(الفساد) في العراق منهج عمل بنيت عليه الدولة والسلطات المختلفة والتوافق السياسي ، لا يوجد في ثقافة أغلب الساسة رفض للفساد ، بل لا يعدونه فسادا وانما هو اتفاق مبدأي بين الشركاء لاقتسام الثروة بالتراضي ، المرجعية ميزان الحق ، وقد رأت بعضهم يدين الفساد رسميا للتهدئة في لعبة تقسيم الادوار ، بينما الترتيب الشكلي للدولة يوحي بوجود قانون لكن القانون السري هو الاقوى والاكثر حسما ، اصبحت طرق سرقة الاموال وتقسيمها بين الشركاء معروفة ، وقد شرحها لي سائق تكسي محايد ويائس ووصخ ويفكر بالانتحار ! قال ان اهم تلك الطرق :
١- مليارات يجمعها صغار الموظفين من الرشاوى التي يقدمها المواطن لانجاز معاملاته او تمشية طلبات مخالفة للقانون ويتم اقتسام هذه الاموال بين صغار الموظفين وكبارهم وتصل الحصة في بعض الدوائر الى الوزير نفسه .
٢- مليارات يتم توليدها من عقود رسمية للاستثمار او التجهيز او غيرهما مع شركات اجنبية ومحلية ، وقد تكون العقود والشركات كلها وهمية وهذا النوع تشترك فيه شخصيات مهمة من دول اجنبية توفر الحماية للشركاء العراقيين وهناك مشاريع اخترعوها اصلا لكسب المال وليس لانجاز عمل .
٣- مليارات يجمعها القضاة والمحامون والمحققون والمعقبون لاطلاق سراح معتقلين او لابطال ملف قضائي او تاخيره او تزويره، واحيانا يختلفون فيعتقلون شريكا ولا يطلق سراحه الا باستعادة ماكسبه لاعادة توزيعه بين الشركاء .
٤- مليارات تعطى كرواتب شهرية للنواب والوزراء وكل راتب يكفي لاعاشة ستين أسرة لمدة شهر ، وعند تصاعد الرفض الشعبي يتم استدراج وتهدئة موجة الرفض وتمييع القضية بالوعود المؤجلة والبيانات الرسمية .
٥- مليارات ناتجة من بيع اراضي الدولة او اراض تم الاستيلاء عليها من مالكيها المستضعفين تحت التهديد بمعاملات مزيفة فتوزع اموالها بين الشركاء .
٦- مليارات ناتجة من الاستيلاء على مال مخصص لحالات معينة مثل النازحين الطلبة ، شبكة الحماية ، تبرعات انسانية ، هبات ومنح خارجية وداخلية . واحيانا يتم اختلاق ملف يتطلب الانفاق لسرقة تخصيصاته ، وكان بعضهم مسرورا بهجوم داعش على البلد لانفتاح نافذة للمال عبر ملفات جديدة !
٧- مليارات ناتجة من اختلاق وزارات وهمية قابلة للدمج مع غيرها او احالة اعمالها الى المحافظات ، انها وزارات لكسب المال .
لدينا مجموعة نواب ووزراء اكفاء وشرفاء مطلوب منهم القيام بثورة لمكافحة الفساد ، هل يمكنهم تنفيذ ثورتهم ؟ ذلك ما سنبحثه في المقال المقبل .