أما الساسة الذين لا يحبذون الوصول إلى لحظة كهذه ويغضون الطرف عن الواقع فأنهم ساسه حالمون و هؤلاء اكبر بلاء وكارثة يمكن أن تصيب مجتمع وهذه بالطبع ليست دعوة للخور والضعف والانحناء للريح بل هي دعوه لقراءة متواصلة للواقع ورصد التطورات وإعادة الحسابات إذ لا معنى لخضوع السياسي للعقد والاستمرار في الركض وراء القضايا الخاسرة ولابد من وجود بدائل وخيارات بصورة متواصلة وان الدخول إلى الإنفاق المظلمة أو في الطرق المسدودة يعني الفشل الذريع للسياسي ومؤشر لقوة الخصم .
على إننا نلاحظ ان بعض الساسة العراقيين لا يزالون يصرون على الاستمرار في خلق الأجواء التي تمنع الحوار ولو دعوا إلى الحوار فان الحوار عندهم هو الحضور إلى مكان الاجتماع مع قائمة من المطالب والانتظار من الآخرين أن يستجيبوا لها وفي حال عدم الاستجابة فانه يبدأ بالصراخ واتهام الآخرين بعدم المصداقية أو الهروب من الحوار ولعل هذا النمط من السلوك لا يمثل إلا نوع أخر من الاستمرار في الصزاع حتى وان كان من الناحية الشكلية لأنه ببساطة يفتقر إلى العنصر الأهم من عناصر الحوار وهو الاستعداد للاستماع للطرف الأخر والذي يتضمن الاستعداد للتنازل والأخذ والرد، إذ لا معنى لان يجلس الإنسان إلى طاولة الحوار دون القدرة على الأخذ والرد إذ يكفي بالنسبة لهذا الطرف أن يرسل مطالبه بالبريد وهذا هو إملاء وليس حوار.
ومن الواضح إن الحوار ينتمي إلى عقلية ديمقراطية تمتاز أصلا بالاعتراف بالأخر وعدم دفع الخلاف للتحول إلى صراع ومنع الصراعات القائمة من التفاقم ولهذا فهو يعني البحث عن حلول وسطية، واللقاء في منتصف الطريق وألا فهو ليس بحوار وهو ما نحتاج إليه اليوم كجزء من ثقافة العراق الجديد الديمقراطي فيا حبذا أن نراه هو الذي يسود حياتنا السياسية وغير السياسية.