عمرو بن الحجاج
وخرج عمرو بن الحجاج الزبيدي هارباً إلى البادية لأنه كان ممن شهد قتل الحسين (عليه السلام) ، وقدر رآه أصحاب المختار في الطريق انه قد مات من العطش، فجاءوا برأسه إلى المختار.
عمر بن حريث
ان المختار (رحمه الله) جمع أصحابه في منزل إبراهيم بن مالك الأشتر، فدبّروا في قتل عمرو بن حريق خليفة عبيد الله بن زياد وكان عمرو في أربعة آلاف وكان مع المختار مائتا فارس ومع إبراهيم ثلاثمائة فارس.
فقال المختار لإبراهيم: اركب أنت يا إبراهيم إن انتصف النهار وادخل على ابن حريث وقل له: إن أهل البصرة قد هزموا عبيد الله بن زياد وإني خارج إلى نصرته، فماذا تأمر؟!
ثم إنك إن تمكنت منه فاقتله، ثم اضرب بطبله فكل من خرج من أعوانه وأصحابه، فضع السيف فيهم..
فلما انتصف النهار، ركب إبراهيم بن الاشتر في قومه حتى أتى قصر عمرو بن حريث، ثم دخل وعليه سلاحه فاستقبله الحاجب، فقال: ما شأنك في هذا الوقت؟ وفي هذا الزي؟
قال إبراهيم: إن أهل البصرة هزموا الأمير عبيد الله وأنا خارج لنصرته.
فأخبره الحاجب وكان نائماً في بيت الخيش.
فخرج عمرو بن حريث مغموماً متغيّر اللون، وعليه غلالة كتان منسوج بالذهب، وفي رجليه نعلان، فلما صار في صحن الدار اعتنقه إبراهيم وأخبره الخبر وجلسا يتحدثان، فنظر إبراهيم إلى رمح في وسط الدار مغشى بالديباج فسأله عنه؟
فقال عمرو بن حريث: هذا الرمح الذي حمل رأس الحسين من الطف إلى الشام، يفتخر به ابن زياد ومن يوالي آل سفيان.
فاستأذن إبراهيم، عمرو بن حريث أن يراه.
فقال عمرو بن حريث: يا غلام ائت به إلى إبراهيم.
فأخذه إبراهيم وهزه، ثم طعن به عمرو بن حريث، فأخرج السنان من وراء ظهره، واستلّ سيفه وقتله.
وقتل الحاجب والغلمان، وارتفعت الصيحة في الدار، فلم يخرج إلى إبراهيم أحد إلا قتله.
ثم ضرب الطبل، فركب عسكر ابن حريث إلى القصر، فمن لقيه إبراهيم قتله، وأتى برؤوسهم إلى المختار، فسجد لله شكراً.
عمر بن سعد
جاء برير بن خضير الهمداني الزاهد العابد إلى الإمام الحسين(عليه السلام) وقال: يا بن رسول الله أتأذن لي أن أدخل إلى خيمة هذا الفاسق عمر بن سعد فأعظه، فلعله يرجع عن غيه.. وكان بينهما معرفة قبل ذلك.
فقال الحسين (عليه السلام): افعل ما أحببت.
فأقبل برير حتى دخل على عمر بن سعد، فجلس معه ولم يسلم عليه..
فغضب ابن سعد وقال له: يا أخا همدان ما الذي منعك من السلام عليّ؟! ألست مسلماً أعرف الله ورسوله؟!
فقال له برير: لو كنت مسلماً تعرف الله ورسوله ما خرجت إلى عترة نبيك محمد (صلى الله عليه وآله) تريد قتلهم وسبيهم، وبعد فهذا ماء الفرات يلوح بصفائه يتلألأ تشربه الكلاب والخنازير وهذا الحسين ابن فاطمة الزهراء (عليها السلام) ونساءه وعياله وأطفاله يموتون عطشاً؟! قد حلت بينهم وبين ماء الفرات أن يشربوا منه؟! وتزعم انك تعرف الله ورسوله؟!
قال: فاطرق ابن سعد رأسه إلى الأرض ساعة، ثم قال: والله يا برير إني لأعلم علماً يقيناً أن كل من قاتلهم وغصب حقهم مخلد في النار لا محالة، ولكن يا برير أتشير عليّ أن أترك ولاية الريّ فتصير لغيري؟! والله ما أجد نفسي تجيبني إلى ذلك أبداً.
قال الراوي: فرجع برير إلى الحسين (عليه السلام) وقال له: إن عمر ابن سعد قد رضي بقتلك بولاية الري.
فقال الحسين (عليه السلام): لا يأكل من برها إلا قليلاً، ويذبح على فراشه.
وعن عبد الله قال: لما عبأ عمر بن سعد أصحابه لمحاربة الحسين بن علي (عليه السلام) ورتّبهم مراتبهم.. قال الحسين (عليه السلام): أين عمر بن سعد؟! ادعو لي عمر.
فدعي له..
فقال (عليه السلام): يا عمر أنت تقتلني؟!
تزعم أن يوليك الدعي بن الدعي بلاد الري وجرجان؟!
والله لا تتهنأ بذلك أبداً عهداً معهوداً، فاصنع ما أنت صانع، فإنك لا تفرح بعدي بدنيا ولا آخرة، ولكأني برأسك على قصبة قد نصب بالكوفة، يتراماه الصبيان ويتخذونه غرضاً بينهم.
وبعد أن قتل الحسين (عليه السلام) جاء عمر بن سعد ودخل على عبيد الله بن زياد.. يريد منه أن يمكّنه من ملك الريّ.
فقال له ابن زياد: آتني بكتابي الذي كتبته لك في معنى قتل الحسين وملك الري؟!
فقال له عمر بن سعد: والله انه قد ضاع مني ولا أعلم أين هو؟!
فقال له ابن زياد: لابد أن تجيئني به في هذا اليوم وان لم تأتني به فليس لك عندي جائزة أبداً.
فقال عمر بن سعد: فوالله يا بن زياد ما رجع أحد من قتلة الحسين بشر مما رجعت به أنا.
فقال له: كيف ذلك؟
فقال: لأني عصيت الله وأطعتك، وخذلت الحسين بن رسول الله ونصرت أعداء الله، وبعد ذلك إني قطعت رحمي ووصلت خصمي وخالفت ربي فما عظم ذنبي ويا طول كربي في الدنيا والآخرة.
ثم نهض من المجلس مغضباً مغموماً، وهو يقول: وذلك هو الخسران المبين.
عمرو بن صبيح
وطلب المختار (رحمه الله) رجلاً يقال له: عمرو بن صبيح.. وكان يقول: لقد طعنت بعض أصحاب الحسين (عليه السلام) وجرحت فيهم، وما قتلت منهم أحداً.
فأتي ليلاً وهو على سطحه لا يشعر، وذلك بعد ما هدأت العيون، وكان سيفه تحت رأسه، فأخذوه أخذاً وأخذوا سيفه.
فقال: قبحك الله سيفاً.
فجيء به إلى المختار، فحبسه في القصر فلما أن أصبح.. جيء به مقيداً...
فقال المختار: عليّ بالرماح، فأتي بها.
فقال: اطعنوه حتى يموت، فطعن بالرماح حتى مات.
قراد
كان قراد من جملة قتلة الإمام الحسين (عليه السلام) فبعث المختار إليه وإلى ثلاثة كانوا معه، عبد الله بن كامل.
فجاء بهم إليه، فقال لهم المختار: يا قتلة سيد شباب أهل الجنة ألا ترون الله قد أقاد منكم؟ فقد أصاركم الورس إلى يوم نحس، وكانوا قد نهبوا الورس الذي مع الحسين (عليه السلام) ثم أمر بهم أن يخرجوا إلى السوق وتضرب أعناقهم.
قيس بن الأشعث
لما هجم القوم على سيد الشهداء (صلوات الله تعالى عليه) وسلبوا ما كان عليه (عليه السلام).. أخذ قطيفته قيس بن الأشعث الكندي..
فأخذه المختار وقتله، ثم اُحرق بالنار.
مالك بن الهيثم البدائي
وقبضوا على مالك بن الهيثم البدائي من كندة، وجاؤوا به إلى المختار ومعه اثنان ممن كانا في جيش ابن زياد..
فقال لهم المختار: يا أعداء الله أين الحسين بن علي (عليه السلام)؟!
قالوا: اُكرهنا على الخروج إليه.
قال: أفلا مننتم عليه وسقيتموه من الماء؟!
وقال للبدائي: أنت صاحب برنسه لعنك الله؟
قال: لا.
قال المختار: بلى.
ثم قال: اقطعوا يديه ورجليه ودعوه يضطرب حتى يموت، فقطعوه.
ثم أمر بالآخرين فضربت أعناقهما.
مالك بن نسر الكندي
لما ضعف الإمام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء عن القتال، جاءه رجل من كندة يقال له: مالك بن نسر، فضربه بالسيف على رأسه الشريف، وكان عليه (عليه السلام) برنس، فقطع البرنس وامتلأ دماً.
فقال له الحسين (عليه السلام): لا أكلت بيمينك ولا شربت بها، وحشرك الله مع الظالمين.
ثم ألقى (عليه السلام) البرنس ولبس قلنسوة واعتم عليها، وقد أعيى(عليه السلام) وتلبد.
وجاء الكندي فأخذ البرنس وكان من خز، فلما قدم به بعد ذلك على امرأته أم عبد الله لتغسله من الدم. قالت له امرأته: أتسلب ابن بنت رسول الله برنسه وتدخل بيتي؟ أخرج عني حشا الله قبرك ناراً.
ثم إنه يبست يداه وكانتا في الشتاء تنضحان دماً وفي الصيف تصيران يابستين كأنهما عودان..
وفي رواية: فأقبل الكندي بالبرنس إلى منزله، فقال لزوجته: هذا برنس الحسين (عليه السلام) فاغسليه من الدم.
فبكت وقالت: ويلك قتلت الحسين (عليه السلام) وسلبت برنسه؟! والله لا صحبتك أبداً..
فوثب إليها ليلطمها، فانحرفت عن اللطمة فأصابت يده الباب التي في الدار، فدخل المسمار في يده، ثم صارت على الوصف الذي ذكرناه.