عرض مشاركة واحدة
قديم 11-29-2009, 10:29 PM   #2
دموع الشرقية
مشرفة سابقة
 
الصورة الرمزية دموع الشرقية
 
تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18
دموع الشرقية is on a distinguished road

المستوى : 38 [♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥♥ Bأ©-Yأھu ♥]
الحياة 0 / 947

النشاط 762 / 42621
المؤشر 90%

افتراضي رد: باب تأثير السحر والعين وحقيقتهما زائدا على ما تقدم في باب عصمة الملائكة

وقال أيضا في قوله " فيتعلمون " : أي فيتعلم الناس من الملكين ما يفرقون به بين المرء وزوجه ، إما لانه إذا اعتقد أن السحر حق كفر فبانت منه امرأته ، وإما لانه يفرق بينهما بالتمويه والاحتيال ، كالنفث في العقد ونحو ذلك مما يحدث الله عنده الفرك والنشوز ابتلاء منه ، لان السحر له أثر في نفسه بدليل قوله " وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله " أي بإراداته وقدرته ، لانه إن شاء أحدث عند ذلك شيئا من أفعاله ، وإن شاء لم يحدث .
وكان الذي يتعلمون منهما لم يكن مقصورا على هذه الصورة ، ولكن سكون المرء وركونه إلى زوجه لما كان أشد خصت بالذكر ليدل بذلك على أن سائر الصور بتأثير السحر فيها أولى - انتهى - .
وقد مر من تفسير الامام عليه السلام " فيتعلمون " يعني طالبي السحر " منهما " يعني مما كتبت الشياطين على ملك سليمان من النيرنجات ، ومما انزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ، يتعلمون من هذين الصنفين " ما يفرقون به بين المرء وزوجه " هذا من يتعلم للاضرار بالناس ، يتعلمون التضرب بضروب الحيل والنمائم والايهام أنه قد دفن في موضع كذا وعمل كذا ليحبب المرأة إلى الرجل ، والرجل إلى المرأة ، أو يؤدي إلى الفراق بينهما .
" وما هم بضارين به " أي ما المتعلمون لذلك بضارين به " من أحد إلا بإذن الله " يعني بتخلية الله وعلمه ، فإنه لو شاء لمنعهم بالجبر والقهر .
وقال الطبرسي - رحمه الله - في قوله تعالى " فلما ألقوا " أي فلما ألقى السحرة ما عندهم من السحر احتالوا في تحريك العصي والحبال بما جعلوا فيها من الزئبق ، حتى تحركت بحرارة الشمس وغير ذلك من الحيل وأنواع التمويه والتلبيس ، وخيل إلى الناس أنها تتحرك على ما تتحرك الحية .
وإنما سحروا أعين الناس لانهم أروهم شيئا لم يعرفوا حقيقته ، وخفي ذلك عليهم لبعده منهم ، لانهم لم يخلوا الناس يدخلون فيما بينهم .
وفي هذا دلالة على أن السحر لا حقيقة له ، لانه لو صارت حيات حقيقة لم يقل الله سبحانه " سحروا أعين الناس " بل كان يقول " فلما ألقوا صارت حيات " - انتهى - ( 1 ) .


__________________________________________________ ____________
5 ) ( 1 ) مجمع البيان : ج 4 ، ص 461 .





[ 6 ]


وقال الرازي : احتج القائلون بأن السحر محض التمويه بهذه الآية .
قال القاضي : لو كان السحر حقا لكانوا قد سحروا قلوبهم لا أعينهم ، فثبت أن المراد أنهم تخيلوا أحوالا عجيبة ، مع أن الامر في الحقيقة ما كان على وفق ما تخيلوه .
قال الواحدي : بل المراد سحروا أعين الناس أي قلبوها عن صحة إدراكها بسبب تلك التمويهات ( 1 ) .
وقال الطبرسي : " ولا يفلح الساحرون " أي لا يظفرون بحجة ، ولا يأتون على ما يدعونه ببينة ، وإنما هو تمويه على الضعفة .
" ما جئتم به السحر " أي الذين جئتم به من الحبال والعصي السحر ، لا ما جئت به .
" إن الله سيبطل هذا السحر الذي عظمتموه ( 2 ) .
" إن الله لا يصلح عمل المفسدين " إن الله لا يهيئ عمل من قصد إفساد الدين ولا يمضيه ، ويبطله حتى يظهر الحق من الباطل ( 3 ) .
وقال في قوله " لا تدخلوا من باب واحد " خاف عليهم العين ، لانهم كانوا ذوي جمال ، وهيئة وكمال ، وهم إخوة ، أولاد رجل واحد ، عن ابن عباس والحسن وقتادة والضحاك والسدي وأبومسلم .
وقيل : خاف عليهم حسد الناس إياهم ، وأن يبلغ الملك قوتهم وبطشهم ، فيحبسهم أو يقتلهم خوفا على ملكه ، عن الجبائي ، وأنكر العين وذكر أنه لم يثبت بحجة ، وجوزه كثير من المحققين ، ورووا فيه الخبر عن النبي صلى الله عليه وآله " إن العين حق تستنزل الحالق " والحالق المكان المرتفع من الجبل وغيره ، فجعل عليه السلام العين كأنها تحط ذروة الجبل ، من قوة أخذها ، وشدة بطشها .
وورد في الخبر أنه صلى الله عليه وآله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام بأن يقول " اعيذكما بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامة ، ومن كل عين لامة " وروي أن إبراهيم


__________________________________________________ ____________
6 ) تفسير الرازى ج 14 : 203 .
( 2 ) في المصدر : فعلتموه .
( 3 ) مجمع البيان : ج 5 : ص 126 .





[ 7 ]


عليه السلام عوذ ابنيه ، وأن موسى عليه السلام عوذ ابني هارون بهذه العوذة ، وروي أن بني جعفر بن أبيطالب كانوا غلمانا بيضا ، فقالت أسماء بنت عميس : يا رسول الله ، إن العين إليهم سريعة ، أفأسترقي لهم من العين ؟ فقال صلى الله عليه وآله : نعم .
وروي أن جبرئيل عليه السلام رقى رسول الله صلى الله عليه وآله وعلمه الرقية ، وهي : " بسم الله أرقيك من كل عين حاسد الله يشفيك " وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : لو كان شي ء يسبق القدر لسبقته العين .
ثم اختلفوا في وجه تأثير الاصابة بالعين ، فروي عن عمرو بن بحر الجاحظ أنه قال : لا ينكر أن ينفصل من العين الصائبة إلى الشئ المستحسن أجزاء لطيفة تتصل به وتؤثر فيه ، ويكون هذا المعنى خاصة في بعض الاعين كالخواص في بعض الاشياء .
وقد اعترض على ذلك بأنه لو كان كذلك لما اختص ذلك ببعض الاشياء دون بعض ، ولان الاجزاء تكون جواهر ، والجواهر متماثلة ، ولا يؤثر بعضها في بعض .
وقال أبوهاشم : إنه فعل الله بالعادة لضرب من المصلحة ، وهو قول القاضي .
ورأيت في شرح هذا للشريف الاجل الرضي الموسوي - قدس الله روحه - كلاما أحببت إيراده في هذا الموضع .
قال : إن الله يفعل المصالح بعباده على حسب
-بحار الانوار مجلد: 56 من ص 7 سطر 14 الى ص 15 سطر 2 ما يعلمه من الصلاح لهم في تلك الافعال التي يفعلها ، فغير ممتنع أن يكون تغييره نعمة زيد مصلحة لعمرو ، وإذا كان تعالى يعلم من حال عمرو أنه لو لم يسلب زيدا نعمته أقبل على الدنيا بوجهه ، ونأى عن الآخرة بعطفه .
وإذا سلب نعمة زيد للعلة التي ذكرناها عوضه ( 3 ) عنها ، وأعطاه بدلا منها عاجلا وآجلا ، فيمكن أن يتأول قوله عليه السلام " العين حق " على هذا الوجه .
على أنه قد روي عنه عليه السلام ما يدل على أن الشئ إذا عظم في صدور العباد وضع الله قدره ، وصغر أمره ، وإذا كان الامر على هذا فلا ينكر تغيير حال بعض الاشياء عند نظر بعض الناظرين إليه ، واستحسانه له ، وعظمه في صدره ، وفخامته في عينه ، كما روي أنه قال - لما سبقت ناقته العضباء ، وكانت إذا سوبق بها لم تسبق - : " ما رفع العباد من شئ إلا وضع الله منه " ويجوز


__________________________________________________ ____________
7 ) ( 1 ) فيه عوضه غيرها وأعطاه بدلا منها عاجلا أو آجلا .





[ 8 ]


أن يكون ما أمر به المستحسن للشئ عند الرؤية من تعويذه بالله والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله قائما في المصلحة مقام تغيير حالة الشئ المستحسن ، فلا تغيير ( 1 ) عند ذلك ، لان الرائي لذلك قد أظهر الرجوع إلى الله تعالى والاعاذة به فكأنه غير راكن إلى الدنيا ، ولا مغتر بها - انتهى كلامه رضي الله عنه - .
" وما اغني عنكم من الله من شئ " أي وما أدفع من قضاء الله من شئ ، إن كان قد قضا عليكم الاصابة بالعين أو غير ذلك .
" إن الحكم إلا لله " أي ما الحكم إلا لله .
" عليه توكلت " فهو القادر على أن يحفظكم من العين ، أو من الحسد ، ويردكم علي سالمين .
" وعليه فليتوكل المتوكلون " أي ليفوضوا امورهم ( 2 ) إليه وليثقوا به .
" ولما دخلوا مصر من حيث أمرهم أبوهم " أي من أبواب متفرقة كما أمرهم [ أبوهم ] يعقوب " ما كان يغني عنهم - إلخ - " أي لم يكن دخولهم مصر كذلك يغني عنهم ( 3 ) أي يدفع عنهم شيئا أراد إيقاعه ، من حسد أو إصابة عين ، وهو عليه السلام كان عالما بأنه لا ينفع حذر من قدر ، ولكن كان ما قاله لبنيه حاجة في قلبه ، فقضى يعقوب تلك الحاجة ، أي أزال به اضطراب قلبه ، لان لا يحال على العين مكروه يصيبهم .
وقيل : معناه أن العين لو قدر أن تصيبهم لاصابتهم وهم متفرقون ، كما تصيبهم مجتمعين .
قال : " وحاجة " استثناء ليس من الاول بمعنى ولكن حاجة " وإنه لذوعلم " أي لذو يقين ومعرفة بالله " لما علمناه " من أجل تعليمنا إياه ، أو يعلم ما علمناه فيعمل به " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " مرتبة يعقوب في العلم ( 4 ) .



__________________________________________________ ____________
8 ) ( 1 ) فلا يغتر ( خ ) .
( 2 ) أمرهم ( خ ) .
( 3 ) في المصدر : أو .
( 4 ) مجمع البيان : ج 5 ، ص 249 - 250 .





[ 9 ]


قال البيضاوي : لا يعلمون سر القدر ، وأنه لا يغني عنه الحذر ( 1 ) .
وقال الرازي : قال جمهور المفسرين إنه خاف من العين عليهم ، ولنا ههنا مقامان : المقام الاول إثبات أن العين حق .
والذي يدل عليه وجهان : الاول إطباق المتقدمين من المفسرين على أن المراد من هذه الآية ذلك .
والثاني ما روي أن النبي صلى الله عليه وإله كان يعوذ الحسن والحسين عليهما السلام .
ثم ذكر بعض ما مر من الاحبار - إلى أن قال - : والخامس دخل رسول الله صلى الله عليه وآله بيت ام سلمة وعندها صبي يشتكي فقال ( 2 ) : يا رسول الله أصابته العين ، فقال صلى الله عليه وآله : أما تسترقون له من العين ؟ السادس قوله صلى الله عليه وآله " العين حق ، ولو كان شئ يسبق القدر لسبقت العين القدر " .
السابع قالت عائشة : كان يأمر العاين أن يتوضأ ثم يغتسل منه المعين الذي اصيب بالعين .
المقام الثاني في الكشف عن ماهيته ، فنقول : إن الجبائي أنكر هذا المعنى إنكارا بليغا ، ولم يذكر في إنكاره شبهة فضلا عن حجة .
وأما الذين اعترفوا به وأقروا بوجوده فقد ذكروا فيه وجوها : الاول قال الجاحظ : تمتد من العين أجزاء ، فتتصل بالشخص المستحسن ، فتؤثر وتسري فيه كتأثير اللسع والسم والنار ، وإن كان مخالفا في وجه التأثير لهذه الاشياء .
قال القاضيي : وهذا ضعيف ، لانه لو كان الامر كما قال لوجب أن يؤثر في الشخص الذي لا يستحسن كتأثيره في المستحسن .
واعلم أن هذا الاعتراض ضعيف ، وذلك لانه إذا استحسن شيئا فقد يحب بقاءه كما إذا استحسن ولد نفسه وبستان نفسه ، وقد يكره بقاءه ، كما إذا استحسن الحاسد بحصول شئ حسن لعدوه ، فإن كان الاول فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان خوف


__________________________________________________ ____________
9 ) ( 1 ) أنوار التنزيل : ج 1 ، ص 603 .
( 2 ) فقالت ( ظ ) .





[ 10 ]


شديد من زواله ، والخوف الشديد يوجب انحصار الروح في داخل القلب ، فحينئذ يسخن القلب والروح جدا ، وتحصل في الروح الباصر كيفية قوة مسخنة ، وإن كان الثاني فإنه يحصل عند ذلك الاستحسان حسد شديد وحزن عظيم بسبب حصول تلك النعمة لعدوه ، والحزن أيضا يوجب انحصار الروح في داخل القلب وتحصل فيه سخونة شديدة .
فثبت أن عند الاستحسان القوي يسخن الروح جدا فيسخن شعاع العين ، بخلاف ما إذا لم يستحسن فإنه لا تحصل هذه السخونة ، فظهر الفرق بين الصورتين .
ولهذا السبب أمر الرسول صلى الله عليه وآله العاين بالوضوء ، ومن أصابته العين بالاغتسال .
اقول : على ما ذكره ، إذا عاين شيئا عند استحسان شئ إخر وحصول تلك الحالة فيه أو عند حصول غضب شديد على رجل آخر ، أو حصول هم شديد من مصيبة أو خوف عظيم من عدو أو يؤثر نظره إليه وإى كل شئ يعاينه ، ومعلوم أنه ليس كذلك .
ثم قال الرازي : الثاني قال أبوهاشم وأبوالقاسم البلخي : لا يمتنع أن يكون العين حقا ، ويكون معناه أن صاحب العين إذا شاهد الشئ واعجب به استحسانا كانت المصلحة له في تكليفه أن يغير الله تعالى ذلك الشخص أو ذلك الشئ حتى لا يبقى قلب ذلك المكلف متعلقا به ، فهذا التغيير غير ممتنع .
ثم لا يبعد أيضا أنه لو ذكر ربه عند تلك الحالة وبعد عن الاعجاب وسأل ربه فعنده تتغير المصلحة ، والله سبحانه يبقيه ولا يفنيه ، ولما كانت هذه العادة مطردة لاجرم قيل : " العين حق " .
الوجه الثالث : هو قول الحكماء .
قالوا : هذا الكلام مبنى على مقدمة ، وهي أنه ليس من شرط المؤثر أن يكون تأثيره بحسب هذه الكيفيات المحسوسة ، أعني الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة ، بل قد يكون التأثير نفسانيا ومحضا ، ولا تكون القوى الجسمانية لها تعلق به والذى يدل عليه أن اللوح الذي يكون قليل العرض إذا كان موضوعا على الارض قدر الانسان على المشي عليه ، ولو كان موضوعا فيما بين جدارين عاليين لعجز الانسان عن المشي عليه ، وما ذاك إلا لان خوفه من




[ 11 ]


السقوط منه يوجب سقوطه منه ، فعلمنا أن التأثيرات النفسانية موجودة .
وأيضا إن الانسان إذا تصور كون فلان مؤذيا له حصل في قلبه ، وسخن مزاجه ، فمبدء تلك السخونة ليس إلا ذاك التصور النفساني .
ولان مبدء الحركات البدنية ليس إلا التصورات النفسانية .
ولما ثبت أن تصور النفس يوجب تغير بدنه الخاص لم يبعد أيضا أن يكون بعض النفوس تتعدى تأثيراتها إلى سائر الابدان .
فثبت أنه لا يمتنع في العقل كون النفس مؤثرة في سائر الابدان .
وأيضا جواهر النفوس مختلفة بالماهية ، فلا يمتنع أن تكون بعض النفوس بحيث يؤثر في تغيير بدن حيوان آخر بشرط أن تراه وتتعجب منه .
فثبت أن هذا المعنى أمر محتمل ، والتجارب من الزمن الاقدم ساعدت عليه ، والنصوص النبوية نطقت به ، فعند هذا لا يبقى في وقوعه شك .
وإذا ثبت هذا ثبت أن الذي أطبق عليه المتقدمون من المفسرين في تفسير هذه الآية بإصابة العين كلام حق لا يمكن رده .
دموع الشرقية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس