الطريق إلى تهذيب النفس
الطريق إلى تهذيب النفس
تأليف الحاج حسين بهبهاني
((الغفلة لها مراتب . الذكر والتوجه له مراتب . عند علماء الأخلاق الغفلة تنقسم إلى قسمين .الغفلة عن الله عز وجل . الغفلة عن النفس .)) · (( قالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي ))[1]
· ِ(( إذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا * وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا * وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا * يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا * بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا * يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ))[2]
الإنسان في سلوكياته وأفعاله إما غافلا عن الله عز وجل أو أن يكون ذاكراً ومتوجهاً إلى الله عز وجل وكل واحد فيهم يكون بعرض الآخر وليس بطول الأخر ، الغفلة يكون في قبال التوجه .
ولذلك تحقق أن :
· الغفلة لها مراتب .
· والذكر والتوجه له مراتب .
وعند علماء الأخلاق الغفلة تنقسم إلى قسمين .
· الغفلة عن الله عز وجل .
· الغفلة عن النفس .
والمقصود باللغة عن النفس ان الإنسان يفعل بأهواء ومشتهيات ومطالبات ومضلات نفسه ويتركها حرة من غير ان يراقبها ويوجهها ويحاسبها .
فأي شيء تريد هذه النفس وأي شيء تطلب وأي شيء تفعل وتفكر تترك من غير التوجه إلى هذه المتطلبات .
بعبارة أخرى : ان الإنسان لا يعالج نفسه في مساوئها ومتطلباتها الغير شرعية أو الغير مرغوبة لتهذيب النفس كالإفراط في الأكل من غير مراقبتها إلى التربية الروحية في التدقيق في انتقاء ما هو تطمئن إليه مما تأكل من غير ان يوجهها ، ويطلق النفس من غير أي رقابة .
فالبدن هو الراكب على النفس والنفس هي التي تقود البدن إلى ما تشتهي ، يجب مراقبة النفس حتى لا تذهب بالبدن إلى طريق خطر يؤدي إلى الهلاك .
فالنفس طالبة لكمالها والكمال عند النفس هي بالأكل على سبيل المثال من غير ان تميز ما هو نوع الأكل حرام أو حلال فكمالها يكمن في رفع الجوع ولذلك يجب توجيه النفس إلى الكمال الحقيقي وهي الفعل المقرب إلى الله عز وجل وجعل النفس حرم الله عز وجل وعدم إدخال غير الله عز وجل في حرم الله إذا استطعنا ان نوجه النفس بأن تكون حرم الله عز وجل .
قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : كتب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى بعض أصحابه يعظه : أوصيك ونفسي بتقوى من لا تحل معصيته ولا يرجى غيره ، ولا الغنى إلا به ، فإن من اتقى الله جل وعز وقوي وشبع وروي ، ورفع عقله عن أهل الدنيا ، فبدنه مع أهل الدنيا وقلبه وعقله معاين الآخرة ، فأطفأ بضوء قلبه ما أبصرت عيناه من حب الدنيا فقذر حرامها وجانب شبهاتها وأضر والله بالحلال الصافي إلا مالا بدله من كسرة [ منه ] يشد بها صلبه وثوب يواري به عورته ، من أغلظ ما يجد وأخشنه ، ولم يكن له فيما لا بد له منه ثقة ولا رجاء ، فوقعت ثقته ورجاؤه على خالق الأشياء ، فجد واجتهد وأتعب بدنه حتى بدت الأضلاع وغارت العينان فأبدل الله له من ذلك قوة في بدنه وشدة في عقله وما ذخر له في الآخرة أكثر ، فارفض الدنيا فإن حب الدنيا يعمي ويصم ويبكم ويذل الرقاب ، فتدارك ما بقي من عمرك ولا تقل غدا [ أ ] وبعد غد ، فإنما هلك من كان قبلك بإقامتهم على الأماني والتسويف حتى أتاهم أمر الله بغتة وهم غافلون ، فنقلوا على أعوادهم إلى قبورهم المظلمة الضيقة وقد أسلمهم الأولاد والأهلون ، فانقطع إلى الله بقلب منيب ، من رفص الدنيا وعزم ليس فيه انكسار ولا انخزال أعاننا الله وإياك على طاعته ووفقنا الله وإياك لمرضاته .
عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : مثل الدنيا كمثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله .[3]
ويقول الشيخ القمي :
في تفسيره في قوله : ( يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون ) قال : يرون حاضر الدنيا ويتغافلون عن الآخرة .[4]
والغفلة عن النفس تؤدي إلى إعطاء النفس الحرية وتذهب بالبدن إلى الطريق الخطر من غير رقيب فتؤدي بها إلى طريق شيطانية تؤدي بها إلى الهلاك وتسوغ البدن إلى كوارث المعاصي نتيجة لذلك .
فيؤدي به إلى طريق الوحشية والفوضى في الحياة وان النفس تركت ونسيت وتتآمر على البدن بما تريد وبما تشاء من غير رادع .
هذه الغفلة لها طريق وهي مشروطة كل مرتبة بدرجة من درجات الإيمان كلما قوي الإيمان وكلما قرب العبد إلى ربه وخاف وخشي من ربه صار هناك مانع ورادع عن تصرف النفس بالبدن .
وكلما قل الخوف وقل الارتباط بالله تأخذ النفس إلى فعل ما تشاء وتؤدي بالنفس إلى القرب الشيطاني والبعد عن البرنامج الإلهي .
فبارتفاع درجة الإيمان تضعف درجة الغفلة وإذا ضعفت درجة الإيمان تقوى درجة الغفلة .
وهنا نكته : إذا تفاعل روحا فنرى النتيجة واضحة على مسيرة البدن إلى الطريق الذي يبعده عن الشيطان .
الالتفات إلى النفس مهم جدا في إمكان توجيهها بطريق يقرب النفس إلى مرتبة الوصول إلى الله عز وجل .
كلما كان الإنسان يأتي بالواجبات وكذا يترك المحرمات أكثر تزيد من توجه الإنسان إلى النفس والعكس يبعد مراقبة وتوجه النفس .
[1]طه 24 – 27 .
[2]الزلزلة .
[3]الكافي - الشيخ الكليني - ج 2 - ص 136
[4]تفسير الميزان - السيد الطباطبائي - ج 16 - ص
164
اتمنى ان يعجبكم الموضوع
ولا تحرمونا من ردود كم الذووووق
نـــــــسألكم الـــــــــدعاء خالد الاسدي
__________________
السلام عليك يا أبا عبدالله الحُسينْ
لعن الله امة قتلتك يا سيدي و لعن الله امة سمعت بذلك فرضيت
التعديل الأخير تم بواسطة خالد الاسدي ; 11-13-2010 الساعة 11:36 PM
|