فالحقّ مع غيبة الإمام كيف يدرك ؟
وإن قلتم : لا يدرك ولا يوصل إليه ، فقد جعلتم الناس في حيرة وضلالة مع الغيبة . .
لان قلتم : يدرك الحقّ من جهة الأدلّة المنصوبة (3) عليه فقد صرّحتم بالاستغناء عن الإمام بهذه الأدلّة ، وهذا يخالف مذهبكم .
الجواب : ان الحقّ على ضربين عقليّ وسمعيّ ، فالعقلي يدرك بالعقل ، ولا يؤثر فيه وجود الإمام ولا فقده .
والسمعي عليه أدلّة منصوبة من أقوال النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ونصوصه ، وأقوال الأئمة الصادقين عليهم السلام ، وقد بينوا ذلك وأوضحوه ،غير أن ذلك وان كان على ما قلناه فالحاجة إِلى الإمام مع ذلك ثابتة ، لأنجهة الحاجة إليه ـ المستمرّة في كل عصر وعلى كلّ حال ـ هي كونه لطفاً فيفعل الواجب العقليَ من الانصاف والعدل واجتناب الظلم والبغي ، وهذا ممّا لا يقوم غيره مقامه فيه .
فاما الحاجة إليه من جهة الشرع فهي أيضاً ظاهرة ، لأن النقل الوارد عن النبي والأئمة عليهم السلام يجوز أن يعدل الناقلون عن ذلك إما بتعمّد أو شبهة فينقطع النقل أويبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليلاً ، فيحتاج حينئذ إلى الإمام ليكشف ذلك ، يبنه (4) ، وإنما يثق المكلفون بما نُقل إليهم وأنه جميع الشرع إِذا علموا أن وراء هذا النقل أماماً متى اختلّ سدّ خلله وبيّن المشتبه فيه .
فالحاجة إلى الإمام ثابتة مع إدراك الحق في احوال الغيبة من الأدلّة الشرعية ، على أنّا إذا علمنا بالاجماع أن التكليف لازم لنا إلى يوم القيامة ولايسقط بحال ، علمنا أنٌ النقل ببعض الشريعة لا ينقطع في حال تكون تقية الإمام فيها مستمرّة ، وخوفه من الأعداء باقياً ، ولو اتفق ذلك لما كان إلا في حال يتمكن فيها الإمام من البروز والظهور ، والإعلام و
1) في نسخة« م » زيادة : وكيف يجوز أن يكون إماماً للخلق ولم يظهر قط لأحدٍ منهم .
(2) في نسخنا : جناة بما ، ولعله تصحيف ، واثبتنا ما رأيناه صواباً .
(3) في نسخة « م » : المنصوص بها .
(4) في نسخة « ط » : ويثبته .
(5) في نسخة « م » : المعصية .
(6) راجع كتاب المقنع في الغيبة للسيد المرتضى رحمه الله تعالى ، والمنشور محققاً . على صفحات مجلة تراثنا الفصلية ، العدد 027 الصفحة155
(7) كمال الدين : 559 .
(8) في نسخة« م » :صيفي .
(9) انظر : كمال الدين : 549 ، كشف الغمة : 543
(10) كمال الدين : 576 ، عيون أخبار الرضا عليه السلام 2 : 210 | 1 .
كتاب إعلام الورى بأعلام الهدى ، للشيخ الطبرسي ، تحقيق مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث