خوف ولا سفر.(10)
15- أخرج النسائي عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أنّ النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ كان يصلّي بالمدينة يجمع بين الصلاتين بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر، قيل له: لم ؟قال: لئلاّ يكون على أُمّته حرج.(11)
أقول هذا الحديث ظاهر في أن الجمع بين الصلاتين كان في موارد عديدة كما هو مقتضى التعبير بالفعل المضارع (يصلي) حيث هو ظاهر في التجدد والاستمرار.
16- أخرج الحافظ عبد الرزاق عن داود بن قيس، عن صالح مولى التوأمة انّه سمع ابن عباس يقول: جمع رسول اللّه - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير سفر ولا مطر، قال قلت لابن عباس: لم تراه فعل ذلك؟ قال: أراه للتوسعة على أُمّته.(12)
والحديث ظاهر في الرخصة وأن ملاكها التوسعة على الأمة.
17- أخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال: جمع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بين الظهر والعصر، بالمدينة في غير سفر ولا خوف، قال: قلت لابن عباس: ولِـمَ تراه فعل ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أحداً من أُمّته.(13)
18- أخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب، عن عبد اللّه بن عمر قال: جمع لنا رسول اللّه مقيماً غير مسافر بين الظهر والعصر فقال رجل لابن عمر: لِمَ ترى النبي فعل ذلك؟ قال: لأن لا يُحرج أُمّته إن جمع رجل.(14)
الرواية صريحة في جواز الجمع بين الصلاتين وأن ملاك الجواز هو عدم إيقاع الأمة في الحرج.
19- أخرج الطحاوي في (معاني الآثار) بسنده عن جابر بن عبد اللّه قال: جمع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء في المدينة للرخص من غير خوف ولا علّة.(15)
وهذه الرواية صريحة أيضاً في جواز الجمع وأن الغرض منه هو التعبير عن الرخصة حتى في موارد عدم الخوف والعلة.
20- أخرج الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد اللّه الاصفهاني(المتوفّى عام 430هـ) عن جابر بن زيد أنّ ابن عباس جمع بين الظهر والعصر، وزعم انّه صلّى مع رسول اللّه بالمدينة الظهر والعصر.(16)
21- أخرج أبو نعيم عن عمرو بن دينار قال: سمعت أبا الشعثاء يقول: قال ابن عباس(رض): صلّى رسول اللّه - صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ ثماني ركعات جميعاً وسبع ركعات جميعاً من غير مرض ولا علّة.(17)
22- أخرج البزار في مسنده عن أبي هريرة قال: جمع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ بين الصلاتين في المدينة من غير خوف.(18)
23- أخرج الطبراني في الأوسط والكبير بسنده عن عبد اللّه بن مسعود قال: جمع رسول اللّه ـ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ـ يعني بالمدينة ـ بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فقيل له في ذلك، فقال: صنعت ذلك لئلاّ تحرج أُمّتي.(19)
في هذه الرواية يُفصح الرسول الكريم (ص) عن ملاك الجمع وأنه صنع ذلك لئلا تقع الأمة في حرج.
هذا بعض ما ورد في صحاح ومسانيد المحدثين من علماء السنة وهي كما تلاحظون صريحة أو ظاهرة في جواز الجمع بين الصلاتين فلا مجال بعدئذٍ للتشنيع على الشيعة في أخذهم بالرخصة التي جاءت من عند رسول الله (ص)
وأما عدم عمل مشهور فقهاء السنة بمفاد هذه الروايات فذلك شأنهم وقد نشأ عن اجتهادهم وهو ليس حجة على غيرهم إذ لايصح لمجتهد أن يفرض اجتهاده على مجتهد آخر ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة صوابية اجتهادهم وعدم صوابيته.
والذي هو مورد اهتمامنا هو أن لنا ما نتمسك به من السنة الشريفة في الحكم بجواز الجمع بين الصلاتين، وهي روايات تفوق حدَّ التواتر خصوصاً إذا ضممنا اليها الروايات الوارد من طريق أهل البيت (ع).
والجدير بالذكر في المقام أن الحكم بجواز الجمع بين الصلاتين لا يختص به فقهاء أهل البيت (ع) بل أن جمعاً من علماء السنة ذهبوا إلى جواز الجمع كما أفاد ذلك ابن رشد في كتابه الشهير (بداية المجتهد).
قال: "وأما الجمع لغير عذر فإن مالكاً وأكثر الفقهاء لا يُجيزونه، وأجاز ذلك جماعة من أهل الظاهر، وأشهب من أصحاب مالك، وسبب اختلافِهم، اختلافُهم في مفهوم حديث ابن عباس فمنهم من تأوَّله على أنه كان في مطر كما قال مالك، ومنهم من أخذ بعمومه مطلقاً، وقد خرَّج مسلم زيادة في حديثه، وهو قوله (ص) (في غير خوف ولا سفر ولا مطر) وبهذا تمسَّك أهل الظاهر". بداية المجتهد ج1 ص 251.
وذكر الآلوسي في كتابه روح المعاني: 15/133-134 في تفسير قوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس).
(مذهب جماعة من الأئمة جواز الجمع في الحضر للحاجة لمن لا يتخذ عادة وهو قول ابن سيرين وأشهب من أصحاب مالك وحكاه الخطابي عن القفال الشاشي الكبير من أصحاب الإمام الشافعي وعن أبي إسحاق المروزي وعن جماعة من أصحاب الحديث واختاره ابن المنذر، ويؤيده ظاهر ما صحَّ عن ابن عبَّاس، ورواه مسلم أيضاً، أنه كما قال: جمع رسول الله (ص)بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر، قيل له: لِمَ فعل ذلك؟ فقال: أراد أن لا يحرج أحداً من أمته.
وهو من الحرج بمعنى المشقة فلم يعلله بمرض و لا غيره.
ويُعلم – الكلام للآلوسي – مما ذكرنا أن قول الترمذي في آخر كتابه: ليس في كتابي حديث أجمعت الأمة على ترك العمل به إلا حديث ابن عباس في الجمع بالمدينة من غير خوف ولا مطر وحديث قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، ناشيء من عدم التتبع.
وبما نقلناه لك يتبين أن المسألة على أحسن تقاديرها اجتهادية يختلف فيها أهل مذهب واحد فلا مسرح للتشنيع على من لا يقول بمفاد اجتهاد غيره.
والحمد الله رب العالمين
اتمنى ان يعجبكم الموضوع
ولا تحرمونا من ردود كم المؤمنة الموالية
أل ألبيت ومنبع النبوة نـــــــسألكم الـــــــــدعاء خالد الاسدي