شعب يركن على أغلى مصادر الطاقة في العالم ويعتبره الآخرين أغنى بلد لما يملك من ثروات كبيرة من الذهب الأسود المكشوف منه والمخزون الذي لم يتم الكشف عنه بعد، فكان الأمل لدى أبناء بلاد الرافدين أن ينعموا بالرفاهية والتنمية والتطور والازدهار والأمن والحرية والسلامة والسعادة بعد سقوط صنم الطاغية المعدوم المقبور "صدام" لكنها سرعان ما ذهبت الأماني والآمال هباءاً في شبك كأنها ضربتها رياح عاصفة قوية اقتلعت جذورها من الأساس بفضل صراع الأخوة في زمن المعارضة والأعداء في زمن المحاصصة على السلطة والحكم متجاهلين ومتناسين أسباب قيامهم ونهضتهم ضد النظام البائد لديكتاتوريته وتمييزه الطائفي والعرقي بين أبناء العراق الجريح .
فسرعان ما ذهبت تلك الدماء البريئة والتضحيات الجسام للمعارضة العراقية وملايين الشباب الطيب من أبناء أرض السواد في القبور الجماعية التي لم يعثر حتى يومنا هذا إلا على اليسير منها ولا زالت القائمة الطويلة العريضة ترصد الوقت المناسب لتؤلم العوائل بالعثور على بقايا أجساد أبنائها وآبائها وأخوتها وأخواتها وأحفادها الذين لم يتم العثور عليهم حتى هذه اللحظة ويأمل البعض بالعثور عليهم أحياء في داخل العراق أو خارجه يحملون أسماء مختلفة عاشوا كل العقود الماضية بالخوف والفزع من يد حزب الأجرام والدموية والقتل والاغتيال حتى في أبعد مناطق العالم .
وبعد تحرر البلاد والعباد من قيود الخوف والكبت وأراد أبناء شعبي أن يلمسون ذيول الحرية ويتمرنون على العملية الديمقراطية فأذا بارهاب احتلالي يعصف بالبلاد ليأكل العراق من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه ويمزق أوصال البلاد ويزرع الفتنة الطائفية بين صفوف الشعب المتراصة فمزقت المفخخات والانفجارات الارهابية والقتل على الهوية وحدة صفه وعبثت المحاصصة برصانته وتعقله لتنزل القيادات الى الحضيض بعد أن كان يحسب لها ألف حساب في العقلانية والكفاح والجهاد من أجل المستضعف والمظلوم وذهبت وعودها للشعب مهب الريح ما إن أستلمت مقاليد الحكم وعبث بفكرها وعقلها القوة والسلطة والدرهم والدينار وكل منها يقول هذا لي وذاك لك .
هذا التغيير وبهذا الحجم القاتل في صفوف قادة العراق المنادين بمقارعة الظلم والتمييز والطائفية والتكفير فيما يتقاتلون فيما بينهم من أجل حفنة من دولارات النفط ومتجاهلين وحدة تراب وأرض الوطن وتاركين الأمر لوحوش "داعش" وأمثالها التي نمت وتجذرت في بلاد الرافدين المقدسة بحقد ودعم البترودولار الخليجي وفي مقدمته السعودية وقطر والامارات وفتاوى وعاظ سلاطينهم المنحرفين والمزورين للدين والعقيدة الذين رأوا في جهل قياداتنا للوضع الراهن وخطورته وصراعهم على تقسيم الكعكة أرضاً خصبة للأنتقام من شعبنا، هو مصداق للآية الشريفة "لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِرَارًا وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْبًا" – الكهف ١٨ .
فأضحى ابناء وأحفاد من قدم الغالي والنفيس للعراق والعراقيين يتحكمون بمصير البلاد والعباد بتناحرهم على السلطة وتقسيمها فيما بينهم والشعب تعصف به رياح الارهاب التكفيري وتقطع أوصاله عواصف المطالبة بالاستقلال والانفصال ولم يعد أثر يذكر لعقلانية قادتنا وعلمائنا الأفذاذ كالامام الحكيم وملا مصطفى البرزاني والامام الشيرازي والامام كاشف الغطاء والشهيدين الصدرين ولن نسمع من ابنائهم وأحفاهم الذين يأخذون أرض السواد نحو هاوية التمزق والتقاتل ما يشفي الصدور ويعود لنا بالذاكرة مواقف اولئك القادة الصلبة والبعيدة كل البعد عن حب النفس والمصلحة الخاصة وتفانيهم في وحدة العراق شعباً وتراباً ومعتقداته ومقدساته والعيش السليم والآمن لابنائه الغيارى .
وليست هذه هي نهاية ما نريد أن نقول فلنا معكم كلام كثير وتوضيحات وكشوفات عن خفايا زعماء وقادة التيارات السياسية وتناحرهم وصراعهم على السلطة وتقسيمها على ضوء المحاصصة الطائفية والعرقية ما دعاني للعودة الى المربع الأول الذي كنت بعيداً عنه منذ أربع سنوات، وفتح أبواب السجلات والملفات المدفونة في طيات التاريخ للشارع العراقي ليقف على حقيقة هؤلاء وأسباب اندفاعهم نحو نحر العراق وتقديمه قرباناً لذوي النفوس الضعيفة؛ وسيكون آنذاك لنا ولكم الكلمة الأخيرة في تقرير المصير بعيداً عن الدعايات الملونة والرنانة و رف دموع التماسيح من هذا القيادي وذاك المسؤول، آملاً أن لا يبلغ السيل الزبى ويطفح الكيل للكشف عن المستور الذي بقى حتى يومنا هذا مخبأ حفاظاً على وحدة تراب العراق وصفه واستقراره وأمنه الاجتماعي والسياسي.