سوق مريدي من الأسواق الشهيرة ليس في العراق فقط بل في كثير من بقاع المعمورة ولا فخر لأسباب أهمها قدرة العاملين في السوق على بيع ما تعجز الدولة عن بيعه أو توفيره من قبيل قطع غيار الطائرات والمحركات والأسلحة بأنواعها المختلفة، الخفيفة والمتوسطة والثقيلة بما فيها الراجمات وكذلك بيع حبوب الكبسلة والهلوسة والمخدرات المحلية والاجنبية بالإضافة إلى اشتهاره بجناح التزوير والذي يشمل أقسام الشهادات الدراسية من الابتدائية وحتى مرتبة الشرف والرسائل الفخرية التي تمنح لرؤساء الجمهورية، بالاضافة الى أقسام تزوير الوثائق الحكومية والمخاطبات الرسمية وكتب التعيين والمستمسكات الأربعة، وهذه المميزات ليس لها مثيل في أي سوق من أسواق العالم حتى وان كانت على طراز المولات الحديثة.
ويعتبر سوق مريدي مصدر خصب ونماء لكثير من الوحوش الذين لا يتورعون عن إرتكاب المحارم وكسب المال السحت دون وازع من ضمير بعد ان غابت الرقابة الحكومية خلف الصبات الكونكريتية التي تحمي عتاة المجرمين والمزورين وتحمي خلفها فضائح الكثير من المسؤولين والنواب والوزراء الذين لم تطأ أقدامهم أي كلية أو جامعة سوى مؤسسة مريدي للشهادات المزورة.
ويوم بعد يوم وكلما قويت شوكت الدولة وتعافت من مشاكلها وأعيد بناء المؤسسات الحكومية فيها كلما تعرت أوراق التوت التي يتزر بها الكثير من النواب والوزراء والمسؤولين، وبانت عوراتهم التي لم تنفع معها كل التبريرات والأكاذيب وذر الرماد في العيون.
وخلال الأيام الماضية تسارعت الأخبار الواردة من مجلس النواب عن كشف عدد من الشهادات المزورة لعدد من ممثلي الشعب المزورين وزادت على تلك الاخبار فضائح الغش في الامتحانات لعدد من هؤلاء عندما قاموا باستئجار أشخاص ينوبون عنهم لأداء الامتحانات لأنهم فقاعات فارغة لا يمتلكون من العلم والمعرفة أي ذرة.
وقد يكون الأمر الأكثر طرافة انشغال مجلس النواب في الأيام المقبلة برفع الحصانة عن النائب عن حزب الدعوة تنظيم العراق "محمد أمين حسن"والذي عادة ما يتلو الآيات القرآنية مع بداية الجلسات، وذلك بعد اتهامه من قبل القضاء بالتزوير.
إن التزوير مرض مزمن وخلل أخلاقي كبير في منظومة الفرد الذي يسعى الى المال والشهرة بأي طريق دون رادع من ضمير او خوف من قانون ومما فتح الباب على مصراعية لأمثال هؤلاء للوصول الى مآربهم هو هذا التساهل الحكومي والنيابي مع هؤلاء بعد أن عفت الدولة عن المزورين بحجج واهية.
إن الدولة مطالبة اليوم بإعادة الهيبة إلى المؤسسات العلمية والى العلم وقطع دابر كل من تسول له نفسه سلوك هذا الطريق المشين بسن القوانين الصارمة ووضع ضوابط لغرامات كبيرة لكلّ من يثبت وصوله إلى منصب أو وظيفة بغير استحقاق، وجاء عن طريق التزوير حتى لا يكون العراق دولة المزورين وحتى لا يبقى أصحاب الشهادات الحقيقية وقوفاً عند بوابات خريجي مؤسسة مريدي العالمية .