وفي يوم الأربعاء ١٣/١/١٩٨٨ وهو اليوم المقرر للسفر راجعا القنصلية وحصلاً على الجوازين لكنهما لم يحملا تأشيرة الدخول، الأمر الذي استنكره السيد مهدي الحكيم، وهذا ما دفع القنصلية إلى انجاز ذلك ليسافرا إلى السودان، ألا أنهم غادروا يوم الجمعة ١٥/١/١٩٨٨ بتأشيرات الدخول الرسمية، ومع ذلك لم يستطيع السيد الحكيم حضور جلسات المؤتمر لأسباب غير معروفة مما سبب امتعاضه من هذه التصرفات، وفي اليوم نفسه استقبل السيد الحكيم في مقر إقامته في فندق الهيلتون، الكابتن النور زروف ومعه محمد يوسف معتذرين عن ما حصل من ملابسات، وقد حذراه من عناصر حزب البعث السوداني بقولهم \"هؤلاء مجرمون قتلة وقد يتعرضون لكم\" كما استقبل خلال اليوم الثاني السيد احمد الإمام الذي نقل له رغبة السيد حسن الترابي بلقائه، فلبى السيد الحكيم الدعوة في اليوم التالي، حيث زاره وعقد اجتماع موسع بينهما تم خلاله مناقشة بعضاً القضايا التي تهم العالمين العربي والإسلامي، ومنها دور الحركة الإسلامية في العراق وكيفية إقامة حكومة إسلامية، وعرض السيد الحكيم مبادرة مصالحة بين الترابي والصادق المهدي فرحب بها، واتصل بالصادق المهدي فرحب بها كذلك، واستمر الاجتماع حتى الساعة الثامنة وعشر دقائق، ليعود السيد الحكيم ومرافقه إلى الفندق الذي وصلوه بعد ربع ساعة، وبعد عبورهما بوابة الفندق لاحظا في نهاية البهو شخصين يبدو أنهم عراقيين- يظهر إنهما من جهاز المخابرات التابع للسفارة العراقية في الخرطوم- عندما طلبا من موظف الاستعلامات مفاتيح غرفهما، وما هي إلا لحظات حتى وجهه أولئك أطلاقات نارية لتصيب السيد مهدي الحكيم وقتل على إثرهما، وأصيب مرافقه في ساقه، ألا انه حاول الاقتراب من السيد مهدي بطريقة التدحرج مشاهدا الجناة متوجهين صوب باب الفندق، ورغم ذلك لم يتم إسعافه لمدة ساعتين، فيما شوهد اثنان من الجناة يغادران الفندق بسيارتين الأولى حمراء مرسيدس والأخرى مرسيدس بيضاء مسجلات برقم دبلوماسي وبعد مرور ساعات على الحدث حضر وزير الداخلية السوداني إلى مكان الحادث، وأكد أن السيد مهدي الحكيم ضيف السودان وسوف تأخذ العدالة مجراها.
في مساء اليوم نفسه كان كبار المسؤولين السودانيين في مطار الخرطوم لاستقبال وزراء الزراعة العرب وهم (الوزراء الخليجيون ووزير الزراعة العراقي) قادمين على متن طائرة عراقية وبينما كانت الطائرة تتجه إلى نقطة التوقف انتبه بعضهم إلى احد موظفي السفارة العراقية الذي يعمل بصفة الملحق الإعلامي فيها ويدعى (مثنى الحارثي ) جاء مسرعاً وأندفع نحو السفير العراقي في الخرطوم (طارق يحيى) وألقى التحية وهو في حالة من التوتر ودار همسا بينهما لبضع ثواني ثم اتجه مثنى الحارثي إلى الطائرة التي أنزلت الوزراء.
وفي طريق الوفد الزائر إلى منطقة أم درمان في العاصمة السودانية الخرطوم، فوجئ الجميع ببعض الحواجز الأمنية وارتباك ملحوظ في أوساط الشرطة التي تطوق مداخل ومخارج فندق الهيلتون، فقد وصلت الأنباء عن عملية اغتيال تمت في بهو الفندق مفادها إفراغ مجهول طلقات مسدس كاتم الصوت في صدر (مهدي الحكيم) وارداه قتيلا وتمكن الجناة من الإفلات.
وبعد إجراء التحقيقات الأمنية كشفت ملابسات الحادث، أشارت أصابع الاتهام إلى الموظف في السفارة العراقية (مثنى الحارثي) الذي اعتلى متن الطائرة العراقية بعد دقائق من جريمة الاغتيال حيث استدارت به الطائرة بعد نزول الركاب ليتمكن من الإفلات وقد لعب عنصر الوقت الذي حاكت به المخابرات العراقية العملية دورا هاما في إتمام عملية الاغتيال وإفلات المتهم الرئيسي ليختفي مثنى الحارثي من ساحة الخرطوم.