى حسن هذا التشبيه إذ كل ما يتيسر لك من الدنيا فهو لماظة من قد أكلها قبلك ، وانتفع بها غيرك أكثر من انتفاعك ، وترك فاسدها لك . يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها ومنازلها ، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها . بيان : لما كان من معظم الانتفاع بالنجوم معرفة الاوقات ، وجهة الطريق في الاسفار وأمثالها ولا تتم معرفة تلك الامور إلا بكثرة تعاهد النجوم لتعرف مجاريها و منازلها ومطالعها ومغاربها ومقدار سيرها كذلك الحكمة لا ينتفع بها إلا بكثرة تعاهدها واستعمالها لتعرف فوائدها وآثارها . ودرس كنصر وضرب : قرأ . يا هشام إن المسيح عليه السلام قال للحواريين : يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة وتذكرون شوكها ( 1 ) ومؤونة مراقيها ، وتنسون طيب ثمرها ومرافقتها كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده ، وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها ، يا عبيد السوء نقوا القمح وطيبوه . وادقوا طحنه تجدوا طعمه ، ويهنئكم أكله ، كذلك فأخلصوا الايمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبه . بحق أقول لكم : لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم : لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون ، فلا تنظروا بالتوبة غدا ، فان دون غد يوما وليلة ، وقضاء الله فيهما يغدو ويروح بحق أقول لكم : إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء ، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح وأقل هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب ، وإن صغار الذنوب ومحقراتها من مكائد إبليس يحقرها لكم ، ويصغرها


________________________________________________
( 1 ) بفتح الشين وسكون الواو : ما يخرج من النبات شبيها بالابر . ( * )




[146]


في أعينكم ، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم . بحق أقول لكم : إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله ، وصدقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله ، وضيعها بسوء فعله ، فشتان بينهما ، فطوبى ( 1 ) للعلماء بالفعل ، وويل ( 2 ) للعلماء بالقول . يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لاجسادكم وجباهكم ، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى ، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لاشدكم حبا للدنيا ، وإن أصبركم على البلاء لازهدكم في الدنيا . يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة ، ولا بالذئاب الغادرة ، ولا بالاسد العاتية ، كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس : فريقا تخطفون ، وفريقا تخدعون ، وفريقا تقدرون بهم . بحق أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا ، وباطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم ، وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة ، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ، ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل ( 3 ) في صدوركم . يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه . يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الارض الميتة بوابل المطر . بيان : عبيد السوء بالفتح وقد يضم السين ، ومنهم من منع الضم وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم : حاتم الجود . ومؤونة مراقيها أي شدة الارتقاء عليها . ومرافقتها من الرفق بمعنى اللطف والنفع ، ولعله كان مرافقها على صيغة الجمع والضمير راجع إلى الثمر أو النخله . قوله : ما تفضون إليه من قولهم : أفضى إليه أي وصل . ونورها بضم النون وفتحها . والقمح بالفتح : لبر . ويهنؤكم مهموزا بفتح


________________________________________________
( 1 ) الطوبى : الغبطة والسعادة ، الخير والخيرة ، هي فعلى من الطيب قلبوا الياء واوا للضمة قبلها ، يقال : طوبى لك وطوباك بالاضافة . ( 2 ) الويل : حلول الشر ، الهلاك . ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها . ( 3 ) الغل بكسر الغين : الحقد والغش
دموع الشرقية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس