في تصريح نادر من نوعه، فجّر ترامب موجة واسعة من الجدل، حين قال: “الحوثيون أظهروا شجاعة كبيرة في التصدي لهجماتنا”. هذا التصريح، الذي لا يخلو من المفارقة، يأتي من أحد أكثر الشخصيات تورطًا في إشعال الحروب وتغذية الصراعات في الشرق الأوسط، ليمنح بصيصًا من الحقيقة وسط ركام الأكاذيب والتضليل الإعلامية والسياسية.
فمنذ انطلاقة العدوان على اليمن في ٢٠١٥، وقوى الاستكبار العالمي بقيادة الشر واشنطن تسعى لكسر إرادة هذا الشعب عبر التحالفات والقصف والتجويع. ومع ذلك، لم يُسجل التاريخ أن شعبًا صمد كما صمد اليمنيون، ولم تظهر بسالة شعب كما أظهرها رجال اليمن، وتحديدًا مقاتلو جماعة أنصار الله (الحوثيون) الذين تحولوا من فصيل مقاوم محاصر إلى قوة إقليمية صاعدة، تفرض معادلاتها، وتواجه الخصم في البحر والجو وعلى طاولة السياسة.
شجاعة تشهد بها نيران العدو…
شهادة ترامب، وإن جاءت من موقع القوة الإرهابية الغاشمة، فإنها تؤكد حقيقة باتت راسخة: أن الحوثيين لم يكونوا مجرد مدافعين، بل مقاومين أشداء، استطاعوا تغيير وجه الحرب وفرض واقع جديد على خارطة المنطقة. هذه الشجاعة لم تكن وليدة لحظة، بل نتاج عقيدة قتالية متجذرة في الإيمان بالحق، وبالكرامة، وبالتحرر من الوصاية الأجنبية.
صلابة لا تهزمها الحصار ولا الحروب…
سنوات من القصف المتواصل، والحصار الخانق، والانهيار الاقتصادي، لم تُفلح في كسر معنويات اليمنيين. ففي كل قرية يمنية، تجد أمهات يودعن أبناءهن إلى الجبهات بزغاريد الفخر، وفي كل جبهة، تجد رجالًا يقاتلون بقلوب مطمئنة، وكأن النصر وعدٌ لا يشوبه شك، أنصار الله – ورغم الحملة الإعلامية العالمية التي حاولت شيطنتهم – باتوا اليوم نموذجًا لمقاومة منظمة، صلبة، ومبدئية، ترفض المساومة على السيادة، وتضع تحرير اليمن من كل تدخل خارجي في صدارة أولوياتها ، ونصرة المظلومين مبدأ راسخ في العقيدة اليمنية .
من ثكنات الجبال إلى مياه البحر الأحمر… تحوُّل المعركة إلى البحر، واستهداف السفن الأميركية الصهيونية، شكّل تطورًا نوعيًا في مسار الصراع. فهو لم يكن عملًا استعراضيًا، بل رسالة مفادها أن اليمن لم يعد طرفًا ضعيفًا، بل قوة رادعة لا يُستهان بها. وبهذا المعنى، جاءت تصريحات ترامب كاعتراف متأخر بديناميكية جديدة في موازين القوى الإقليمية.
العدو يشهد… والعالم يتابع…
أن يشهد خصمك ببسالتك، فهذه ليست مجاملة. إنها شهادة من قلب المعركة. ترامب لم يقل إن الحوثيين إرهابيون، بل قال إنهم شجعان. وللشجاعة دلالة تتجاوز (لغة السياسة)؛ إنها شهادة على إرادة لم تُكسر، وعلى مقاومة لا تتراجع، وعلى رجال آمنوا بأن الحرية لا تُمنح، بل تُنتزع.
اليمن اليوم لا يقف في موقع الدفاع فحسب، بل بات أحد محاور التأثير في خارطة الصراع العالمي. وإذا كان ترامب، بكل ما يمثل من غطرسة القوة وإلارهاب ، يعترف بشجاعة الحوثيين، فإن على العالم أن يعيد قراءة المشهد اليمني من زاوية جديدة: زاوية الحق الذي لا يُقهر، والشعب الذي لا يُهزم، والمقاومة التي كتبت ملحمتها بدماء شهدائها، وإرادة أبنائها.
ننصح دويلات الخليج ؛ أن كانت تبحث عن حامي يحميها من العدوان الخارجي ، عليها أن تستغيث بأنصار الله الحوثي ، بدل الشيطان الأكبر ، لأنهم رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه…