نحن الآن في شهر شعبان المعظم وهو من أشهر الله تعالى حيث ترفع فيه الأعمال الى الله عز وجل ويستحب فيه الصوم وكثرة العبادة والتقرب الى المولى سبحانه جل في علاه وهو شهر يغفل الناس فيه لأن الدنيا ملهية مشغلة ولابد من جرس انذار يرن في أذن الخلق من الخالق العظيم الى خلقه الغافلين حتى يرجعوا اليه تائبين وهو شهر فيه دروس وعبر وحكم ودرر فيه مناسبات وذكريات حري بالمؤمنين ان يقفوا عندها فهذا أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : (قلت: يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان قال ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال الى رب العالمين فأحب أن يُرفع عملي وأنا صائم)
ومن خلال قراءة واعية متدبرة لهذا الحديث النبوي الشريف يتبين لنا أولا : حرص الصحابة الكرام وال بيته الاطهار وتمسكهم بسنة الحبيب المختار (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثانيا: بيان رسول الله تعالى من خلال هذه الإجابة النبوية أن ثمة حكم ومزايا ادخرها الله تعالى في هذا الشهر المبارك
الحكمة الأولى: هو محط ذكرى للناس الغافلين وما أكثرهم في زماننا لأن شعبان شهر يغفل عنه الناس لأنهم بطبائعهم ينشغلون بالدنيا وينسون حقوق الله عليهم وخوفا من أن تفوتهم فضيلة الخير .بهذا الشهر دعى رسولنا الكريم أمته لصيامه استعدادا واستقبالا لشهر رمضان المبارك فلا بد من اتباع سنة رسول الله في صوم الجزء الأول والأكبر من شهر شعبان لأن الصيام من الصبر والله سبحانه وتعالى قال (انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب) فشهر شعبان هو شهر عظيم عند رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ). والحكمة الثانية: إن أعمال الناس ترفع في هذا الشهر وقد قال ربنا سبحانه وتعالى (فيها يفرق كل أمر حكيم) قال الإمامان عطاء وعكرمة وهما من أئمة المسلمين هي ليلة النصف من شعبان يبرم فيها أمر السنة ويكتب أسماء الحجاج فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد وتكتب اّجال الناس فيها بصحيفة وقد قال صلوات الله عليه وسلامه (يطلع الله تبارك وتعالى الى خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) فعلينا أن نتنبه لفضل هذا الشهر وأن نحتسب ما نمر به اليوم من ضيق عيش وقلة أمن هو ابتلاء من الله لنا وعلينا العودة الصادقة اليه سبحانه وتعالى فهو أرحم بنا من امهاتنا وآبائنا ولعل من أهم الذكريات تحويل القبلة من بيت المقدس في فلسطين الى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة وفيها نزل قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك) أعاده الله علينا وعلى أمتنا بالخير والأمن وجعلنا من الصائمين الطائعين وكل عام وأنتم بألف خير
الشيخ د. خالد عبد الوهاب الملا
رئيس جماعة علماء العراق