نعيش هذه الايام الساعات الاخيرة التي نودع فيها عام ٢٠١٢ بكل ما حمله هذا العام من امال وطموحات ومواقف واحداث، وبالرغم من كون ٢٠١٢ قد اشبع الساحة العراقية بالاخداث الساخنة والازمات المختلفة الا ان النجف كانت تنتظر خلال هذا العام استحقاقا تاريخيا وحدثا مميزا الا وهو تتويجها كعاصمة للثقافة الاسلامية وهو الحدث الذي انتظره النجفيون وتحدثوا عنه كثيرا واعدوا العدة له لتكون مدينتهم محط انظار العالم الاسلامي اجمع وبالتالي تأخذ النجف مكانتها الحقيقية بين المدن الاسلامية.
ومع ان نهاية عام ٢٠١١ شهد مجموعة من الحوادث الدراميكية التي اعطت اشارات اولية بان الامور لاتسير بالصورة الصحيحة بدأت بانتقادات وجهها وكيل وزير الثقافة السابق جابر الجابري، والذي يعتبر مهندس مشروع النجف عاصمة للثقافة الاسلامية، لالية عمل اللجان المكلفة باعمال المشروع وصولا لاعلان كتلة المواطن انسحابها من لجان المشروع وحديثها عن شبهات فساد عديدة في المشاريع المنفذة والتي تم تخصيص ميزانية مالية ضخمة لها تجاوزت الـ٥٠٠ مليار دينار عراقي.
الا ان اللجنة المشرفة على المشروع وعلى لسان محافظ النجف عدنان الزرفي كان دائما ما يؤكد ان الامور تسير وفق ما مخطط له وان النجف سيتم تتويجها في شهر اذار من عام ٢٠١٢ كعاصمة للثقافة الاسلامية وان غالبية مشاريع البنى التحتية سيتم اكمالها بداية عام ٢٠١٢ دون أي تاخير او تلكؤ وكان المحافظ يتعهد ويجزم بهذا الموضوع في اكثر من موقف وتصريح..... الا ان النجفيون تفاجئوا بقرار تأجيل التتويج الى شهر ايلول بحجة انشغال الحكومة المركزية بعقد مؤتمر القمة العربية.
وبعد انتهاء القمة العربية زارت النجف لجنة برئاسة نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني للاطلاع على استعدادات النجف للتتويج والذي اكد خلال مؤتمر صحفي مشترك مع محافظ النجف ان الاستعدادات جيدة وتسير ضمن ما مخطط لها.
الا ان الصدمة الكبرى كانت لابناء النجف عندما خرج المتحدث الرسمي السابق باسم الحكومة واعلن ان مجلس الوزراء قرر تأجيل مشروع النجف عاصمة للثقافة الاسلامية لعام ٢٠٢٠ وهو بصراحة كان قرار الغاء وليس تأجيل لان الحكومة العراقية ليس من صلاحياتها او قدرتها تحديد موعد جديد للتتويج ولكنهم ارادوا التقليل من تأثير القرار وتداعياته ليعلنوا انه مجرد تأجيل لا الغاء.
ومع ان محافظ النجف وبعد قرا الالغاء "التأجيل" اكد انه لا يعرف الاسباب الحقيقية لقرار الالغاء "التأجيل" وان القرار كان قرارا مركزيا، الا ان المعلومات المتسربة من رئاسة الوزراء وتصريحات بعض النواب كانت تشير الى ان السبب الحقيقي للقرار هو عدم اكتمال مشاريع البنى التحتية واعتراض المرجعية الدينية في النجف الاشرف على طبيعة تلك المشاريع وطبيعة المسار العام للمشروع.
واليوم ونحن نعيش اللحظات الاخيرة من عام ٢٠١٢ تتأكد لنا وجهة النظر الاولى بعدم اكتمال مشاريع البنى التحتية حيث اننا ولغاية اليوم لم يتم اكمال قصر الثقافة وهو المشروع الاهم ولم تكتمل مشاريع الطرق الحولية التي توصل الوفود الى قصر الثقافة ومشاريع تأهيل المدينة القديمة لم تكتمل ايضا، وهذا يكشف لنا ان عملية التخطيط والاشراف لم تكن بالمستوى المطلوب وبالتالي فان الاشخاص الذين اشرفوا على تنفيذ هذه المشاريع هم الذين يتحملون المسؤولية التاريخية الكاملة لالغاء تتويج النجف.
اذا ما اضفنا الى ان المعلومات تشير الى ان هيئة النزاهة تحقق حاليا في شبهات فساد في اكثر من مشروع من مشاريع النجف عاصمة للثقافة الاسلامية لكننا الى اليوم لم نسمع عن أي نتائج لتلك التحقيقات ولم يعرف المواطن النجفي البسيط ان كان هنالك من سرق واكل المال الحرام باسم النجف وسمعتها.
وهذا كله يدعونا للقول بان عام ٢٠١٢ شهد خيبة امل نجفية لضياع هذه الفرصة التاريخية ولكننا مع الاسف لم نشاهد الى يومنا هذا مسؤولا نجفيا يمتلك الشجاعة الكافية ليخرج لابناء النجف ويعترف امامهم انه وبسبب قراراته الخاطئة وتخطيطه الغير سليم اضاعت النجف هذه الفرصة التاريخية.