دمعة من القلب

[محمد قاسم الخياط]

دمعة من القلب


هي ذي الدنا تخفي البلاء وتكتـم وتجـود حينــاً بالــهناء ِوتنعـــم


ولنحـن بين العارضـين رهينــة نسـعى ونجهل ما تحوك وتنظـم


فيغـر زبرجـها النفوس فتنبــري تشــقى وتطلـب ما تريد وتنهــم


وتميل عن نهج الصواب تهافتـاً في كسب ما هـو للـزوال مقـــدم


وتغيب عن كنه العقول مواعـظ تســموا على متع الحياة وتضخم


خيـر وأبقــى قـول ربـك للفتــى أخــراه مــن دنيـاً تـزولوتـعدم


ولـــقـد خلقــنا للبـــلاء وأينـــــا حســــنت صنائـعه يفـوزويغنـم


ولنحن فيها عابرون وليــس من بــاق ٍ تخـلد لا يشـــيخ ويــهـرم


ولــه ســني الدهـر سـاح مقامـه ويرى الدهور على يديه تهشـــم


هـيهـات ذلـك فالخــلائق كلـــها تفنــى وربـك للخـلــودمـتمـــــم


فالموت خط على الرقاب قـلادة وعلــى الجمـيع مقــدر ومحــتم


فيزور والأعمار ليـس حســابها مــاش ٍ لديـه ولا يـهاب وينـــدم


فإلـى الرضــيع إذا أتتــه منيـــة يأتــي وللشــيخ المســـنفيدهــم


أبـداً ولا يخشـى الشباب وريعـه فالـكل ان حـكم القضـاء مســـلم


ءَأبـا بــهاء ٍ هـــل رأيت مكابـراً دفــع المنيـة وهــو منهايعصـــم


فالصـبر إن نـزل البـلاء مثوبـة وفضيلــة وبــها نثــابونكـــرم


ولجــدك السـبط الشهيــد بكربلا الصـبر منـه أولـوا البلاءتعلمـوا


فحســـين قــد فقد الأحـبة واحـداً مـن بعـد واحـد للجـهادمصمـــم


أبــداً فــما خــار الفـؤاد وعزمـه راس ٍ لشـــاهقة الجــباليـهـــدم


ضـمئـان مـن حـر الهجيـر كأنهليـث يصـولوفي الحشاشـة مضرم


ولانت يـانـور الجــديـر تأســـياً بــه فهـو جــدك والمثوبةأعظــم


* * *


ءَ أبـا بهاء ٍ ما المصـاب بهيــن أبــداً فــأن أدمـىالفـــؤاد مســلمٍ


ولفقــد مزهــو الشــباب رزيـــة تهمـي العيون دمــاً وقلبكتخـرم


وفقيدكم غض الشباب وعمـرها عمـر الـورود وطيبـها المتنســـم


وفقيدكم فالأرض تعشق خطوها فبـها إلـى الأرض الســلام تقــدم


ونقيــة كالنور يســطع طــهرها فـي طـهر جدتـها البتــولتيمـــم


هــي للتقــى منــذ الولادة تـــوأم ولــه ومـن عهـد الطفـولةتكــرم


هي والهدى يشتاق صفوة هديها فنقـاؤهـا فـيــه الهــدايـةتخـتــــم


هـي والوفـاء سـجية في طبعـها فهـي الوفــاء بــكل معنـى يفــهم


هي من ترى في الدين سر وجودهافبــهالحيـاة هـو الســبيل الاقـوم


هي بنت بيت ٍ لو علمت أصوله لجـزمت فيـه مـن النبــوة معلــم


هي بنت بيت تســـتظـل بظلـــه شــوقاً ملائكــة الهــدىوتســـلم


فبــــه كــتاب الله جــل جلالـــه مــن ســاكنيه إلى الفعالمترجـم


وتشــع فــي ارجائه نور الهـدى والعلــم يــورثه الرجــالفيكــرم


حتــى النســـاء توارثته وطفلهم رضع العلـوم كـما عليـها يفطــم


فبيـوت شــبر للعـلــوم مناهـــل تـروي فـطاحلـة الـرجالوتلهــم


ولهـم بآفـــاق الزمـــان مـآثـــر ونفائــس وبـها الصحائفتزحـم


هي زاد تقوى للنفوس وفضلـها فـي فتـح أبــواب الجــنان مقــدم


ءَأبـا بــهاء ٍ يا ســـليـل بهـائـهـم بــك مجـــدهم بـاق ٍولا يتـثـلـــم


يانوررغم دجى الضلال مشعشع وأضـاء ليـــلاً ليــس مثلـه اظلـم


فلانت مـن يبقــي رسائل شــبر عـبـــر الــزمـان فـتيــــةتتـكلـــم


ويسير فيـها حيث غاية خلـدها والـى المغيب حين يظـهر تــرزم


* * *


يا نور والأيـام كم غـدرت وكم رفعـت حـراب بلائــها لا ترحــم


وكأنها لا تسـتســـيغ ســـــعادة ً وتلــذ فـي غرس الشقاءوتغــرم


وسعت إلى دار الوفاء وأججت نــوباً بــها وجــه الســعادة تلـطم


وتظافرت نوب الزمان وشمرت لنهايـة الحـقب الســـعيدة ترســـم


فتقـلبت حال المعـاش ببـعـلــها والعيــش ضاق وكـف لئـم تحـرم


فمشى كــما أمـر الإلــه مناكـباً في الأرض يطلب رزقها ويلملـم


فأقـــام فـــي بلــد تباعــد اهلــه عــن ربــهم وبـهالمعيــشة تنعـم


وهم على النهج القويم ودارهـم كمــنار علــــم للهـــدايةيفــــــهم


حتــى صغارهم كأن نفوســـهم جبلت وفـــي تقـــوى الالــه ترنم


( نور وحيدر زينة ) وحيتاتهم بالســــعد ترفل والهــناءمخــــيم


لكنـما والشــوق يضــرم قلبــها للاهــــل بعدهـــم يقــضويسـئم


عانت بغـربتها الامر وأرهقـت ممــا رأتـــه ومـا يحيــطفيبـــرم


فالـهم بين ضلوعــها متراكـــم والاه تعتصـــر الفــــؤادوتكلـــم


فعيت ثلاث من قصير حياتـــها صــــبرت ومـا كانـت تـأن فتـألم


وثلاث من عمر الشباب طويلة ومـع التكـتم فهــي حتمـاً تعظـــم


فالشوق يؤخذها لحضرة والـــد هــو كأبنــها تحنــو عليهفينـــعم


ولــه كأم عاش دفئ حنانــــــها ولهــا بمـا طــي الســـريرةيعلـم


يشــتاق رؤيتها ورؤيته لــــــها قـــوت لبنيتــــها يشــــدويدعـــم


ماذا وقد بسط الفراق مســــافة ً هيـــهات تخـــرق فالقيــودتحرم


ولها بأسلاك التخاطب ســــلوة وبهـــا لشـــوق النابضـات تــرنم


فتبث عبر السلك حر لواعــــج وتــود لــو كـف المحــدث تلتــم


واذا تردد عبره صــوت التــي فــي حجــرها نشـأت ومنه تعلـم


قيم هـي الديـن الحنيف ودونــه لا عـــز لا شـرف يصان ولا دم


نهلت من الام الحـنون حنانـها وعلــى هــداها خطــوها تترســم


بـل لا ومـا ألفت فراق خيالــها باق ٍ وفــي حــدق العيـون مجسم


وقضت سني حياتها في منزل ٍ بالـــود يفــرش بالســعادة مفعـــم


وفراقه الـداء ألممـض ومالــــه طـب يعيـن علـى الشــفاء فيهـزم


وكـأبة الاجــواء فـــي بلـــد بـه رأي الجـــهالة ســــائدومحكـــم


فتفســــخ وتهتـــك لا يكــــــــتم اذ قالـــــوا عنـــهتحـــرر وتقدم


رفضته حتى الموت تلك سعادة الله يعلــــم قـدرهـــــــاويقــــــيم


* * *


اءَأبــا بــهاء فالمدامـع لو جرت بـــــدم ٍ فلا لــــوم عليكومأثـــم


ففـراق مــن شبت وانت كظلها واليـــــك ظــل كيــف ذلك يفــهم


هي نفحة الازمان يخشع ذكرها هـي بســـمة الأيــام ان هي تظلـم


واصـــر بل إنــي اقر واجـــزم هيهات حزنك طي صدرك يكظم


خطب تدك له الضلوع وما حــوتوالعيـــشينكــد والبصائر تعـــتم


يا أم حيــدر ان بكتـكي عيونــنا أسفــــــاً ولا جزعـــاً فذاكمحرم


يا أم حيــدر لا خلــــود بعيشــنا كـلا وليــس مـن المنيــةنســـــلم


فالموت راحلة الجميع وكل من فوق البســيطة للركــوب سيرغم


لتقلهم دار الخلود ولـــن تـــرى عمـــلا يضيـع ولا جـزاء ًيهضم

الشاعر


الشيخ محمد حسين عبد الكريم التميمي


25 / ربيع الأول / 1421 هـ


28 / 6 / 2000