كان صالح الصماد مواطناً يمنياً مجاهداً قبل أن يصبح رئيساً لكل اليمنيين الشرفاء الأباة وبقي مواطناً بعد أن اختاره اليمنيون رئيساً لمجلسهم السياسي، وكانت المواطنة هويته الأساسية والرئاسة مهمته المؤقتة، وفي بلادنا العربية والإسلامية غالباً ما تتخلف المواطنة بفعل الولاءات السياسية والانتماءات المذهبية والعصبيات القبلية والمناطقية والنزعات الأنانية، لكن الصماد وصحبه عبروا فوق كل هذه الأسوار الشاهقة ليصلوا إلى مرحلة المواطنة المبدئية الحقة، فهي مواطنة تتجاوز حدود الدولة والقومية لتشمل الأمة كلها، ومن الطبيعي أن تكون قضية فلسطين وغيرها من هموم الأمة في مقدمة اهتماماتها، وأن يعاديها كل المستكبرين الكبار والصغار الذين يريدون ولاءات مقسمة وهويات مفرقة ومواطنة ناقصة، ولأن فرعون لا يعلوا في الأرض إلا إذا جعل أهلها شيعاً وفرقهم ليسود عليهم، فلا غرابة أن تكون آخر ادعاءات الفرعون السعودي الصغير الجوفاء السعي لبث الفرقة بين أنصار الله، ولو عرف ماهية المواطنة التي جسدها الصماد وصحبه لما تفوه بهذا السخف من الكلام.
في بلاد أعداء الصماد تتفاوت المواطنة وحقوقها بتفاوت القوة والثروة، فجاء الصماد ليبرهن لمن لا يمتلك القوة ولا الثروة بحقه الكامل في المواطنة والوصول إلى أعلى مراتب السلطة، وبينما كان أعداء الصماد يتمثلون بشعر الجاهلي عروة بن الورد في ذم الفقر كان الصماد وأمثاله يجسدون زهد إمام المتقين علي بن أبي طالب عليه السلام في الدنيا والسلطة، ولو كان طامحاً للمنصب لما عاش واستشهد من دون بيت يمتلكه في صنعاء، ولكان صاحب الفخامة والعظمة والسعادة وغيرها من ألقاب التنابز والتعالي، ومن لا يعرفه لن يميزه في صورة له مع آخرين بسيره أمامهم وشموخ أنفه فوق هاماتهم وتقبيلهم يديه وكتفيه ونظراتهم الذليلة نحوه، بل تميز ببساطته وتواضعه وتآلفه وابتسامته الدائمة.
استهدف أعداء الصماد البشر والحجر، أرادوا قتل أهل اليمن الشرفاء بالسلاح والجوع والمرض وهدم دورهم ومستشفياتهم ومدارسهم ومزارعهم ومصانعهم، وتعمدوا قصف مباني اليمنيين التراثية الشاهقة، لأنها شواهد على رقي اليمنيين وتخلف السعوديين، ومعظم بناة السعوديين بعد النفط يمانيون، فكان رد الصماد: يد تحمي ويد تبني، تكمل الواحدة الأخرى، فاليد التي تحمي تتصدى للمعتدين على البنيان، واليد البناءة هي الأخرى تنتصر على أعداء البشر، ولم يكن مجرد شعار براق أو توجيه من رئيس لمرؤوسين، فهو أول من عمل به، فيده حملت السلاح في الجبهات ضد المعتدين، ويده أيضاً حملت أعباء رئاسة الدولة وخططت مشاريع إعادة بنائها.
دافع الصماد عن عزة وكرامة أمته وشعبه، وقتله الخائفون على عروشهم وقصورهم ويخوتهم وفجورهم، لكن لا يحسبن قتلته أنه ميت، فهو مع الشهداء عند ربهم يرزقون، وفي الأرض ذكراه باقية أيضاً، أنموذج للثبات على العقيدة والإخلاص للقيم السامية والتفاني في الذود عن المبادئ والأمة والوطن، وسيظل اسمه يقض مضاجع الطغاة من آل سعود وآل زايد وغيرهم، ويملأ بالخزي والهوان والحسرة نفوس الذين خذلوا اليمنيين الأشراف ولم يهبوا لنجدتهم بالرجال والسلاح والمال وقتال البغاة السعوديين والإماراتيين وحلفائهم كما أمرهم الله في كتابه العزيز.
طوبى للمواطن الرئيس الصماد وكل رفاقه الشهداء والنصر لأنصار الله وحلفائهم.
٣٠ نيسان ٢٠١٨م