العقل

[زهرة اللوتس]

العقل

عند البحث عن مفهوم العقل لغةً واصطلاحاً ، فاننا نجد له معان متعددة، والعقل هو الحجر والنهى والحجا واللب (لسان العرب)وقد ورد في القرآن الكريم بهـذا المعنى بـقوله تعالـــى (هل في ذلك قسم لذي حجر ــ الحجرات ـ 50 ) وقوله تعالى (إن في ذلك لآيات لأولي النهى ـ طه ــ 28 ) وقوله تعالى (إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ـ الزمر ــ 21 ) والعقل هو التثبت في الأمور لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك أي يمنعه ويجنبه ، وبه يتميز الإنسان عن سائر الحيوان ، ومنه القلب وهو العقل والفهم والعلم (يقال عقل الشئ أي فهمه ودبره) والعاقل الفاهم المدرك الحكيم ، وهو الجامع لأمره ورأيه ، والمعنى مأخوذ من عقلت البعير جمعت قوامه ، والعاقل من حبس نفسه وردها عن هواها أي اعتقل لسانه إذ حبس ومنع الكلام ، والمعقول ما تعقله بقلبك أي عقل والعامة تصف به كل ذي فضل سديد الحكم ،(شرح التجريد للشيرازي ـ ص ـ 231 ).
وقد عرف بعض العلماء العقل بأنه الجوهر المجرد في ذاته وفعله لأنه ليس مادياً في ذاته ولا يحتاج إلى المادة في فعله ، وهو المدرك للأشياء على ما هي عليه من حقائق المعنى ، لو أردنا القول بوجود العقل وبأن إدراكه موصلة يصبح النظر إلى العلم والمعرفة وهو قول العقلاء، ومن العلماء من اعترف بوجود العقل لكنه ينكر معارفه العقلية وحقائقه ولا يقيم وزناً لادراكاته، وذهب بعضهم إلى أن الإلهام طريق المعرفة وليس العقل وهذا الرأي ليس بصواب لأن العقل منزه عما يطرءُ عن الحس من غلط.
ولولا العقل لما ثبت حق ولا بطل باطل ، وللعقل تقسيمات باعتبارات مختلفة منها ما يتعلق به الإدراك أو من ناحية تفاوت القوى المدركة نظرياً وعلمياً ، والعقل النظري هو الذي يدرك العلوم والمعارف التي لاعلاقة لها مثل(الكل أعظم من الجزء) وعليه يجب أن يكون فهمه العقل النظري وهو إدراك العلمية وتكونْ رأي كلي حولها، أما العقل العلمي هو إدراك الشئ مما ينبغي ان يعمل أو لا يعمل بعد أن يدركه العقل النظري لأن وظيفة العلمي التطبيق والعمل أو تحريك النفس نحو العمل.
وبالجمة العقل النظري قوة مدركة، والعلمي قوة محركة (جامع السعادات ـج1 ـ ص 57 ) ولعل الأدراك العقلي باعتبار تفاوت قوته إلى درجات منها الإدراك الكامل أو القطعي وهو يؤدي إلى اليقين الجازم لا يحتمل البطء والاشتباه ، كإدراكنا (أن الضدين لا يجتمعان)، ومنها الإدراك الناقص اوالظني ، وهو اتجاه العقل نحو ترجيح شئ دون الجزم به لاحتمال البطء والاشتباه (المعالم الجديدة. محمد باقر الصدر ـ ص34 ) كإدراكنا ان البخيل لا يسهم في نفقات خيرية مثلاً.
وقـد أوضح د. رشدي عليان في مقال له: ـ إن المعارف العقلية (المدركات) تقسم إلى قسمين ضرورية ونظرية والمعارف الضرورية أو (البديهية) هي عبارة عما حاصل في الذهن ولا يحتاج إلى فكر ونظر (الواحد نصف الاثنين) أما المعارف النظرية أو المكتسبة هي عبارة عما يحصل في الذهن بعد عملية التفكير في المقدمات مثل (الأرض كروية) لذا أجمعت الامامية على إن العقل يحتاج في عمله ونتائجه إلى السمع (أي المسموع من الشرع) وأنه غير منفك عن السمع ينبه الغافل على كيفية الاستدلال ، وأنه لابد للعالم من رسول وان العقول لا تعمل بمجردها من السمع والتوثيق (الانتصار الشريف الرضي ـ ص25 ).
ومن هذا نفهم إن العقل قوة في القلب يقضي التميز وقيل هو العلوم الضرورية التي يتمكن بها اكتساب العلوم إذا أكملت شروطها ، وقيل هو مناط التكليف وهو العلم بوجوب الواجبات واستحالة المستحيلات ، وهو غريزة العلوم الكلية البديهية عند سلامة الآلات، ومن قول المعصوم (ع) كثر النظر في العلم يفتح العقل ، وعليك أن تصحب ذا العقل ، فان لم تحمد كرمه ، انتفع بعقله (بحار الأنوار ـ ج 74 ـ ص187 ) اللهم زينا بالعقل وأبعدنا من مرض أضناه قلة العقل.

[ابو بسام قصار]

مشكوره خيتو
زهرة اللوتس
على هذا الموضوع القيم
موفقة باذن الله

[أبو زهراء]

جزيتم خيرا بارك الله فيكم