المُقدّمــــة
لقد تَخطَّت كَلمات سيِّدتنا وَمَولاتِنا زَينب الكُبرى - سلامُ اللهِ عَليها - عَصرَ المَلعون يَزيد، وَاخترَقَت حُصونَ قَصرهِ المحميّةَ، وَتعدَّت دِفاعَاتهِ، وَأهوَت بجُندهِ المُدَجَّجين بالسِلاح، فَوصَلت إلىٰ مساحاتِ الزّمن كُلِّها، لِترسِم عِبر حُقب التّاريخ استرَاتيجية مُواجَهة الحقِّ مَع الباطِل وَرسِّخت مَبادِئ عَقيدَتها، وَهيّ تُقِّر أنَّ النَّصر أمرٌ محتُوم وَانْ طَال الأَمد، وَفي ظلِّ حربِ الكيان الجاريّة فإنّ حزبُ اللهِ هُم الغَالبون.
الرِهــــانُ علىٰ النّصــــر
لا يَختلِف إثنَان عَلىٰ أنَّ مَا يَمتلِكه الكيان الصهيوأميريكي اليّوم، مِن قُدراتٍ عَسكرية مُتطّورة ومَهارات بشرية مُتقدّمة، تؤهِله لِخوضِ أيِّ حربٍ وَفي أيِّ وَقتٍ أو ميدان، كَما إنَّ أدوات قوَّته عَديدة وَمُتنوعة، وَمُصنَّفة بحَسبِ مَا يُقصد إحداثُه مِن تأثير علىٰ مسلك الخَصم وَاستخدَام شَتىٰ أنواع القوَّة، الصَلبة كَانت أو الناعِمة لإرغَامه علىٰ التَفاوِض وَالتَقارب الذّي هو في كُنهِه من الأخذِ بالحَربِ إلىٰ الأخذِ بالحُسنى.
اعتمَد الكيان في حَربِهِ ضدَّ حِزب الله في لُبنان، استراتيجية استخبارية شَامِلة عَمل عَلىٰ بِنائِها أعواماً عَديدةً، أتاحَت لهُ ثَغَرات عَديدة استَطاعَ أن يَلِجَ مِن خِلالها إلى ما صيّرهُ بنكاً لأهدافٍ حيوية، بَانَت نَتائِجها باغتيال الأمينِ العامّ للحِزب السيِّد القائِد حَسن نَصرُ الله رِضوان اللهِ تَعَالى عليهِ، وَقَادةِ الخطِّ الأول مِنه، ظنَّاً إنَّه حَقَّق نَصراً سَريعاً حَاسِماً بتكلفةٍ صفرية تقريباً وَإنَّهُم تَذوَّقوا طعَمَ النّصر بعدَ عامٍ كامِلٍ من الهَزائِم.
وَلكِن، مَا لَم يُدرِكوه إنَّ البُنية التَنظيمية التي تَرتكِز عَليهَا قوَّة الحزب والآيديولوجيا التي يَتَبناها، تَجعله قادراً عَلىٰ تَجاوز هَذه الضربة لتَمَتعُهِ بالمُرونةِ، وَسُرعة اتخاذ القَرَار في استخدَام البدَائل العَسكرية إضافةً إلىٰ إمكانيّة الحِفاظ عَلىٰ المُبادَأة مِن مَوقِع الدِفاع، مِمَّا يَجعَل ذَلِكَ النّصر وَهمَاً في لحظةِ الحَرب، وَالحَقيقة إنَّه مُهلِك تماماً.
إنَّ نَموذَج حِزبِ الله يُقدِّم صورةً لا تَشبه في مَعاييرِها وَآلياتِها أيِّ حركةٍ من حَركاتِ المُقاوَمة، بِحُكم ساحَةِ حركَاتهِ وبيئة مُجتَمعهِ وَمَا تَفرِضهُ مَنطقة التأثير علىٰ مَنطقة العَمليات، وَالتي تُوجِب الحَداثة المُستمرّة وَتجديد الروحيّة العقائِدية بالإضافَةِ إلىٰ تَمكينِ عَناصِره مِن إدَارة الحَرب - القيادة والسَيطرة - عَلىٰ أدنىٰ مُستوى، بِما يتَوافَق مَع مُتغيرات الأحداث وَالمَواقِف، كَما يَعتَمِد آلية مَرِنة لتَعبئة كُلِّ قِطاعاته الاجتمَاعية وَدَائرة بيئته الإنسانية والآيديولوجية عُموماً، وَهذا مَا يؤهلِهُ لِتَجاوز أيِّ خَرقٍ مَهما كَانت شِدّته وَالقُدرةِ عَلىٰ شنِّ الهَجمَات المُضادّة لِتقويض قُدرات الخَصم.
الخاتمــــة
تَختلِف الجيوش وَالتنظيمَات المُسلّحة بِعقائِدها القتالية، وَالتي بِدورِها تُحدِّد قواعِد اشتباكِها وأهدَافها الأساسية، بِما يتنَاسب مَع قُدرات الخَصم وَعقيدتهِ القتالية وَالحِفاظ علىٰ المُبادأة وَعدمِ الرِضوخ للطَرفِ الخَصم وإرغَامه علىٰ تقديمِ التَنازُلات مُقابل عَدمِ الإجهاز عليه.
إنَّ مُجاهدي حِزبِ الله اليوم، يُمثلون تَحدياً لأعتَىٰ قوّة قتالية في العَالَم وَيُسطّرون أروع المَلاحِم في ميادينِ المُواجَهة، وَبِحسب سياسةِ إيلام العدوّ التي أعلنَ عَنها الأمين العام الشيخُ المُجاهِد قَاسِم نَعيم، وَالتي أظهرت الثَبات الذّي يُبديه حِزب الله وقُدرته علىٰ توسيعِ رُقعةِ الاستِهداف، فإنَّ الكيان سيظلّ عاجِزاً عن خيارِ التَقدّم البري وَمَا أسلوب الاغتيالات واستهدَاف المَدنيين إلاّ دليل فشل علىٰ المُواجهةِ وإيهامٌ بالنَصر، وَمَا عَمليات المُجاهدين إلاّ دليلُ إصرارٍ علىٰ تحقيقِ النّصر وَمَا النّصر إلاّ مِن عندِ العزيز الجبّار.
📝 الحقوقي
حيدر عبد الرزاق النصراوي
٢٣ تشرين الثاني ٢٠٢٤