لم تكن السنوات التسع التي تلت سقوط النظام عام ٢٠٠٣ متشابهة من حيث المنهجية والسياسة الداخلية والخطوط العريضة بالنسبة لتيار شهيد المحراب ولم تكن الخطوات المتبعة من قبل قيادة هذا الخط مبتنية على مصالح شخصية او حزبية كما يعرف ويعلم الجميع، فقد سعى ابناء هذا الخط الى تاسيس وبناء دولة ديموقراطية تتمتع بالحقوق والحريات وتناسى في فترة ما الكم الهائل من الشعبية التي حظي بها تيار شهيد المحراب الذي اكتسح في الانتخابات الاولى اكثر الاصوات في احد عشر محافظة عراقية وكان بإمكانه التربع على سدة الحكم فترة من الزمن لبناء نفسه داخليا وتأسيس مناخ يتيح له البقاء على رأس السلطة اطول فترة ممكنة، الا ان وطنية هذا الخط وحرص قادته على الاهداف السامية وتحقيقها رفع المصالح الشخصية والحزبية من جدول اعمال تيار شهيد المحراب في الوقت الذي تشكل هذه الفقرة اولى اولويات الاحزاب المنضوية تحت مسمى العملية السياسية، السياسة التي اتخذها تيار شهيد المحراب مرت بمرحلتين اساسيتين من الناحية الاعم ودون الخوض في الجزئيات وهما:
المرحلة الاولى، التي ابتدأت منذ سقوط النظام وقد حرص شهيد المحراب (قدس) وقتذاك على ان تكون سياسة التيار هي اتباع المرجعية العليا والاخذ بتوجيهاتها والقرب منها والتصرف وفق ما تقتضيه حكمتها( واقصد المرجعية العليا) بصرف النظر عن حظوظ التيار في الشارع وما سيحصل عليه من تأييد شعبي وما تترتب على ذلك من استحقاقات وقد تمخضت عن هذه الالية التي اتبعها السيد محمد باقر الحكيم( قدس) الكثير من الامور التي مازلنا نجني ثمارها حتى الان كالتفاف الناس حول المرجعية واتباع توجيهاتها والرجوع اليها في الامور الهامة، باستثناء بعض السلوكيات( الشاذة) التي صدرت من هذا السياسي او ذاك من داخل العملية السياسية. استمرت هذه المرحلة بعد رحيل شهيد المحراب وانتقال قيادة المجلس الاعلى لسماحة السيد عبد العزيز الحكيم( قدس) فقد سار على النهج ذاته وتمسك بالخطوط العريضة التي رسمها من قبله شهيد المحراب على الرغم من التطورات الكبيرة التي استجدت في تلك الفترة الحساسة من عمر العملية السياسية في العراق الجديد، اذ انبرى ( رحمه الله) وتصدى للكثير من الازمات التي واجهت عملية التاسيس الاولى للدستور العراقي ومن قبله الانتخابات الاولى التي حدثت وسط اجواء اشبه بالكارثية من حيث الوضع الامني والتناحرات الكبيرة بين المكونات العراقية، هذه المرحلة لم تختلف من حيث الشكل عن سابقتها لكنها اختلفت من حيث المضمون فالمسمى واحد وهو ان تيار شهيد المحراب يسعى اولا الى تأسيس دولة ومن ثم النظر في الامور الداخلية للتيار وقد بدا ذلك واضحا على مجريات سير الاحداث في تلك الاونة.
المرحلة الثانية، وهي المرحلة الراهنة والتي بدات بعد وفاة عزيز العراق( قدس) وانتخاب السيد عمار الحكيم بالاجماع رئيسا للمجلس الاعلى من قبل اتباع تيار شهيد المحراب فقد بدا واضحا في هذه الفترة التوجه الى ترميم او اعادة بناء البيت الداخلي للتيار بعد الاطمئنان على استقرار الوضع السياسي في البلد نتيجة اقرار الدستور واعتماد المنهج الديموقراطي في انتقال السلطة وبناء اساس قوي تعتمد عليه الدولة في بناء نفسها، فكان لابد ان يستعيد التيار عافيته( الشعبية) التي كانت في سنوات مضت في الدرجة الثانية من حيث الاهتمام وفقا لما تتطلبه المرحلة، ومنذ تلك اللحظة والخط البياني لتيار شهيد المحراب تصاعد كليا وصار جليا للجميع انه في تصاعد مستمر تلك النتيجة الطبيعية لتيار اسلامي وضع نفسه في اولا في قائمة المضحين واخيرا في قائمة المستفيدين، هذا المفهوم الذي يعرفه الجميع ارتكز في اذهان الاعداء قبل الاصدقاء وسجل احتراما قلما تجد له مثيل عند بقية الاحزاب( البراغماتية) التي تشكل العصب الاساس في قيادة امور البلد والتي انتهجت منهج مصلحتي اولا ومن ثم المواطن، فيما كان شعار هذا التيار المبارك خدمة الوطن والمواطن وهو شعار طبقه المجلس الاعلى منذ اكثر من تسع سنوات.