وتضم هذه المقابر رفات طاهرة لرجال ونساء وشيوخ وشباب واطفال يصعب تمييزهم او التعرف على جثامينهم من قبل ذويهم حتى يقوموا لهم بما هو حق وواجب من غسل وتكفين ووداع، لانه لم يتبقى منهم الا العظام الرميمة البالية بعد ان غيبت ملامح وجوههم رصاصات البعث الغادرة.
وهذه المقابر الجماعية لم تقترفها القوات الاسرائيلة او القوات الامريكية التي غزت العراق عام ٢٠٠٣ ولم تكن بسبب صراع طائفي او عرقي بين ابناء وطوائف الشعب العراقي انما جاءت على يد القوات الحكومية الموالية لنظام الرئيس المقبور صدام, خاصة بعد انتفاضة شعبان المباركة عام ١٩٩١ وجاءت بمثابة حفلة ما جنة لعرس الدم البعثي وهو يتلذذ بسفك دماء الابرياء وتعذيبهم وحرقهم او ثرمهم ثم دفنهم في مجاهيل الصحراء والمزابل دون اي اعتبار اخلاقي او ديني وكانهم يهود او سيخ او مجوس.
ويتذكر العراقيون وانا منهم كيف ان القوات الحكومية التابعة لوزارة الدفاع والحرس الخاص والاستخبارات والجيش الشعبي وجيش القدس استباحوا المحافظات ومنها المحافظات المقدسة وجعلوا اعزة اهلها اذلة وانتهكت الاعراض واغتصبت النساء المخدرة والحرائر في طويريج "سيدي المالكي" وفي وكربلاء المقدسة وفي النجف الاشرف وفي ميسان العزيزة وفي البصرة الفيحاء وفي وفي..، وكتبوا على دباباتهم جملة شهيرة ستبقى خناجر حزنها وغدرها وتمزق احشاء كل شريف وغيور"لا شيعي بعد اليوم".
ومن المؤكد ان هذه المجازر وهذه المقابر وهذا الاستهداف لم يقم به صدام او عشيرته فقط انما تم بمشاركة ومباركة وموافقة قادة الجيش بصنوفه المختلفة وكلنا يتذكر كيف ان هؤلاء الضباط كانوا يقصون حكايات قتل الشعب العراقي في كل ليلة وليلة على بطل التحرير وهو يوزع نياشين الاجرام و يوسمهم باوسمة الخزي والعار المغمسة بدم الابرياء من اطفال ونساء وشيوخ.
ان اقل اجراء يمكن اتخاذه بحق هؤلاء القادة والضباط الذين ينتمون الى الوحدات العسكرية التي شاركت بقمع الانتفاضة الشعبانية وتسبب في رسم العراق بلوحة المقابر الجماعية هو طردهم وتجريدهم من رتبهم العسكرية, لانهم خانوا الامانة وبدل ان يحافظوا على حياة ابناء الشعب العراقي تسببوا بقتل هذا الشعب ،وليس من الصعوبة الاهتداء الى معرفة هذه الوحدات والألوية التي كانت تنتمي الى تشكيلات الحرس الجمهوري ووزارة الدفاع والحرس الخاص.
ان اعادة ضباط الجيش السابق الى الخدمة يعني ان أبواب جهنم ستفتح على مصراعيها ضد ابناء الشعب العراقي وان الاختراقات الامنية التي يشكوا منها ولاة الامر ستتضاعف لان تنظيم القاعدة والبعث الصدامي واصحاب الطريقة النقشبندية والسيبندية ودولة العراق الاسلامية, سيكونوا على الموعد في زرع كلابهم ومجرميهم وسط التشكيلات العسكرية وبعدها لن ينفع الندم او قضم الابهام لانهم عندها يكونوا قد تمكنوا من قضم الرقاب.
حيدر عباس النداوي