التميز خلال 24 ساعة | |||
العضو المميز | الموضوع المميز | المشرف المميز | المشرفة المميزه |
قريبا |
بقلم : |
قريبا | قريبا |
|
المنتدى الإسلآمي العام كل مايختص بالدين الإسلامي الحنيف وعلوم وفضائل اهل بيت النبوة "عليهم السلام" |
![]() |
![]() |
|
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
![]() |
#1 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() علامات العقل وجنوده
1 - ل : أبي ، عن سعد ، عن البرقي ، عن أبيه رفعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : قسم العقل على ثلاثة أجزاء فمن كانت فيه كمل عقله ، ومن لم تكن فيه فلا عقل له : حسن المعرفة بالله عزوجل ، وحسن الطاعة له ، وحسن الصبر على أمره . بيان : لعل عد هذه الاشياء التي هي من آثار العقل من أجزاءه على المبالغة ، _________________________________________ ( 1 ) من فعل الصلاة والصيام والحج وإيتاء الزكاة والصدقات وغيرها من المثوبات والقربات وقوله : فانظروا في حسن عقله . أي إن رأتيم عقله كاملا استدلوا به على حسن أفعاله وصحة أعماله . وانه حقيق الركون إليه والاعتماد عليه ، وان رأيتموه ناقصا فلا تغتروا بأعماله ولا تركنوا إليه و استدلوا بقلة عقله على نقصان ثوابه ، فإنه يجازى ويثاب على قدر عقله من الكمال والنقصان . ( * ) [107] والتوسع والتجوز ، لعلاقة عدم انفكاكها عنه ودلالتها عليه . 2 - ل : ماجيلويه ، عن محمد العطار ، عن محمد بن أحمد ، عن سهل ، عن جعفر بن محمد بن بشار ، عن الدهقان ، عن درست ( 1 ) عن عبدالاعلى ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : يعتر عقل الرجل في ثلاث : في طول لحيته ، وفي نقش خاتمه ، وفي كنيته . 3 - ع ، ل : أحمد بن محمد بن عبدالرحمن المروزي ، عن محمد بن جعفر المقري الجرجاني ، عن محمد بن الحسن الموصلي ، عن محمد بن عاصم الطريفي ، عن عياش بن يزيد بن الحسن بن علي الكحال مولى زيد بن علي ، عن أبيه ، عن موسى بن جعفر ، عن أبيه جعفر بن محمد ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه علي بن الحسين ، عن أبيه الحسين ابن علي ، عن أبيه أمير المؤمنين علي بن أبيطالب عليهم السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن الله خلق العقل من نور مخزون مكنون في سابق علمه الذي لم يطلع عليه نبي مرسل ولا ملك مقرب ، فجعل العلم نفسه ، والفهم روحه ، والزهد رأسه ، والحياء عينيه ، و الحكمة لسانه ، والرأفة همه ، والرحمة قلبه ، ثم حشاه وقواه بعشرة أشياء : باليقين ، والايمان ، والصدق ، والسكينة ، والاخلاص ، والرفق ، والعطية ، والقنوع ، والتسليم ، والشكر ، ثم قال عزوجل : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل . ثم قال له : تكلم .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 107 سطر 15 الى ص 116 سطر 21 فقال : الحمد لله الذي ليس له ضد ولا ند ، ولا شبيه ولا كفو ، ولا عديل ولا مثل ، الذي كل شئ لعظمته خاضع ذليل . فقال الرب تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أحسن منك ، ولا أطوع لي منك ، ولا أرفع منك ، ولا أشرف منك ، ولا أعز منك بك اوحد وبك اعبد ، وبك ادعى ، وبك ارتجى ، وبك ابتغى ، وبك اخاف ، وبك احذر ، وبك الثواب ، وبك العقاب . فخر العقل عند ذلك ساجدا فكان في سجوده ألف عام ، فقال الرب تبارك وتعالى : ارفع رأسك وسل تعط ، واشفع تشفع ، فرفع العقل رأسه فقال : إلهي أسألك أن تشفعني فيمن خلقتني فيه ، فقال الله جل جلاله لملائكته : اشهدكم أني قد شفعته فيمن خلقته فيه . بيان : قد مر ما يمكن أن يستعمل في فهم هذا الخبر . والنور ما يصير سببا لظهور _________________________________________ ( 1 ) بضم الدال والراء وسكون السين ، ترجمه النجاشي في كتابه ص 117 ( * ) [108] شئ ، والعقل من أنواره تعالى التي خلقها وقدرها لكشف المعارف على الخلق أي خلقه من جنس نور ومن سنخه ، ومادته كانت شيئا نورانيا مخزونا في خزائن العرش ويحتمل التجوز كما مر . والعلم لشدة ارتباطه به وكونه فائدته الفضلي ومكمله إلى الدرجة العليا فكأنه نفسه وعينه ، وهو بدون الفهم كجسد بلا روح . والزهد رأسه أي أفضل فضائله وأرفعها ، كما أن الرأس أشرف أجزاء البدن ، أو ينتفي بانتفاء الزهد كما أن الشخص يموت بمفارقة الرأس . والحياء معين على انكشاف الامور الحقة عليه أو على من اتصف به كالعينين . والحكمة معبرة للعقل كاللسان للشخص . والرحمة سبب لافاضة الحقائق عليه من الله وطريق لها كالقلب . وسجوده إما : كناية عن استسلامه وانقياد المتصف به للحق تعالى ، أو : المراد سجود أحد المتصفين به ، ولا يخفى إنطباق أكثر أجزاء هذا الخبر على المعنى الاخير ، أي أنوار الائمة عليهم السلام والتجوز والتمثيل والتشبيه لعله أظهر ويقال : شفعته في كذا أي قبلت شفاعته فيه . وسيأتي تفسير بعض الاجزاء في الخبر الآتي . 4 - ل : أبي ، عن سعد ، عن أحمد بن هلال ، عن امية بن علي ، عن ابن المغيرة ، عن ابن خالد ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله لم يعبد الله عزوجل بشئ أفضل من العقل ، ولا يكون المؤمن عاقلا حتى تجتمع فيه عشر خصال : الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، يستكثر قليل الخير من غيره ، ويستقل كثير الخير من نفسه ، ولا يسأم ( 1 ) من طلب العلم طول عمره ، ولا يتبرم ( 2 ) بطلاب الحوائج قبله ، الذل أحب إليه من العز ، والفقر أحب إليه من الغنى . نصيبه من الدنيا القوت ، والعاشرة لا يرى أحدا إلا قال : هو خير مني وأتقى . إنما الناس رجلان : فرجل هو خير منه وأتقى ، وآخر هو شر منه وأدنى ، فإذا رأى من هو خير منه وأتقى تواضع له ليلحق به ، وإذا لقى الذي هو شر منه وأدنى قال : عسى خير هذا باطن ، وشره ظاهر ، وعسى أن يختم له بخير ، فإذا فعل ذلك فقد علا مجده وساد أهل زمانه . _________________________________________ ( 1 ) أي لا يمل ولا يضجر . ( 2 ) أي لا يتضجر . ( * ) [109] 5 - ما : المفيد ، عن محمد بن عمر الجعابي ، عن أحمد بن محمد بن سعيد ، عن الحسن بن جعفر ، عن طاهر بن مدرار ، عن زر بن أنس ، قال : سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام يقول : لا يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون كامل العقل ، ولا يكون كامل العقل حتى يكون فيه عشر خصال ، وساق الحديث نحو ما مر . 6 - ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن أبي إسحاق إبراهيم بن الهيثم الخفاف ، عن رجل من أصحابنا ، عن عبدالملك بن هشام ، عن علي الاشعري رفعه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما عبدالله بمثل العقل ، وماتم عقل امرئ حتى يكون فيه عشر خصال . وذكر مثله . بيان : في ما وع بعد قوله والعاشرة : وما العاشرة ؟ . وقوله عليه السلام لم يعبد الله بشئ أي لا يصير شئ سببا للعبادة وآلة لها ومكملا لها كالعقل ، ويحتمل أن يكون المراد بالعقل تعقل الامور الدينية ، والمعارف اليقينية والتفكر فيها ، وتحصيل العلم ، وهو من أفضل العبادات كما سيأتي ، فيكون ما ذكر بعده من صفات العلماء . والمجد : نيل الشرف والكرم . وساد أهل زمانه أي صار سيدهم وعظيمهم وأشرفهم . 7 - ل : أبي ، عن سعد والحميري معا ، عن البرقي عن علي بن حديد ، عن سماعة قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : اعرفوا العقل وجنده ، والجهل وجنده تهتدوا ، قال سماعة : فقلت جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن الله جل ثناؤه خلق العقل وهو أول خلق خلقه من الروحانيين ( 1 ) عن يمين العرش من نوره ( 2 ) فقال له أقبل فأقبل ، ثم قال له أدبر فأدبر ، فقال الله تبارك وتعالى : خلقتك خلقا عظيما ، وكرمتك على جميع خلقي . قال : ثم خلق الجهل من البحر الاجاج ظلمانيا ، فقال _________________________________________ ( 1 ) يطلق الروح - بضم الراء - في القرآن والحديث على معان : منها جبرئيل وروح القدس وسائر الملائكة ، ومنها ما تقوم به الجسد : وتكون به الحياة ، ومنها القوة الناطقة الانسانية ، و يطلق على العقل أيضا وتقول في نسبة الواحد : الروحاني . وفي نسبة الجمع : الروحانيون ، والالف والنون من زيادات النسب . ويقال لعالم المجردات وعالم الملكوت وعالم الامر الروحانيون . ( 2 ) لعله إشارة إلى عدم تركب العقل من المادة الظلمانية . والاضافة إليه تعالى تشريفية . ( * ) [110] له أدبر فأدبر ، ثم قال له أقبل فلم يقبل ، فقال له : استكبرت ؟ فلعنه ، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا ، فلما رأى الجهل ما اكرم به العقل وما أعطاه ، أضمر له العداوة ، فقال الجهل ( 1 ) يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته ، وأنا ضده ولا قوة لي به ، فأعطني من الجند مثل ما أعطيته ، فقال نعم ، فإن عصيت ( 2 ) بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال : قد رضيت ، فأعطاه خمسة وسبعين جندا . فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند : الخير وهو وزير العقل ، وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل ، والايمان وضده الكفر ، والتصديق وضده الجحود ، والرجاء ( 3 ) وضده القنوط ، و العدل وضده الجور ، والرضاء وضده السخط ، والشكر وضده الكفران ، والطمع و ضده اليأس ، والتوكل وضده الحرص ، والرأفة وضدها الغرة ، والرحمة وضدها الغضب ، والعلم وضده الجهل ، والفهم وضده الحمق ، والعفة وضدها التهتك ، والزهد وضده الرغبة ، والرفق وضده الخرق ، والرهبة وضدها الجرأة ، والتواضع وضده التكبر والتؤدة وضدها التسرع ، والحلم وضده السفه ، والصمت وضده الهذر ، والاستسلام وضده الاستكبار ، والتسليم وضده التجبر ، والعفو وضده الحقد ، والرقة و ضدها القسوة ، واليقين وضده الشك ، والصبر وضده الجزع ، والصفح وضده الانتقام ، والغنى وضده الفقر ، والتفكر ( 4 ) وضده السهو ، والحفظ وضده النسيان ، والتعطف وضده القطيعة ، والقنوع وضده الحرص ، والمواساة وضدها المنع ، والمودة وضدها العداوة ، والوفاء وضده الغدر ، والطاعة وضدها المعصية ، والخضوع و ضده التطاول ، والسلامة وضدها البلاء ، والحب وضده البغض ، والصدق وضده الكذب ، والحق وضده الباطل ، والامانة وضدها الخيانة ، والاخلاص وضده _________________________________________ ( 1 ) لعل المراد بالجهل هو النفس الامارة بالسوء والشهوات التي تكون مبدءا لكل خطيئة لا الجهل المقابل للعلم فإنه يكون من جنودها كما يأتي في الحديث ويأتي إطلاق الجهل على النفس في حديث 11 ( 2 ) فإن عصيتني " ع " ( 3 ) رجاء رحمة الله وعدم اليأس من غفرانه فيما فرط في جنبه تعالى ، ومقابله اليأس عن رحمته وغفرانه وهو أعظم عن ذنبه وخطيئته . ( 4 ) التذكر " ع " ( * ) [111] الشوب ( 1 ) والشهامة وضدها البلادة ( 2 ) ، والفهم وضده الغباوة ( 3 ) ، والمعرفة وضدها الانكار ، والمداراة وضدها المكاشفة ، وسلامة الغيب وضدها المماكرة ، والكتمان وضده الافشاء والصلاة وضدها الاضاعة ، والصوم وضده الافطار ، والجهاد وضده النكول ، والحج وضده نبذ الميثاق ، وصون الحديث وضده النميمة ، وبر الوالدين و ضده العقوق ، والحقيقة وضدها الرياء ، والمعروف وضده المنكر ، والستر وضده التبرج ، والتقية وضدها الاذاعة ، والانصاف وضده الحمية ، والمهنة وضدها البغي والنظافة ( 4 ) وضدها القذر ، والحياء وضده الخلع ، والقصد وضده العدوان ، والراحة وضدها التعب ، والسهولة وضدها الصعوبة ، والبركة وضدها المحق ، والعافية وضدها البلاء ، والقوام وضده المكاثرة ، والحكمة وضدها الهوى ، والوقار وضده الخفة ، والسعادة وضدها الشقاء ( 5 ) ، والتوبة وضدها الاصرار ، والاستغفار وضده الاغترار ، والمحافظة وضدها التهاون ، والدعاء وضده الاستنكاف ، والنشاط ( 6 ) وضده الكسل ، والفرح وضده الحزن ، والالفة وضدها الفرقة ، والسخاء وضده البخل . فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للايمان ، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل ويتقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء عليهم السلام ، وإنما يدرك الفوز بمعرفة العقل و جنوده ومجانبة الجهل وجنوده . وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته . ع : ابن الوليد ، عن الصفار ، عن البرقي ، عن علي بن حديد ، عن سماعة ، مثله . سن : عن علي بن حديد مثله . _________________________________________ ( 1 ) الشرك " ع " ( 2 ) بفتح الباء : عدم الذكاء والفطنة . ( 3 ) بفتح الغين المعجمة : الجهل وقلة الفطنة . ( 4 ) لان مراعاتها يورث الصحة في النفس ويستجلب الناس إليه ، والقذر يورث السقم والمرض وتنفر الناس عنه . ( 5 ) الشقاوة " ع " ( 6 ) في طاعة الله وعبادته أو في أعم منها ومن تحصيل المال الحلال . ( * ) [112] بيان : ما ذكر من الجنود هنا إحدى وثمانون خصلة ، وفي الكافي ثمانية وسبعون ، وكأنه لتكرار بعض الفقرات إما منه عليه السلام أو من النساخ بأن يكونوا أضافوا بعض النسخ إلى الاصل . والعقل هنا يحتمل المعاني السابقة . والجهل إما القوة الداعية إلى الشر أو البدن إن كان المراد بالعقل النفس ، ويحتمل إبليس أيضا لانه المعارض لارباب العقول الكاملة من الانبياء والائمة في هداية الخلق ، ويؤيده أنه قد ورد مثل هذا في معارضة آدم وإبليس بعد تمرده وأنه أعطاهما مثل تلك الجنود . والحاصل أن هذه جنود للعقل وأصحابه ، وتلك عساكر للجهل وأربابه . الخير هو كونه مقتضيا للخيرات أو لايصال الخير إما إلى نفسه أو إلى غيره . والشر يقابله بالمعنيين ، وسماهما وزيرين ، لكونهما منشأين لكل ما يذكر بعدهما من الجنود . فهما أميران عليها مقويان لها وتصدر جميعها عن رأيهما . والتصديق والجحود لعلهما من الفقرات المكررة ، و يمكن تخصيص الايمان بما يتعلق بالاصول ، والتصديق بما يتعلق بالفروع ، ويحتمل أن يكون الفرق بالاجمال والتفصيل بأن يكون الايمان التصديق الاجمالي بما جاء به النبي صلى الله عليه وآله ، والتصديق الاذعان بتفاصيله . والعدل : التوسط في جميع الامور بين الافراط والتفريط أو المعنى المعروف ، وهو داخل في الاول . والرضاء أي بقضاء الله والطمع لعله تكرار للرجاء ، ويمكن أن يخص الرجاء بالامور الاخروية ، والطمع بالفوائد الدنيوية ، أو الرجاء بما يكون باستحقاق ، والطمع بغيره ، أو يكون المراد بالطمع طمع ما في أيدي الناس بأن يكون من جنود الجهل اورد على خلاف الترتيب ولا يخفى بعده . والرأفة والرحمة إحداهما من المكررات ، ويمكن أن يكون المراد بالرأفة الحالة وبالرحمة ثمرتها ، وفي الكافي والمحاسن : ضد الرأفة القسوة ، وفي أكثر نسخ الخصال : العزة . أي طلب الغلبة والاستيلاء . والفهم : إما المراد به حالة للنفس تقتضي سرعة إدراك الامور والعلم بدقائق المسائل أو أصل الادراك ، فعلى الثاني يخص بالحكمة العملية ليغاير العلم . والعفة : منع البطن والفرج عن المحرمات والشبهات ، ومقابلها التهتك وعدم المبالاة بهتك ستره في ارتكاب المحرمات . وقال في القاموس : الخرق بالضم وبالتحريك [113] ضد الرفق ، وأن لا يحسن العمل والتصرف في الامور . والرهبة : الخوف من الله ومن عقابه ، أو من الخلق ، أو من النفس والشيطان ، والاولى التعميم ليشمل الخوف عن كل ما يضر بالدين أو الدنيا ، والتؤدة بضم التاء وفتح الهمزة وسكونها : الرزانة و التأني أي عدم المبادرة إلى الامور بلا تفكر فإنها توجب الوقوع في المهالك . وفي القاموس : هذر كلامه كفرح : كثر في الخطاء والباطل . والهذر محركة : الكثير الردى أو سقط الكلام . والاستسلام : الانقياد لله تعالى فيما يأمر وينهى . والتسليم : انقياد أئمة الحق . وفي الكافي في مقابل التسليم : الشك فالمراد بالتسليم الاذعان بما يصدر عن الانبياء والائمة عليهم السلام ويصعب على الاذهان قبوله كما سيأتي في أبواب العلم . والمراد بالغنى غنى النفس والاستغناء عن الخلق لا الغنى بالمال فإنه غالبا مع أهل الجهل ، وضده الفقر إلى الناس والتوسل بهم في الامور . ولما كان السهو عبارة عن زوال الصورة عن المدركة لا الحافظة اطلق في مقابله التذكر الذي هو الاسترجاع عن الحافظة ، ولما كان النسيان عبارة عن زوالها عن الحافظة أيضا اطلق في مقابله الحفظ . والمواسات جعل الاخوان مساهمين ومشاركين في المال . والسلامة : هي البرائة من البلايا وهي العيوب والآفات ، والعاقل يتخلص منها حيث يعرفها ويعرف طريق التخلص منها ، والجاهل يختارها ويقع فيها من حيث لا يعلم ، وقال الشيخ البهائي رحمه الله : لعل المراد سلامة الناس منه ، كما ورد في الحديث : المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه . ويراد بالبلاء ابتلاء الناس به . والشهامة : ذكاء الفؤاد وتوقده . قوله عليه السلام : والفهم وضده الغباوة ، في ع : الفطنة وضدها الغباوة ، ولعله أولى لعدم التكرار ، وعلى ما في ل لعلها من المكررات ، ويمكن تخصيص أحدهما بفهم مصالح النشأة الاولى ، والآخر بالاخرى ، أو أحدهما بمرتبة من الفهم والذكاء ، و الآخر بمرتبة فوقها ، والفرق بينه وبين الشهامة أيضا يحتاج إلى تكلف . والمعرفة على ما قيل : هي إدراك الشئ بصفاته وآثاره ، بحيث لو وصل إليه عرف أنه هو ، ومقابله الانكار يعني عدم حصول ذلك الادراك فإن الانكار يطلق عليه أيضا كما يطلق على |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#2 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() الجحود . والمكاشفة : المنازعة والمجادلة ، وفي سن : المداراة وضدها المخاشنة . وسلامة الغيب أي يكون في غيبته غيره سالما عن ضرره ، وضدها المماكرة ، وهو أن يتملق ظاهرا للخديعة والمكر ، وفي الغيبة يكون في مقام الضرر ، وفي سن : سلامة القلب ، وضدها المماكرة ، ولعله أنسب . والكتمان أي كتمان عيوب المؤمنين وأسرارهم ، أو كلما يجب أو ينبغي كتمانه ككتمان الحق في مقام التقية ، وكتمان العلم عن غير أهله . والصلاة أي المحافظة عليها وعلى آدابها وأوقاتها ، وضدها الاخلال بشرائطها أو آدابها أو أوقات فضلها . وإنما جعل نبذ الميثاق أي طرحه ضد الحج لما سيأتي في أخبار كثيرة أن الله تعالى أودع الحجر مواثيق العباد ، وعلة الحج تجديد الميثاق عند الحجر فيشهد يوم القيامة لكل من وافاه ولعل المراد بالحقيقة الاخلاص في العبادة ، إذ بتركه ينتفي حقيقة العبادة ، وهذه الفقرة أيضا قريبة من فقرة الاخلاص والشوب ، فإما أن يحمل على التكرار أو يحمل الاخلاص على كماله بأن لا يشوب معه طمع جنة ولا خوف نار ، ولا جلب نفع ، ولا دفع ضرر ، والحقيقة على عدم مراءاة المخلوقين . والمعروف أي اختياره والاتيان به والامر به وكذا المنكر . والتبرج إظهار الزينة ، ولعل هذه الفقرة مخصوصة بالنساء ، ويمكن تعميمها بحيث تشمل ستر الرجال عوراتهم وعيوبهم . والاذاعة : الافشاء . والانصاف : التسوية والعدل بين نفسه وغيره وبين الاقارب والاباعد ، والحمية توجب تقديم نفسه على غيره ، وإن كان الغير أحق وتقديم عشيرته وأقاربه على الاباعد ، وإن كان الحق مع الاباعد . والمهنة بالكسر و الفتح والتحريك ككلمة : الحذق بالخدمة والعمل ، مهنه كمنعه ونصره مهنا ومهنة ويكسر : خدمه وضربه وجهده ، كذا في القاموس . والمراد خدمة أئمة الحق وإطاعتهم ، والبغي : الخروج عليهم وعدم الانقياد لهم . وفي الكافي وسن : التهيئة ، وهي جاءت بمعنى التوافق والاصلاح ، ويرجع إلى ما ذكرنا . والجلع في بعض النسخ بالجيم وهو قلة الحياء ، وفي بعضها بالخاء المعجمة أي خلع لباس الحياء ، وهو مجاز شائع . والقصد : اختيار الوسط في الامور ، وملازمة الطريق الوسط الموصل إلى النجاة . والراحة أي اختيار ما يوجبها بحسب النشأتين ، لا راحة الدنيا فقط . والسهولة : الانقياد بسهولة ولين
[115] الجانب ، والبركة تكون بمعنى الثبات والزيادة ، والنمو أي الثبات على الحق ، والسعي في زيادة أعمال الخير ، وتنمية الايمان واليقين ، وترك ما يوجب محق هذه الامور أي بطلانها ونقصها وفسادها ، ويحتمل أن يكون المراد البركة في المال وغيره من الامور الدنيوية ، فإن العاقل يحصل من الوجه الذي يصلح له ، ويصرف فيما ينبغي الصرف فيه فينمو ويزيد ويبقى ويدوم له ، بخلاف الجاهل . والعافية من الذنوب والعيوب أو من المكاره فإن العاقل بالشكر والعفو يعقل النعمة عن النفار ، ويستجلب زيادة النعمة و بقائها مدى الاعصار ، والجاهل بالكفران وما يورث زوال الاحسان وارتكاب ما يوجب الابتلاء بالغموم والاحزان على خلاف ذلك ، ويمكن أن تكون هذه أيضا من المكررات ويظهر مما ذكرنا الفرق على بعض الوجوه . والقوام كسحاب : العدل وما يعاش به أي اختيار الوسط في تحصيل ما يحتاج إليه ، والاكتفاء بقدر الكفاف . والمكاثرة : المغالبة في الكثرة أي تحصيل متاع الدنيا زائدا على قدر الحاجة للمباهاة والمغالبة ، ويحتمل أن يكون المراد التوسط في الانفاق ، وترك البخل والتبذير ، كما قال تعالى : والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما ( 1 ) . فالمراد بالمكاثرة المغالبة في كثرة الانفاق . والحكمة : العمل بالعلم ، واختيار النافع الاصلح ، وضدها اتباع هوى النفس . والوقار : هو الثقل والرزانة والثبات ، وعدم الانزعاج بالفتن وترك الطيش والمبادرة إلى ما لا يحمد ، والحاصل أن العاقل لا يزول عما هو عليه بكل ما يرد عليه ولا يحركه إلا ما يحكم العقل بالحركة له أو إليه ، لرعاية خير وصلاح ، والجاهل يتحرك بالتوهمات والتخيلات واتباع القوى الشهوانية والغضبية ، فمحرك العاقل عزيز الوجود ، ومحرك الجاهل كثير التحقق . والسعادة : اختيار ما يوجب حسن العاقبة . والاستغفار أعم من التوبة إذ يشترط في التوبة العزم على الترك في المستقبل ، ولا يشترط ذلك في الاستغفار ، ويحتمل أن تكون مؤكدة للفقرة السابقة . والاغترار : الانخداع عن النفس والشيطان بتسويف التوبة والغفلة عن الذنوب ومضارها وعقوباتها . والمحافظة أي على أوقات الصلوات . والتهاون : التأخير عن أوقات الفضيلة ، أو المراد المحافظة على _________________________________________ ( 1 ) الفرقان : 67 ( * ) [116] جميع التكاليف . والاستنكاف الاستكبار ، وقد سمى الله تعالى ترك الدعاء استكبارا ، فقال : إن الذين يستكبرون عن عبادتي ( 1 ) . والفرح : ترك الحزن مما فات عنه من الدنيا أو البشاشة من الاخوان . قوله : الالفة وضدها الفرقة ، في بعض النسخ العصبية ، و كونها ضد الالفة لانها توجب المنازعة واللجاج والعناد الموجبة لرفع الالفة . وتفصيل هذه الخصال وتحقيقها سيأتي إن شاء الله تعالى في أبواب المكارم . 8 - مع : أبي ، عن محمد العطار ، عن الاشعري ، عن محمد بن عبدالجبار ، عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبدالله عليه السلام قال : قلت له : ما العقل ؟ قال : ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان ( 2 ) قال قلت : فالذي كان في معاوية ؟ قال : تلك النكراء وتلك الشيطنة ، وهي شبيهة بالعقل ، وليست بعقل . سن : الاشعري مثله . بيان : النكراء : الدهاء والفطنة وجودة الرأي ، وإذا استعمل في مشتهيات جنود الجهل يقال له الشيطنة ، ولذا فسره عليه السلام بها ، وهذه إما قوة اخرى غير العقل أو القوة العقلية وإذا استعملت في هذه الامور الباطلة وكملت في ذلك تسمى بالشيطنة ولا تسمى بالعقل في عرف الشرع ، وقد مر بيانه . 9 - مع : سئل الحسن بن علي عليه السلام فقيل له : ما العقل ؟ قال : التجرع للغصة حتى تنال الفرصة . بيان : الغصة بالضم : ما يعترض في الحلق وتعسر إساغته ( 3 ) ، ويطلق مجازا على الشدائد التي يشق على الانسان تحملها وهو المراد هنا . وتجرعه كناية عن تحمله وعدم القيام بالانتقام به وتداركه حتى تنال الفرصة فإن التدارك قبل ذلك لا ينفع سوى الفضيحة وشدة البلاء وكثرة الهم . 10 - مع : في أسؤلة أمير المؤمنين عن الحسن عليهما السلام يا بني ما العقل ؟ قال : حفظ .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 116 سطر 22 الى ص 122 سطر 7 قلبك ما استودعه ، قال فما الجهل ؟ قال : سرعة الوثوب على الفرصة قبل الاستمكان منها _________________________________________ ( 1 ) المؤمن : 60 ( 2 ) لعل تعريفه عليه السلام العقل بخواصه ولوازمه دون بيان حقيقته وماهيته إشارة إلى أن العلم والعرفان بحقيقته وكنهه غير ممكن . والعقل هنا يشمل النظري والعملي لان عبادة الرحمن و اكتساب الجنان يحتاج إليهما معا . ( 3 ) وفي نسخة : وتعذر إساغته . ( * ) [117] والامتناع عن الجواب ، ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا . بيان : ما استودعه على البناء للمجهول أي ما جعلت عنده وديعة وطلبت منه حفظه . قوله عليه السلام والامتناع عن الجواب ، أي عند عدم مظنة ضرر في الجواب فإن الامتناع حينئذ إما للجهل به أو للجهل بمصلحة الوقت فإن الصلاح حينئذ في الجواب فقوله عليه السلام : ونعم العون كالاستثناء مما تقدم ، وسيجيئ أخبار تناسب هذا الباب في باب تركيب الانسان وأجزاءه . 11 - ف : قال النبي صلى الله عليه وآله في جواب شمعون بن لاوي بن يهودا من حواريي عيسى حيث قال : أخبرني عن العقل ما هو وكيف هو ؟ وما يتشعب منه وما لا يتشعب ؟ وصف لي طوائفه كلها . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن العقل عقال ( 1 ) من الجهل ، والنفس مثل أخبث الدواب فإن لم تعقل حارت ( 2 ) فالعقل عقال من الجهل ، وإن الله خلق العقل ، فقال له أقبل فأقبل ، وقال له أدبر فأدبر ، فقال الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعظم منك ، ولا أطوع منك ، بك أبدا وبك اعيد ، لك الثواب وعليك العقاب ، فتشعب من العقل الحلم ، ومن الحلم العلم ، ومن العلم الرشد ، و من الرشد العفاف ( 3 ) ومن العفاف الصيانة ، ومن الصيانة الحياء ، ومن الحياء الرزانة ، ومن الرزانة المداومة على الخير ، ومن المداومة على الخير كراهية الشر ، ومن كراهية الشر طاعة الناصح . فهذه عشرة أصناف من أنواع الخير ، ولكل واحد من هذه العشرة الاصناف عشرة أنواع : فأما الحلم فمنه : ركوب الجهل ، وصحبة الابرار ، ورفع من الضعة ( 4 ) ورفع من الخساسة ، وتشهي الخير ، ويقرب صاحبه من معالي الدرجات ، والعفو ، والمهل ( 5 ) _________________________________________ ( 1 ) بكسر العين : حبل يشد به البعير في وسط ذراعه ( 2 ) أي هلكت . ( 3 ) بفتح العين : الكف عما لا يحل أو لا يجمل . ( 4 ) بكسر الضاد وفتحها : حط النفس . ( 5 ) بفتح الميم وسكون الهاء وفتحها : الرفق والتؤدة في العمل ، والتقدم في الخير ، والمعنى الاول هو المراد هنا . ( * ) [118] والمعروف ، والصمت ( 1 ) فهذا ما يتشعب للعاقل بحلمه . وأما العلم فيتشعب منه : الغنى وإن كان فقيرا ، والجود وإن كان بخيلا ، والمهابة وإن كان هينا ، والسلامة وإن كان سقيما ، والقرب وإن كان قصيا ، والحياء وإن كان صلفا ، والرفعة وإن كان وضيعا ، والشرف وإن كان رذلا ، والحكمة ، والحظوة ، فهذا ما يتشعب للعاقل بعلمه ، فطوبى لمن عقل وعلم . وأما الرشد فيتشعب منه السداد ، والهدى ، والبر ، والتقوى ، والمنالة ، والقصد ، والاقتصاد ، والثواب ، والكرم ، والمعرفة بدين الله . فهذا ما أصاب العاقل بالرشد ، فطوبى لمن أقام به على منهاج الطريق . وأما العفاف فيتشعب منه : الرضاء ، والاستكانة ، والحظ ، والراحة ، والتفقد ، والخشوع ، والتذكر ، والتفكر ، والجود ، والسخاء ، فهذا ما يتشعب للعاقل بعفافه رضي بالله و بقسمه . وأما الصيانة فيتشعب منها الصلاح ، والتواضع ، والورع ، والانابة ، والفهم ، والادب ، والاحسان ، والتحبب ، والخير ، واجتناب الشر ، فهذا ما أصاب العاقل بالصيانة ، فطوبى لمن أكرمه مولاه بالصيانة . وأما الحياء فيتشعب منه اللين ، والرأفة ، والمراقبة لله في السر والعلانية ، و السلامة ، واجتناب الشر ، والبشاشة ، والسماحة ( 2 ) والظفر ، وحسن الثناء على المرء في الناس ، فهذا ما أصاب العاقل بالحياء ، فطوبى لمن قبل نصيحة الله وخاف فضيحته . وأما الرزانة فيتشعب منها اللطف ، والحزم ، وأداء الامانة ، وترك الخيانة ، وصدق اللسان ، وتحصين الفرج ، واستصلاح المال ، والاستعداد للعدو ، والنهي عن المنكر ، وترك السفه ، فهذا ما أصاب العاقل بالرزانة ، فطوبى لمن توقر ولمن لم تكن له خفة ولا جاهلية وعفا وصفح . وأما المداومة على الخير فيتشعب منه ترك الفواحش ، والبعد من الطيش ( 3 ) ، _________________________________________ ( 1 ) بفتح الصاد وسكون الميم : السكوت . أي عما لا يعنيه ولا يهمه وما يكون فيه الضرر شرعا أو عقلا . ( 2 ) بفتح السين المهملة : الجود . ( 3 ) بفتح الطاء وسكون الياء : النزق والخفة ، وذهاب العقل . ( * ) [119] والتحرج ، واليقين ، وحب النجاة ، وطاعة الرحمن ، وتعظيم البرهان ، واجتناب الشيطان ، والاجابة للعدل ، وقول الحق ، فهذا ما أصاب العاقل بمداومة الخير ، فطوبى لمن ذكر ما أمامه وذكر قيامه واعتبر بالفناء . وأما كراهية الشر فيتشعب منه الوقار ، والصبر ، والنصر ، والاستقامة على المنهاج ، والمداومة على الرشاد ، والايمان بالله ، والتوفر ، والاخلاص ، وترك ما لا يعنيه ، والمحافظة على ما ينفعه ، فهذا ما أصاب العاقل بالكراهية للشر ، فطوبى لمن أقام الحق لله وتمسك بعرى سبيل الله . وأما طاعة الناصح فيتشعب منها الزيادة في العقل ، وكمال اللب ، ومحمدة العواقب ، والنجاة من اللوم ، والقبول ، والمودة ، والاسراج ، والانصاف ، والتقدم في الامور ، والقوة على طاعة الله ، فطوبى لمن سلم من مصارع الهوى ، فهذه الخصال كلها يتشعب من العقل . قال شمعون : فأخبرني عن أعلام الجاهل ( 1 ) فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن صحبته عناك ، وان اعتزلته شتمك ، وإن أعطاك من عليك ، وإن أعطيته كفرك ، وإن أسررت إليه خانك ، وإن أسر إليك إتهمك ، وإن استغنى بطر ( 2 ) وكان فظا غليظا ، وإن افتقر جحد نعمة الله ولم يتحرج ، وإن فرح أسرف وطغى ، وإن حزن آيس ، وإن ضحك فهق ، وإن بكى خار ، يقع في الابرار ، ولا يحب الله ولا يراقبه ، ولا يستحيي من الله ولا يذكره ، إن أرضيته مدحك وقال فيك من الحسنة ما ليس فيك ، وإن سخط عليك ذهبت مدحته ووقع فيك من السوء ما ليس فيك . فهذا مجرى الجاهل . قال : فأخبرني عن علامة الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : الايمان ، والعلم ، والعمل قال : فما علامة الايمان ؟ وما علامة العلم ؟ وما علامة العمل ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما علامة الايمان فأربعة : الاقرار بتوحيد الله ، والايمان به ، والايمان بكتبه ، والايمان _________________________________________ ( 1 ) الاعلام جمع " علم " . بفتح العين واللام شئ ينصب فيهتدى به ، والمعنى : أخبرني عن امارات الجاهل وعلاماته . ( 2 ) البطر : الطغيان عند النعمة . ( * ) [120] برسله . وأما علامة العلم فأربعة : العلم بالله ، والعلم بمحبته ، والعلم بمكارهه ، و الحفظ لها حتى تؤدي . وأما العمل : فالصلاة والصوم والزكاة والاخلاص . قال : فأخبرني عن علامة الصادق ، وعلامة المؤمن ، وعلامة الصابر ، وعلامة التائب ، وعلامة الشاكر ، وعلامة الخاشع ، وعلامة الصالح ، وعلامة الناصح ، وعلامة الموقن ، وعلامة المخلص ، وعلامة الزاهد ، وعلامة البار ، وعلامة التقي ، وعلامة المتكلف ، وعلامة الظالم ، وعلامة المرائي ، وعلامة المنافق ، وعلامة الحاسد ، وعلامة المسرف ، وعلامة الغافل ، وعلامة الكسلان ، وعلامة الكذاب ، وعلامة الفاسق ، وعلامة الجائر . فقال رسول الله صلى الله عليه وآله : أما علامة الصادق فأربعة : يصدق في قوله ، ويصدق وعد الله ووعيده ، ويوفي بالعهد ، ويجتنب الغدر . وأما علامة المؤمن : فإنه يرؤف ، ويفهم ، ويستحيي . وأما علامة الصابر فأربعة : الصبر على المكاره ، والعزم في أعمال البر ، والتواضع والحلم . وأما علامة التائب فأربعة : النصيحة لله في عمله ( 1 ) وترك الباطل ، ولزوم الحق ، والحرص على الخير . وأما علامة الشاكر فأربعة : الشكر في النعماء ، والصبر في البلاء ، والقنوع بقسم الله ، ولا يحمد ولا يعظم إلا الله . وأما علامة الخاشع فأربعة : مراقبة الله في السر والعلانية ، وركوب الجميل ، والتفكر ليوم القيامة ، والمناجاة لله . وأما علامة الصالح فأربعة : يصفي قلبه ، ويصلح عمله ، ويصلح كسبه ، ويصلح اموره كلها . وأما علامة الناصح فأربعة : يقضي بالحق ، ويعطي الحق من نفسه ، ويرضى للناس ما يرضاه لنفسه ، ولا يعتدي على أحد . وأما علامة الموقن فستة : أيقن أن الله حق فآمن به ، وأيقن بأن الموت حق فحذره ، وأيقن بأن البعث حق فخاف الفضيحة ( 2 ) وأيقن بأن الجنة حق فاشتاق _________________________________________ ( 1 ) أي الاخلاص لله في عمله . ( 2 ) في دار الآخرة وفي يوم تبلى فيه السرائر ، فلم يعمل ما يوجب الفضيحة . ( |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#3 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() إليها ( 1 ) وأيقن بأن النار حق فطهر ( 2 ) سعيه للنجاة منها ، وأيقن بأن الحساب حق فحاسب نفسه . وأما علامة المخلص فأربعة : يسلم قلبه ( 3 ) ويسلم جوارحه ( 4 ) وبذل خيره ، وكف شره . وأما علامة الزاهد فعشرة ، يزهد في المحارم ، ويكف نفسه ، ويقيم فرائض ربه ، فإن كان مملوكا أحسن الطاعة ، وإن كان مالكا أحسن المملكة ، وليس له محمية ولا حقد ، يحسن إلى من أساء إليه ، وينفع من ضره ، ويعفو عمن ظلمه ، ويتواضع لحق الله . وأما علامة البار فعشرة : يحب في الله ، ويبغض في الله ، ويصاحب في الله ، و يفارق في الله ، ويغضب في الله ، ويرضى في الله ، ويعمل لله ، ويطلب إليه ، ويخشع لله خائفا مخوفا طاهرا مخلصا مستحييا مراقبا ، ويحسن في الله . وأما علامة التقي فستة : يخاف الله ، ويحذر بطشه ، ويمسي ويصبح كأنه يراه ، لا تهمه ( 5 ) الدنيا ، ولا يعظم عليه منها شئ لحسن خلقه ( 6 ) . وأما علامة المتكلف فأربعة : الجدال فيما لا يعنيه ، وينازع من فوقه ، ويتعاطى ما لا ينال ( 7 ) . وأما علامة الظالم فأربعة : يظلم من فوقه ( 8 ) بالمعصية ، ويملك من دونه بالغلبة ويبغض الحق ويظهر الظلم .
_____________________________________________ ( 1 ) بفعل الخيرات والمبرات وباكتساب ما يوجب دخول الجنان ، والبعد من النيران . ( 2 ) فظهر " تحف " . ( 3 ) من الشرك والرياء وحب الدنيا وأهلها ، وزخرفها وزبرجها . ( 4 ) من المعاصي وما يكون فيه آفتها . ( 5 ) أي لا تحزنه ولا تقلقه أمر الدنيا . ( 6 ) الظاهر سقوط أحد الستة . ( 7 ) ويجعل همه لما يعنيه . " تحف " ( 8 ) كخالقه ونبيه وإمامه ومعلمه ووالديه ومن يجب عليه مراعاة حقوقهم وحفظ حرمتهم . ( * ) [122] وأما علامة المرائي فأربعة ، يحرص في العمل لله إذا كان عنده أحد ، ويكسل إذا كان وحده ، ويحرص في كل أمره على المحمدة ويحسن سمته بجهده . وأما علامة المنافق فأربعة : فاجر دخله ، يخالف لسانه قلبه ، وقوله فعله ، و سريرته علانيته . فويل للمنافق من النار . وأما علامة الحاسد فأربعة : الغيبة . والتملق والشماتة بالمصيبة . وأما علامة المسرف فأربعة : الفخر بالباطل ، ويشتري ما ليس له ، ويلبس ما ليس له ، ويأكل ما ليس عنده . .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 122 سطر 8 الى ص 130 سطر 14 وأما علامة الغافل فأربعة : العمى ، والسهو ، واللهو ، والنسيان . وأما علامة الكسلان فأربعة : يتوانى حتى يفرط ، ويفرط حتى يضيع ، و يضيع حتى يأثم ويضجر . وأما علامة الكذاب فأربعة : إن قال لم يصدق ، وإن قيل له لم يصدق ، و النميمة ، والبهت . وأما علامة الفاسق فأربعة : اللهو ، واللغو ، والعدوان ، والبهتان . وأما علامة الجائر فأربعة : عصيان الرحمن ، وأذى الجيران ، وبغض القرآن ، والقرب إلى الطغيان . فقال شمعون : لقد شفيتني وبصرتني من عماي ، فعلمني طرائق أهتدي بها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا شمعون إن لك أعداء يطلبونك ويقاتلونك ليسلبوا دينك ، من الجن والانس ، فأما الذين من الانس : فقوم لا خلاق لهم في الآخرة ولا رغبة لهم فيما عند الله ، إنما همهم تعيير الناس بأعمالهم ، لا يعيرون أنفسهم ، ولا يحاذرون أعمالهم ، إن رأوك صالحا حسدوك وقالوا : مراء ، وإن رأوك فاسدا قالوا : لا خير فيه . وأما أعدائك من الجن : فإبليس وجنوده ، فإذا أتاك فقال : مات ابنك فقل إنما خلق الاحياء ليموتوا ، وتدخل بضعة ( 1 ) مني الجنة إنه ليسري ، فإذا أتاك و قال : قد ذهب مالك فقل : الحمد لله الذي أعطى وأخذ ، وأذهب عني الزكاة فلا زكاة علي . وإذا أتاك وقال لك : الناس يظلمونك وأنت لا تظلم ، فقل إنما السبيل يوم _____________________________________________ ( 1 ) البضعة بكسر الباء وفتحها : القطعة من اللحم ، وهنا كناية عن الولد . ( * ) [123] القيامة على الذين يظلمون الناس وما على المحسنين من سبيل . وإذا أتاك وقال لك : ما أكثر إحسانك ! ؟ يريد أن يدخلك العجب ، فقل : إساءتي أكثر من إحساني . وإذا أتاك فقال لك : ما أكثر صلاتك ! ؟ فقل : غفلتي أكثر من صلاتي . وإذا قال لك : كم تعطي الناس ؟ فقل : ما آخذ أكثر مما اعطي . وإذا قال لك : ما أكثر من يظلمك ! ؟ فقل : من ظلمته أكثر . وإذا أتاك فقال لك : كم تعمل ؟ فقل طال ما عصيت . إن الله تبارك وتعالى لما خلق السفلى فخرت وزخرت ( 1 ) وقالت : أي شئ يغلبني ؟ فخلق الارض فسطحها على ظهرها فذلت ، ثم إن الارض فخرت وقالت : أي شئ يغلبني ؟ فخلق الله الجبال فأثبتها على ظهرها أوتادا من أن تميد ( 2 ) بها عليها فذلت الارض واستقرت ثم إن الجبال فخرت على الارض فشمخت ( 3 ) واستطالت وقالت أي شئ يغلبني ؟ فخلق الحديد فقطعها فذلت ، ثم إن الحديد فخر على الجبال وقال : أي شئ يغلبني ؟ فخلق النار فأذابت الحديد فذل الحديد ، ثم إن النار زفرت ( 4 ) وشهقت ( 5 ) وفخرت وقالت : أي شئ يغلبني ؟ فخلق الماء فأطفأها فذلت ، ثم الماء فخر وزخر وقال : أي شئ يغلبني ؟ فخلق الريح فحركت أمواجه وأثارت ما في قعره ، وحبسته عن مجاريه فذل الماء ، ثم إن الريح فخرت وعصفت وقالت : أي شئ يغلبني ؟ فخلق الانسان فبنى واحتال ما يستتر به من الريح وغيرها فذلت الريح ، ثم إن الانسان طغى وقال : من أشد مني قوة ؟ فخلق الموت فقهره فذل الانسان ، ثم إن الموت فخر في نفسه فقال الله عزوجل : لا تفخر ، فإني ذابحك ( 6 ) بين الفريقين : أهل الجنة وأهل النار ثم لا احييك أبدا فخاف . ثم قال : والحلم يغلب الغضب ، والرحمة تغلب السخط ، والصدقة تغلب الخطيئة . _____________________________________________ ( 1 ) أي افتخرت . ( 2 ) أي تتحرك وتضطرب . ( 3 ) أي علت . ( 4 ) أي سمع صوت توقدها . ( 5 ) لعل المراد بشهقتها إرتفاع نيرانها وشعلتها . ( 6 ) لعل المراد بذبح الموت إعدام أسبابه . ( * ) [124] بيان : قوله تعالى : بك أبدا وبك اعيد ، أي بك خلقت الخلق وأبدأتهم ، و بك اعيدهم للجزاء ، إذ لولا العقل لم يحسن التكليف ، ولولا التكليف لم يكن للخلق فائدة ، ولا للثواب والعقاب والحشر منفعة ، ولا فيها حكمة . قوله صلى الله عليه وآله : ومن الحلم العلم ، إذ بترك الحلم ينفر العلماء عنه ، فلا يمكنه التعلم منهم ، وأيضا يسلب الله علمه عنه ، ولا يفيض عليه الحكمة بتركه ، كما سيأتي . والرشد : الاهتداء والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه . والعفاف : منع النفس عن المحرمات والصيانة : منعها عن الشبهات والمكروهات ، فلذا تتفرع على العفاف ، وبالصيانة ترتفع الغواشي والاغطية عن عين القلب فيرى الحق حقا ، والباطل باطلا ، فيستحيي من ارتكاب المعاصي ، وإذا استحكم فيه الحياء تحصل له الرزانة ، أي عدم الانزعاج عن المحركات الشهوانية والغضبية ، وعدم التزلزل بالفتن ، إذ الحياء عن ربه يمنعه عن أن يؤثر شيئا على رضاه ، أو يترك للامور الدنية خدمة مولاه . والرزانة تصير وسيلة إلى المداومة على الخيرات ، والمداومة على الخيرات توجب تأييد الله تعالى لان يكره الشرور ، فإذا صار محبا للخير كارها للشر يطيع كل ناصح يدله على الخير الذي يحبه ، أو يزجره عن الشر الذي يكرهه وأما ما يتشعب من الحلم فتشعبها منه يظهر بأدنى تأمل . وبسط القول فيها يوجب الاطناب . والضعة بحسب الدنيا . والخساسة ما كان بسبب الاخلاق الذميمة . والمهل أي تأخير العقوبة وعدم المبادرة بالانتقام . وأما ما يتشعب من العلم فالغنى . أي غنى النفس وإن كان فقيرا بلا مال ، و يحتمل أيضا الغنى بالمال وإن كان قبل العلم فقيرا . والجود أي يجود بالحقائق على الخلق وإن كان بخيلا في المال إما لعدمه أو لبخله ، أو المراد أن العلم يصير سببا لجوده بالمال والعلم وغيرهما وإن كان قبل اتصافه بالعلم بخيلا . وتحصل له المهابة ، وإن كان بحسب ما يصير بحسب الدنيا سببا لها هينا لعدم شرف دنيوي و حسب ونسب ومال ، لكن بالعلم يلقي الله مهابته في قلوب العباد ، وإن كان قبل العلم هينا حقيرا ، والسلامة من العيوب وإن كان في بدنه سقيما ، أو العلم يصير سببا لشفاءه عن الاسقام الجسمانية والروحانية . والقرب من الله وإن كان قصيا أي بعيدا عن كرام [125] الخلق ، أو القرب من الله ومن الخلق وإن كان بعيدا عنهما قبل العلم . والحياء وإن كان صلفا ، في القاموس : الصلف بالتحريك : التكلم بما يكرهه صاحبك ، والتمدح بما ليس عندك ، أو مجاوزة قدر الظرف ، والادعاء فوق ذلك تكبرا ، وهو صلف ككتف إنتهى . أي يحصل من العلم الحياء في ما يحب ويحمد وإن عده الناس صلفا لترك المداهنة ، أو وإن كان قبله صلفا ، والاخير هنا أظهر . والرفعة والشرف أيضا يحتملان المعنيين على قياس ما مر ، والفرق بينهما بأن الرفعة ما كان له نفسه ، والشرافة ما يتعدى إلى غيره بأن يتشرف من ينسب إليه بسببه ، والاول بحسب الجاه الدنيوي ، والثاني بالرفعة المعنوية بسبب الاخلاق الشريفة . والحكمة : العلوم الفائضة بعد العمل بما يعلم ، أو العمل بالعلم كما سيأتي . والحظوة : المنزلة والقرب عند الله . وأما ما يتشعب من الرشد : فالسداد وهو الصواب من القوم والعمل . والهدى أي إلى ما فوق ما هو فيه ، أو المراد أن من أجزاءه ولوازمه الهدى ، وكذا البر والتقوى . والمنالة لعل المراد بها الدرجة التي بها تنال أقصى المقاصد ، من القرب والفوز والسعادة فإنها من النيل والاصابة . والقصد أي الطريق الوسط المستقيم . والاقتصاد : رعاية الوسط الممدوح في جميع الامور ، وترك الافراط والتفريط . ويحتمل أن يكون المراد بالثواب إثابة الغير بجزاء ما يصنع إليه لكنه بعيد . وأما ما يتشعب من العفاف : فالرضاء بما أعطاه الله من الرزق وعدم التصرف في الامر الحرام لطلب الزيادة . والاستكانة : الخضوع والمذلة ، وهي من لوازم العفاف لان من عف عن الحرام ولم يجمع الاموال الكثيرة منه لا يطغى ويذل نفسه ويخضع . والحظ : النصيب أي حظوظ الآخرة إذ بترك حظوظ الدنيا تتوفر حظوظ الآخرة . و الراحة أي في الدنيا والآخرة إذ من يجمع المال في الدنيا أيضا ليس له إلا العناء والتعب وكذا من لا يعف عن الفرج الحرام يتحمل في الدنيا المشاق والمنازعات والحدود الشرعية وغيرها . والتفقد إما المراد تفقد أحوال الفقراء وأداء حقوقهم ، أو تفقد أحوال النفس وعيوبها والاول أظهر . والخشوع إذ بترك العفاف يسلب الخشوع في العبادات كما هو المجرب . والتذكر أي تذكر الموت وأحوال الآخرة والذنوب . و التفكر أي في المبدأ والمعاد وفيما خلق له . [126] وأما ما يتشعب من الصيانة ، فالصلاح : صلاح نفسه ، وخروجه عن المفاسد و المعائب . والتواضع عند الخالق والخلائق ، وعدم الاستكبار عن قبول الحق . والورع اجتناب المحرمات والشبهات . والانابة : التوبة والرجوع إلى الله تعالى . والفهم : فهم حسن الاشياء وقبحها ، وفهم معائب النفس وعظمة خالقها . والادب حسن المعاملة في خدمة الخالق ومعاشرة الخلق . والاحسان إلى الغير ، وكسب محبة الناس واختيار الخير وما هو أحسن عاقبة واجتناب الشر . وأما ما يتشعب من الحياء ، فلين الجانب ، وعدم الغلظة ، والرأفة والترحم على الخلق ، والمراقبة وهي ما يكون بين شخصين يرقب ويرصد كل منهما صاحبه أي يعلم في جميع أحواله ويتذكر أن الله مطلع عليه ، فيستحيي من معصيته أو ترك طاعته والتوجه إلى غيره ، وينتظر في كل آن رحمته ، ويحترز من حلول نقمته . والسلامة من البلايا التي ترد على الانسان ، في الدنيا والآخرة بترك الحياء ، وكذا اجتناب الشر والظفر وهو الوصول إلى البغية والمطلوب وحسن ثناء الخلق عليه . وأما ما يتشعب من الرزانة ( 1 ) فاللطف والاحسان إلى الخلق ، أو الرفق و المداراة معهم ، أو اتيان الامور بلطف التدبير وبما يعلم بعد التفكر أنه طريق الوصول إليه ، بدون مبادرة واستعجال . والحزم : ضبط الامر والاخذ فيه بالثقة والتفكر في عواقب الامور . وتحصين الفرج أي حفظه ومنعه عن الحرام والشبهة ، ومن لم تكن له رزانة يتبع الشهوات وتحركه في أول الامر فيقع في الحرام والشبهة بلا روية . و استصلاح المال أيضا إنما يتيسر بالرزانة إذ الاستعجال في الامور واتباع كل ما يحدث في بادي النظر يوجب الخسران غالبا ، وكذا الاستعداد للعدو إنما يكون بالتأني والتثبت ، وكذا النهي عن المنكر فإنه أيضا إنما يتمشى بالتدبير والحزم . والتحرج تضييق الامر على النفس أو فعل ما يوجب الاثم قال في النهاية : ومنها حديث " اليتامى تحرجوا أن يأكلوا معهم " أي ضيقوا على أنفسهم ، وتحرج فلان : إذا فعل فعلا يحرج به من الحرج الاثم والضيق انتهى . وعلى الثاني يكون معطوفا على الطيش . واليقين _____________________________________________ ( 1 ) بفتح الراء المهلة : الوقار والسكون والثبات . ( * ) [127] إذ بكثرة العبادات يتقوى اليقين . وقوله : طاعة الرحمن ، يمكن عطفه على النجاة ، ولو كان معطوفا على الحب لعل المراد كثرتها وزيادتها ، أو أنها ثمرة مترتبة على المداومة على الخير ، وهي أنه مطيع للرحمن ، وكفى به شرفا وفضلا . والبرهان : الحجة وكل ما يوجب وضوح أمر ، وبراهين الله تعالى أنبياؤه وحججه وكتبه ، ومعجزات الانبياء والحجج ، وآيات الآفاق والانفس الدالة على وجوده وعظمته ووحدانيته وسائر صفاته ، والطاعة والمداومة عليها تعظيم لتلك البراهين وإذعان بها ، والمعصية تحقير لها . وأما ما يتشعب من كراهية الشر فالوقار وعدم التزلزل عن الخير ، والصبر على المكاره في الدين ، والنصر على الاعادي الظاهرة والباطنة . والتوفر أي في الايمان أو في جميع الطاعات ، وترك مالا يعنيه أي لا يهمه ولا ينفعه . وأما ما يتشعب من طاعة الناصح فاللب : الخالص من كل شئ ، ولعل المراد هنا العقل الخالص عن مخالطة الشهوات والاهواء . والقبول أي عند الخالق والخلق وكذا المودة ، أو القبول عند الله والمودة بين الخلق ( 1 ) . والاسراج لعل المراد إسراج الذهن وإيقاد الفهم ، ويمكن أن يكون في الاصل الانشراح أي انشراح الصدر واتساعه للعلوم ، أو الاستراحة فصحف إلى ما ترى . والتقدم في الامور أي الخيرات . قوله عليه السلام : من مصارع الهوى ، الصرع : الطرح على الارض والمراد الامور والمقامات التي يصرع هوى النفس فيها أكثر الخلق ويغلبهم . وأما أعلام الجاهل ، عناك " بالتشديد " أي اتعبك ، من العناء : النضب والتعب وإن أعطيته كفرك " بالتخفيف " أي لم يشكرك . والفظ : الغليظ الجانب السيئ الخلق وقوله عليه السلام : لم يتحرج أي لا يتضيق عن إثم وقبح ومعصية ( 2 ) . وإن ضحك فهق أي فتح فاه وامتلا من الضحك قال الجزري فيه : إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون : هم الذين يتوسعون في الكلام ، ويفتحون به أفواههم مأخوذ من " الفهق " وهو الامتلاء والاتساع ، يقال : أفهقت الاناء فهق يفهق فهقا انتهى . وإن بكى خار أي جزع وصاح _____________________________________________ ( 1 ) أو قبول نصيحة الناصح . ( 2 ) وفي نسخة : وفضيحة . ( * ) |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#4 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]()
[128]
كالبهائم قال الجزري : الخوار : صوت البقر ، ومنه حديث مقتل أبي بن خلف فخر يخور كما يخور الثور انتهى . والحاصل أن فرحه وجزعه خارجان عن الاعتدال . قوله : يقع في الابرار ، أي يعيبهم ويذمهم . قوله صلى الله عليه وآله : ووقع فيك ، لعله بالتشديد ، أي أثبت من التوقيع وهو ما يثبت في الكتب والفرامين ، أو بالتخفيف بتقدير الباء ، أي عابك بما ليس فيك . قوله صلى الله عليه وآله : ويصدق وعد الله ووعيده أي يؤمن بهما ويعمل بمقتضاهما . ويوفي بالعهد أي عهوده مع الله ومع الخلق . قوله صلى الله عليه وآله : فطهر سعيه ، أي من الرياء والعجب وسائر ما يفسد العمل . قوله صلى الله عليه وآله : يسلم قلبه ، أي من الرياء وأنواع الشرك والاخلاق الذميمة . وجوارحه من المعاصي وما يظهر منه عدم الاخلاص . قوله صلى الله عليه وآله : ليس له محمية ، مصدر من الحماية أي الحماية لاهل الباطل وهو قريب من معنى الحمية الغيرة والانفة . قوله صلى الله عليه وآله : ولا يعظم . أي حسن خلقه وصبره يسهل عليه شدائد الدنيا . قوله صلى الله عليه وآله : ينازع من فوقه : كباريه تعالى ونبيه ، وإمامه ، و معلمه ، ووالديه ، وكل من يلزمه إطاعته . ويتعاطى ، أي يرتكب ويتوجه إلى تحصيل أمر لا يمكنه الوصول إليه . قوله صلى الله عليه وآله ويحسن سمته ( 1 ) السمت : هيئة أهل الخير ، أي يزين ظاهره ويتشبه بأهل الصلاح غاية جهده وسعيه . قوله صلى الله عليه وآله : فاجر دخله ، أي خفايا اموره وبواطن أحواله فاسدة فاجرة ، قال الفيروزآبادي : دخل الرجل بالفتح والكسر بيته ومذهبه وجميع أمره وجلده وبطانته انتهى . قوله صلى الله عليه وآله : وأما علامة الحاسد الظاهر أنه سقط أحد الاربعة من النساخ كما وقع مثله فيما سبق ( 2 ) أو كان مكان أربعة ثلاثة ، كما في وصايا لقمان حيث قال : للحاسد ثلاث علامات : يغتاب إذا غاب : ويتملق إذا شهد ، ويشمت بالمصيبة . قوله صلى الله عليه وآله : يتواني أي يفتر ويقصر ولا يهتم به . قوله صلى الله عليه وآله : لاخلاق لهم الخلاق بالفتح : الحظ والنصيب : قوله صلى الله عليه وآله : وإنه ليسري لعل المراد أن دخوله الجنة يسري إلي فأدخل أيضا بسببه ، فيكون فعلا ، و يحتمل أن يكون مصدرا ، أي أن ذلك موجب ليسري وتيسر اموري في الآخرة ، _____________________________________________ ( 1 ) بفتح السين المهملة وسكون الميم . ( 2 ) في علامة التقى . ( * ) [129] ويمكن أن يكون يسري فعلا من قولهم : سرى عنه الهم ، أي انكشف ، أي هذا التفكر يصير سببا لان ينكشف عنك الهم ( 1 ) . ثم اعلم أنه كان في المنقول عنه بعد قوله : طال ما عصيت ، فقرات ناقصات بينها بياض كثير أسقطناها . وما في آخر الخبر لعله تمثيل لبيان أن كل شئ غيره تعالى مغلوب مقهور بما فوقه والله الغالب على كل شئ . وسيأتي الكلام فيه في كتاب السماء والعالم . وإنما أوجزنا الكلام في شرح هذا الخبر ، إذ استيفاء الكلام فيه لا يتأتى إلا في كتاب مفرد موضوع لذلك ، وعهدنا المقدم يمسك عن الاطناب عنان القلم . 12 - ف : قال النبي صلى الله عليه وآله : صفة العاقل أن يحلم عمن جهل عليه ( 2 ) ويتجاوز عمن ظلمه ، ويتواضع لمن هو دونه ، ويسابق من فوقه في طلب البر ، وإذا أراد أن يتكلم تدبر فإن كان خيرا تكلم فغنم وإن كان شرا سكت فسلم ، وإذا عرضت له فتنة استعصم بالله ، وأمسك يده ولسانه ، وإذا رأى فضيلة انتهز بها ، لا يفارقه الحياء ، ولا يبدو منه الحرص ، فتلك عشر خصال يعرف بها العاقل . وصفة الجاهل أن يظلم من خالطه ، ويتعدى على من هو دونه ويتطاول على من هو فوقه ، كلامه بغير تدبر إن تكلم أثم و إن سكت سها ، وإن عرضت له فتنة سارع إليها فأردته ، وإن رأى فضيلة أعرض وأبطأ عنها ، لا يخاف ذنوبه القديمة ، ولا يرتدع فيما بقي من عمره من الذنوب ، يتوانى عن البر ( 3 ) ويبطئ عنه ، غير مكترث لما فاته من ذلك أو ضيعه ، فتلك عشر خصال من صفة الجاهل الذي حرم العقل . بيان : قال الجزري : النهزة الفرصة وانتهزتها اغتنمتها . أي إذا رأى فضيلة اغتنم الفرصة بهذه الفضيلة ولم يؤخرها . قوله عليه السلام : وإن سكت سها . أي ليس سكوته لرعاية مصلحة بل لانه سها عن الكلام . والردى : الهلاك فأردته أي أهلكته . ويقال : ما أكترث له أي ما ابالي به . _____________________________________________ ( 1 ) ويمكن أن يكون تصحيف يسرني . ( 2 ) جهل عليه أي تسافه . ( 3 ) وفي نسخة : يتوانى عن الخير . ( * ) [130] 13 - سن : العوسي ، عن أبي جعفر الجوهري ( 1 ) عن إبراهيم بن محمد الكوفي ، رفعه قال : سئل الحسن بن علي عليه السلام عن العقل قال : التجرع للغصة ومداهنة الاعداء . ضه : عن أمير المؤمنين عليه السلام مثله ، وزاد فيه : ومداراة الاصدقاء ( 2 ) . بيان : المداهنة : إظهار خلاف ما تضمر وهو قريب من معنى المداراة . 14 - سن : بعض أصحابنا رفعه قال : قال عليه السلام : العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ولا يسأل من يخاف منعه ولا يقدم على ما يخاف العذر منه ، ولا يرجو من لا يوثق برجاءه . 15 - سن : بعض أصحابنا رفعه قال : قال أبوعبدالله عليه السلام : يستدل بكتاب الرجل على عقله وموضع بصيرته . وبرسوله على فهمه وفطنته . 16 - مص : قال الصادق عليه السلام : العاقل من كان ذلولا عند إجابة الحق ، منصفا بقوله ، جموحا عند الباطل ، خصما بقوله : يترك دنياه ، ولا يترك دينه ، ودليل العاقل شيئان : صدق القول ، وصواب الفعل ، والعاقل لا يتحدث بما ينكره العقل ، ولا يتعرض للتهمة ، ولا يدع مداراة من ابتلى به ، ويكون العلم دليله في أعماله ، والحلم رفيقه في أحواله ، والمعرفة تعينه في مذاهبه . والهوى عدو العقل ، ومخالف الحق ، وقرين الباطل ، وقوة الهوى من الشهوة ، وأصل علامات الشهوة أكل الحرام ، والغفلة عن الفرائض ، والاستهانة بالسنن والخوض في الملاهي . .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 130 سطر 15 الى ص 138 سطر 18 توضيح : قال الفيروزآبادي : جمح الفرس كمنع جمحا وجموحا وجماحا ، وهو جموح : اغتر فارسه وغلبه . وقال : رجل خصم كفرح : مجادل . قوله من ابتلى به أي بمعاشرته وخلطته . واستهان بالشئ ، أي أهانه وخفضه . والخوض في الملاهي : الدخول فيها واقتحامها من غير روية ، والتمادي فيها . _____________________________________________ ( 1 ) وفي نسخة : أبي حفص الجوهري . ( 2 ) أورده الصدوق في أماليه ص 398 باسناده عن أبيه ، عن أحمد بن إدريس ، عن محمد بن أحمد بن يحيى بن عمران الاشعري ، عن أحمد بن أبي عبدالله ، عن علي بن جعفر الجوهري : عن إبراهيم بن عبدالله الكوفي ، عن أبي سعيد عقيصا ، قال : سئل الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام . وفي ص 270 باسناده عن محمد بن الحسن بن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن معبد ، عن الحسين بن خالد ، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام وزاد في آخره " ومداراة الاصدقاء " . ( * ) |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#5 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() [131]
17 - ضه ، غو : عن النبي صلى الله عليه وآله قال : رأس العقل بعد الايمان التودد إلى الناس وقال صلى الله عليه وآله : أعقل الناس محسن خائف وأجهلهم مسيئ آمن . 18 - ضه : عن النبي صلى الله عليه وآله ، قال : رأس العقل بعد الايمان بالله التحبب إلى الناس . 19 - ضه : قال أمير المؤمنين عليه السلام : ليس للعاقل أن يكون شاخصا إلا في ثلاث مرمة لمعاش أو حظوة في معاد ، أو لذة في غير محرم . 20 - ضه : روي أن النبي صلى الله عليه وآله قيل له : ما العقل ؟ قال : العمل بطاعة الله ، و إن العمال بطاعة الله هم العقلاء . 21 - وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله مر بمجنون ، فقال : ما له ؟ فقيل : إنه مجنون فقال : بل هو مصاب ، إنما المجنون من آثر الدنيا على الآخرة ( 1 ) . 23 - ضه : روي عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال ينبغي للعاقل إذا كان عاقلا أن يكون له أربع ساعات من النهار : ساعة يناجي فيها ربه ، وساعة يحاسب فيها نفسه ، وساعة يأتي أهل العلم الذين ينصرونه في أمر دينه وينصحونه ، و ساعة يخلي بين نفسه ولذتها من أمر الدنيا فيما يحل ويحمد . 24 - ختص : قال الصادق عليه السلام : أفضل طبائع العقل العبادة ، وأوثق الحديث له العلم ، وأجزل حظوظه الحكمة ، وأفضل ذخائره الحسنات . 25 - وقال عليه السلام : كمال العقل في ثلاث : التواضع لله ، وحسن اليقين ، والصمت إلا من خير . 26 - وقال : الجهل في ثلاث : الكبر ، وشدة المراء ، والجهل بالله فاولئك هم الخاسرون . 27 - وقال عليه السلام : يزيد عقل الرجل بعد الاربعين إلى خمسين وستين ، ثم ينقص عقله بعد ذلك . 28 - وقال : إذا أردت أن تختبر عقل الرجل في مجلس واحد فحدثه في خلال حديثك بما لا يكون ، فإن أنكره فهو عاقل ، وإن صدقه فهو أحمق . _____________________________________________ ( 1 ) أي اختار الدنيا وفضله على الآخرة . ( * ) [132] 29 - وقال عليه السلام : لا يلسع العاقل من جحر مرتين . 30 - ف : وصية موسى بن جعفر عليهما السلام لهشام بن الحكم وصفته للعقل . قال عليه السلام : يا هشام إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه ، فقال : بشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هديهم الله وأولئك هم اولوا الالباب ( 1 ) . بيان : المراد بالقول إما القرآن ، أو مطلق المواعظ . فيتبعون أحسنه أي إذا رددوا بين أمرين منها لا يمكن الجمع بينهما يختارون أحسنهما ، وعلى الاول يحتمل أن يكون المراد بالاحسن المحكمات ، ويمكن أن يحمل القول على مطلق الكلام ، إذ ما من قول حق إلا وله ضد باطل فإذا سمعها اختار الحق منهما ، وعلى تقدير أن يكون المراد بالقول القرآن أو مطلق المواعظ يمكن إرجاع الضمير إلى المصدر المذكور ضمنا أي يتبعونه أحسن اتباع . يا هشام بن الحكم إن الله عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقول ، وأفضى إليهم بالبيان ، ودلهم على ربوبيته بالادلة فقال : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم إن في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الارض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والارض لآيات لقوم يعقلون ( 2 ) . بيان : المراد بالحجج البراهين أو الانبياء والاوصياء عليهم السلام ، والاحتجاج وقطع العذر ، أي أكمل حجته على الناس بما آتاهم من العقول . وأفضى إليه أي وصل والباء للتعدية أي بعدما أكمل عقلهم ألقى إليهم بيان ما يلزمهم علمه ومعرفته . وفي الكافي : ونصر النبيين بالبيان . والادلة ما بين في كتابه من دلائل الربوبية والوحدانية أو ما أظهر من آثار صنعته وقدرته في الآفاق وفي أنفسهم . والاول أنسب بالتفريع . واختلاف الليل والنهار أي تعاقبهما على هذا النظام المشاهد بأن يذهب أحدهما ويجيئ الآخر _____________________________________________ ( 1 ) الزمر : 18 ( 2 ) البقرة : 164 ( * ) [133] خلفه ، وبه فسر قوله تعالى : هو الذي جعل الليل والنهار خلفة ( 1 ) ، أو تفاوتهما في النور والظلمة ، أو في الزيادة والنقصان ، ودخول أحدهما في الآخر ، أو في الطول والقصر بحسب العروض ، أو اختلاف كل ساعة من ساعاتهما بالنظر إلى الامكنة المختلفة فأية ساعة فرضت فهي صبح لموضع وظهر لآخر وهكذا ، والفلك يجيئ مفردا وجمعا وهو السفينة . وما في قوله تعالى : بما ينفع الناس إما مصدرية أي بنفعهم أو موصولة أي بالذي ينفعهم من المحمولات والمجلوبات . وما أنزل الله من السماء من ماء . من الاولى للابتداء والثانية للبيان . والسماء يحتمل الفلك والسحاب وجهة العلو . وإحياء الارض بالنباتات والازهار والثمرات . وبث فيها عطف على أنزل أو على إحياء فإن الدواب ينمون بالخصب ويعيشون بالمطر . والبث : النشر والتفريق ، والمراد بتصريف الرياح : إما تصريفها في مهابها قبولا ودبورا وجنوبا وشمالا ، أو في أحوالها حارة وباردة وعاصفة ولينة وعقيمة ولواقح أو جعلها تارة للرحمة وتارة للعذاب . والسحاب المسخر أي لا ينزل ولا يتقشع مع أن الطبع يقتضي أحدهما حتى يأتي أمر الله ، وقيل : مسخر للرياح تقلبه في الجو بمشية الله تعالى . وفي الآية دلالة على لزوم النظر في خواص مصنوعاته تعالى ، والاستدلال بها على وجوده ووحدته وعلمه وقدرته وحكمته وسائر صفاته ، وعلى جواز ركوب البحر والتجارات والمسافرات لجلب الاقوات والامتعة . يا هشام قد جعل الله عزوجل دليلا على معرفته بأن لهم مدبرا فقال : وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( 2 ) وقال : حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون ( 3 ) وقال ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الارض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ( 4 ) . بيان : في الكافي قد جعل الله ذلك دليلا ، أي كلا من الآيات المذكورة سابقا أو لاحقا . وقوله تعالى : وسخر لكم أي هيأها لمنافعكم ومسخرات بالنصب حال عن الجميع أي نفعكم بها حال كونها مسخرات لله خلقها ودبرها كيف شاء ، وقرأ _____________________________________________ ( 1 ) الفرقان : 62 ( 2 ) النحل : 12 ( 3 ) الزخرف : 1 ، 2 ( 4 ) الروم : 24 ( * ) [134] حفص والنجوم مسخرات على الابتداء والخبر فيكون تعميما للحكم بعد تخصيصه ، ورفع ابن عامر الشمس والقمر أيضا . وقوله تعالى : يريكم . الفعل مصدر بتقدير أن أو صفة لمحذوف أي آية يريكم بها البرق خوفا من الصاعقة أو تخريب المنازل والزروع أو من المسافرة وطمعا أي في الغيث والنبات وسقى الزروع أو للمقيم ، ونصبهما على العلة لفعل لازم للفعل المذكور إذ إراءتهم تستلزم رؤيتهم ، أو للفعل المذكور بتقدير مضاف أي إراءة خوف وطمع ، أو بتأويل الخوف والطمع بالاخافة والاطماع ، أو على الحال نحو كلمته شفاها . يا هشام ثم وعظ أهل العقل ، ورغبهم في الآخرة ، فقال : وما الحيوة الدنيا إلا لعب ولهو وللدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون ( 1 ) وقال : وما اوتيتم من شئ فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها وما عند الله خير وأبقى أفلا تعقلون ( 2 ) بيان : وما الحيوة الدنيا أي أعمالها إلا لعب ولهو يلهي الناس ويشغلهم عما يعقب منفعة دائمة . والمتاع ما يتمتع به . يا هشام ثم خوف الذين لا يعقلون عذابه فقال : ثم دمرنا الآخرين وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون ( 3 ) . بيان : قوله عليه السلام : عذابه إما مفعول لقوله : خوف أو يعقلون أولهما على التنازع . والتدمير : الاهلاك ، أي بعدما نجينا لوطا وأهله أهلكنا قومه ، وإنكم يا أهل مكة لتمرون على منازلهم في متاجركم إلى الشام ، فإن سدوم ( 4 ) في طريقه . مصبحين أي داخلين في الصباح ، وبالليل أي ومساءا ، أو نهارا وليلا أفليس فيكم عقل تعتبرون به ؟ . يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم فقال : وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون ( 5 ) يا هشام ثم ذم الذين لا يعقلون فقال : وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله ، قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون ( 6 ) وقال تعالى : _____________________________________________ ( 1 ) الانعام : 32 ( 2 ) القصص : 60 ( 3 ) الصافات : 136 ، 137 ، 138 ( 4 ) بفتح السين المهملة : قرية قوم لوط ( 5 ) العنكبوت : 42 ( 6 ) البقرة : 170 ( * ) |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#6 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]()
[135]
إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون ( 1 ) وقال : ولئن سألتهم من خلق السموات والارض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعقلون ( 2 ) ثم ذم الكثرة فقال : وإن تطع أكثر من في الارض يضلوك عن سبيل الله ( 3 ) وقال : أكثر الناس لا يعقلون وأكثرهم لا يشعرون . بيان : ألفينا أي وجدنا . قوله تعالى : أولو كان ، الواو للحال أو العطف ، والهمزة للرد والتعجب ، وجواب لو محذوف أي لو كان آباؤهم جهلة لا يتفكرون في أمر الدين ولا يهتدون لاتبعوهم . إن شر الدواب ، أي شر ما يدب على الارض أو شر البهائم الصم عن سماع الحق وقبوله ، البكم عن التكلم به ، وقوله : بل أكثرهم لا يعقلون ليس في قرآننا ، وهذه الآية في سورة لقمان ، وفيها : بل أكثرهم لا يعلمون . ولعله كان في قرآنهم كذلك ( 4 ) ، وكذا ليس في هذا القرآن وأكثرهم لا يشعرون . فإما أن يكون هذا كلامه عليه السلام أو أنه أورد مضمون بعض الآيات . والضمير راجع إلى كفار قريش وهم كانوا قائلين بأن خالق السماوات والارض هو الله تعالى ، لكنهم كانوا يشركون الاصنام معه تعالى في العبادة . يا هشام ثم مدح القلة فقال : وقليل من عبادي الشكور ( 5 ) وقال : وقليل ما هم ( 6 ) وما آمن معه إلا قليل ( 7 ) يا هشام ثم ذكر اولي الالباب بأحسن الذكر ، وحلاهم بأحسن الحلية ، فقال : يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد اوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا اولوا الالباب ( 8 ) . يا هشام إن الله يقول : إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ( 9 ) يعني العقل ، _____________________________________________ ( 1 ) الانفال : 22 ( 2 ) اللقمان : 25 ( 3 ) الانعام : 116 ( 4 ) هذا الاحتمال منه رحمه الله مبني على القول بوقوع التحريف في القرآن وقد بينا فساده في محله . بل الحق أن ذلك من خطأ النساخ أو الراوي في ضبطه ، وكيف يمكن أن يستدل عليه السلام بآية لا سبيل للمخاطب على الحصول عليها ولو فرض وقوع التحريف . ط ( 5 ) سبأ : 13 ( 6 ) ص : 24 ( 7 ) هود : 40 ( 8 ) البقرة : 269 ( 9 ) ق : 36 ( * ) [136] وقال : ولقد آتينا لقمان الحكمة ( 1 ) قال : الفهم والعقل . يا هشام إن لقمان قال لابنه : تواضع للحق تكن أعقل الناس ، يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير فلتكن سفينتك فيها تقوى الله ، وجسرها الايمان ، و شراعها التوكل ، وقيمها العقل ، ودليلها العلم ، وسكانها الصبر . بيان : للحق أي لله بالايمان به وطاعته ، أو لكل حق إذا ظهر لك بقبوله . عالم بفتح اللام أو كسرها . وفي الكافي : وحشوها الايمان أي ما يحشى فيها وتملا منها . والشراع ككتاب : الملاءة الواسعة فوق خشبة يصفقها الريح فتمضي بالسفينة . والقيم مدبر أمر السفينة . والدليل : المعلم . وقال في المغرب : السكان ذنب السفينة لانها به تقوم وتسكن . يا هشام لكل شئ دليل ، ودليل العاقل التفكر ، ودليل التفكر الصمت . ولكل شئ مطية ، ومطية العاقل التواضع . وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه . بيان : في الكافي في العقل في الموضعين مكان العاقل . ودليل العقل أو العاقل التفكر فإنه يصل إلى مطلوبه بالفكر . وعلى نسخة الكافي يحتمل أن يكون المراد أن التفكر يدل على أن المرء عاقل ، وكذا ما بعده يحتملهما . ومطية العاقل التواضع أي مع التواضع يقوي على ما يدل عليه عقله ، ويؤيد من الله بإعماله ، ومع التكبر . وعدم طاعة الله يضعف عقله ، ولا يقدر على إعماله في الامور كالراجل العاجز عن الوصول إلى المطلوب ، وعلى نسخة العقل أظهر كما لا يخفى . يا هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس : لؤلؤة ما كان ينفعك وأنت تعلم أنها جوزة ، ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس : أنها جوزة ما ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة . بيان : حاصله عدم الاغترار بمدح الناس والافتخار بثناءهم . يا هشام ما بعث الله أنبياءه ورسله إلى عباده إلا ليعقلوا عن الله فأحسنهم استجابة _____________________________________________ ( 1 ) لقمان : 11 ( * ) [137] أحسنهم معرفة لله ، وأعلمهم بأمر الله أحسنهم عقلا ، وأعقلهم أرفعهم درجة في الدنيا والآخرة . بيان : ضمير الجمع في قوله عليه السلام : ليعقلوا راجع إلى العباد أي ما بعثهم إلا ليعقل العباد عن الله ما لا يعقلون إلا بتفهيم الانبياء والرسل عليهم السلام . يا هشام ما من عبد إلا وملك آخذ بناصيته فلا يتواضع إلا رفعه الله ، ولا يتعاظم إلا وضعه الله . يا هشام إن لله على الناس حجتين : حجة ظاهرة ، وحجة باطنة ، فأما الظاهرة فالرسل والانبياء والائمة عليهم السلام ، وأما الباطنة فالعقول . يا هشام إن العاقل الذي لا يشغل الحلال شكره ، ولا يغلب الحرام صبره . يا هشام من سلط ثلاثا على ثلاث فكأنما أعان هواه على هدم عقله : من أظلم نور فكره بطول أمله ، ومحا طرائف حكمته بفضول كلامه ، وأطفأ نور عبرته بشهوات نفسه فكأنما أعان هواه على هدم عقله ومن هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه . بيان : نور مرفوع ( 1 ) إذ لم تر أظلم متعديا ، وإضافته إلى الفكر إما بيانية أو لامية ، والسبب في ذلك أن بطول الامل يقبل إلى الدنيا ولذاتها ، فيشغل عن التفكر . والطريف : الامر الجديد المستغرب الذي فيه نفاسة ، ومحو الطرائف بالفضول إما لانه إذا اشتغل بالفضول شغل عن الحكمة في زمان التكلم بالفضول ، أو لانه لما سمع الناس منه الفضول لم يعبأوا بحكمته ، أو لانه إذا اشتغل به محا الله عن قلبه الحكمة . يا هشام كيف يزكو عند الله عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك وأطعت هواك على غلبة عقلك . بيان : الزكاة تكون بمعنى النمو ، وبمعنى الطهارة ، وهنا يحتملهما ، والامر مقابل النهي ، أو بمعنى مطلق الشأن أي الامور المتعلقة به تعالى . يا هشام الصبر على الوحدة علامة قوة العقل ، فمن عقل عن الله تبارك وتعالى _____________________________________________ ( 1 ) بل منصوب كما يقال : أظلم الله الليل أي جعله مظلما ، ونفيه تعدى أظلم في غير محله . ( * ) [138] اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ( 1 ) ورغب فيما عند ربه ، وكان انسه في الوحشة ، و صاحبه في الوحدة ، وغناه في العيلة ، ومعزه في غير عشيرة . بيان : عقل عن الله ، أي حصل له معرفة ذاته وصفاته وأحكامه وشرائعه ، أو أعطاه الله العقل ، أو علم الامور بعلم ينتهى إلى الله بأن أخذه عن أنبياءه وحججه ، إما بلا واسطة ، أو بلغ عقله إلى درجة يفيض الله علومه عليه بغير تعليم بشر . وغناه أي مغنيه ، أو كما أن أهل الدنيا غناهم بالمال هو غناه بالله وقربه ومناجاته . والعيلة : الفقر . وفي الكافي : من غير عشيرة . وهي القبيلة والرهط ( 2 ) الادنون . يا هشام نصب الخلق لطاعة الله ، ولا نجاة إلا بالطاعة ، والطاعة بالعلم ، والعلم بالتعلم ، والتعلم بالعقل يعتقد ، ولا علم إلا من عالم رباني ، ومعرفة العالم بالعقل . بيان : في الكافي : نصب الحق . ونصب إما مصدر ، أو فعل مجهول أي إنما نصب الله الخلق أو الحق والدين ، بإرسال الرسل وإنزال الكتب ليطاع في أوامره ونواهيه . والتعلم بالعقل يعتقد أي يشتد ويستحكم ، أو من الاعتقاد بمعنى التصديق والاذعان . و معرفة العالم وفي الكافي : ومعرفة العلم . أي علم العالم ، وما هنا أظهر ، والغرض أن احتياج العلم إلى العقل من جهتين : لفهم ما يلقيه العالم ، ولمعرفة العالم الذي ينبغي أخذ العلم عنه . يا هشام قليل العمل من العاقل مقبول مضاعف ، وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود . بيان : في الكافي من العالم . .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 138 سطر 19 الى ص 147 سطر 17 يا هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة ، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا ، فلذلك ربحت تجارتهم . _____________________________________________ ( 1 ) العزلة عن أهل الدنيا والراغبين فيها والمنهمكين في لذاتها ومن يصد المرء عن بلوغ رشده ونهاء سعادته ممدوحة ، وأما العزلة عن أهل الدين وجماعة المسلمين وعمن يحصل بمصاحبته بصيرة في أمر الدين ورغبة فيما عند الله من النعيم ، فمذمومة شرعا وعقلا . ( 2 ) الرهط بفتح الراء : قوم الرجل وقبيلته . عدد يجمع من الثلاثة إلى العشرة ، وليس فهيم امرأة ( * ) [139] بيان : بالدون من الدنيا أي القليل واليسير منها مع الحكمة الكثيرة ، ولم يرض بالقليل من الحكمة مع الدنيا الكثيرة . يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى ما في الدنيا يكفيك ، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا يغنيك . يا هشام إن العقلاء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب ؟ وترك الدنيا من الفضل وترك الذنوب من الفرض . يا هشام إن العقلاء زهدوا في الدنيا ، ورغبوا في الآخرة ، لانهم علموا أن الدنيا طالبة ومطلوبة ، فمن طلب الآخرة طلبته الدنيا حتى يستوفي منها رزقه ، ومن طلب الدنيا طلبته الآخرة فيأتيه الموت فيفسد عليه دنياه وآخرته . بيان : في الكافي : إن الدنيا طالبة مطلوبة والآخرة طالبة ومطلوبة ، والدنيا طالبة للمرء لان يوصل إليه ما عندها من الرزق المقدر ، ومطلوبة يطلبها الحريص طلبا للزيادة ، والآخرة طالبة تطلبه لتوصل إليه أجله المقدر ، ومطلوبة يطلبها الطالب للسعادات الاخروية بالاعمال الصالحة . يا هشام من أراد الغنى بلا مال ، وراحة القلب من الحسد ، والسلامة في الدين فليتضرع إلى الله في مسألته ، بأن يكمل عقله ، فمن عقل قنع بما يكفيه ، ومن قنع بما يكفيه استغنى ، ومن لم يقنع بما يكفيه لم يدرك الغنى أبدا . يا هشام إن الله عزوجل حكى عن قوم صالحين أنهم قالوا : ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب ( 1 ) . حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورداها . إنه لم يخف الله من لم يعقل عن الله ومن لم يعقل عن الله لم يعقد قلبه على معرفة ثابتة يبصرها ولم يجد حقيقتها في قلبه ، ولا يكون أحد كذلك إلا من كان قوله لفعله مصدقا وسره لعلانيته موافقا لان الله لا يدل على الباطن الخفي من العقل إلا بظاهر منه وناطق عنه . بيان : الزيغ : الميل والعدول عن الحق ، ورداها : أي هلاكها وضلالها . _____________________________________________ ( 1 ) آل عمران : 8 ( * ) [140] قوله عليه السلام : من كان قوله لفعله مصدقا على صيغة إسم الفاعل أي ينبغي أن يأتي أولا بما يأمره ، ثم يأمر غيره ليكون قوله مصدقا لما يفعله ويمكن أن يقرأ على صيغة المفعول . قوله عليه السلام : لان الله الخ أي العقل أمر مخفي في الانسان لا يعرف وجوده في شخص إلا بما يظهر على الجوارح من آثاره والافعال الحسنة الناشئة عنه ، ويمكن أن يكون المراد بالعقل المعرفة . يا هشام كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول : ما من شئ عبدالله به أفضل من العقل وما تم عقل امرؤ حتى يكون فيه خصال شتى : الكفر والشر منه مأمونان ، والرشد والخير منه مأمولان ، وفضل ماله مبذول ، وفضل قوله مكفوف ، ونصيبه من الدنيا القوت ، ولا يشبع من العلم دهره ، الذل أحب إليه مع الله من العز مع غيره ( 1 ) والتواضع أحب إليه من الشرف ، يستكثر قليل المعروف من غيره ويستقل كثير المعروف من نفسه ويرى الناس كلهم خيرا منه ، وأنه شرهم في نفسه ، وهو تمام الامر . بيان : دهره أي في تمام دهره وعمره . الذل أحب إليه المراد الذل والعز الدنيويان أو ذل النفس وعزها وترفعها . وهو تمام الامر أي كل أمر من امور الدين يتم به ، أو كأنه جميع امور الدين مبالغة ( 2 ) والمراد بالكفر جميع أنواعه على ما سيأتي تفسيره في موضعه إن شاء الله تعالى . يا هشام من صدق لسانه زكا عمله ، ومن حسنت نيته زيد في رزقه ، ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمره . بيان : نيته أي عزمه على المبرات والخيرات ، أو المراد الاخلاص في أعماله الحسنة . يا هشام لا تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها ، ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم . _____________________________________________ ( 1 ) لعل المراد أن العاقل إذا يرى أن المماشاة مع الناس وذهابه مذهبهم توجب رفعة قدره و عظم شأنه بينهم وبعده عن الحق وأن الاخذ بالديانة وسلوكه سبيل الحق يوجب المذلة بينهم يختار المذلة عند الناس مع كونه عند الله عزيزا على عزته بينهم وبعده عنه تعالى ، أو أن ذل نفسه بأخذه زمامها وبردعها عن مشتهياتها أحب إليه من عز نفسه بارساله عنانها وبانجاح حوائجها وآمالها . ( 2 ) والظاهر أن المراد به تمام ذلة النفس وفقرها وهو آخر درجات الايمان وتمام عقل المرء وبه يتم أمره كما جاء منصوصا عليه في بعض الاحاديث . ( * ) |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#7 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا . بيان : المنحة : العطاء . يا هشام لا دين لمن لا مروة له ، ولا مروة لمن لا عقل له : وإن أعظم الناس قدرا الذي لا يرى الدنيا لنفسه خطرا ، أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها بغيرها . بيان : المروة ، الانسانية وكمال الرجولية ، وهي الصفة الجامعة لمكارم الاخلاق ومحاسن الآداب . والخطر : الحظ والنصيب ، والقدر والمنزلة ، والسبق الذي يتراهن عليه ، والكل محتمل . يا هشام إن أمير المؤمنين عليه السلام كان يقول ، لا يجلس في صدر المجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال ، يجيب إذا سئل وينطق إذا عجز القوم عن الكلام ، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله ، فمن لم يكن فيه شئ منهن فجلس فهو أحمق . وقال الحسن بن علي عليه السلام إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها ، قيل : يا بن رسول الله ومن أهلها ؟ قال : الذين قص الله في كتابه وذكرهم ، فقال : إنما يتذكر اولوا الالباب . قال : هم اولوا العقول . وقال علي بن الحسين عليه السلام ، مجالسة الصالحين داعية إلى الصلاح ، وأدب العلماء زيادة في العقل ، وطاعة ولاة العقل تمام العز ، واستتمام المال تمام المروة ، وإرشاد المستشير قضاء لحق النعمة ، وكف الاذى من كمال العقل ، وفيه راحة البدن عاجلا وآجلا . بيان : أدب العلماء زيادة في العقل أي مجالستهم وتعلم آدابهم ، والنظر إلى أفعالهم وأخلاقهم موجبة لزيادة العقل . واستتمام المال وفي الكافي : استثمار المال ، أي استنماؤه بالتجارة والمكاسب دليل تمام الانسانية وموجب له أيضا . قوله : قضاء لحق النعمة ، أي شكر لحق أخيه عليه ، حيث جعله موضع مشورته ، أو شكر لنعمة العقل وهي من أعظم النعم ، ولعل الاخير أظهر . يا هشام إن العاقل لا يحدث من يخاف تكذيبه ، ولا يسأل من يخاف منعه ، ولا يعد ما لا يقدر عليه ، ولا يرجو ما يعنف برجاءه ، ولا يتقدم على ما يخاف العجز عنه . وكان أمير المؤمنين عليه السلام يوصي أصحابه يقول : اوصيكم بالخشية من الله في السر و العلانية ، والعدل في الرضاء والغضب ، والاكتساب في الفقر والغنى ، وأن تصلوا من
[142] قطعكم ، وتعفوا عمن ظلمكم وتعطفوا على من حرمكم ، وليكن نظركم عبرا ، وصمتكم فكرا ، وقولكم ذكرا ، وإياكم والبخل ، وعليكم بالسخاء ، فإنه لا يدخل الجنة بخيل ، ولا يدخل النار سخي . بيان : التعنيف : اللوم والتعيير بعنف ، وترك الرفق والغلظة ، وكلاهما محتمل . والسر والعلانية بالنظر إلى الخلق . والرضاء والغضب أي سواء كان راضيا عمن يعدل فيه أو ساخطا عليه ، والحاصل أن لا يصير رضاه عن أحد أو سخطه عليه سببا للخروج عن الحق ، والاكتساب يحتمل اكتساب الدنيا والآخرة . يا هشام رحم الله من استحيا من الله حق الحياء : فحفظ الرأس وما حوى ، والبطن وما وعى ، وذكر الموت والبلى وعلم أن الجنة محفوفة بالمكاره ، والنار محفوفة بالشهوات . بيان : وما حوى أي ما حواه الرأس ، من العين والاذن واللسان وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه . والبطن وما وعى ، أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن لا يكونا من حرام ، والبلى بالكسر ، الاندراس والاضمحلال في القبر قال في النهاية ، فيه الاستحياء من الله حق الحياء أن لا تنسوا المقابر والبلى . والجوف وما وعى أي ما جمع من الطعام والشراب حتى يكونا من حلهما انتهى . وقال بعضهم : الجوف : البطن و الفرج وهما الاجوفان ، وبعضهم روى الخبر هكذا ، فليحفظ الرأس وما وعى ، والبطن وما حوى فقال : أي ما وعاه الرأس من العين والاذن واللسان أي يحفظه عن أن يستعمل فيما لا يرضى الله ، وعن أن يسجد لغير الله . ويحفظ البطن وما حوى أي جمعه ، فيتصل به من الفرج والرجلين واليدين والقلب عن استعمالها في المعاصي انتهى . أقول : فيحتمل على ما في هذا الخبر أن يكون المراد حفظ البطن عن الحرام ، وحفظ ما وعاه البطن من القلب عن الاعتقادات الفاسدة والاخلاق الذميمة ، ويحتمل أن يكون المراد بما وعاه ما جمعه واحيط به من الفرجين ، وسائر الاعضاء : كاليدين والرجلين ، أو يكون المراد بالبطن ما عدا الرأس مجازا بقرينة المقابلة . قوله عليه السلام : والجنة محفوفة بالمكاره . أي لا تحصل إلا بمقاساة المكاره في الدنيا . [143] يا هشام من كف نفسه عن أعراض الناس أقال الله عثرته يوم القيامة ، ومن كف غضبه عن الناس كف الله عنه غضبه يوم القيامة . بيان : العثرة : الزلة ، والمراد المعاصي ، والاقالة في الاصل فسخ البيع بطلب المشتري : والاستقالة طلب ذلك ، والمراد هنا تجاوز الله وترك العقاب الذي اكتسبه العبد بسوء فعله فكأنه اشترى العقوبة وندم فاستقال . يا هشام إن العاقل لا يكذب وإن كان فيه هواه . يا هشام وجد في ذؤابة سيف رسول الله صلى الله عليه وآله أن أعتى الناس على الله من ضرب غير ضاربه ، وقتل غير قاتله ، ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل الله على نبيه محمد صلى الله عليه وآله . ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا لم يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا . بيان : لعل المراد بذؤابة السيف - بالهمز - ما يعلق عليه لحفظ الضروريات كالملح وغيره ، قال الجوهري والفيروزآبادي : الذؤابة : الجلدة المعلقة على آخرة الرحل . وأعتى من العتو وهو البغي والتجاوز عن الحق والتكبر . غير قاتله ، أي مريد قتله ، أو قاتل مورثه . ومن تولى غير مواليه . أي المعتق الذي انتسب إلى غير معتقه ، أو ذو النسب الذي تبرأ عن نسبه ، أو الموالي في الدين من الائمة المؤمنين ، بأن يجعل غيرهم وليا له ويتخذه إماما ، وعلى الاخير تدل الاخبار المعتبرة . والحدث : البدعة أو القتل كما ورد في الخبر ، أو كل أمر منكر . قال في النهاية : وفي حديث المدينة : من أحدث فيها حدثا أو آوى محدثا ، الحدث : الامر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة . والمحدث يروى بكسر الدال وفتحها على الفاعل والمفعول فمعنى الكسر من نصر جانيا وآواه وأجاره من خصمه ، وحال بينه وبين أن يقتص منه ، والفتح هو الامر المبتدع نفسه ، ويكون معنى الايواء فيه الرضاء به والصبر عليه فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر فاعلها ولم ينكرها عليه فقد آواه . وقال الفيروزآبادي : الصرف في الحديث التوبة والعدل الفدية . أو النافلة والعدل الفريضة . أو بالعكس ، أو هو الوزن والعدل الكيل . أو هو الاكتساب والعدل الفدية أو الحيلة . [144] أقول : فسر في بعض أخبارنا الصرف بالتوبة ، والعدل بالفداء كما سيأتي . يا هشام أفضل ما تقرب به العبد إلى الله بعد المعرفة به الصلاة ، وبر الوالدين ، وترك الحسد والعجب والفخر . بيان : يمكن إدخال جميع العقائد الضرورية في المعرفة ، لاسيما مع عدم الظرف كما ورد في الاخبار الكثيرة بدونه . يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك ، فانظر أي يوم هو ؟ وأعد له الجواب فإنك موقوف ومسؤول ، وخذ موعظتك من الدهر وأهله فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كأنك ترى ثواب عملك لتكون أطمع في ذلك ، واعقل عن الله ، وانظر في تصرف الدهر وأحواله فان ما هو آت من الدنيا كما ولى منها فاعتبر بها ، وقال علي بن الحسين عليه السلام : إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الارض ومغاربها بحرها وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء الله وأهل المعرفة بحق الله كفئ الظلال ثم قال : أو لا حر يدع هذه اللماظة لاهلها ؟ يعني الدنيا ، فليس لانفسكم ثمن إلا الجنة ، فلا تبيعوها بغيرها ، فإنه من رضي من الله بالدنيا فقد رضي بالخسيس . بيان : طول الدهر في نفسها لا ينافي قصرها بالنسبة إلى كل شخص ، أي خذ موعظتك من الدهور الماضية ، والازمان الخالية ، ويحتمل أن يكون عمر كل شخص باعتبارين . وقال الفيروزآبادي : الظل بالكسر : نقيض الضح أو هو الفئ ، أو هو بالغداة ، والفئ بالعشي ، الجمع ظلال وظلول ( 1 ) وأظلال والظل من كل شئ شخصه أو كنه ( 2 ) ومن السحاب ما وارى الشمس منه ، والظلة ما أظلك من شجر ، والظلة بالضم ما يستظل به ، والجمع ظلل وظلال . وقال : الفئ : ما كان شمسا فينسخه الظل . وقال الطيبي : الظل ما تنسخه الشمس ، والفئ ما ينسخ الشمس . أقول : فيحتمل أن يكون المراد فئ الاشياء ذوات الاظلال ، كالشجر والجدار ونحوهما ، أو المراد التشبيه بالفئ الذي هو نوع من الظلال ، فان الفئ لحدوثه أشبه بالدنيا من سائر الظلال ، أو لما فيه ________________________________________________ ( 1 ) ظلال بكسر الظاء . ظلول بضم الظاء . ( 2 ) بكسر الكاف وتشديد النون : ستر الشئ ووقاؤه . ( * ) [145] من الاشعار بالتفيؤ والتحول والانتقال أي الظلال المتفيأة المتحولة . وقال الجوهري : اللماظة بالضم : ما يبقى في الفم من الطعام ، ومنه قول الشاعر يصف الدنيا : لماظة أيام كأحلام نائم . أقول : لا يخفى حسن هذا التشبيه إذ كل ما يتيسر لك من الدنيا فهو لماظة من قد أكلها قبلك ، وانتفع بها غيرك أكثر من انتفاعك ، وترك فاسدها لك . يا هشام إن كل الناس يبصر النجوم ولكن لا يهتدي بها إلا من يعرف مجاريها ومنازلها ، وكذلك أنتم تدرسون الحكمة ولكن لا يهتدي بها منكم إلا من عمل بها . بيان : لما كان من معظم الانتفاع بالنجوم معرفة الاوقات ، وجهة الطريق في الاسفار وأمثالها ولا تتم معرفة تلك الامور إلا بكثرة تعاهد النجوم لتعرف مجاريها و منازلها ومطالعها ومغاربها ومقدار سيرها كذلك الحكمة لا ينتفع بها إلا بكثرة تعاهدها واستعمالها لتعرف فوائدها وآثارها . ودرس كنصر وضرب : قرأ . يا هشام إن المسيح عليه السلام قال للحواريين : يا عبيد السوء يهولكم طول النخلة وتذكرون شوكها ( 1 ) ومؤونة مراقيها ، وتنسون طيب ثمرها ومرافقتها كذلك تذكرون مؤونة عمل الآخرة فيطول عليكم أمده ، وتنسون ما تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها ، يا عبيد السوء نقوا القمح وطيبوه . وادقوا طحنه تجدوا طعمه ، ويهنئكم أكله ، كذلك فأخلصوا الايمان وأكملوه تجدوا حلاوته وينفعكم غبه . بحق أقول لكم : لو وجدتم سراجا يتوقد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم : لا تدركون شرف الآخرة إلا بترك ما تحبون ، فلا تنظروا بالتوبة غدا ، فان دون غد يوما وليلة ، وقضاء الله فيهما يغدو ويروح بحق أقول لكم : إن من ليس عليه دين من الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء ، وكذلك من لم يعمل الخطيئة أروح وأقل هما ممن عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب ، وإن صغار الذنوب ومحقراتها من مكائد إبليس يحقرها لكم ، ويصغرها ________________________________________________ ( 1 ) بفتح الشين وسكون الواو : ما يخرج من النبات شبيها بالابر . ( * ) [146] في أعينكم ، فتجتمع وتكثر فتحيط بكم . بحق أقول لكم : إن الناس في الحكمة رجلان فرجل أتقنها بقوله ، وصدقها بفعله ، ورجل أتقنها بقوله ، وضيعها بسوء فعله ، فشتان بينهما ، فطوبى ( 1 ) للعلماء بالفعل ، وويل ( 2 ) للعلماء بالقول . يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لاجسادكم وجباهكم ، واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى ، ولا تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات إن أجزعكم عند البلاء لاشدكم حبا للدنيا ، وإن أصبركم على البلاء لازهدكم في الدنيا . يا عبيد السوء لا تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ولا بالثعالب الخادعة ، ولا بالذئاب الغادرة ، ولا بالاسد العاتية ، كما تفعل بالفراس كذلك تفعلون بالناس : فريقا تخطفون ، وفريقا تخدعون ، وفريقا تقدرون بهم . بحق أقول لكم : لا يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا ، وباطنه فاسدا كذلك لا تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم ، وما يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة ، لا تكونوا كالمنخل يخرج منه الدقيق الطيب ، ويمسك النخالة كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم ويبقى الغل ( 3 ) في صدوركم . يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ للناس ويحرق نفسه . يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو جثوا على الركب فإن الله يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الارض الميتة بوابل المطر . بيان : عبيد السوء بالفتح وقد يضم السين ، ومنهم من منع الضم وهو من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة كقولهم : حاتم الجود . ومؤونة مراقيها أي شدة الارتقاء عليها . ومرافقتها من الرفق بمعنى اللطف والنفع ، ولعله كان مرافقها على صيغة الجمع والضمير راجع إلى الثمر أو النخله . قوله : ما تفضون إليه من قولهم : أفضى إليه أي وصل . ونورها بضم النون وفتحها . والقمح بالفتح : لبر . ويهنؤكم مهموزا بفتح ________________________________________________ ( 1 ) الطوبى : الغبطة والسعادة ، الخير والخيرة ، هي فعلى من الطيب قلبوا الياء واوا للضمة قبلها ، يقال : طوبى لك وطوباك بالاضافة . ( 2 ) الويل : حلول الشر ، الهلاك . ويدعى به لمن وقع في هلكة يستحقها . ( 3 ) الغل بكسر الغين : الحقد والغش |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#8 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]() النون وكسرها أي لا يعقب أكله مضرة . وغب كل شئ بالكسر عاقبته . والقطران بفتح القاف وكسرها وسكون الطاء ، وبفتح القاف وكسر الطاء دهن منتن يستجلب من شجر الابهل فيهناء ( 1 ) به الابل الجربي ( 2 ) ، ويسرع فيه أشعال النار . وسوء رغبته فيها أي ترك عمله بتلك الحكمة ، والانظار : التأخير ولعل تعديته بالباء بتضمين أو بتقدير ، ويحتمل الزيادة . وقوله : يغدو أي ينزل أول النهار . ويروح أي ينزل آخر النهار . وقوله : أروح ، أي أكثر راحة . قوله : ومحقرتها بفتح الميم والقاف والراء وسكون الحاء مصدر بمعنى الحقارة والذلة ، أو على وزن اسم المفعول من باب التفعيل ، كما ورد إياكم ومحقرات الذنوب . ويحقرها من باب التفعيل أو كيضرب . والحداء بكسر الحاء ممدودا جمع الحدأة كعنبة : نوع من الغراب ( 3 ) يخطف الاشياء ، والاسد بضم الهمزة وسكون السين جمع أسد . والعاتية أي الظالمة الطاغية المتكبرة . كما تفعل أي الاسد أو جميع ما تقدم ، فالفراس على التغليب وقوله : فريقا تخطفون ، إلى آخر ما ذكر ، على سبيل اللف والنشر ، ولما ذكر الافتراس أولا لم يذكر آخرا . لا يغني عن الجسد ، أي لا ينفعه ولا يدفع عنه سوأ . والمنخل بضم الميم والخاء وقد تفتح خاؤه : ما ينخل به . ويقال : زاحمهم ، أي ضايقهم ودخل في زحامهم . قال الفيروزآبادي : جثى كدعا ورمى جثوا وجثيا بضمهما ، : جلس على ركبتيه ، وجاثيت ركبتي إلى ركبته . وقال : الوابل : المطر الشديد الضخم القطر . يا هشام مكتوب في الانجيل : طوبى للمتراحمين اولئك هم المرحومون يوم
.................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 147 سطر 18 الى ص 156 سطر 23 القيامة ، طوبى للمصلحين بين الناس اولئك هم المقربون يوم القيامة ، طوبى للمطهرة قلوبهم اولئك هم المتقون يوم القيامة ، طوبى للمتواضعين في الدنيا اولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة . بيان : تخصيص كونهم من المتقين بيوم القيامة ، لان في ذلك اليوم يتبين المتقون ________________________________________________ ( 1 ) هنأ الابل : طلاها بالهناء وهو القطران . ( 2 ) الجرب : داء يحدث في الجلد بثورا صغارا لها حكة شديدة . ( 3 ) فيه خطا ؟ بل هو من الجوارح من نوع البازي دون الغراب . ( * ) [148] واقعا ، ويمتازون عن المجرمين ، ويحشرون إلى الرحمن وفدا ، وأما في الدنيا فكثيرا ما يشبه غيرهم بهم . يا هشام قلة المنطق حكم عظيم فعليكم بالصمت فإنه دعة حسنة ، وقلة وزر وخفة من الذنوب ، فحصنوا باب الحلم فإن بابه الصبر ، وإن الله عز وجل يبغض الضحاك من غير عجب . والمشاء إلى غير إرب . ويجب على الوالي أن يكون كالراعي لا يغفل عن رعيته ولا يتكبر عليهم ، فاستحيوا من الله في سرائركم ، كما تستحيون من الناس في علانيتكم ، واعلموا أن الكلمة من الحكمة ضالة المؤمن ، فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ، ورفعه غيبة عالمكم بين أظهركم . بيان : الحكم بالضم : الحكمة . والدعة بفتح الدال : السكون والراحة . والارب بالكسر وبالتحريك : الحاجة . وقال في النهاية : وفي الحديث : الكلمة الحكمة ضالة المؤمن وفي رواية : ضالة كل حكيم أي لا يزال يطلبها كما يتطلب الرجل ضالته . إنتهى . وقيل : المراد أن المؤمن يأخذ الحكمة من كل من وجدها عنده ، وإن كان كافرا أو فاسقا كما أن صاحب الضالة يأخذها حيث وجدها ، ويؤيده ما مر ، وقيل : المراد أن من كان عنده حكمة لا يفهمها ولا يستحقها يجب أن يطلب من يأخذها بحقها كما يجب تعريف الضالة ، وإذا وجد من يستحقها وجب أن لا يبخل في البذل كالضالة . وقال في النهاية : في الحديث فأقاموا بين ظهرانيهم وبين أظهرهم قد تكررت هذه اللفظة في الحديث ، والمراد بها أنهم أقاموا بينهم على سبيل الاستظهار ، والاستناد إليهم ، وزيدت فيه ألف ونون مفتوحة تأكيدا ، ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فهو مكنوف من جانبيه ، ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ، ثم كثر حتى استعمل في الاقامة بين القوم مطلقا . يا هشام تعلم من العلم ما جهلت ، وعلم الجاهل مما علمت ، وعظم العالم لعلمه ، ودع منازعته ، وصغر الجاهل لجهله ولا تطرده ولكن قربه وعلمه . بيان : الطرد : الابعاد . يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها . وقال أمير [149] المؤمنين صلوات الله عليه : إن لله عبادا كسرت قلوبهم خشبته ، وأسكتتهم عن النطق وإنهم لفصحاء عقلاء ، يستبقون إلى الله بالاعمال الزكية ، لا يستكثرون له الكثير ، ولا يرضون له من أنفسهم بالقليل ، يرون في أنفسهم أنهم أشرار ، وإنهم لاكياس ( 1 ) وأبرار . بيان : لعل المراد بالعجز الترك ، وتعجيز النفس والكسل لا عدم القدرة أي إن الله يؤاخذ بترك شكر النعمة كما يؤاخذ بفعل السيئة ولو في الدنيا بزوال النعمة . والاستباق : المسابقة في الرهان ، أي يسبق بعضهم بعضا في التقرب إلى الله بالاعمال الطاهرة من آفاتها ، أو النامية . والكياسة : العقل والفطنة . يا هشام الحياء من الايمان والايمان في الجنة ، والبذاء من الجفاء والجفاء في النار . بيان : البذاء بفتح الباء ممدودا . الفحش وكل كلام قبيح . والجفاء ممدودا : خلاف البر والصلة ، وقد يطلق على البعد عن الآداب ، قال المطرزي : الجفاء : الغلظ في العشرة ، والخرق في المعاملة ، وترك الرفق . يا هشام المتكلمون ثلاثة : فرابح ، وسالم ، وشاجب : فأما الرابح فالذاكر لله وأما السالم فالساكت ، وأما الشاجب فالذي يخوض في الباطل إن الله حرم الجنة على كل فاحش بذي قليل الحياء لا يبالي ما قال ولا ما قيل فيه . وكان أبوذر رضي الله عنه يقول : يا ميتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير ، ومفتاح شر ، فاختم على فيك كما تختم على ذهبك وورقك ( 2 ) . بيان : المراد بالمتكلمين القادرون على التكلم ، أو المتكلمون والمجالسون معهم تغليبا ، والحاصل أن الناس في أمر الكلام على ثلاثة أصناف . والشجب : الهلاك و الحزن والعيب . قال الجزري : في حديث الحسن : المجالس ثلاثة : فسالم وغانم و شاجب أي هالك يقال : شجب يشجب فهو شاجب ، وشجب يشجب فهو شجب . أي إما سالم من الاثم ، أو غانم للاجر ، وإما هالك آثم . ________________________________________________ ( 1 ) جمع الكيس : الظريف ، الفطن ، الحسن الفهم والادب . ( 2 ) بالواو المثلثة وسكون الراء وبفتح الواو مع كسر الراء : الدراهم المضروبة . ( * ) [150] يا هشام بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين يطري أخاه إذا شاهده ، و يأكله ( 1 ) إذا غاب عنه ، إن اعطي حسده وإن ابتلى خذله ، وإن أسرع الخير ثوابا البر ، وأسرع الشر عقوبة البغي ، وإن شر عباد الله من تكره مجالسته لفحشه ، وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ، ومن حسن إسلام المرء ترك ما لا يعنيه . بيان : الاطراء : مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه . وخذله أي ترك نصرته . والبغي : التعدي والاستطالة والظلم وكل مجاوزة عن الحد . وقوله : من تكره إما بفتح التاء للخطاب ، أو بالضم على البناء للمفعول . وقال الفيروزآبادي : كبه : قلبه وصرعه كأكبه . وقال الجوهري : كبه لوجهه أي صرعه فأكب هو على وجهه . وهذا من النوادر . وقال الجزري : وفي الحديث : وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم أي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه ، واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع ، وتشبيها للسان وما يقطعه من القول بحد المنحل ( 2 ) الذي يحصد به . وقال : يقال هذا أمر لا يعنيني أي لا يشغلني ولا يهمني ، ومنه الحديث : من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أي لا يهمه . يا هشام لا يكون الرجل مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا ، ولا يكون خائفا راجيا حتى يكون عاملا لما يخاف ويرجو . يا هشام قال الله عزوجل : وعزتي وجلالي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي في مكاني ، لا يؤثر عبد هواى على هواه إلا جعلت الغنى في نفسه ، وهمه في آخرته وكففت عليه ضيعته ، وضمنت السماوات والارض رزقه ، وكنت له من وراء تجارة كل تاجر . بيان : قوله تعالى : في مكاني أي في منزلتي ودرجة رفعتي . قوله : وكففت عليه ضيعته . يقال : كففته عنه أي صرفته ودفعته . والضيعة : الضياع والفساد ، وما هو في ________________________________________________ ( 1 ) أي يغتابه ويذكره بما فيه من السوء . ( 2 ) بكسر الميم وسكون النون وفتح الجيم : آلة من حديد عكفاء يقضب بها الزرع ونحوه . ( * ) [151] معرض الضياع من الاهل والمال وغيرهما . وقال في النهاية : وضيعة الرجل : ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغيرها ، ومنه الحديث : أفشى الله ضيعته أي أكثر عليه معاشه انتهى ، فيحتمل أن يكون المراد صرفت عنه ضياعه وهلاكه بتضمين معنى الاشفاق ، أو يكون " على " بمعنى " عن " ، أو صرفت عنه كسبه بأن لا يحتاج إليه ، أو جمعت عليه معيشته أو ما كان منه في معرض الضياع ، كما قال في النهاية : لا يكفها أي لا يجمعها ولا يضمها ، ومنه الحديث : المؤمن أخ المؤمن يكف عليه ضيعته أي يجمع عليه معيشته ويضمها إليه . وهذا المعنى أظهر لكن ما وجدت الكف بهذا المعنى إلا في كلامه ( 1 ) . وقوله تعالى : وكنت له من وراء تجارة كل تاجر . يحتمل وجوها : الاول : أن يكون المراد كنت له عقب تجارة التجار لاسوقها إليه . الثاني : أن يكون المراد أني أكفي مهماته سوى ما أسوق إليه من تجارة التاجرين . الثالث : أن يكون معناه : أناله عوضا عما فاته من منافع تجارة التاجرين . ولعل الاول أظهر . يا هشام الغضب مفتاح الشر ، وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ، وإن خالطت الناس فإن استطعت أن لا تخالط أحدا منهم إلا من كانت يدك عليه العليا فافعل . بيان : اليد العليا : المعطية أو المتعففة . يا هشام عليك بالرفق ، فإن الرفق يمن والخرق شؤم ( 2 ) إن الرفق والبر و حسن الخلق يعمر الديار ، ويزيد في الرزق . بيان : قال الفيروزآبادي : الخرق بالضم وبالتحريك : ضد الرفق ، وأن لا يحسن العمل ، والتصرف في الامور ، والحمق . يا هشام قول الله : هل جزاء الاحسان إلا الاحسان جرت في المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، من صنع إليه معروف فعليه أن يكافئ به ، وليست المكافاة أن تصنع ________________________________________________ ( 1 ) بل هذا من المعاني التي ضبطها كتب اللغة . ( 2 ) اليمن : البركة . والشؤم : ضده . ( * ) [152] كما صنع حتى ترى فضلك ، فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالابتداء . يا هشام إن مثل الدنيا مثل الحية ، مسها لين ، وفي جوفها السم القاتل ، يحذرها الرجال ذووا العقول ، ويهوي إليها الصبيان بأيديهم . يا هشام اصبر على طاعة الله ، واصبر عن معاصي الله ، فإنما الدنيا ساعة فما مضى منها فليس تجد له سرورا ولا حزنا ، وما لم يأت ( 1 ) منها فليس تعرفه ، فاصبر على تلك الساعة التي أنت فيها فكأنك قد اعتبطت . بيان : في النهاية : كل من مات بغير علة فقد اعتبط ، ومات فلان عبطة أي شابا صحيحا ، وفي بعض النسخ بالغين المعجمة ، أي إن صبرت فعن قريب تصير مغبوطا في الآخرة يتمنى الناس منزلتك . يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله . يا هشام إياك والكبر فإنه لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر ، الكبر رداء الله فمن نازعه رداءه أكبه الله في النار على وجهه . بيان : قال الجزري : في الحديث قال الله تعالى : العظمة إزاري ، والكبرياء ردائي ضرب الرداء والازار مثلا في انفراده بصفة العظمة والكبرياء أي ليستا كسائر الصفات التي قد يتصف بها الخلق مجازا كالرحمة ، وشبههما بالازار والرداء لان المتصف بهما يشملانه كما يشمل الرداء الانسان ، ولانه لا يشركه في إزاره ورداءه أحد ، فكذلك الله لا ينبغي أن يشركه فيهما أحد . يا هشام ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم فإن عمل حسنا استزاد منه ، وإن عمل سيئا استغفر الله منه وتاب إليه . يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح عليه السلام في صورة امرأة زرقاء ، فقال لها : كم تزوجت ؟ فقالت : كثيرا ، قال : فكل طلقك ؟ قالت : لا بل كلا قتلت ! قال المسيح : فويح أزواجك الباقين كيف لا يعتبرون بالماضين ؟ ________________________________________________ ( 1 ) وفي نسخة : وما لم يمض . ( * ) [153] بيان : الزرقة في العين معروفة ، وقد تطلق على العمى ، ويقال : زرقت عينه نحوي : انقلبت وظهر بياضها ( 1 ) فعلى الاول : لعل المراد بيان شؤمتها فإن العرب تتشأم بزرقة العين أو قبح منظرها وعلى الثاني ظاهر ، وعلى الثالث كناية عن شدة الغضب ، و الاول أظهر . وويح : كلمة ترحم وتوجع يقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها ، وقد يقال بمعنى المدح والتعجب ( 2 ) . وهي منصوبة على المصدر ، وقد ترفع . يا هشام إن ضوء الجسد في عينه فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله ، و إن ضوء الروح العقل ، فإذا كان العبد عاقلا كان عالما بربه ، وإذا كان عالما بربه أبصر دينه ، وإن كان جاهلا بربه لم يقم له دين ، وكما لا يقوم الجسد إلا بالنفس الحية فكذلك لا يقوم الدين إلا بالنية الصادقة ، ولا تثبت النية الصادقة إلا بالعقل . يا هشام إن الزرع ينبت في السهل ، ولا ينبت في الصفا ، فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ولا تعمر في قلب المتكبر الجبار لان الله جعل التواضع آلة العقل ، و جعل التكبر من آلة الجهل ، ألم تعلم أن من شمخ إلى السقف برأسه شجه ؟ ومن خفض رأسه استظل تحته وأكنه ؟ فكذلك من لم يتواضع لله خفضه الله ، ومن تواضع لله رفعه . بيان : السهل : الارض اللينة التي تقبل الزرع ، والصفا جمع صفاة : وهي الحجر الصلب الذي لا ينبت . وتعمر بفتح التاء والميم أي تعيش طويلا ، أو بضم الميم أي تجعل القلب معمورا ، وبضم التاء وفتح الميم أي تصير الحكمة في القلب معمورة . وشمخ أي طال وعلا . وشج رأسه أي كسره . والخفض : ضد الرفع ، وأكنه أي ستره وحفظه عن الحر والبرد . يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى ( 3 ) وأقبح الخطيئة بعد النسك ، وأقبح من ________________________________________________ ( 1 ) وقد يطلق على شدة العداوة . يقال : عدو أزرق : شديد العداوة ، وذلك أن زرقة العيون غالبة في الروم والديلم ، وكانت بينهم وبين العرب عداوة شديدة فسموا كل عدو بذلك . ( 2 ) وقيل : انها تأتي أيضا بمعنى ويل . تقول : ويح لزيد وويحا لزيد وويحه . ( 3 ) المراد بالفقر إما الفقر المعنوي ، أي ما أقبح للرجل أن تكون له فضائل نفسية وخلق كريمة ، أو عقائد حقة وملة مرضية ثم يتركها ويستخلف منها الخصال المذمومة والاخلاق الرذيلة أو العقائد الباطلة فيكون مآل أمره إلى الخسران ومرجعه إلى الفناء ، أو المراد منه الفقر المادي أي ما أقبح للرجل أن يكون ذا ثروة ومال ، ثم يترفها ويسرفها ويصرفها في ما لا يصلح به دنياه ولا يثاب به في عقباه ، فيصير فقيرا ويصبح إلى أقرانه محتاجا . ( * ) |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#9 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Nov 2009
الدولة: ღღ في قلــــب مـــولاي ღღ
المشاركات: 2,286
معدل تقييم المستوى: 18 ![]()
المستوى : 38 [
|
![]() ![]()
ذلك العابد لله ثم يترك عبادته . بيان : النسك : الحج أو مطلق العبادة . يا هشام لا خير في العيش إلا لرجلين : لمستمع واع ، وعالم ناطق . بيان : العيش : الحياة . ووعاه أي حفظه . يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل ، نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ، وما بعث الله نبيا إلا عاقلا حتى يكون عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين ، وما أدى العبد فريضة من فرائض الله حتى عقل عنه . بيان : الاجتهاد : بذل الجهد في الطاعات . يا هشام قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا رأيتم المؤمن صموتا ( 1 ) فادنوا منه ، فإنه يلقي الحكمة ، والمؤمن قليل الكلام كثير العمل ، والمنافق كثير الكلام قليل العمل . يا هشام أوحى الله إلى داود : قل لعبادي لا يجعلوا بيني وبينهم عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري ، وعن طريق محبتي ومناجاتي ، اولئك قطاع الطريق من عبادي ، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة عبادتي ومناجاتي من قلوبهم . بيان : في غيره من الاخبار قطاع طريق عبادي . يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملائكة السماء وملائكة الارض ، ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد الله ، ومن ادعى ما ليس له فهو اعنى لغير . بيان : من تعظم أي عد نفسه عظيما قوله : أعنى لغير أي يدخل غيره في العناء و التعب ممن يشتبه عليه أمره أكثر مما يصيبه من ذلك ، ويحتمل أن يكون تصحيف أعتى لغيره من العتو وهو الطغيان والتجبر ، وكان يحتمل المأخوذ منه ذلك أيضا . يا هشام أوحى الله إلى داود : حذر وأنذر أصحابك عن حب الشهوات ، فإن المعلقة قلوبهم بشهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني ( 2 ) .
________________________________________________ ( 1 ) بفتح الصاد وضم الميم : الكثير الصمت . ( 2 ) أي قلوبهم مستورة عن كشف سبحات وجهي وجلالي وإشراق أنوار عظمتي وعرفان دلائل الوهيتي وجمالي ، وممنوعة عن حصول العلوم الحقيقية فيها ، لحلول محبة زخارف الدنيا فيها و تعلقها بها . ( * ) [155] يا هشام إياك والكبر على أوليائي ، والاستطالة بعلمك فيمقتك الله ، فلا تنفعك بعد مقته ( 1 ) دنياك ولا آخرتك ، وكن في الدنيا كساكن الدار ليست له ، إنما ينتظر الرحيل . يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة ، ومشاورة العاقل الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من الله ، فإذا أشار عليك العاقل الناصح فإياك والخلاف فإن في ذلك العطب . بيان : أهل الدين هم العالمون بشرائع الدين العاملون بها . والعطب بالتحريك الهلاك . يا هشام إياك ومخالطة الناس والانس بهم إلا أن تجد منهم عاقلا مأمونا فأنس به واهرب من سائرهم كهربك من السباع الضارية ، وينبغي للعاقل إذا عمل عملا أن يستحيي من الله إذ تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره ، وإذا حزبك ( 2 ) أمر أن لا تدري أيهما خير وأصوب فانظر أيهما أقرب إلى هواك فخالفه ، فإن كثير الثواب في مخالفة هواك ، وإياك أن تغلب الحكمة وتضعها في الجهالة . قال هشام : فقلت له : فإن وجدت رجلا طالبا غير أن عقله لا يتسع لضبط ما القي إليه ؟ قال : فتلطف له في النصيحة ، فإن ضاق قلبه فلا تعرضن نفسك للفتنة ، واحذر رد المتكبرين ، فان العلم يدل على أن يحمل على من لا يفيق ( 3 ) قلت : فإن لم أجد من يعقل السؤال عنها ؟ قال فاغتنم جهله عن السؤال حتى تسلم فتنة القول ، وعظيم فتنة الرد ، واعلم : أن الله لم يرفع المتواضعين بقدر تواضعهم ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده ، ولم يؤمن الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده ، ولم يفرح المحزونين بقدر حزنهم ولكن ________________________________________________ ( 1 ) المقت بفتح الميم وسكون القاف : شدة البغض . ( 2 ) في التخف المطبوع : وإذا مر بك . ( 3 ) قوله يدل : يحتمل أن يكون من باب ضرب يضرب أي تغنج وتلوى أن يحمل على من لم يرجع عن سكره وإغماءه وغفلته ، وفي التحف المطبوع " يجلى " بدل " يحمل " أي العلم تغنج وتلوى أن يعرض على من لا يفيق . وظني أن " يحمل أو يجلى " يكون مصحف " ينجل " أي العلم يرشد إلى أن ينجل على من لا يفيق ، أو أن في الجملة تصحيفا وغلطا والصحيح : فان العلم يدل ان يحمل على من لا يطيق . ( * ) [156] فرحهم بقدر رأفته ورحمته ، فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأولياءه ؟ فكيف بمن يؤذي فيه ؟ وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ؟ فكيف بمن يترضاه ويختار عداوة الخلق فيه ؟ . بيان : السباع الضارية أي المولعة بالافتراس المعتادة له . وحزبه أمر أي نزل به وأهمه . قوله عليه السلام : وإياك أن تغلب الحكمة كذا في النسخة التي عندنا ، ولعل فيه حذفا وإيصالا ، أي تغلب على الحكمة ، أي يأخذها منك قهرا من لا يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول ، أو على المعلوم أي تغلب على الحكمة فإنها تأبى عمن لا يستحقها ، ويحتمل أن يكون بالفاء من الافلات بمعنى الاطلاق ، فإنهم يقولون : انفلت مني كلام أي صدر بغير روية . قوله : فتلطف له في النصيحة أي تذكر له شيئا من تلك الحكمة بلطف على وجه الامتحان . والافاقة : الرجوع عن السكر والاغماء والغفلة إلى حال الاستقامة . قوله : يؤذيه بأولياءه أي بسبب إيذاءهم ، وترضاه أي طلب رضاه . يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه ، وما اوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا . يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به ، وأكثر الصواب في خلاف الهوى ، ومن طال أمله ساء عمله . يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل . بيان : اللبيب : العاقل ( 1 ) والتوصيف للتوضيح والتأكيد ، وألهاك : أي أغفلك . يا هشام إياك والطمع ، وعليك باليأس مما في أيدي الناس ، وأمت الطمع من المخلوقين ، فان الطمع مفتاح الذل ، واختلاس ( 2 ) العقل ، وإخلاق المروات ، وتدنيس ________________________________________________ ( 1 ) اللب : العقل الخالص من الشوائب ، أو ما ذكا من العقل ، فكل لب عقل ولا يعكس ، واللبيب من كان ذا لب ، فكل لبيب عاقل ، ولا يعكس . .................................................. .......................... -بحار الانوار مجلد: 1 من ص 156 سطر 24 الى ص 165 سطر 20 ( 2 ) الاختلاس : الاختطاف بسرعة على غفلة بخلاف الاستلاب فانه لا يشترط فيه الغفلة . ( * ) [157] العرض ، والذهاب بالعلم ، وعليك بالاعتصام بربك : والتوكل عليه ، وجاهد نفسك لتردها عن هواها ، فإنه واجب عليك كجهاد عدوك . قال هشام : فأي الاعداء أوجبهم مجاهدة ؟ قال : أقربهم إليك ، وأعداهم لك ، وأضرهم بك ، وأعظمهم لك عداوة ، وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك ، ومن يحرض أعدائك عليك ، وهو إبليس ( 1 ) الموكل بوسواس القلوب ، فله فلتشد عداوتك ، ولا يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ، فإنه أضعف منك ركنا في قوته ، وأقل منك ضررا في كثرة شره إذا أنت اعتصمت بالله ، ومن اعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم . بيان : الاختلاس : الاستلاب . وإخلاق الثوب : إبلاؤه . والدنس : الوسخ . و الحمل في المواضع على المبالغة . وقوله : ومن يحرض يحتمل المعجمة والمهملة : الحث والترغيب ، كما قال تعالى : وحرض المؤمنين على القتال ( 2 ) . يا هشام من أكرمه الله بثلاث فقه لطف له : عقل يكفيه مؤونة هواه ، وعلم يكفيه مؤونة جهله ، وغنى يكفيه مخافة الفقر . يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها فإن الناس فيها على أربعة أصناف : رجل مترد معانق لهواه ، ومتعلم متقرئ كلما ازداد علما ازداد كبرا يستعلن بقراءته وعلمه على من هو دونه ، وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ، يحب أن يعظم ويوقر ، وذو بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به فهو عاجز أو مغلوب ، ولا يقدر على القيام بما يعرف فهو محزون مغموم بذلك فهو أمثل أهل زمانه وأوجههم عقلا . بيان : تردى في البئر أي سقط ، والمتردي أي الواقع في المهالك التي يعسر التخلص منه . والمتقرئ : الناسك المتعبد أو المتفقه أي متعلم القراءة . قوله : يستعلن بقراءته كأنه كان يستعلي ، ويمكن أن يضمن فيه معناه . والامثل : الافضل . وأوجههم عقلا : لعل المراد أن عقلهم أوجه عند الله من عقول غيرهم ، أو هم أوجه الناس للعقل . ________________________________________________ ( 1 ) ابلس : قل خيره من رحمة الله ، يئس . وإبليس : علم للشيطان فهو إما بمعنى قليل الخير ، أو بمعنى المأيوس من رحمة الله تعالى . ( 2 ) الانفال : 65 ( * ) [158] يا هشام اعرف العقل وجنده ، والجهل وجنده تكن من المهتدين . قال هشام فقلت : لا نعرف إلا ما عرفتنا ، فقال عليه السلام : يا هشام إن الله خلق العقل وهو أول خلق خلقه الله من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، فقال الله عزوجل : خلقتك خلقا عظيما وكرمتك على جميع خلقي . ثم خلق الجهل من البحر الاجاج الظلماني ، فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فلم يقبل ، فقال : استكبرت ؟ فلعنه . ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما كرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة ، وقال الجهل : يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به ، أعطني من الجند مثل ما أعطيته ، فقال تبارك وتعالى : نعم ، فإن عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي فقال : قد رضيت فأعطاه الله خمسة وسبعين جندا . فكان مما أعطى العقل من الخمسة وسبعين جندا : الخير وهو وزير العقل ، الشر وهو وزير الجهل . الايمان ، الكفر . التصديق ، التكذيب . الاخلاص ، النفاق . الرجاء ، القنوط . العدل ، الجور . الرضاء ، السخط . الشكر ، الكفران . اليأس ، الطمع . التوكل ، الحرص . الرأفة ، الغلظة . العلم ، الجهل . العفة ، التهتك . الزهد ، الرغبة . الرفق ، الخرق . الرهبة ، الجرأة . التواضع ، الكبر . التؤدة ، العجلة . الحلم ، السفه . الصمت ، الحذر . الاستلام ، الاستكبار . التسليم ، التجبر . العفو ، الحقد . الرحمة ، القسوة . اليقين ، الشك . الصبر ، الجزع . الصفح ، الانتقام . الغنى ، الفقر . التفكر ، السهو . الحفظ ، النسيان . التواصل ، القطيعة . القناعة ، الشره ( 1 ) . المواساة ، المنع . المودة ، العداوة . الوفاء ، الغدر . الطاعة ، المعصية . الخضوع ، التطاول . السلامة ، البلاء . الفهم ، الغباوة . المعرفة ، الانكار . المداراة ، المكاشفة . سلامة الغيب ، المماكرة . الكتمان ، الافشاء . البر ، العقوق . الحقيقة ، التسويف . المعروف ، المنكر . التقية ، الاذاعة . الانصاف ، الظلم . النفي ( 2 ) ، الحسد . النظافة ، القذر . الحياء ، القحة . ________________________________________________ ( 1 ) بكسر الشين المعجمة : الشر ، الحدة ، النشاط والغضب ، الطيش ، الحرص . والاخير هو المراد هنا . ( 2 ) في التحف : التقي . ( * ) [159] القصد ، الاسراف . الراحة ، التعب . السهولة ، الصعوبة . العافية ، البلوى . القوام ، المكاثرة . الحكمة ، الهوى . الوقار ، الخفة . السعادة ، الشقاء . التوبة ، الاصرار . المخافة ، التهاون . الدعاء ، الاستنكاف . النشاط ، الكسل . الفرح ، الحزن . الالفة ، الفرقة . السخاء ، البخل . الخشوع ، العجب . صدق الحديث ، النميمة . الاستغفار ، الاغترار . الكياسة ، الحمق ( 1 ) . بيان : النفي : نفي الحسد عن النفس ، والظاهر أنه صحف ، والقحة كعدة : الوقاحة وقلة الحياء . يا هشام لا تجتمع هذه الخصال إلا لنبي أو وصي نبي ، أو مؤمن امتحن الله قلبه للايمان ، وأما سائر ذلك من المؤمنين فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود من أجناد العقل . حتى يستكمل العقل ويتخلص من جنود الجهل ، فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الانبياء والاوصياء عليهم السلام وفقنا الله وإياكم لطاعته . 31 - الدرة الباهرة : قال أمير المؤمنين عليه السلام : العاقل من رفض الباطل . 32 - دعوات الراوندي : قال الصادق عليه السلام : كثرة النظر في العلم يفتح العقل . 33 - نهج : قال أمير المؤمنين عليه السلام ، لسان العاقل وراء قلبه ، وقلب الاحمق وراء لسانه . قال السيد رضي الله عنه : وهذا من المعاني العجيبة الشريفة ، والمراد به أن العاقل لا يطلق لسانه إلا بعد مشاورة الروية ، ومؤامرة الفكر ، والاحمق تسبق خذفات لسانه وفلتات ( 2 ) كلامه مراجعة فكره ، ومماحضة رأيه ، فكأن لسان العاقل تابع لقلبه ، كما أن قلب الاحمق تابع للسانه . وقد روي عنه عليه السلام هذا المعنى بلفظ آخر و هو قوله عليه السلام : قلب الاحمق في فيه ، ولسان العاقل في قلبه . ومعناهما واحد . 34 - وقال عليه السلام : إذا تم العقل نقص الكلام . 35 - وقال عليه السلام : لا يرى الجاهل إلا مفرطا أو مفرطا . ________________________________________________ ( 1 ) تقدم شرح هذه الخصال قبلا . ( 2 ) جمع الفلتة : زلاته وهفواته . ( * ) [160] 36 - نهج : قيل له عليه السلام : صف لنا العاقل فقال : هو الذي يضع الشئ مواضعه قيل له : فصف لنا الجاهل قال : قد فعلت . قال السيد رضي الله عنه : يعني عليه السلام أن الجاهل هو الذي لا يضع الشئ مواضعه ، فكأن ترك صفته صفة له ، إذ كان بخلاف وصف العاقل . 37 - نهج : قال عليه السلام : كفاف من عقلك ما أوضح لك سبيل غيك ( 1 ) من رشدك . 38 - وقال عليه السلام في وصيته للحسن عليه السلام : والعقل حفظ التجارب ، وخير ما جربت ما وعظك . 39 - كنز الكراجكي : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إن العاقل من أطاع الله وإن كان ذميم المنظر حقير الخطر ، وان الجاهل من عصى الله ، وإن كان جميل المنظر عظيم الخطر ، أفضل الناس أعقل الناس . 40 - وروي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : العقل ولادة ، والعلم إفادة ، و مجالسة العلماء زيادة . 41 - وقال عليهم السلام : من صحب جاهلا نقص من عقله . 42 - وقال عليه السلام : التثبت رأس العقل والحدة رأس الحمق . 43 - وقال عليه السلام : غضب الجاهل في قوله ، وغضب العاقل في فعله . 44 - وقال عليه السلام : العقول مواهب والآداب مكاسب . 45 - وقال عليه السلام : فساد الاخلاق معاشرة السفهاء ، وصلاح الاخلاق معاشرة العقلاء . 46 - وقال عليه السلام : العاقل من وعظته التجارب . 47 - وقال عليه السلام : رسولك ترجمان عقلك . 48 - وقال عليه السلام : من ترك الاستماع عن ذوي العقول مات عقله . 49 - وقال عليه السلام : من جانب هواه صح عقله . 50 - وقال عليه السلام : من أعجب برأيه ضل ، ومن استغنى بعقله زل ، ومن تكبر على الناس ذل . ________________________________________________ ( 1 ) بفتح الغين وكسرها وتشديد الياء المفتوحة : الضلال . ( * 51 - وقال عليه السلام : إعجاب المرء بنفسه دليل على ضعف عقله . 52 - وقال عليه السلام : عجبا للعاقل كيف ينظر إلى شهوة يعقبه النظر إليها حسرة . 53 - وقال : همة العقل ترك الذنوب وإصلاح العيوب |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
#10 | |||||||||
مشرفة سابقة
![]() ![]() ![]() ![]() تاريخ التسجيل: Dec 2009
الدولة: القطيف الغالية
المشاركات: 873
معدل تقييم المستوى: 16 ![]()
المستوى : 26 [
|
![]() ![]()
مشكوورة دموع الشرقية
ربي يعيطش العافية ..:> |
|||||||||
![]() |
![]() |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
![]() |
||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
تعدد ظلامات الصديقة الكبرى عليها السلام .. | الم الرحيل | منتدى أهل البيت | 6 | 05-05-2010 11:46 PM |
علامات ظهوره من السفياني والدجال ( وغير ذلك وفيه ذكر بعض أشراط الساعة | دموع الشرقية | منتدى الإمام المهدي "عليه السلام" | 4 | 03-16-2010 03:03 AM |
العقل | زهرة اللوتس | المنتدى الإسلآمي العام | 2 | 03-05-2010 04:53 PM |
آية الخسف هي اوضح علامات ظهور صاحب العصر والزمان عليه السلام | ابو بسام قصار | منتدى الإمام المهدي "عليه السلام" | 6 | 01-04-2010 02:24 PM |
تطوير واستضافة: شبكة جنة الحسين (عليه السلام) للإنتاج الفني
الساعة الآن: 11:29 PM.