عرض مشاركة واحدة
قديم 04-29-2013, 10:09 PM   #12
عبد القهار
 
تاريخ التسجيل: Sep 2012
المشاركات: 121
معدل تقييم المستوى: 13
عبد القهار is on a distinguished road

المستوى : 10 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 225

النشاط 40 / 8478
المؤشر 3%

افتراضي رحلة في عالم الأرواح

الإنسان بعد الموت ( متسلسل )
موت أم إغماء ؟

( ساعة قضيتها مع الأرواح )

وهذه القصّة ذكّرتني حادثة وقعت لي في زمان طفولتي أذكرها كشاهد على ذلك فأقول :

المقدّمة

إعلم أيّها القارئ الكريم أنّ قصّتي هذه ليست قصّة خيالية ، ولا رواية تمثيلية ، إنّما هي قصّة حقيقية ، وحادثة زمنية وقعت لي في زمن طفولتي ، وكان عمري حينذاك سبع سنين ، وكان أهلي يسكنون في مدينة كربلاء فسقطت من مكان مرتفع في دارنا ، وعند سقوطي على الأرض شعرت كأنّي كنت في قفص فخرجت منه ، والقفص هو جسمي وأنا أصبحت روحاً ، فرأيت الأرواح وتكلّمت معهم كما أتكلّم مع الأحياء ، ورأيت أشياء لم أكن أعهدها من قبل ، فعجبتُ مِمّا رأيت ، ثمّ عدتُ إلى قفصي بعدما قضيتُ ساعة في عالم الأرواح وفتحتُ عيني وإذا أنا في حجر أمّي ، فقصصتُ لَها ما وقع لي وما رأيتُ في ذلك العالم الغريب ، فعجبَتْ من ذلك وأخبرَتْ به والدي عند مجيئه إلى الدار ، ولم أكن أعلم حينذاك شيئاً عن الأرواح .

وقد نسيتُ تلك الحادثة بعد أيّام من وقوعها ، ثمّ تذكّرتُها بالتفصيل بعد سنّ الأربعين من عمري ، وأحمد الله الذي أراني الأرواح في زمن طفولتي وذكّرني بِها في زمن كهولتي لأكون من الموقنين .



رحلة في عالم الأرواح

كان بيتنا قرب صحن العبّاس في كربلاء ، وقد شقّه بعد ذلك الشارع الذي يسمّى اليوم بشارع علي أكبر ، وكان لنا حمّام مقابل دارنا هذه يسمّى بِحمّام (شنطوط) وفي دارنا يوجد نيم سرداب فيه رفّ يرتفع عن أرض السرداب بمقدار متر ، وتحت الرفّ درج تتّصل بأتون الحمّام .

وفي يوم من أيام الصيف رغبت أن أنام على ذلك الرفّ ، فنهتني أمّي عن ذلك وقالت "إن نمتَ على هذا الرفّ تسقط إلى أسفل الأتون وتموت ." فلم أنتهِ عن رغبتي ولم ألتفت لقولِها ، ثمّ استغفلت والدتي بعد أن ذهبتْ عنّي لقضاء أشغالِها وصعدتُ ونمتُ على ذلك الرفّ ، وكنت أتقلّب في نومي فسقطتُ من الرفّ على رأسي فوق الدرج التي تحت الرفّ ، وعند وقوعي شعرتُ كأنّي كنتُ في قفص فخرجتُ منه ، والقفص هو جسمي وقد أصبحتُ روحاً من الأرواح ، وصعدتُ من الدرج إلى السرداب أقفز كالعصفور ؛ إذْ كانت ساقاي فيهما تجاذب ولا أستطيع أن أرفع رجلاً وأضع أخرى لكي أصعد من الدرج ، وتركت جسمي ملقىً على الدرج .

ثمّ نظرتُ إلى نفسي فإذا أنا عريان* [* قال النبيّ (ع) :" تحشر الناس يوم القيامة عراةً حفاةً غُلفاً ." وقال الله تعالى في سورة الكهف{لَّقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} يعني : جئتمونا عُراةً كما جئتم إلى الدنيا عراة .] فاستحييتُ مِمّا أنا فيه والتفتُّ يميناً وشمالاً لعلّي أجد ثوباً ألبسه وأستر به عورتي ، فرأيتُ ثوباً من ثيابي (دشداشة) ملقىً على الأرض قرب الجدار فمددت إليه يدي لكي ألبسه فلم أتمكّن من حمله مع أنّي كنت ألمسه وأشعر بوجوده ولكن لا أستطيع حمله من الأرض فعجبت من ذلك ، ولَمّا عجزت عن حَمل الثوب التفتّ إلى الوراء لأرى أحداً أسأله عن السبب فإذا بفتاة تحمل بيدها بضعة ثياب تصلح للأطفال فقالت : "ما بالك ؟" قلت : "أريد أن ألبس ثوبي هذا ولكن لا أستطيع" فقالت : "اتركه وخذ ثوباً من عندي والبسه" ، وناولتني ثوباً أبيض ناصع البياض ، فخلته كفناً واشمأززت منه فرددته عليها وقلت : "لا أريد هذا الثوب لأنه يشبه الكفن في بياضه ، فناولتني ثوباً آخر مخطّطاً بألوان فأخذته منها ولبسته وسترت به عورتي ولكنّه كان قصيراً لا يتجاوز ركبتيّ ، فقلت لَها : "هذا ثوب قصير" ، قالت : "البسه مؤقّتاً حتّى أعطيك ثوباً أطول منه ." [ ومن هذا يظهر أنّ الأطفال لا تبقى عراة في عالم الأرواح لأنّ الأطفال لا ذنب لَهم . أمّا الرجال والنساء فيعامَلون بأعمالِهم فمن كان من الصالحين تعطيه الملائكة ثياباً يستر بِها عوراته .

ولقد رأيت عمّي علي يرتدي ملابس وكذلك الفتاة التي أعطتني ثوباً ترتدي ملابس هي الأخرى . أمّا الفاسقون فيبقون عراة بين النفوس ، وذلك عذاب الخزي في عالم الأرواح ؛ قال الله تعالى في سورة فصّلت {لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ} .]

ثمّ قالت : "هل تريد ماءً لتشرب ، قلت : "لا أريد " ، قالت : "ألست عطشاناً ؟" قلت : "كلاّ " ، فجاءت بكأسٍ كالبلّور وفيه ماء فقالت : "أنظر إلى هذا الماء فإنّه لذيذ الطعم كالشربت [: العصير] فإنْ شربتَ منه لا تظمأ بعده أبداً " ، وهكذا أخَذَتْ تحثّني على شربه فأخذتُ الكأس منها وشربتُه ، ولَمّا شعرتُ ببرودته وطعمه اللذيذ لم أترك في الكأس شيئاً منه وناولتها الكأس فارغاً ، ثمّ قالت : "هذا عمّك علي تعال سلّمْ عليه" ، وأشارت إلى شابٍّ كان واقفاً في السرداب ، فنظرتُ إليه فتبسّم في وجهي ودعاني إليه ، ولكنّي لم أذهب إليه ولم أرغبْ في مكالمته لأنّي لم أعرفْه ولم أكنْ قد رأيتُه من قبل ولم أعلم أنّ لي عمّاً اسمه علي مات قبل أن أولَد ، وكذلك الفتاة لم أعرفْها ولكنّها قالت لي : "أنا أختك ."


>>>>>>>>>>>
يتبع


منقول من كتاب الإنسان بعد الموت
لـ (محمد علي حسن الحلي)
رحمه الله تعالى
عبد القهار غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس