مما لا شك فيه أن الأخت التميمي كاتبة عراقية معروفه وهي تتحمل جزءا مما يتحمله المخلصون العراقيون من مسؤولية المشاركة في إصلاح ما يعانيه العراق اليوم من إخفاقات قاتلة سياسية وفي جميع المجالات الأخرى بلا استثناء ، الأخت التميمي وأنا أقرأ مقالها المنشور في أحد مواقع السيد المالكي - عراق القانون ( السيد المالكي :الحزم ، ام المجاملة في امر العباد !؟ ) تبدو وكأنها لاتحسن قراءة الواقع العراقي ، أو أنها قد أفرطت في حسن الظن بشخص رئيس الوزراء ، وفي كلتا الحالتين هي لا تخدم الشعب العراقي وأنما تكرس حالة التخبط الذي يعيشه كامل أبناء الشعب العراقي بسبب إخفاق الحكومة في ترك أي بصمة إيجابية نتذرع بها لمدح الحكومة أو إيجاد الأعذار لها . وخاصة أن من أجمل صفات الكاتب في زمننا السيء هذا هو أن يعرض الحقيقة كما هي وأن لا يجامل أو يصانع في كشف الأخطاء مهما كانت صغيرة وهذا مبدأ سماوي قبل أن يكون مبدأ إنسانيا ، نحن في أمس الحاجة إليه في وقتنا الحاضر في ظل عملية سياسية هزيلة فاشلة سوف تقود البلاد والعباد إلى ما لايعلمه إلا الله ، وللمالكي وبقية قادتنا في ما كان يمارسه الإمام علي عليه السلام عندما كان حاكما أسوة حسنة .
تعترف التميمي في مقالها أن البلد يسير نحو منزلق خطير . وأنا اسأل الأخت الكاتبة من يقود العراق لهذا المنزلق ؟ ومن هو المسؤول الأول عما سوف يؤول إليه الأمر وكما سميتيه ( إلى ما لا يحمد عقباه ) أليس المالكي وخلال السنوات الست الماضية ( ربان ) سفينة العراق وقائدها ( دفاعها وداخلية وأمنا ، اقتصادا ومالاً واجتماعاً) أليس هو من يمسك بزمام الاقتصاد العراقي وقد منح نفسه حصانة مالية ، فليس في وسع أحد مطالبته بأي حسابات ختامية ، وأسأليه عن ( ٧ مليارات دينار عراقي ) ضاعت في سنة ٢٠٠٩ فقط وهذه مفردة من مفردات لا حصر لها من سرقات المال العام ، وتعلمين أن المال في أي بلد هو مفتاح كل شيء ، أليس المالكي هو من يتستر على مئات ملفات الفساد في العراق وقد اعترف بذلك مرات عديدة ولا حاجة لتذكيرك بها ، ملفات على نوعين الأولى : له علاقة بها واستطاع من خلال ( مدحت المحمود ) أن يبعدها عن الأضواء لأنها تشكل فضيحة كبرى له ولحزبه ، والثانية : يحتفظ بها لتهديد خصمائه بها وقت الأزمات . وكلنا رأينا رائحة تلك الملفات وقد أزكمت أنوف العراقيين ، حتى أن بعض تلك الملفات لها علاقة بدماء الأبرياء من أبناء الشعب العراقي كتلك التي يخفيها المالكي على ( طارق الهاشمي ) . أليس تلك الملفات المسكوت عنها تعتبر خيانة كبرى بحق دماء أبريائنا وحقوق شعبنا الذي طفق المالكي يستخف بها وبأصحابها ( فاستخف قومه فأطاعوه ) .
تخشين أيتها الأخت العزيزة من طلائع حزب البعث التي يبشر بها ( السياسي التافه ) خير الله حسيب وأمثاله من بقايا القوميين والبعثيين ، وأنا أتساءل من شجع حسيب وأمثاله على إطلاق مثل تلك التصريحات النارية ؟ أليس المالكي الذي فتح أبواب وزاراته أمام مجرمي حزب البعث وأعاد الآلاف من ضباطه إلى الخدمة مع علمنا جميعا أن غالبية هؤلاء قد عجنت في دمائهم محبة صدام وحزب البعث ، وهم يمارسون في كل يوم عمليات القتل ضدنا خاصة ، ولن تحرك تلك العمليات الإجرامية جانحة لدى دولة رئيس الوزراء ، واسمحيلي أن أسألك مرة أخرى ، من دعى البعثيين الكبار الهاربين إلى سوريا والذين كانوا وما زالوا يشرفون على العمليات الإجرامية في العراق للعودة للعراق وقد ضمن لهم الأمن والأمان ، اتعتقدين أن تواجد هؤلاء المجرمين وفي مثل هذه الظروف الأمنية المعقدة مع ما يحصل من كارثة في سوريا ، سوف يخدم العراق وأمنه ؟!!.
تقولين أن قادة الشيعة نائمون في العسل ولا يعنيهم سوى محاصرة خصمهم اللدود المالكي ودولة القانون . ولا أدري أي قادة تقصدين ، فالذي يعرفه العراقيون أن المالكي وطاقمه من حزب الدعوة هم قادة العراق وحسب ، وما عدا ذلك فهم مهمشون ، وهذه الحقيقة ما زال يصرخ بها حتى المقربين من دولة القانون في التحالف الوطني ناهيك عن ( العراقية ) والتحالف الكردستاني ، وقد استحوذ المالكي وطاقمة على كامل الوزارات الأمنية ، وهو يسيطر على عصب الحياة ( البنك المركزي ) ليتصرف بأموال البلاد والعباد كما يشاء وأعتقد أنك تعلمين أن هذه المؤسسة المالية الكبيرة المستقلة وبقية المؤسسات المستقلة الأخرى قد استحوذ عليها المالكي بدعم من مجلس القضاء الأعلى وضمها إليه ليستكمل استحواذه على العراق ، فعن أي قادة بعد ذلك تتكلمين ؟!!
إن مشكلة العراق أيتها الأخت تكمن في ربان سفيتنا الذي لايحسن الإبحار ، ويعتمد على ملاحين فاشلين أغلبهم من عباد الدنيا والوصوليين ، وهم إن قدر لهم البقاء لسنوات قليلة قادمة سوف يأخذون سفينة العراق إلى عاصفة عاتية ، هذه هي قابليتهم في الحكم ، وليس في وسعهم أن يفعلوا أكثر مما فعلوا ولو بقوا لعشر دورات انتخابية قادمة .. والمشكلة فيهم أنهم يتوجسون خيفة من كل إنسان مخلص وكفوء ، وهم يفضلون البعثي الذي يبدي لهم الولاء على العراقي المخلص الكفوء لأنهم يرون في الأخير خطرا على دنياهم التي راقت لهم وألفوا حلاوتها ولا مجال للحديث عن التخلي عنها وإن احترق العراق بأهله .
الدكتور طالب الرماحي