إليكم فدرالية الوسط والجنوب, والتي لم تكن ترفاً سياسياً بقدر ماهو تشخيص وإستقراء لما يحدث اليوم, فكان يقيننا إن العلاج يمكن إن يعيد العافية إلى الوطن الجريح, لكن عندما يسكب الملح على الجرح فأنه يكون مؤلماً, وعندما يبقى قد يسبب مضاعفات خطيرة, وهو ما يؤدي إلى البتر!..كان مشروع الأقليم تجنباً لكل ما يحدث اليوم, رفضوه, وشهروا به, أستخدموا أقذر وسائل التسقيط, واليوم الكثير من القوى السياسية تتبناه, وبعضها الآخر يهدد به, والبعض يفكر بجدية ويتمناه, لكنه اليوم لا يمكن أن يقوم بهدوء, ولو تحقق سابقاً لشهدنا عراقاً غير الذي نراه اليوم..!
قلنا ستزور الإنتخابات, كانت لدينا مؤشرات, وتشخيصنا طعن به في ساعاته الأولى؛ بيد إن رئيس الوزراء تبناه وطالبنا بتبنيه بعد إعلان النتائج!
قلنا تعالوا لنتحالف فالنتائج ستكون حاسمة بتحالفنا؛ فقالوا "لا نتحالف مع الطائفبون" ويقصدون بالطائفيين تيار شهيد المحراب, وبعد إعلان النتائج المربكة, قالوا "التحالف هو سفينة النجاة"..!
قلنا طالما النتائج متقاربة فتعالوا نجتمع إلى طاولة الحوار ونتصارح وننبذ الخلاف الذي لم يتأثر منه سوى المواطن والوطن؛ قالوا "لا حوار وحكومتنا أغلبية"...ثم جلسوا وتحاورا, ولكن شتان بين الحوارين؛ الأول قائم على مصلحة الوطن, والثاني هو لتوزيع الحصص..!
قلنا يجب إن تعطى البصرة خمسة دولارات؛ فقالوا لماذا؟!..ثم أثناء الحملة الأنتخابية قالوا يجب إن تأخذ البصرة دولاراتها كاملة, ثم أنقلبوا, وهكذا..!
قال باقر صولاغ عندما كانت الدبابات تتجه صوب الشمال "لا خطر من الشمال وأحذركم من المنطقة الغربية", فصموا آذانهم..بعدها صارت الخطابات تتجه صوب الغرب, وقال صولاع أيضاً " سيكون القتال على أسوار بغداد إن لم تتخذوا الحيطة والأجراءات المناسبة" ولم يسمعوا أيضاً..وها هو القتال يعبر الأسوار.!
قالوا سنمضي لتحرير الأنبار؛ وقلنا, معكم, ولكن الحرب تحتاج أدوات, وأولها العمل الإستخباري, فهل متوفر لديكم هذا الشرط؟!..لم يجيبوا وذهبوا هناك..وكان تخوفنا إن لا تحسم المعركة وتبقى مفتوحة, وهو ما يحصل اليوم..نحن مع الصولة الحاسمة التي تقصم ظهر الإرهاب وتجفف منابعه, وهذا لا يأتي إعتباطاً؛ إنما يحتاج إلى مشروع ورؤية واضحة وشاملة.. لا نريدها حرباً مفتوحة في منطقة صغيرة, وبالنتيجة نزج الجيش بحرب إستنزاف مع قاذورات داعش؛ إنما أردناها ضربة خاطفة ونزهة ترفيهية لقواتنا الباسلة, وهذا لن يتحقق إلا بإمتلاك أدوات الحرب المعلوماتية, لكنهم لم يستمعوا, وها هي الحرب تدخل شهرها السادس أو السابع ولا حسم..!
حتى مبادرة الأنبار التي كان من المكن أن توفر الدعم الكامل للحكومة وللقوات المسلحة, لم يستمعوا لها في البداية وحاولوا إستثمارها بغية التسقيط؛ وكنا مدركين إنها ستسغل, لكننا لا نأبه طالما نحن ننطلق من الحقيقة والتشخيص الدقيق.. لم تمضِ سوى أيام وإذا برئيس الوزراء يعطي مبادرة مشابهة لما قدمناه, إختلافها الوحيد, هو أن مبادرة رئيس الوزراء فيها إعادة حزب البعث وغيرها من الأمور المحظورة دستورياً, بينما مبادرتنا تتحدث عن الجيش وعن حرب داعش وكيفية القضاء على داعش, وطلب الدعم الدولي وتوفير السلاح اللازم..
ختاماً..نحن أكثر من وقف مع رئيس الوزراء, حاولنا مراراً وبجدية تقويم وتقوية حكومته رغم إننا لسنا جزءاً منها, حاولنا أن يكون مسنجماً مع حلفاؤه, ونذكر, هم حلفاؤه وليسوا حلفاؤنا..حاولنا تقديم الرؤى السليمة والنصيحة المخلصة, لكنهم كانوا يستمعون لمن هو عدوهم..
كيف نقف معه إذن؟!..هل نقول إن الأمن المنتهك والدماء المهدورة هي من علامات التفوق والنجاح؟! ما هي مسؤولياتنا الشرعية والأخلاقية والوطنية تجاه أبناء شعبنا وهم يكتوون بنار الإرهاب وبشكل يومي؟! الإسناد لا يعني التصفيق؛ إنما النصيحة وتشخيص الخلل وتقديم ما يمكن, وكل هذا قدمناه..
إننا نرى خللاً كبيراً في طريقة إدارة الدولة, وهذا يحتاج إلى تصحيح للمسار وعلاج حقيقي, لن يأتِ إلا بالتغيير, ونحن لا نتحدث عن الأشخاص؛ إنما المنهج..الأمن لا يدار عبر شبكات التواصل الإجتماعي ولا عبر الفضائيات أو الخطابات على طريقة (ها خوتي النشامى)..والإعمار لا يتحقق برمي الإتهام على هذا وذاك والتنصل من المسؤلية, ولا الخدمات تتحقق بتقريب الأكثر ولاءاً وكذباً..وليس من الدولة بشيء من يتحدث عن أقاربه أو أبناءه, نحن لا نريد دولة عوائل وأبناء؛ نريدها دولة مؤسسات, ولعل هذا أصل الإختلاف..!