رحلتي في الصحاح الستة وفي المستدرك
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين،الحمد لله الذي لا يَبلغ مدحتَه القائلون ولا يُحصي نعماءَه العادُّون ولا يُؤدي حقَّه المجتهدون،ثم أفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا ونبينا وحبيب قلوبنا وطبيب نفوسنا وشفيع ذنوبنا محمد بن عبدالله وعلى آله الطاهرين وصحبه الأخيار المخلصين أجمعين،وبعد..
قرأتُ الكثير في هذه الصِّحَاح،ولكني اخترتُ لكم ما يخص أهلَ البيت عليهم الصلاة والسلام،وسأضيف إليها المُسْتَدْرَكَ على صَحِيحَي البخاري ومسلم للحَاكِم النَّيْسَابُوري،لِـمَا اسْتَدْرَكَه وذَكَرَه مِن رواياتٍ كثيرة كانت صحيحةً على شَرْطِ الشَّيخَيْن البخاري ومُسْلِم–في روايتهما للحديث-إلا أنهما لم يَرْوِيَاهَا في صَحِيحَيْهما.
وأذكر في البداية مَا كَتَبَه أبو عبدالله شمسُ الدين الذهبي عن الحاكم النيسابوري في كتابه[تذكرة الحفاظ ج3 ص778]مِن طَبْعِ دار إحياء التراث العربي،قال الذهبي:(الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين أبو عبدالله محمد بن عبدالله بن محمد ابن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني النيسابوري المَعروف بابن البيع،صَاحِب التَّصَانِيف)..
وقالَ عنه ابنُ القاضي شهبة في كتاب(طبقات الشافعية)ص193 بعدما ذكرَ اسمَه:
(الحاكم النيسابوري المعروف بابن البيع،صاحب المستدرك وغيره مِن الكُتُب المشهورة...وقد أَطْنَبَ عبدُالغافر في مَدْحِه وذِكْر فضائله وفوائده ومحاسنه،إلى أن قال:مَضَى إلى رحمة الله تعالى ولم يُخَلِّف بعده مثله).
إذن سَتَكُون مَصَادرنا هي:
1-صحيح البخاري للإمام أبي عبدالله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة ابن بردزبة البخاري الجعفي(طبعةٌ بالأوفست عَنْ طَبْعَةِ دَارِ الطباعة العَامرة باستانبول دَار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع 1401هـ).
2-صحيح مُسْلِم(وهو:الجَامِع الصحيح للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري).طبعةٌ مصححة ومُقَابَلَةٌ على عِدَّة مخطوطات ونُسَخ مُعْتَمَدَة.دار الفكر.بيروت لبنان.
3-صحيح الترمذي(وهو:الجامع الصحيح للإمام الحافظ أبي عيسى محمد بن عيسى بن سورة الترمذي). حَقَّقه وصَحَّحه عبدُالوهاب عبداللطيف.طبعة دار الفكر للطباعة والنشر.
4-صحيح النسائي(وهو سُنَنُ النسائي للحافظ أبي عبدالرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن بحر النسائي). طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع. الطبعة الأولى1348هـ.
5-صحيح أبي داود(وهو سُنَنُ أبي داود للحافظ أبي داود سليمان بن الأشعث السجستاني). تحقيق وتعليق:سعيد محمد اللحام. طبعةٌ جديدة مُنَقحة ومُفَهرسة. دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
6-صحيح ابن ماجة(وهو سُنَنُ ابن ماجة للحافظ أبي عبدالله محمد بن يزيد القزويني). حقَّق نصوصَه ورقَّم كتبَه وأبوابَه وأحاديثَه وعلَّق عليه:محمد فؤاد عبدالباقي.طبعة دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع.
7-بالإضافة إلى المُسْتَدْرَك على الصَّحِيحَيْن،والمُسْتَدْرِكُ هو الحاكمُ النيسابوري،وقد نقلنا ثناءَ ومَدْحَ اثْنَيْنِ مِن علماء السنة عليه.
ومَا سأنقله عنه مُذَيَّلٌ بِالتَّلْخِيص للحافظ الذهبي(طبعة بِفَهرس الأحاديث الشريفة. دار المعرفة.بيروت)وأقَدِّم هنا مَا قَالَه الحاكمُ في آخِر خطبَةِ(مقدمةِ)كتابِه المستدرَك:
(...وأنا أَستعين اللهَ على إخْرَاج أحاديثَ رُوَاتُها ثُقَاتٌ،قد احْتَجَّ بِمِثْلِها الشَّيْخان-رضي الله عنهما-أو أَحَدُهما.وهذا شَرْطُ الصَّحِيح عند كَافَّةِ فقهاء أهل الإسلام:
إنَّ الزِّيَادَةَ في الأسَانِيدِ والمُتُونِ مِن الثُّقَاتِ مَقْبُولَةٌ. والله المُعين على ما قصدتُه وهوحسبي ونعم الوكيل).
-شَهِدَ الحَاكِمُ –الحَافِظُ الكبيرُ إمَامُ المُحَدِّثِين كَمَا قال الذَّهَبِي- بأنَّ مَا سيذكره في مُسْتَدْرَكِه مُتَوَفِّرٌ على شَرْطِ الحَدِيثِ الصَّحِيح عند البخاري ومسلم،أو عند أحدِهما على الأقلّ،ألا وهو كَوْنُ رُوَاتِه ثقَاتًا عندهما أو عند أحدهما..
وشَهِدَ بِأنَّ شَرْطَ الصِّحَّةِ هذا إذا تَوَفَّرَ في الحَدِيثِ فهو صَحِيحٌ،وإنْ زَادَت الأسانِيدُ والطُّرُقُ إليه أو زَادَ نَفْسُ مَتْنِ وألْفاظِ و نَصِّ الحديث عمَّا يَرْوِيه البخاري ومسلم أو أحدُهما في صَحِيحِه،فيمكن الاعتمادُ على غير ما في الصَّحِيحَيْنِ أو الصِّحَاحِ السِّتَّةِ أو العَشْرَة،إذا كانت رُوَاتُها ثُقَاتًا عندهما أو عند أحدِهما.
بل إنَّ الحاكمَ النيسابوري أطْلَقَ كَلامَه في أنه إذا تَوَفَّرَ شَرْطُ الصِّحَّةِ فإنَّ كافَّة فقهاء أهل الإسلام يَقْبَلُونه –وإنْ لَم يُوجَد في الصَّحِيحَيْن-، سواء كان على نهج تَصْحِيحِ البخاري ومسلم أو على نهجِ غيرهما،فإنَّ العلماءَ و الفقهاءَ كثيرون، ومَا يَرَاه البخاري ومسلمٌ ثِقَةً قد لا يكون كذلك عند غيرهما،ومَا لا يَرَيَانِه ثِقَةً فقد يَرَاه غيرُهما ثِقَةً أو فوق الثِّقَةِ بدرجات.
*البخاري(ج8)في كتاب الأحكام في أوَّلِه:عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه(وآله)وسلم قال: [مَنْ أَطَاعَنِي فقد أَطَاعَ اللهَ،ومَن عَصَانِي فقد عَصَى اللهَ،ومَن أَطَاعَ أميري فقد أطاعني ومَن عصى أميري فقد عصاني].
*ورَوَى مِثْلَه النسائي في صحيحه(ج7)مِن كتاب البيعة.في الحَضّ على طاعة الإمام.
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام. باب الأمراء مِنْ قرَيْش:قال ابنُ عمر:قال رسولُ الله صلى الله عليه(وآله)وسلم:[لا يَزَال هذا الأمْرُ في قريش مَا بَقِيَ منهم اثنان].
*وروَى مثلَه مسلمٌ في صحيحه والحاكمُ في مستدركه وغيرُهما.
-البخاري عَقَد هذا البابَ للحديث عن أحكام الإمَارَة والأمراء في الإسلام،وأتَى بهذا الحديث هنا،فالمقصودُ مِن كلمة(الأمر)هو الخلافة والإمارة بعد النبي صلى الله عليه وآله،والحديثُ صَرِيحٌ في أنَّ الإمارة والخلافةَ لَنْ تَخْرُج مِن قريش،ونحن نَرَى أنَّ الخلافةَ والحكومةَ الظاهريَّةَ قد خَرَجَت مِن القرشيين قَطْعًا،فهل يُخطِئ أو يَشْتَبِه النبيُّ في إخبَارِه وهو الذي{ما يَنْطق عن الهوى*إن هو إلا وحيٌ يُوحَى}؟إذن الرسول صلى الله عليه وآله ليس بِصَدَدِ الإخبَار عمَّن سَيَحْكُم ظاهِرًا بين الناس حتى لو كان بالقوَّة والقَهْر والغَلَبَة أو بالشورَى،وإنما هو يُعَرِّف الأمَّةَ بأنَّ الحُكَّامَ والأمَرَاءَ الشَّرْعِيِّين هم مِن قريش،بل حَدَّدَ عددَهم وأنهم اثنا عشر فقط،لا ينقصون ولا يزيدون،كما في الأحاديث التي سَتأتيكم إن شاء الله تعالى-وهذا لا يَتَأَتَّى أبدًا إلا على مَذهبنا نحن الشيعة الإمامية الاثني عشرية ولله الحمد رب العالمين-..
*المستدرك(ج3)فضائل علي بن أبي طالب:أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الشيباني...عن أبي ذر رضي الله عنه قال:قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله:[مَن أطاعَنِي فقد أطاع اللهَ ومَن عصانِي فقد عصى اللهَ،ومَن أطاع عليًّا فقد أطاعني،ومَن عصى عليًّا فقد عصاني].
*البخاري(ج8)كتاب الأحكام:حدثني محمد بن المثنى حدثنا غندر حدثنا شعبة عن عبدالملك سمعت جابر بن سمرة قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: [يكون اثنا عشر أميراً]فقال كلمة لم أسمعها فقال أبي:إنه قال: [كلهم من قريش].
*البخاري(ج8 ص127):شعبة بن عبدالملك قال:سَمِعْتُ جابرَ بن سمرة قال:سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه(وآله)وسلم يقول:[يَكُونُ بعدي اثنا عشر أمِيرًا]،فقال كلمةً لم أسْمَعها،قال أبي:إنه قال:[كلهم مِن قريش].
|