ليس الجندي الفضائي هو ذلك الجندي القادم من الفضاء او المدرب على قيادة المركبات الفضائية ، انه عبارة عن لص سري ومن الحجم الصغير ، ربما هو بائع بسطية ينادي على بضاعته الصينية بصوت بشع ويدخن بشراهة لكنه في الوقت نفسه هو مسجل كجندي باسل في الجيش العراقي ويأخذ نصف راتبه ونصفه الآخر يذهب الى كبار الضباط الاشاوس حسب شبكة تنسيق معقدة تدر عليهم المليارات شهريا ، رئيس الوزراء قرر ايقاف رواتب ٥٠ الف فضائي ، هذا الخبر سيجعل صاحب البسطية يلطم على رأسه ويجأر بصوته الرهيب ، سيكون وضعه مرعبا ، لكن هناك اسئلة ، لماذا خمسون الف فضائي فقط ؟ فالعدد اكبر بكثير . هل سيتم تفكيك شبكة المستفيدين والتعرف على الضباط الذين سرقوا تلك الرواتب ؟ وكيف سيتم استردادها ؟ هل هناك آلية محددة ؟ ... ولماذا الجنود فقط ؟ ظاهرة الفضائيين سائدة في جميع دوائر العراق وليس في القوات المسلحة فحسب . هناك موظفون فضائيون تذهب رواتبهم الى مسؤوليهم ، وكناسون فضائيون تتولى الريح كنس الشوارع نيابة عنهم ، ومدرسون واطباء ومهندسون فضائيون ، وفي المراتب العليا هناك مستشارون فضائيون في الرئاسات الثلاث والوزارات والهيئات ، وهناك قيادات غامضة فضائية تتسلم رواتبها وهي في عمان واسطنبول والدوحة واوربا ، وهناك نواب برلمان فضائيون لا يحضرون جلسات مجلس النواب لكنهم يتقاضون رواتبهم كاملة وليس نصفها وهي ثروة شهرية هائلة . هذا يعني وجود عراق آخر فضائي سري بكل اجزاءه . بدأت الحكومة ضربتها بأضعف الفضائيين وهم الجنود ، اما الفضائيون الكبار فهم فضائيون بكل معنى الكلمة لانهم يتصرفون كسكان المريخ ، لا علاقة لهم بالعراق وربما لا يعرفون اخباره ولا يتذكرون انهم من سكان هذا البلد ، وما يصلهم من ثروة هائلة كل شهر يعدونها جزء صغيرا من حقوقهم المضيعة يأخذونها وهم متذمرون وربما تبرعوا بها للارهابيين ! عندما تبدأ الحكومة حملة ضد الفضائيين فيجب ان تتحلى بالشجاعة والعدالة وان تحاسب الصغار والكبار ، ولا تكون مصداقا لقول النبي (ص) : (إنما أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد) وكلمة (اهلك) واضحة في المبنى والمعنى ، والمقصود بالشريف هنا صاحب النسب والسطوة ، وليس صاحب (الشرف) كما نعرفه ، وكيف يكون لهم شرف وقد امتلأت بطونهم بالسحت حتى افسدت فطرتهم واطفأت نور الايمان والعفة والشرف في قلوبهم وقلوب من يشاركهم لقمة الحرام من زوجات وابناء ؟ الاموال الذاهبة الى الفضائيين بكل مستوياتهم تكفي لسد جزء كبير من عجز الموازنة ، تلك الموازنة التي ان حضرت لا تعد وان غابت لا تفقد لانها موازنة المسؤول وليس موازنة المواطن .