من الخرافة الى العلم

[محمد الركابي]

يعتبر الانسان الكائن الحي الوحيد الذي وعى ذاته ووعى العالم من حوله وان هذا الوعي بذاته وبالعالم من حوله دفعهُ الى محاولة فهم مايدور في هذا العالم الذي يبدو لأول وهلة عالما مشوشا مضطربا لاتنظمه قوانين
وقد حاول الانسان منذ ان وجد على سطح الارض ان يفهم هذا الكون لأنه يمتلك نزعة دفينة نحو تنظيم وتصنيف الاشياء والظواهر في بيئته ضمن اصناف عامة رئيسية لاكتشاف العلاقات بين تلك الظواهر يتحرر بذلك من الخوف الذي يعتريه ازاء هذا الكون الهائل
ان محاولة الانسان الاولى لفهم هذا الكون اتسمت بطابع ( السذاجة ) فعندما كانت تحدث الحرائق في الغابات او تفيض الانهار اويمرض الانسان فانه كان يعزو اسباب حدوث تلك الظواهر الى قوى خفية شريرة.
ورغم سذاجة مثل هذه التفسيرات الا انها كانت الخطوة الاولى التي خطاها الانسان للوصول الى الطريقة العلمية فيما بعد فقد اثارت تلك الظواهر انتباهه فحاول ان يجد لها حلا او تفسيرا ليحصل على الشعور بالاطمئنان الذي كانت هذه التفسيرات تبعثه فيه , على اساس انه استطاع ان يعرف مصدرها فيعمل على استرضاء تلك القوى الشريرة بتقديم القرابين اليها مثلا ليسود الصفاء والتفاهم بينه وبينها.
واستمر نمو المعرفة البشرية يسير بطيئا الى ان تمكن الانسان من امتلاك الوسيلة الصحيحة للحصول على المعرفة وكانت هذه الوسيلة هي الطريقة العلمية ويعد ( ابن الهيثم ) العالم العربي المسلم اول من وضع اسس الطريقة العلمية فسبق بذلك العالم الغربي ( فرنسيس بيكن )
الذي تنسب اليه هذه الطريقة بعدة قرون والطريقة العلمية اسسها واحدة في كل العلوم فهي تقوم على الشعور بوجود مشكلة مايعاني منها الانسان فيقوم بفرض بعض الفروض لحلها وتعتبر الفريضة حلا مؤقتا للمشكلة يحتاج الى التحقيق من صحته عن طريق الدراسة والتجريب للوصول الى النتائج
ان الهدف الاساس للعلم هو تفسير الظوهر ومعرفة اسبابها ومحاولة التنبؤ بوقوعها ومن ثم العمل على ضبطها وتوجيهها الوجهه الصحيحة التي فيها فائدة الانسان وبعد التقدم العلمي الهائل الذي تحقق اصبح التخصص في مجال العلوم امرا ضروريا فقام كل علم بتكييف الطريقة العلمية بالشكل الذي يلائم طبيعة الظواهر التي يدرسها .