يجب التبشير بنصر مؤكد في وسائل الاعلام ، أما في غرف العمليات فيجب استبعاد فرضيات النصر الأكيد والسريع للحشد والجيش في معركة الانبار قياسا على المعارك السابقة وما أصاب عصابة داعش من ضعف وانكسار ، الوضع الحالي يحتمل قراءة ثانية مختلفة تماما ومبنية على رفض الاستهانة بالعدو ، وبالتالي يجب النظر الى معركة الانبار من زوايا أخرى ، معروف ان العدو يتغلغل في بغداد مع النازحين ومن المعابر الواهنة ، ويعيد تنشيط الخلايا النائمة القادرة على ان تنفذ عمليات خطيرة في العاصمة ، كما ان العدو يهتم كثيرا بقاطع الكرمة جنوب الفلوجة ويخطط لحركة خاطفة باتجاه كربلاء وبغداد عبر بيئة جغرافية معقدة تخدم حرب العصابات اكثر من الجيش التقليدي ، ومن اجل تشتيت الجهود الدفاعية يستطيع العدو تفعيل محور حمرين والمنصورية باتجاه مركز محافظة ديالى ، وبحكم قواعد حرب العصابات يحتاج العدو اعدادا قليلة من المقاتلين لتأسيس محاور مشاغلة جديدة ، بينما يلزم المدافع وحدات نظامية لصد الاختراقات خاصة عندما تكون متزامنة ومباغتة ، وتستخدم عشرات العجلات المفخخة المزودة بتصفيح مضاعف مندفعة نحو أهدافها بسرعة ، هذه الحقائق تجبر المراقب على توقع مفاجآت خطيرة ربما تحصل في هذه المعركة ، وسببها الأول الاستخفاف بالعدو والاعتقاد بأن معركته من نمط معروف سلفا ، وعدم الانتباه الى ان حرب العصابات تتحمل دائما الابتكار والمفاجأة والخدعة والمناورة بمستوى عال لانها تعتمد في الأصل حركة سريعة لمجموعات انتحارية صغيرة . اما من الناحية السياسية فان انكسار داعش المنتظر في الانبار سيضع كلا من دول الخليج وإسرائيل واميركا امام استحقاقات وتحولات جديدة ويعمق دور الحشد الشعبي العراقي سياسيا داخل العراق وخارجه ، لهذه الأسباب هناك من يفكر بجدية لمنع الحشد الشعبي من تحقيق انتصار كبير وفاصل في الانبار وان تطلب الأمر تدخلات مكشوفة في اللحظة الأخيرة ، ولعل تصريح وزير خارجية الامارات العربية المتحدة التي وضع فيها العراق وسوريا في دائرة الاتهام وكأنهما هما المسؤولان عن ظهور عصابات داعش وما ارتكبته من جرائم ، أي وضع الضحية موضع الجلاد وهو مؤشر واضح على ان الدول الداعمة لداعش بدأت تخشى جديا ان تكون نهاية هذه العصابة واسطورتها الدموية في معركة الانبار، فتتبخر كل المشاريع التي بنيت على أساس ما تحققه هذه العصابة من مكاسب على الأرض .