معروف ان النوايا هي التي ينظر الله اليها وهي المعتمدة لديه في سجل الاعمال وليس غيرها ، فكم من رجل اراد بالناس خيرا وبذل دون ذلك الغالي والنفيس الا انهم بغضوه وحاربوه ولكنه مرضي عند الله ، وكم من رجل بذل ماله وجهده دون ان يحضى بمرضاة الله لانه لم يكن مخلصا لله ، شخص كان يقود سيارته مسرعا فقابله في (السايد ) الثاني رجل مسرع يعاكسه في الاتجاه ، فقال له .. كلب ، فامتعض الاول وغضب واستمر مسرعا حتى اصطدم بكلب كان يقف على قارعة الطريق ، الرجل كان يحذره لكنه فهم انه يسبّه ، وهذا قطعا يلاحظه الهق ويميزه ويفرز بين الامرين فالتحذير كان انسانيا جدا ، الغاية منه المحافظة على حياته لكنه لم يفهم ذلك .
احيانا النوايا تكون حسنة لكن لمن يفهمها ويقدرها ، او لمن هو بحاجة اليها او ان يكون ممن يبحثون فعلا عن الحلول المناسبة والناجعة ، فاذا لم تتوفر اي من هذه الشروط او العوامل ستكون المبادرة قطعا في غير محلها او ربما في غير وقتها .
لست الوم السيد الحكيم على مبادرته الاخيرهالتي دعا فيها جميع الاطراف الى تحريم الدم العراقي والوقوف صفا واحدا ضد الارهاب ، فهي كسابقاتها مبادرة خيرة ولا غرو ان تكون خيرة فهي مبادرة لسليل المرجعية وابنها البار ولكن لمن اطلق السيد الحكيم هذه المبادرة ؟ هذا هو السؤال الذي يجب ان نجيب عليه ، فالاطراف المتنازعة مختلفة النزعات والاراء والتوجهات ، ويتفق معي الجميع ان الكثير منها لا يهمه استقرار البلد او اتساع رقعة الامن والامان فيه ، فالنوايا غير واضحة والسلوكيات تشير وبما لا يقبل الشك ان هناك من لايريد بهذا البلد خيرا وان كان يشغل مفصلا مهما من مفاصل الدولة ، شاهدنا ذلك وسمعناه وعرفناه بالعين المجردة ودون مؤثرات صورية او صوتية ، بعض الساسة لاينفع معهم ( الفوتوشوب) فنواياهم واضحة وانيابهم مكشرة وجرائمهم عرفها الشعب واكتوى بنارها ، السؤال هو كم ستكون المبادرة مؤثرة في هؤلاء ، علما ان (هؤلاء) كثر ، لا اقول ذلك جزافا ، الحقائق تؤكد ذلك وبقوة ، كم مسؤول عراقي فاسد ، كم مسؤول عراقي باع بلده مقابل مبالغ مالية ، كم مسؤول كبير ونافذ استغل منصبه لقتل ابناء البلد ، كم مسؤول جند الناس ومدهم بالمال والسلاح لقتل العراقيين ، والمصيبة ان الكثير من العراقيين قتلوا باياد واموال عراقية ، فضلا عن التخطيط والقيادة وادارة العمليات ، لست ممن يخالف ليعرف ولكن مبادرة السيد الحكيم ستنجح ويكون لها صدى واسعا في حال كانت الاطراف تبحث بصدق عن حلول وعن مبادرات وترمي الى خلق اجواء مستقرة ، ولكن مع كل ما سلف فان نسبة نجاح هكذا مبادرات ستكون ضئيلة ، وهذا لا يعني انك ايها الحكيم قد اخطأت ، ابدا ، ولكنك ولدت في غير زمنك ، فاصبر ان وعد الله حق .