عرض مشاركة واحدة
قديم 12-15-2010, 10:32 PM   #3
الطريبيلي
 
الصورة الرمزية الطريبيلي
 
تاريخ التسجيل: Nov 2010
المشاركات: 1,072
معدل تقييم المستوى: 16
الطريبيلي is on a distinguished road

اوسمتي

المستوى : 28 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 695

النشاط 357 / 29406
المؤشر 82%

افتراضي رد: معاوية يؤسس الدولة الأموية

سابعاً: سب الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
وتمادى معاوية في التطاول على الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فأعلن سبه في نواديه العامة والخاصة وأوعز إلى جميع عماله وولاته أن يذيعوا سبّه بين الناس، وسرى سب الإمام في جميع أنحاء العالم الإسلامي، وقد خطب معاوية في أهل الشام فقال لهم: " أيها الناس، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لي: إنك ستلي الخلافة من بعدي فاختر الأرض المقدسة، يعني الشام، فإن فيها الأبدال، وقد اخترتكم فالعنوا أبا تراب" 33، فعجّ أهل الشام بسب الإمام. وخطب معاوية فيهم، فقال لهم: " ما ظنكم برجل، يعني علياً، لا يصلح لأخيه، يعني عقيلاً، يا أهل الشام !! إن أبا لهب المذموم في القرآن هو عم علي بن أبي طالب"
ويقول المؤرخون: إنه كان إذا خطب ختم خطابه بقوله: " اللهم إن أبا تراب ألحد في دينك وصدَّ عن سبيلك فالعنه لعناً وبيلاً، وعذَّبه عذاباً أليماً".
عن الزهري قال: قال ابن عبّاس لمعاوية: ألا تكفّ عن شتم هذا الرجل؟ قال: ما كنت لأفعل حتّى يربو عليه الصغير ويهرم فيه الكبير، فلمّا ولّي عمر بن عبد العزيز كفّ عن شتمه، فقال الناس: ترك السُّنة 34.
وكان يشاد بهذه الكلمات على المنابر، ولما ولى معاوية المغيرة بن شعبة إمارة الكوفة، كان أهم ما عهد إليه أن لا يتسامح في شتم الإمام عليه السلام والترحم على عثمان، والعيب لأصحاب علي عليه السلام وإقصائهم، وأقام المغيرة والياً على الكوفة سبع سنين وهو لا يدع ذم علي عليه السلام والوقوع فيه.
واضطهدت الشيعة أيام معاوية اضطهاداً رسمياً في جميع أنحاء البلاد، وقوبلوا بمزيد من العنف والشدة، فقد انتقم منهم معاوية كأشد ما يكون الإنتقام قسوة وعذاباً.

ثامناً: القتل والإرهاب و تصفية المعارضين
فوجئ العرب والمسلمون بالسياسة الجديدة للدولة الإسلامية، وهي سياسة البطش والإرهاب والقتل على الظنة والشك، فقد كان عدم وجود سلطة مركزية أحد عدم موانع انتشار الرسالة الإسلامية، ولكن بعد أن انتشرت هذه الرسالة وتأسست دولتها المركزية وأصبح لديها جيش قوي في الشام، استعمل معاوية هذه الدولة المركزية وهذا الجيش القوي في التنكيل والقتل وزرع الرعب في قلوب الناس، فكانت هذه المرحلة مرحلة انقلاب أساسي في حياة الناس وحريتهم، فقد كانوا في زمن الخلفاء أحراراً يستطيعون المعارضة وإسقاط الخليفة بل قتله، أما الآن فلم يكن أمام الناس إلا الخضوع مذهولين للدولة الإرهابية الجديدة.
فمما أوصى به معاوية أحد قادة جيوشه:".. فأقتل من لقيته ممن ليس هو على مثل رأيك، واخرب كل ما مررت به من القرى، واخرب الأموال، فإن خرب الأموال شبيه بالقتل وهو أوجع للقلب" 35.
وقد قتل بسر بن أبي أرطأة ثلاثين ألفاً عدا من أحرقهم بالنار، وقتل سمرة بن جندب ثمانية آلاف من أهل البصرة.
وأسرف معاوية إلى حدٍّ كبير في سفك دماء الشيعة، فقد عهد إلى الجلادين من قادة جيشه بتتبع الشيعة وقتلهم حيثما كانوا، وكتب إلى ولاته في جميع الأمصار: انظروا من قامت عليه البيّنة أنه يحبّ علياً وأهل بيته، فامحوه من الديوان واسقطوا عطاءه ورزقه 36، وكتب كتاباًً آخر جاء فيه: من اتهمتموه بموالاة هؤلاء القوم فنكّلوا به واهدموا داره 37، فارتكب زياد بن أبيه أفظع المجازر، فقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون، وأنزل بالشيعة من صنوف العذاب ما لا يوصف لمرارته وقسوته.

وقد صوَّر الإمام محمّد الباقر عليه السلام تلك المأساة الدامية بأقصر عبارة وأدقها، حين قال: "فقُتلت شيعتنا بكل بلدة، وقطعت الأيدي والأرجل على الظِنّة، وكان من يُذكر بحبنا والإنقطاع إلينا سُجن، أو نهب ماله، أو هدمت داره، ثم لم يزل البلاء يشتدّ ويزداد إلى زمان عبيد الله بن زياد قاتل الحسين عليه السلام " 38.
وعمد معاوية نفسه إلى إبادة رموز الشيعة كحجر بن عدي، ورشيد الهجري وعمرو بن الحمق الخزاعي، وأوفى بن حصن، وعبد الله الحضرمي، وجويرية العبدي وصيفي بن فسيل.
كذلك أوعز معاوية إلى جميع عماله بهدم دور الشيعة، فقاموا بنقضها وتركوا شيعة آل البيت عليه السلام بلا مأوى يأوون إليه، وبادر عماله في الفحص في سجلاتهم، فمن وجدوه محباً لآل البيت عليه السلام محوا اسمه وأسقطوا عطاءه، وعمد معاوية إلى إسقاط الشيعة اجتماعياً، فعهد إلى جميع عماله بعدم قبول شهادتهم في القضاء وغيره.
وأراد زياد بن أبيه تصفية الشيعة من الكوفة وكسر شوكتهم فأجلى خمسين ألفاً منهم إلى خراسان وهي المقاطعة الشرقية في فارس، وقد دقَّ زياد بذلك أول مسمار في نعش الحكم الأموي، فقد أخذ أولئك الذين أبعدوا إلى فارس يعملون على نشر التشيع في تلك البلاد، حتى تحوَّلت إلى مركز للمعارضة ضد الحكم الأموي، وهي التي أطاحت به تحت قيادة أبي مسلم الخراساني.

تاسعاً: تعيين يزيد خليفة على المسلمين
ابتدأت قصة يزيد مع الخلافة قبل شهادة الإمام الحسن عليه السلام ، ولكن معاوية لم يستطع الإستمرار فيها بسبب بعض المعارضة، فآثر تأجيلها، وبعد شهادة الإمام الحسن عليه السلام 39 ختم معاوية حياته بأكبر إثم في الإسلام، فقد أقدم غير متحرِّج على فرض يزيد خليفة على المسلمين.

فقد بلغ المغيرة بن شعبة أن معاوية يريد عزله عن ولاية الكوفة وتعيين سعيد بن العاص مكانه، فتقرّب إليه باقتراح خلافة يزيد، وتعهَّد له بأن يذلل له الصعاب في الكوفة، فأرجعه إلى عمله. وكانت هذه الحادثة فتح عهد يزيد بالخلافة، فقد أوفد إليه المغيرة وفداً من الكوفة لمبايعة يزيد، فابتدأت بذلك هذه المحنة 40.
وقوي عزم معاوية على الإستمرار، فطلب من زياد بن أبيه المشورة ولكنه نصحه بالتريث. فانتظر حتى مات زياد 41 فكتب ببيعته إلى الآفاق 42. ثم حاول أن يفرض هذه البيعة على الإمام الحسين عليه السلام بالقوة والعنف تارة 43، وبالحيلة والخداع تارة أخرى 44. وقد كان الإمام عليه السلام يتصدى لكل هذه المحاولات لمعاوية ويكشف زيفها وحقيقة يزيد وعدم أهليته 45.
لقد نقض معاوية أهم وأخطر بند في صلحه مع الإمام الحسن عليه السلام ، وأشعل بذلك فتيل أخطر حرب في تاريخ الإسلام لم تنطفئ إلى يومنا هذا، فقد حوّل الإمامة التي هي وراثة النبوة إلى ملك شخصي عائلي يتوارثه الأبناء والأحفاد، وهذا ما سمَّاه المؤرخون تحويل الخلافة إلى قيصرية وكسروية، وفوق ذلك كله فقد كان مختاره للخلافة أقل بكثير من المستوى العادي، وهو ولده يزيد.
__________________
الطريبيلي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس