في خضم أوضاع وظروف حساسة وخطيرة يمر بها بلدنا وشعبنا، لابُدَّ أنّ نذكر ونؤكد مرةً أخرى انه انطلاقاً من المسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق القوى والتيارات والشخصيات السياسيّة، وتقديراً للمصالح الوطنية العليا، ينبغي أنّ يضطلع من يعنيهم الأمر بدورهم، ويتخذون الخطوات المناسبة والصحيحة، التي من شأنها تعزيز اللحمة الوطنية، واخراج العمليّة السياسيّة من عنق الزجاجة وتجنيبها منعطفات خطيرة للغاية، وتفويت الفرصة على المتربصين بالعراق، والساعين إلى تعطيل وعرقلة مسيرة التقدم نحو الأمام.
إنّ تغليب المصالح الوطنية، ونبذ النزعات المصلحية الفئوية والضيقة، هو مفتاح النجاح الحقيقي، والمكسب الكبير للجميع، وليس لهذا الطرف السياسي أو المكون الاجتماعي دون الآخر.
ولاشك أنّ مبدأ التوافقات السياسية الحقيقية بين مختلف الكتل والكيانات السياسية يبقى هو المبدأ الأنجع والخيار الأفضل، لأنه يمكن أنّ يُساهم إلى حدٍ كبير في تخفيف حدة الاحتقانات، التي يمكن أن تنعكس سلباً على الشارع العراقي. فلولا التوافقات السياسية لما ترسخت أُسس وركائز العملية السياسيّة، ولما تخطى المشروع السياسي العراقي الوطني عقبات كأداء وتجاوز تحديات كبرى داخلية وخارجية.
وكان المجلس الأعلى الإسلامي العراقي ومازال واضحاً إلى أقصى الحدود مع أبناء شعبه، ومع شركائه السياسيين في طرح رؤاه ومتبنياته ومواقفه حيال مختلف القضايا، لاسيما الجوهرية والمصيرية منها، وإذا كانت لديه اليوم ملاحظات معينة بشأن هذه القضية أو تلك فأنه لا يراد منها العرقلة والتعويق، بل يُراد منها تصحيح المسارات الخاطئة ومعالجة الأخطاء والسلبيات، والحؤول دون تكرار حصولها في المستقبل.
إنّ إيمان المجلس الأعلى الراسخ بمبدأ الشراكة الوطنية الحقيقية، والتوافقات السياسية بين مختلف القوى والمكونات السياسية، لاسيما الأساسيّة منها يعد من ثوابته الوطنية التي لا تحتمل النقاش، ولا تقبل الجدل في كلّ الظروف والأحوال.
إننا اليوم أحوج ما نكون إلى أنّ نشاهد الجميع وهم متفقون ومتوافقون على ما يصب في مصلحة الوطن وأبنائه، وعلى ما يريدونه، وما يجنبه ويجنبهم الخيارات السيئة والاستحقاقات الخطيرة، ويدفعهم للعودة إلى الوراء.
إنّ النجاح الحقيقي للمشروع الوطني العراقي إنّما يتحقق بتقدير وحرص حقيقيين لمصالح البلد وهموم ومشاكل أبناء شعبه والعمل الجاد على حلها ومعالجتها بأقل قدر من الاستحقاقات والخسائر.