من المفترض ان تعقد القوى والكتل السياسية هذا اليوم اجتماعا وصفه البعض بالحاسم لبحث القضايا الخلافية العالقة بين الشركاء في العملية السياسية.
لاشك ان هذا الاجتماع هو ليس الاول من نوعه، وبالتأكيد لن يكون الاخير، وهو لن يأتي بحلول ومعالجات سحرية تقلب الواقع رأسا على عقب بحيث تذوب كل الخلافات وتنهي كافة التقاطعات، وتضع حدا لكم كبير من المماحكات والمناكفات، لكنه من الممكن ان يكسر الجمود، ويخفف من حدة الاحتقانات والتشنجات، ويوفر فضاءات مناسبة للتوصل الى مخارج عملية وواقعية ومرضية للمشاكل والازمات التي تعاني منها البلاد منذ شهور ان لم يكن منذ سنين.
لايتأتى تذويب الخلافات وانهاء التقاطعات ووضع حدد للمماحكات والمناكفات والتخفيف من حدة الاحتقانات والتشنجات بيسر وسهولة ومن دون تهيئة الارضيات التي يمكن من خلالها الانطلاق والتحرك، وهذه الارضيات تتمثل بالدرجة الاساس بوجود الارادات الجادة والنوايا الصادقة من قبل الشركاء للخروج من عنق الزجاجة ان صح التعبير ومغادرة النفق الذي يبدو مظلما الى حد كبير.
ومع وجود الارادات الجادة والنوايا الصادقة، ينبغي ان يكون هناك استعداد لتقديم التنازلات المتبادلة انطلاقا من مبدأ تقديم المصالح الوطنية العليا على المصالح الحزبية والفئوية الخاصة، وكذلك الاحتكام الى الدستور بأعتباره المرجعية التي يتفق عليها الجميع مع الملاحظات والتحفظات على بعض بنوده ومواده من قبل مختلف القوى والمكونات، في ذات الوقت الذي ينبغي فيه الالتزام بالاتفاقيات السياسية المبرمة التي كان لها في وقت من الاوقات الدور الحاسم في تجنيب البلاد الخيارات السيئة والخطيرة.
واذا كنا نبحث اليوم عن اوضاع امنية هادئة ومستقرة تغيب عنها صور ومشاهد الشلاء المقطعة والدماء المهدورة لابناء شعبنا، فالمدخل الصحيح والاساس هو التوافقات والتفاهمات السياسية بين اصحاب الشأن ومن بأيديهم زمام الامور.
واذا كنا نبحث عن ازدهار ورفاه وتطور البلاد اقتصاديا وثقافيا، فالمدخل الصحيح والاساس ايضا هو التوافقات والتفاهمات السياسية بين اصحاب الشأن ومن بأيديهم زمام الامور.
ولعله من غير المنطقي وغير الواقعي ان تطالب الدولة المواطنين بأن يساندوها ويدعموها ويعملون على تقويتها، في حين ان انها أي الدولة، متمثلة بساستها ومسؤوليها في واد اخر غير وادي الشعب.
متى ما اصبح المواطن يحتل قائمة الاولويات لدى القوى والكيانات والشخصيات السياسية المختلفة، فحينذاك يمكننا القول بأننا نسير في الاتجاهات الصحيحة والصائبة، وانه يمكن التفاؤل بما يقال على لسان قادة البلاد وزعمائها.