المستوى : 38 [] الحياة 0 / 949
التواضع... سمة المؤمنين المحببة عند الله دائماً يكون الإنسان الذي يتمتع بالتواضع محظياً بالمكانة العالية بين الناس وقريباً لقلوبهم من غيره ممن لا يمتلك ذلك. علها صفة محببة للجميع فهي قبل أن تكون كذلك محببة عند الله ورسوله. والتواضع من الفضائل الخلقية التي ترفع من شأن المؤمن عند الله تعالى وتعزز مكانته عند الناس، وهي من الصفات التي أكدها الإسلام وبشر بثوابها، ولكن السؤال الذي يطرح: لمن نتواضع؟ وهل يجوز التواضع في كل الحالات؟ التواضع من سمات المؤمنين فيما بينهم وهو عكس التكبر الممقوت، ومن هنا تأتي المقولة المشهورة «من تواضع لله رفعه» وهذه المقولة تعتبر نظرية علمية عكسية، أي أنها ليست طردية، بمعنى أن كلما زاد تواضع وتذلل الإنسان المؤمن أولاً لربه ومن ثم لإخوته في الدين والانسانية بشرط عدم الإذلال، زاده الله رفعة عنده أولاً ومن ثم عند الناس. وتأتي هذه الرفعة من وجهة نظري في صور، كأن يلقي الله محبته في قلوب الناس ويوسع عليه في رزقه ويجعل له هيبة بين الناس. وهنا أحببت أن أضيف حديثاً عن التواضع وهو منقول وذلك لتعم الفائدة: عباد الرحمن: قال تعالى: «وعباد الرحمن الذين يمشون في الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً»، إذ التزم أكثر المفسرين بأن المراد من قوله تعالى «يمشون على الأرض هوناً»، أي حركتهم على الأرض أثناء تنقلاتهم، أم التزمنا بما قاله العلامة الطباطبائي(ره)، من كونه كناية عن منهجيتهم في المعاشرة مع الناس، فإن كليهما يقرران أسلوباً من الآداب والسنن الدينية والاجتماعية، وهو التواضع، وهو من الأخلاق الحسنة التي ينبغي أن يتسم بها الإنسان المؤمن، كما يستفاد من خلال تأكيد الشارع المقدس لذلك، سواء في الآيات القرآنية أم النصوص المعصومة، قال تعالى «ولا تمش في الأرض مرحاً إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولاً». وقال سبحانه «واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين»، وجاء ضمن وصايا لقمان الحكيم لولده، قوله: «ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير». وجاء عنه (ص) قوله: «ما تواضع أحد إلا رفعه الله». وقال (ص): «ثلاث لا يزيد الله فيهن إلا خيراً: التواضع لا يزيد الله به إلا ارتفاعاً، وذل النفس لا يزيد به الله إلا عزاً، والتعفف لا يزيد الله به إلا غناً». وما أوصى به أمير المؤمنين (ع) عند وفاته قوله: «عليك بالتواضع، فإنه من أعظم العبادة». وبالجملة، فإحدى الصفات التي وصف الله سبحانه وتعالى بها عباد الرحمن، أنهم متواضعون. وهذا يستوجب أن نتحدث شيئاً ما بشأن هذه الصفة، حتى يتضح لنا مدى أهميتها بحيث تعدّ شيئاً مميزاً يمتاز به هؤلاء ما أوجب استحقاقهم لهذه المكانة. علامات التواضع: لا يخفى أن حقيقة التواضع من الأمور الواضحة التي لا تحتاج بياناً، فإنها تلك الصفة التي يتنازل الإنسان من خلالها عن مكانته الاجتماعية، ويواسي الآخرين الذين ربما كانوا أقل منه مرتبة ومنزلة. ولا ريب أن لهذه الملكة والسجية علامات يمكن من خلاها تمييز ما كان متصفاً بها حقاً وحقيقة، ومن كان يدعي الانتساب إلى ذلك بالادعاء فقط ليس إلا. ضرورة أن هناك من يدعي التواضع لكنهم ليسوا كذلك، بل هم بعيدون كل البعد عن ذلك.