يومها لم تسكت مادلين مطر عن الغناء المباح عندما أدركها الصباح، لأن شهريار الهمام .. فارقه النعاس وجفاه المنام، اضطرت حينها مادلين ممشوقة القوام إلى غناء جميع أنواع المقام، من الرست انتقلت إلى مقام النوى ومن اللامي عادت لتصدح بالصبا، فـفرفش القوم لها واطربوا، وعن طعام وشراب اضربوا. صالت وجالت بينهم (وحللت خبزتها)، تغنجت وغردت وكشّفت سرتها، فذاب مسؤولون و(داخ) آخرون، وبين واقف وجالس، مستيقظٌ وناعس، تسابق القوم على التصوير، (فيديو وفوتوغراف) وبعدها توقف الشهيق وانبعث الزفير، واتفق الناس على الخلاف، وبعد أن ترنحت سليلة الغناء والطرب، تساقط الرجال تحت رجلها فنالها العجب، عاتبها المسؤول أيما عتب، لأنها لم تنتبه ولم تخف ولم تهب، غالبها السكر ولم ترعوِ، إن الذي جاء بها للحفل شخص قوي، انتبهت واعتذرت مادلين، وبادرت فوراً إلى التدخين.
وهنا أدرك الجميع الصباح، فسكتوا عن الكلام المباح، والعواء والنباح، والبكاء والنواح، فعادت البنت مهضومة مذعورة، نادمة مقهورة، لأنها تسرعت وجاملت جميع من في القاعة، وخالفت أوامر الجماعة، بأن تكون لـ "الرفيق" وحده وليس للجميع، هو الذي جاء بها ورتب الموضوع، وأحضر الرجال والنساء، وأستأجر القاعة للغناء، والرقص والتحشيش والشواء، والخمر والميسر والأزلام، وكل شيء منكر حرام، وقبل أن يخرج الموضوع عن سيطرة النقيب، ووضعه المريب، وشكله الغريب، تساءل الحضور، فانكشفت أمور، إن الغناء للنساء في العراق ليس كالغناء، يحبه الكبار ويدفعون دونه دفاتر الدولار. فاعترفت مادلين بالفشل، إذ أنها لم تستطع أن تبعث الأمل، في كادر النقابة، وعادت ( الطلابة)، بين الموافقين بالإجماع وبين كل الرافضين والجياع .. تباً لكم يا سادة الصحافة في عيدكم ولتسقط الخرافة.