في خضم هذه المعاناة، لا يمكن تجاهل الدور البطولي الذي أدّاه الحشد الشعبي في تحرير مدن الأنبار، حيث قدّم أبناءه قرابين من أجل استعادة الأرض، ووقف جنبًا إلى جنب مع القوات الأمنية والعشائر في مواجهة تنظيم داعش. هذا الدور لا يُختزل في المعركة العسكرية فقط، بل يمتد إلى حفظ الأمن والاستقرار، وفتح الطريق أمام عودة الحياة إلى المناطق المحررة.
المشهد في الأنبار لا يقتصر على الخراب العمراني، بل يمتد إلى معاناة إنسانية عميقة، يعيشها الأهالي بين النزوح القسري، وضغوط الإيجارات، وغياب الخدمات الأساسية. كل ذلك يحدث في ظل بطء واضح في عمليات الإعمار، وتراكم الوعود التي لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
ومع كل موسم انتخابي، تتجدد التصريحات الرسمية حول التعويضات وإعادة البناء، لكن الواقع يثبت أن تلك الوعود غالبًا ما تكون موسمية، تنتهي بانتهاء الحملات، تاركة المواطنين في حالة من الإحباط واليأس، وسط شعور متزايد بالتهميش والنسيان.
ورغم الجهود الفردية التي بذلها بعض الأهالي لإعادة بناء منازلهم بمواردهم المحدودة، إلا أن غياب الدعم الحكومي جعلهم يواجهون أعباء مالية ثقيلة، دون أن تصلهم أي تعويضات تخفف عنهم هذا العبء، ما دفعهم إلى إطلاق مناشدات متكررة للجهات المعنية.
أصوات المواطنين ترتفع من جديد، تطالب بتحريك الملفات العالقة، وتناشد الحكومة ومجلس النواب وكل من يملك سلطة القرار، بأن يلتفت إلى الأنبار وأهلها، الذين دفعوا ثمناً باهظاً في الحرب، ويستحقون اليوم أن يُنصفوا في السلم.
تبقى مدن الأنبار المحررة شاهدة على تضحيات جسيمة، وعلى حرب انتهت عسكريًا، لكنها لا تزال مستمرة في وجدان الناس، وفي تفاصيل حياتهم اليومية، بانتظار من يعيد الاعتبار لهم، ويحول الوعود إلى واقع ملموس.