في غرّ شهر رمضان المبارك وغمرة فرحتنا بأعلان الأئتلاف الوطني العراقي فجعنا بنبأ مؤلم ومن العيار الثقيل وهو رحيل بقية السيف والجهاد وباني معالم العراق الجديد المجاهد الصابر السيد عبد العزيز الحكيم (قدسره) ، ذلك القائد والأب والرمز الوطني الذي خبرناه صامداً في أحلك الظروف التي مر بها العراق قبل وأثناء وبعد زوال كابوس البعث ، إنها لخسارة كبرى بكل الاعتبارات وفي وقت كنا أحوج ما نكون اليه ، حيث تم والحمد لله تحقيق أغلب ما كان يهدف اليه للعراق ، وللتو بدأ الوطن يمارس العيش بحرية في المعادلة الجديدة التي رسمها له شهيد المحراب من قبل وجسدها شقيقه ورفيق جهاده السيد عبد العزيز الحكيم ، تلك المعادلة التي لم يخل ذكرها في كل كلام أو خطبة له ، فقد كان يعيش الهم العراقي بكل تفاصيله وشجونه ، حاملاً لهموم وتطلعات كل أبناء شعبه بمختلف مكوناتهم عن طريق رؤية واضحة ومشروع سياسي محدد الاهداف ومشخص المضامين جاء ثمرة لجهاد عشرات السنين من السعي والمثابرة والجهاد السياسي والمسلح على حدٍ سواء ، فكانت كل محطات حياته عبارة عن مواقف بطولية ومشرفة في أطار مسيرة طويلة إنطلقت منذ عهد والده الامام محسن الحكيم (قدسره) لتتواصل مسيرته مع شقيقه شهيد المحراب (قدسره) بما حملته من تضحيات وتقديم دماء زكية من أجل إسقاط ذلك الكابوس الذي جثم على صدور العراقيين ، ثم تواصلت المسيرة بعد سقوط النظام العفلقي لتبدأ مسيرة بناء العراق الجديد والذي كانت بصمات فقيدنا العزيز واضحة فيه ، بدءاً من مجلس الحكم ثم تشكيل الحكومة المؤقتة الى كتابة الدستور الدائم للبلاد وصولاً الى ملاحم الانتخابات البرلمانية والمحلية ، وعندما بدأنا نقطف ثمار تلك الجهود شاء القدر أن يأخذه منا في وقتٍ تتحق فيه أمنياته .. إنه قدر الله تعالى وقضائه ولاراد لهما دون أن نقول إنا لله وإنا اليه راجعون .. إن العظماء يرحلون بأجسادهم لكن أمثلتهم ومبادئهم وأفكارهم وبصماتهم تبقى خالدة أبد الدهر لأنهم قدموا كل ما يملكون لدينهم ووطنهم وحقيقاً على الله تعالى وعلى أبناء الوطن أن يخلدونهم ، فرحمك الله يا أبا عمار وحشرك مع الشهداء والصدّيقين وحسُن أولئك رفيقا ولسوف نبقى على نهجك سائرين ولخطك متمسكين حتى يجمعنا الله وإياك في مستقر رحمته ، وهناك سيوفى الصابرون أجورهم بغير حساب ، وبلا شك ولا ريب أنت يا سيدي العزيز منهم فأنت الصبور الممتحن .